أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عزة رجب - الشكل والجوهر!!















المزيد.....

الشكل والجوهر!!


عزة رجب
شاعرة وقاصّة ورائية

(Azza Ragab Samhod)


الحوار المتمدن-العدد: 4919 - 2015 / 9 / 8 - 22:29
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الشكل والجوهر!!

لنفرض جدلاً أن حالة من الوعي سادتْ العالم ببداية عام 2011 وكانت نتيجتها تكمن في محاولة شعوب عانت كثيرا من عوامل شتى من القهر والحرمان والاستعباد الفكري وشتى الأمراض النفسية أوالسيكولوجية التي تعكسها الأنا ككيان يحاول التماس طريقه مقابل الآخر المعروف بالقدرة على التأقلم والتكيف والإبداع في ظل الإجحاف العقلي والمعرفي ونضوب ينابيع العلم لدى الجهة التي نسميها نحن.

تبدو الذات العربية ضعيفة متخاذلة ومُتحايلة على نفسها في ظل أكبر حماقة تاريخية ارتكبتها ألا وهي قبولها بالمدِّ الديمقراطي كمشروع لها على أرضها قبل أن تتحاور مع نفسها وتُقلب أطرافها وتبحث في الزاهي والقشيب من ثوبها وأين تحتاج لترقيع وستر حتى تتلاءم حضاريا مع ديمقراطية الآخر الكبير، العملاق، المُلهم، كعقل منظم في تفكيره وفي أيدولوجياته وفي نمطه المعيشي وفي ديانته، ذلك الآخر الموسوم بالقدرة على التحلي بالروح المُبدعة في شتى ضروب المعرفة، ومباحثة أطرافه في ظل ديانة منفتحة، وضع نفسه موضع الند للذات العربية واستطاع فرض وجوده كعامل مُوجه لحالة الوعي العربية التي سادتْ في ربيعها الثائر، فجعلها تستغرق إلى حد بعيد في حالات من الضعف، والتردي، مُنعكسة في حدوث فصاميات كثيرة، لعدة بلدان على نفسها، ومُتسببة في حصول انشقاقات كيانية داخل الكيان الواحد من الذات العربية، فتعددت لغة الخطاب للآخر، وصارت بعد رزحٍ من الزمن تنفصم مرة أخرى عن نفسها وتتحول تلقائيا إلى ذوات صغيرة مُفككة واقعة في صراع وجودي لإثبات وجودها ونفسها، وتعددت الصيغة الجمعية للذات تجاه الآخر الذي أجاد استغلال ربيعها فخرج من حالات الافلاس الاقتصادي إبان 2012 إلى ما انتهينا إليه الآن، واستطاع الانتعاش أيضا، وإقامة جسور على حساب الذات الأمريكية الكبرى التي شعرت بالخطر يقترب منها، جراء اقتراب الآخر من الذات العربية.

هذا صراع وجودي أذهب بالذات العربية في عمق المؤامرة الوجودية ضدها كونها إذا استطاعت أن تقيم تحالفا مكتمل الجسد فسوف تتحول إلى كيان مُهدد لكتلة الآخر وتتقدم عليه بما تملكه من قدرات عقلية هائلة ومن مخزون بشري وإرث ثقافي مُوحد وديانة آخذة في الانتشار حتى في جسد الآخر كل هذا ربما حاكته رواية تاريخية برائحة المايا مع قرب نهايات عام 2012، ولما كذبتْ النبوءة ولم ينته العالم، لم يتفطن العالم أن ثمة كيانات نشأت وبدأتْ تنشط بنهاية نفس العام وحلول العام 2013 ـ حيث بدأ بملامح جديدة عام أسميه (بعام الظل ) لدلالته التاريخية لدى (ال/هي) اليهودية، والتي تُعد دائما الوجه الصامت في اللعبة الوجودية صاحبة حجر الزاوية الذي يدور حوله العالم ويعود لنفس النقطة ـكونها محمية من الذات الكبرى.

هذا كله يشعرنا أن ثمة شيء يتخلخل في أنظمة الكون، ويتغير، ويتجه إلى غرائبية ذات فصاميات تتفسَخ عنها وجود كيانات جديدة وأفكار جديدة تروج لكبر مساحة الشر، وتقليص مساحة القيم النبيلة والتوجهات الإنسانية، الحضارية، تلك الأفكار من شأنها أن تغير خارطة الوجود الكوني على الأرض، وتُسيرها نحو معيارية قائمة على بداية عصر جديد، ربما المايا لم يجيدوا توصيل الفكرة تماماً للعصر الإنساني فملامحه تتغير في غرابة شديدة، ثمة طرقٌ يطرق باب الحياة وصوت يصلنا من همس الحياة لنا عبر أصداء الكون الفسيحة ـ وأشياء تلفت النظر وتحدث ـ ذلك التشرذم والانقطاع بالإنسان بمجرد ظهور ميقت لكيانات سوداء ـ سودَّت الحياة، وقتلت أزهارها، ووأدتْ أحلام الشعوب التي تروم الخلاص والحرية، وترغب التحرر من عصور الاستعباد القهرية تلك الكيانات التي جاءت بقيم الذبح، والشراسة، والرهاب، والخطف، والترويع للإنسان أضعف كثيرا من الذات العربية وجعلها في حالة من التخاذل، كضحية وقعت نتيجة مؤامرات مزدوجة بين الآخر والذات الكبرى.

انزياح كبير يحصل على مستوى الكيان المادي للذات العربية في فقد مساحات كبيرة من بناءات الجسد المعمور، خسارة في تعداد الروح الوجودية الفعلية والتي هي كرات دمها البيضاء والحمراء، خروج كبير للسكان كأسراب النمل والطيور المُهاجرة نحو هجرات كبيرة ستساهم بشكل كبير في حصول حركة إعمار فكرية مرة أخرى للآخر في معاقله، وأراضيه، همجية بالمقابل وبربرية بسبب الغربان التي استعمرت الأراضي العربية قادمة بفكر أسود لا يألو على شيء سوى أن يعود بالتاريخ إلى حالة من الفقد التام لملامحه وصفاته وسماته وموروثه الوجودي الذي قام عليه، ويختصر مشاريع العولمة ذات الأمد الطويل ليقضي نهائيا على الملامح والهوية الدينية الإسلامية التي باسمها يتم التكبير، والذبح، وبموجب ضربها في ذاتها وجعلها تأنُّ جُعل الداء منها والدواء بها والعقاب بواسطتها، والشرعية منها والتكفير بسببها والبسملة تبدأ باسمها والنهاية ليست بصدق الله، بل بموجب قرار يعلن قيماً جديدة، تجعل الدهشة شيئاً عادياً، الصدمة الفكرية حدثاً لابد منه والاستغراب سمة وجودية جديدة وقيمة لابد وأن تصل درجة المألوف، العادي، الذي يُحيل الإنسان العربي دون غيره في علاقة غريبة مع إسلامه، وإلى تقبل أنَّ الذبح شيء عادي، والفدية شيء ثانوي وسبي بناته وعرضه وكرامته شيئاً ليس افتراضيا.

هذا يحيلنا إلى أن نظرية إحالة الإنسان إلى منظمة ميكانيكية بدأت تعمل على أوجها، في ظل سقوط القيمة الحسية والمعنوية للإنسانية التي كانت دائماً وأبداً السبب الرئيس في إيقاف كل الحروب الدائرة في الماضي البعيد والقريب، إنها ذبذبة تلفت النظر إليها في ظل تغير القيم التي قامت عليها المعايير الوجودية للذات العربية، فسقطت الدساتير في غياب الجسد التشريعي، وبطلت قيمة القضاة والمحاكم في ظل الرهاب والتهديد الذي استشرى في أوصالها، وتراجعت الأدوار الإعلامية الجريئة الناقلة للصورة الصحيحة وانشغلت السياسية بالتنافس على الألقاب والكراسي في ظل الاغراءات التي يصنعها الآخر كفخٍ للذات العربية وقع فيه أفرادها بسهولة نتيجة تخليهم عن قيمهم وتفشي روح الجشع والطمع وحب الذات والأنانية لدرجة القبول بمنطق الشر وزرع بذور الكراهية والفرقة والتصفيات الجسدية لجسد الذات المُتعدد الوجوه. ليبيا، اليمن، سوريا، تونس، مصر، العراق، فلسطين، السودان، الصومال مالي، إلخ.
لم يعد الإنسان العربي طرفاً في المعادلة قدر ما أصبح هو حجر الرهان على نجاح الآخر والذات الكبرى في تنافس ساحق بينهما، إنه تشقق يحصل للجوهر العربي انكسار عميق وفقدان للقيم الحياتية والإنسانية والجوهرية، طغيان للشكل على حساب الوجود العربي، انتشار لمظاهر قائمة على الدعاية الشكلية الإعلامية تأخذ في تقدمها وتستولي بموجب إعلان صوري على أراضٍ ومساحات عربية وبموجب بيان شكلي تعلن مدينة إمارة، ودولة سبية، ووجود قابل للسلب والنهب وبموجب كاميرا وصورة وشخصية بروباغاندية تُهدم كل القيم الحضارية وتُحرق الهوية الثقافية العربية وكأن الماء يسرى في دهشة تحت أقدام الذات الغائبة عن الوعي المُغيبة في نماذج بذيئة مصطنعة من الوعي الزائف والاستغراق في الامباتيا الكاذبة التي صُنعت لها.

لابد من تحريك العقل العربي الغارق في بطالته، والمُنشغل في الاستغراق بتوفير مطالب الحياة التافهة ــ التي عطلت عليه فهم الوجود الجديد ــ الذي بدأ يفرض معالمه وسماته على عالمه ووجوده، لا يجب أن تأخذنا حالة الأتاراكسيا (الطمأنينة السالبة) بحيث لا نقلق، لا نهتم، لا نلتفت لصوت خلخلة الكون حولنا ـ لاننتبه للأمراض الفكرية والنفسية التي تحيق بالروح العربية وعقلها، هذا يحيلنا لشعوب عاطلة عن الأمل والحياة، بليدة الإحساس بما يجري حولها، آن للإنسان العربي أن يفيق من ذهوله واضطرابه وتخبطه الوجودي، فتلك حقوق تنادي بها الحداثة القائمة على العولمة الصحية، من واجبه أن يلحق بها، ويتخلص من معوقات تقدمه، ويقبل بوجود الآخر دون أن يتشرب فكره وقيمه، ويساهم في المناداة بقيم بالإنسانية وتعزيزها وإخراجها من قعر الربق والظلمة والفساد، عصر إنساني ينادي بولادة فكر جوهري إنساني بقيادة فئة مُلهمة لقيم الخير من البشر، ونخبة تحمل في يدها شعلة النور، نواجه بها هذا السواد الأعظم القادم والزاحف نحو وجودنا العربي فذاتنا الإنسانية تئن،تموت، تقضي نحبها، إنها تهزنا، وتحرك الوجود الخَّير نحونا، لم تضع ثمرة إيماننا بديننا وإلهنا وربنا، وقيمنا وما علمنا إياه رسولنا الكريم، لابد لتلك الأيادي الخارجة بعصر البشرية الجديد أن تنتبه للتغيرات الكونية في على الأرض، إنها من فئات عدة من الآباء والأمهات ومن أبنائهم المثقفين الخيرين، ومن القلوب الرؤومة المعطاءة الرحيمة الطيبة في داخلها تقبع قيم العدل والحب والإنسان والعصر والنبل والتسامح والطيبة والطهر والنقاء والعطاء الخلاَّق، يجب إحياء قلب الذات العربية المريض الذي بدأ السرطان يزحف إليه والسوس ينخره، ويجره نحو السقوط الأبدي، لابد من خلخلة محتويات الوعي في عقل الذات العربية وتحريكها فهذا وقتها وأوانها لتقتلع جذور الجهل والتغييب وسلالة اليأجوج والمأجوج عن جسدها، تلك النخبة من دم يشع نوراً إنسانيا وينبثق حضاريا هي الجوهر الذي نريده أن يعود للإشراق ويعيد توازن المعادلة الوجودية العربية، يسترجع كرامتها، ويسترد قيمها الجوهرية التي فقدتها جراء تعرضها للإهانة والاغتصاب والخطف والتقليل من شأنها ودحرها وتمريغ وجهها في التراب وإصابتها في صميم شرفها ونبل قيمها، كانت هي حاملة الشعلة على مر الوجود الإنساني لقرون طويلة، ما فتئت تمدُّ العالم بالخير وحركات الإصلاح وتمنحه الشعور بالحضارة والأمان الوجودي والمحبة والمساواة كانت تجول في جسد الآخر وتعلمه اللحمة والتراحم والتعاطف والتوادد، إنها اليوم تفقد جوهرها على حساب شكل بدأ يتشكل في معالم جسدها العميق مالم تكن قادرة على رأب صدعها بسرعة.



#عزة_رجب (هاشتاغ)       Azza_Ragab_Samhod#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أتجردُ !!
- أتكحَّلُ بغيابك !
- أسئلةٌ على حافةِ نافذةٍ مُشرعة!!
- أُنثى عادية
- لنعترف أن كل شيء يبدو جاهلياً !!!
- كلماتٌ ماقبل البسملة !!
- ماقبلَ الرحيلِ دمعةٌ !
- يا أنت !!
- يا أنت !!!
- قراءةُ مابعد السطرين
- نقُوش حناءٍ في كفِّي
- أشياء لم تقلها ذاكرة الرحيل !
- فاكهةُ الحرمان
- وشمٌ على كتفي
- الإسلام والديمقراطية.. الخطاب القرآني والانفصال السياسي
- الفصامية والديمقراطية حالة إمباتية ساحرة الجزء الثامن
- الفصامية والديمقراطية... حالة إمباتية ساحرة الجزء السابع
- الفصامية والديمقراطية حالة إمباتية ساحرة الجزء السادس
- فأعطوهن شكولاتة .
- الفصامية والديمقراطية حالة إمباتية ساحرة الجزء الخامس


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عزة رجب - الشكل والجوهر!!