أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - مجنون المقام














المزيد.....

مجنون المقام


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4921 - 2015 / 9 / 11 - 15:52
المحور: الادب والفن
    


" يا سيدي الدُكالي، اعطفْ على حالي..! "
هكذا كان يردد المتسوّل الشاب مُترنّماً بصوته العذب، فيما كان يضرب الإيقاع على طاسة الشحاذة، الفارغة. أحد زوّار المقام، الكائن بمحاذاة سور " مراكش " الجنوبيّ، مرّ بالشاب البائس غير ملتفتٍ إليه، ثم ما لبث أن دخل إلى القاعة الكبرى. هذه القاعة، التي تضمّ تجاليدَ الوليّ، كانت آية في الابداع الفنيّ سواءً بعمارتها المستخدم فيها المرمر المجلوب من " كرارا " الايطالية أو لناحية نقوشها المذهّبة وتوريقاتها المحفورة بالجص والخشب.
ذلك الزائر، المتجاوز سن الشباب والمتجهّم السحنة، انحنى قليلاً نحوَ الضريح المجلل بالأطلس الزاهي وأخذ يقرأ الفاتحة. لما انتهى من القراءة، أخرجَ من جيبه عدة أوراق مالية ورماها في الصندوق الكبير. الشيوخ الخمسة، المكلّفون بأمور المقام، أخذت أعينهم تلتمع أكثر من المعتاد: " أوه، مبلغ كبير بزاف! لا بدّ أنه يُجزي نذراً ما؟ "، همسَ أحدهم لجاره الأقرب وهوَ يومئ بذقنه إلى ناحية المُتصدّق. هذا الأخير، ما عتَمَ أن استدار على نفسه وغادر القاعة. خارجاً، وقف متردداً وكأنما دهمته فكرة ما. عند ذلك، التفتَ لأول مرة إلى المتسوّل ودقق النظرَ فيه. كان شاباً مُقعداً، بلا قدمين. ولكن، ما أن تحرك ليمشي، حتى بوغت بالمتسول يمسك طرفَ جلابته مُستعطفاً. فما كان منه، محنقاً بشدّة، إلا ركله والابتعاد من ثمّ عن المكان.
ليلاً، آوى الرجلُ المتصدق إلى فراشه الوثير، فانهمك ذهنه قليلاً في استعادة بعض مجريات يومه والإعداد لمشاغل الغد. كانت قد مضت برهة على استغراقه في النوم، عندما خيّل إليه أن أحدهم يهزه من كتفه. فتحَ عينيه رويداً، فارتسمَ فيهما صورة شخصٍ غامض الملامح. على ضوء مصباح الردهة، المتسلل من النافذة المشرعة المصراعين، تمكّن الرجل من تحديد شخص الزائر الغريب: لقد كان هوَ؛ ذلك المتسوّل الشاب، الذي سبق ورآه مقتعداً الأرض على مدخل بوابة المقام.
" هاكَ أوراقك المالية؛ سيدي دكالة ليسَ بحاجة إليها..! "، قال له الزائر الغريب. صباحاً، أفاق الرجل متعباً. فلم يلبث أن تذكّر ما جرى له خلال الليل: " إنه حلمٌ ولا شك "، قالها بصوتٍ مرتفع قليلاً. ما أن همّ بالنهوض من الفراش، إلا وصوته يرتفع هذه المرة بجملة تعجّب: " رباه! ما هذا؟ ". على البيرو، الملتصق بسريره، كان ثمّة طاسة يبرز من طرفها أوراقٌ مالية. لم يجرؤ على لمس شيء مما خيل إليه أنها " لعنة ". بيْدَ أنه لم يتردد، حينما غادر داره الكبيرة بعد نحو الساعة، من التوجّه إلى المسجد المقام وكأنما يتحدى تلك اللعنة. من بعيد، وحال وصوله للمكان المطلوب، لحظَ أن المتسوّل الشاب لم يكن ثمّة. اقتربَ من صاحب دكان السمانة، المجاور للمقام، فسأله عن المتسوّل. فقال له الرجل متسائلاً بدَوره: " آآه، تقصد سي محمد قبقب؟ ". أدرك الآخر، أن لقبَ المتسوّل يتعلق بهيئته، الشبيهة بسرطان البحر. صاحب الدكان، استطردَ بنبرة تتكلّف الأسف: " المسكين..! لقد غرق ليلة أمس في بركة حمّام السوق ومات. البعض يرجّح، أنه هو من قفز في البركة كي ينهي حياته منتهزاً فرصة خلو المكان ".



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجنونة المدينة
- مجنونة الملجأ
- مجنونة الندم
- الببغاء
- مجنونة المهربين
- مجنونة المقبرة
- بشاركو ونتنياهو
- وصفُ أصيلة 4
- شاعر شاب من القرن 15 ق. م
- أفق نحاسيّ
- وصفُ أصيلة 3
- الهرم
- العبيد
- وصفُ أصيلة 2
- النبوءة
- القط
- المسرح
- أقوال غير مأثورة
- الطائر
- وصفُ أصيلة


المزيد.....




- فنان إيطالي يتعرّض للطعن في إحدى كنائس كاربي
- أزمة الفن والثقافة على الشاشة وتأثيرها على الوعي المواطني ال ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - مجنون المقام