أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - التفاؤل والتشاؤم في رؤية واقع وآفاق تطور أوضاع العراق















المزيد.....

التفاؤل والتشاؤم في رؤية واقع وآفاق تطور أوضاع العراق


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 4921 - 2015 / 9 / 10 - 16:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يلاحقني صديق عزيز وكاتب مرموق بأن كتاباتي متفائلة بشأن العراق. ولاحقني آخرون قبل ذاك بأن كتاباتي متشائمة بشأن العراق أيضاً. والسؤال الذي أفتش عن إجابة عنه ليس بشخصي أو كتاباتي بل في تاريخ وقائع وأحداث العراق والشعب العراقي وما نجم عن كل ذلك وتبلور في شخصية الفرد العراقي والجماعة العراقية. فليست كتاباتي سوى انعكاس أو تجليات لما جرى ويجري بالعراق على امتداد تاريخه الطويل. واستناداً إلى إن العراق ليس وليد الحاضر، بل إن الحاضر هو وليد العلاقة الجدلية بين الماضي والحاضر وما يخبئه المستقبل. وقد حاولت دراسة العراق وشعب العراق ومكوناته منذ أول حضارة برزت بالعراق حتى الوقت الحاضر, وبهذا الصدد لي كتاب عن دار آراس بأربيل في العام 2013 تحت عنوان "لمحات من عراق القرن العشرين" في أحد عشر مجلداً وبحدود 4250 صفحة، والذي يعود بالعراق إلى حضارة السومريين ومروراً بالأمويين والعباسيين والعثمانيين وانتهاء بما تجلى لكل هذا التاريخ الطويل بعراق القرن العشرين، العراق الملكي وعراق الجمهوري في نظمه السياسية أو جمهورياته الأربع حتى سقوط الدكتاتورية البعثية-الصدَّامية الغاشمة في العام 2003 على أيدي التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة التي فرضت الاحتلال على البلاد وأقامت نظاماً طائفياً استبدادياً مقيتاً يستند إلى المحاصة الطائفية والأثنية المذلة للشعب والمناهضة لمبدأ الوطن والمواطنة.
الشخصية العراقية، التي تحمل على كتفيها حضارة ما يزيد عن ستة آلاف عام، باعتبارها أحد ابرز مهود الحضارة البشرية وفاتحة درب التقدم والتنوع والتفاعل الإنساني، مليئة بالمتناقضات والصراعات والنجاحات والإخفاقات، غنى الأرض العراقية وبؤس وفاقة السواد الأعظم من الناس، الحزن القاتل ويخبئ تحته شعلة الفرح المكبلة بقيود ثقيلة مرهقة ومحبطة. شخصية قلقة، شكاكة، باحثة عن الحقيقة، كما فعل گلگامش في بحثه عن سر الحياة والبقاء، شخصية نقدية، ظامئة للمعرفة، عفوية في الكثير من تصرفاتها، وروحاً وثابة وعاطفة جياشة وحركية لا تقبل الركود أو السكون، متفائلة عموماً، ولكن علمها عمرها الطويل الحذر وفرض عليها إبقاء حالة التشاؤم ماثلة دوماً لما في هذا العراق من وحوش كاسرة وعرابيد سامة وقاتلة ما تزال تسرح بالعراق منذ آلاف السنين ولم يتخلص من أحفادها حتى الآن. أبتلى بهم العراق وهم نتاج منطقي وطبيعي لطبيعة العلاقات الإنتاجية السائدة فيه، إضافة إلى ذلك الجزء الأكبر من شيوخ الدين السلفيين الذين يعيشون الماضي في الحاضر والذين جعلوا الدين أفيوناً منوماً للشعوب التي تعيش جحيم يومها وتحلم بجنة وهمية تعيش في عالمها الآخر! إن بنية المجتمع وعلاقاته الاجتماعية والاستبداد والخوف من الحاضر والمستقبل وتجارب الماضي والعوز والفاقة، الذي طالما عانى وما يزال يعاني منها الفرد والمجتمع، هي التي خلقت تلك الشخصية القلقة المزدوجة في الفرد العراقي التي يشير إليها علماء علم النفس الاجتماعي، وهي التي تجعل أحياناً غير قليلة ارتكاب الخطأ في حسابات السياسيين وصعوبة تحديد إلى متى يمكن أن يسكت الفرد والمجتمع ويتحملا الضيم، ومتى يمكن أن ينفجرا ويحطما من شارك في فرض الضيم عليهما.
التفاؤل دون أرضية واقعية هو غباء أو وهم قاتل، والتشاؤم دون أرضية واقعية هو الآخر غباء قاتل. إن التفاؤل والتشاؤم حالتان مرتبطتان بوعي الإنسان وقدرته على إدراك وقراءة الواقع موضوعياً وحيادياً وعلى تشخيص الاستنتاجات الاحتمالية المعرضة باستمرار إلى عوامل مؤثرة كثيرة، ومنها حالة الإنسان والمجتمع وخاضعة في الوقت ذاته إلى قوانين التطور الاجتماعي الفاعلة، ومنها قانون الكم والكيف.
إن التشاؤم من واقع قائم يحمل في طياته ذلك النور المضيء في النفق الطويل الذي لا يحرم الإنسان من التفاؤل بنهاية لليل طويل وطلوع فجر مرتقب. إنه المتشائل، وعذراً لأميل حبيبي في روايته الساخرة الموسومة "الوقائع الغريبة في اختفاء سعيد أبي النحس المتشائل". حين غاص رئيس الوزراء السابق في غيّه وتسلطه على الشعب وانتشار الفساد والرذيلة بالعراق وحين اندحر العقل أمام الظلم والظلام ولو إلى حين، أدركت أن ليل العراق سوف لن يطول وسيزول، فالحكمة تقول "إن الظلم إن دام دمرّ"، ولا يمكنه أن يدوم، فهذه سنة الحياة. وحين ركزنا على حكم نوي المالكي وشخصه، فلم يكن شخصه وحده المقصود بل النظام الفاسق والفاسد كله، الذي كان وما يزال يعمل على استمراره.
إن ما يجري اليوم بالعراق هو حراك شعبي مهم يمكن أن يُدحر بفعل عواقب عقود طويلة من الإرهاب والاضطهاد والخوف والذل والجوع والموت في سراديب المستبدين، والتي ما تزال لم تُفرّغ من الأبرياء حتى الآن، وليس القتلة المجرمين، وبفعل وعي الناس وإدراكهم الذي لم يصل إلى المستوى المطلوب والذي في مقدوره أن يشخص بأن النظام السياسي الطائفي القائم نظام فاسد وعدواني، وإن من حكم العراق حتى الآن كان مناهضاً للشعب باسم الدين والمذهب، وكان سارقاً لحلم الإنسان في العيش في ظل الدولة المدنية الديمقراطية والمجتمع المدني الديمقراطي والتمتع بحقوق الإنسان وحقوق أتباع القوميات والديانات والمذاهب والاتجاهات الفكرية الديمقراطية وبعيداً عن العنصرية والطائفية والكراهية.
إن الحراك الشعبي الراهن لا يمكن أن ينجح ما لم يكسب له جماهير جديدة، تلك الجماهير الكادحة التي غشتها وشوهت وعيها القوى والأحزاب الإسلامية السياسية وخدعتها وسعت إلى ربط المرجعيات الدينية الشيعية والمؤسسات الدينية السنية بها وشوهتها وأساءت إلى سمعتها ومكانتها الاجتماعية. إن نجاح الحراك الشعبي يشترط لمن يتصدى له الخروج من الفكر المغلق الدائري الذي بحث فيه الدكتور فالح مهدي بكتابه القيم الموسوم "الخضوع السني والإحباط الشيعي، أو الفكر الدائري المغلق"، أو تلك المقالات القيمة التي كتبها ونشرها الدكتور فارس كمال نظمي والتي تبحث في هذا الفكر الإسلامي السياسي المغلق وعواقب من يحمله ويتصدى للإصلاح. إن الحراك الشعبي سينتصر حين يستطيع كسر الحلقة المفرغة التي ما يزال يدور فيها الحكم، إذ إن الإصلاح والتغيير لم يمسا حتى الآن جوهر النظام السياسي الطائفي ومحاصصاته المذلة للفرد والمجتمع وتوافقاته المناهضة لمصالح الشعب وإرادته وحقوقه والمكرسة للفساد والإرهاب وانفراط عقد وحدة الشعب أكثر فأكثر.
إن الانتصار يتطلب وحدة القيادة للشارع العراقي المتظاهر وبرنامج سياسي-اقتصادي-اجتماعي-ثقافي-بيئي يعي حاجات الشعب ومطالبه الملحة على امتداد أرض العراق، بما في ذلك إقليم كردستان العراق، الذي يعاني من ذات الآفات التي يعاني منها العراق كله، بحاجة إلى ديمومة العمل وتطوير الأساليب والأدوات السلمية وعدم الاكتفاء بالتظاهر أيام الجمعة بل إيجاد أساليب وأدوات وسبل تساهم في إبقاء العلاقة على امتداد أيام الأسبوع لضمان التصعيد الضروري للضغط على رئيس الحكومة وعلى مجلس النواب الذي يحاول التمرد على إرادة الشعب بذرائع معروفة للجميع وبسبب طبيعة تكوينه الطائفي السياسي المعرقل للتغيير.
ليس هناك من تفاؤل مطلق أو تشاؤم مطلق، فكلاهما نسبي قطعاً، وأيهما المتغلب في لحظة ما يعتمد على عوامل كثيرة، ومنها رؤية الباحث أو الكاتب والصحفي وخلفيته الثقافية والاجتماعية والمصالح التي يتبناها ويدافع عنها. ومثل هذه الاجتهادات خاضعة للتحليل والنقد والتغيير بطبيعة الحال. ولهذا فليس هناك من يغامر بالتفاؤل والتشاؤم المطلق إلا إذا أراد أن يكون خائباً في عراق المعجزات! ولكن حركة الشعب الاحتجاجية الجارية تحمل معها أملاً وتفاؤلاً مقيداً بقدرة المجتمع على دحر أعداء التغيير الذي لا يستقيم الوضع بالبلاد من دونه. فلنعمل من أجل ذلك ولندعم الحركة الشعبية لتحقق المطلوب منها وترفع راية النضال من أجل التغيير وبناء المجتمع المدني الديمقراطي الحر عالياً لترفرف فوق سماء وأرض وشعب العراق.
10/9/2015 كاظم حبيب



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مؤتمر محاربة الإرهاب يعقد بالعراق وليس برعاية قطر!!!
- ما العمل لتجنب إعلان حالة الطوارئ بالعراق!
- لنعبئ قوى الشعب لإنجاح عملية التغيير!
- الحكام الهائمون في الظلام والغائبون عن الوعي بالعراق
- رسالة مفتوحة إلى السيد رئيس مجلس الوزراء العراقي حيدر العباد ...
- ما اللعبة الجديدة لمناهضي المظاهرات المطالبة بالإصلاح والتغي ...
- المغزى السياسي والاجتماعي لمشاركة الصدريين في مظاهرات الشعب
- رسائل متبادلة بين زميلين حول علوم الاتصال والإعلام والاقتصاد
- ألا يجب تغيير طاقم رجال الجمارك والأمن العاملين في مطار بغدا ...
- هل من تناقضات في قانون الأحزاب الجديد؟
- ماذا يريد المتظاهرون، وماذا يريد المناهضون لهم؟
- هل الإعلام الرسمي مؤهل لدعم أهداف مرحلة التغيير؟
- كيف يفترض مواجهة القوى المناهضة للإصلاح؟
- الإصلاح والسلطة القضائية بالعراق
- هل الحكام الإيرانيون يمارسون التدخل الفظ لوقف الإصلاحات بالع ...
- هل كان رئيس مجلس القضاء الأعلى أداة بيد صدام حسين ونوري الما ...
- هل يستحق هؤلاء المناصب التي احتلوها كنواب لرئيس الجمهورية؟
- كيف نعجل من زخم الحركة الشعبية المطالبة بالحقوق والواجبات؟ ك ...
- نظرات في كتاب -الخضوع السني والإحباط الشيعي- نقد -العقل الدا ...
- هل أدرك رئيس الحكومة الأبعاد الحقيقية لمطالب الشعب المتظاهر؟ ...


المزيد.....




- فيديو لرجل محاصر داخل سيارة مشتعلة.. شاهد كيف أنقذته قطعة صغ ...
- تصريحات بايدن المثيرة للجدل حول -أكلة لحوم البشر- تواجه انتق ...
- السعودية.. مقطع فيديو لشخص -يسيء للذات الإلهية- يثير غضبا وا ...
- الصين تحث الولايات المتحدة على وقف -التواطؤ العسكري- مع تايو ...
- بارجة حربية تابعة للتحالف الأمريكي تسقط صاروخا أطلقه الحوثيو ...
- شاهد.. طلاب جامعة كولومبيا يستقبلون رئيس مجلس النواب الأمريك ...
- دونيتسك.. فريق RT يرافق مروحيات قتالية
- مواجهات بين قوات التحالف الأميركي والحوثيين في البحر الأحمر ...
- قصف جوي استهدف شاحنة للمحروقات قرب بعلبك في شرق لبنان
- مسؤول بارز في -حماس-: مستعدون لإلقاء السلاح بحال إنشاء دولة ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - التفاؤل والتشاؤم في رؤية واقع وآفاق تطور أوضاع العراق