أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داليا الصالح - مخالب رجل















المزيد.....

مخالب رجل


داليا الصالح

الحوار المتمدن-العدد: 1353 - 2005 / 10 / 20 - 14:18
المحور: الادب والفن
    


في داخلي لهاث يمنعني أن أكتب لكني بحاجة لأن أفرغ شحنة البكاء العاصف في داخلي نيرانا مرسومة بشكل شفاه تقبل حروف الكلمة ...
سبقني و لحقت به إلى مذبح الذاكرة ... جئته لأعترف ..أمام الآلهة
ما قد يكون الحلم يوما حين يخونه ودع القدر..
‏عرافة مجهولة جلست على شاطىء رملي يروده الأزل خلسة , تجهم وجه الأزل قليلا .. نزف أفكاره بصمت و دلف إلى البحر
وضع وجنته على الرمل و جعل الموج يلامسه بخفة عاشق يمدّ أنامله ليلامس شعر حبيبته
أتى القمر ... داعب جبهة الأزل , ارتادوا الفكر قليلا و نبذت الشمس بينهم إكسير الحياة
تطلعوا سوية إلى غياب أفق العشق في ضباب الغيب ..
تمايلت الشمس أمامهم بغنج امرأة تجيد التلوي أمام حبيبها لتغويه .. لبدء ليلة حمراء
شاركتهم الجلوس ..حاورتهم و نثرت عبق الحياة على نهديها .. فتساءلوا عن طعم الحياة هناك ..تمنوا لو أنهم جربوا حياة البشر
على شاطىء الكلمات المحرقة و على ضفاف الهذيان جاورتهم ..بحزني
أتى القدر من بعيد و كأن يشير لنا بأنامله أن نكون دائرة غير مكتملة ... تجمعوا كما طلب إليهم إلا أنا استبقاني و سط الدائرة
خططت على الرمل اسما لا ملامح له شككت به فمرّغ الموج وجهه في الزبد فمحا اسمه
حينها عرفت أن اسمه لم يكتمل و أنه غفا أيضا خلف بيرق الكذب المنمق
مدّ القدر أنامله إليّ ابتهجت قليلا .. ظننت أنه سيعيدني إلى حبيبي , لكنه عقد حاجبيه و أبعد يده , فاغتصب ابتسامتي الواهنة
بكيت بصمت ذهبت إلى أحضان الشمس تفيأت بظلها . أشعلت شمعة واحدة في محراب وثنتيتي فهبت نسمة بعثرت وجهي من جديد
ضوء شحيح بات يرقص أمامي بجوار القمر فهمست لقلبي هناك أمل
صوته الحاني جاور أناملي و وطبع قبلة صغيرة على كفي
انحنيت أمامه و سألته أن يحفظ حبيبي بعيدا عن أيدي القدر الآثم
. سمعني ما أقول و بدأ يضحك بقوة .. إلى أن أصبحت قهقهات ماجنة تعربد في وجوهنا
سألته : " لما يا سيدي تريد أن تأخذ إكسير قلبي و أن تدفنه في الرماد "
علا صوته أكثر .. و انهمرت دموعي بغزارة . كنت أرتدي ثوبا أبيض فبدأ يتشح بسواد كحلي العربي ينهمر على صدري الملوث بأنفاسه
أجابني : " و تسألينني لما ..."
ازدادت ضحكاته أكثر من السابق , تأرجحت .. و ضجت أرواح الماضي في قلبي و أنا أتوسط الدائرة المفتوحة على الضفة المقابلة حيث يقطن حبيبي
حاولت أن أقف , تمايلت قليلا تعثرت بخيط واهن وضعه القدر لي في منتصف الطريق المؤدي إلى الأمل . استدرت و التفت إليه متسائلة : " ماذا تريد مني ؟ ألا يكفيك احتضاري بينكم . دعني أعيش "
نظر إليّ نظرة ساخرة ..: " صغيرتي جسدك الفتيّ هذا ما زال غضا لتخرشه مخالب الرجولة "
لم أفهم قصده لكن الدموع عاودت الهطول

انتفضت ثائرة : " لن أستجيب لك "
علا صوت ضحكاته أكثر تابعت سيري .. هبت ريح عاتية مزقت ثوبي الحريري فكشفت عن ظهري الأسمر للشمس
حركت الريح الرمال الغافية في ذاكرتي فدنست طهر ثوبي و بات السواد يكلل أطرافه
بدأت أعدو لكن الريح استوقفتني عند حافة الأمل
صوت في قلبي كان يطل على شرفة القمر .. عاودت أسترق النظر إلى القدر و ظلال الأمس توهن قلبي
بدأ المطر يهطل بعذوبة غسل أطراف ثوبي بأنامله البيضاء , أشاح عن عيوني قطرات الندى .. و طهر المكان من دنسه
خفت صوت الضحكات .. فجأة ..
اقترب القدر من منتصف الدائرة و أشعل حطب الحلم و بدأ يسرد الحكاية
: " يا أصدقائي تعتقدون أنني آثم ؟ تلك الزهرة البرية اليانعة نبتت في شرق مقهور مستهلك للحضارة "
استغرب الحضور ما يقوله القدر و أردف قوله : " يا أحبائي تلك فتاة أوصدت في زوايا قلبها المسحور عشقا أزليا نابضا بالحياة . لا تندهشوا مما أقول , ربما أكون قد قسوت عليها حين لم أشرح لها في حينها أن من تعتقده حبيبا قد خانها .. ربما حتمية الوجود تسهب في الإيجاز لحظة الألم المدقع ..."
نظرت إليه و صرخت بوحشية : " أنت كاذب ... لا أصدقك , أنت أناني لو أنك عشقت يوما لعرفت ما أمر به , لكنك لا تهوى سوى ذاتك في زوايا كهفك المهجور ترقد متلذذا بخيبات البشر . أنت ترجم أحلامنا بالرماد و ترجم قلبك بصدى صوتك .. أنت أحمق "
اشتعلت عيوني بدموع حارة لفحت وجهي
أتى القمر إليّ بخدر غريب , فاحتضنني و مسّد آهاتي المترامية على جسدي عبر المستحيل
بقيت أنظر للضفة المقابلة و أنصت لما يدور حولي من أحاديث و أنا في شبه غيبوبة عن الكون
تابع القدر حديثه : " أنا قاس لكني لست ظالم .. أنا أرعاك يا طفلتي منذ كنت في مهد الحلم .."
تملك الشمس الفضول فسألته أن يحكي ما حدث ..
أجابها : " ما عساني أن أقول ... الأمس و الحاضر و المستقبل كلهم ملك يدي لكن تلك البريئة لم أستطع أن أجعلها ضحيته أكثر فامتنعت عن البوح لأدعها تكتشف الحقيقة بنفسها ."
أردف القمر القول : " كم هو مؤلم صدى الواقع في ذاتنا المحطمة إثر شجن عميق "
قلت للقدر : " لقد سرقت الفرح من عيوني و أبدلته بحطام الحزن "
تابع القدر قوله : " يا صغيرتي لقد أحببته فترة من الزمن لكني لم أكشف لك أنيابه حينها لأنه كان قد أسرى سمه في جسدك . أردت أن تعتادي فترة غيابه بعد أن حاولت الانتحار فكيف لي أن أضاعف جرعة الموت لديك مرتين ؟ . أردتك أن تهدئي قليلا حتى أستطيع أن أتابع قلب صفحاته المدنسة بغشه فمعادلة الألم لديك كانت ستغلب على رغبتك بالحياة "
تجهمت وجوه الحاضرين ... " ماذا حاولت الانتحار ...؟ "
أجهشت بالبكاء على صدر القمر حينها فجرى سطحه ينابيع و جداول و نبت صنوبر الحزن العتيق
أجبتهم .. " نعم حاولت الانتحار ما همكم أنتم بعد أن فقدت حبيبي .."
أجابتني الشمس " لا يا صغيرتي في كل فجر أرواح تبعث و أنت هنا تمتلكين بوح القلم . ما كان يتوجب أن تفقدي أنفاسك من اجل رجل خائن "
أجبتها : " من كان يدري هوت حزني العميقة ؟ من مسد جراحي حينها ... ؟ لا أحد .
كنت وحدي أمضغ بؤسي حينها و أشعر أن حبل الحياة السري الذي يربطني به سيقطع .. كنت واهمة حبه . كنت أنتظر قدومه مع المطر ثم أتاني هاتفه المعذب أن لا أمل بيننا دون مبرر حتى ..
فانهرت و لم أجد مخلصي سوى الموت الذي كان تدور أشباحه حولي و تضج في جسدي
تناولت أقراص الرحيل دفعة واحدة أملا بأن كل قرص منهم سيقربني منه أكثر ... بدأ الشبح الأزرق يدور حولي يناديني أن أعانقه طاف حول سريري و أنا ممدة بلا حراك داعب ملاءاتي . ابتسمت له بدأت طقوس الموت تعزف أنغامها و شبحي يرقص حولي رقصة وثنية ..
نظرت إلى السماء و دعت حلمي , احتضنت شجني إلى أن مزق صوت حبيبي الضباب هاتفا ..لا تتركيني سنعود سويا , صرخت حينها بأعلى صوتي أمي .. إني أموت .., حاولت النهوض , اتكأت على طرف السرير و الشبح الأزرق يحاول أن يزفني عروسا للموت . وقفت و أنا أصرخ .. أمي إني أموت .., دموعي غطت وجهي و أنا أهذي سأحيى لأجلك .. ركضت أمي ضمتني و الشبح يكمل تجواله حولي .. و لم أدري بعدها ما حصل .. ربما قاومت الموت لأجله .."
أجابني القدر : " لست أنانيا حين لم أكشف لك أوراق عريه دفعة واحدة "
لم أفهم ما قاله لكني تسمرت لجمود صوته و صدقه المعبر
سرت دمعة وحيدة على وجنة القدر مسحها بسرعة ظنا منه أني لم أراه يبكي . لكني كنت أتمزق حينها من الألم .. هل يعقل أنه مخادع ..
بهت الحلم داخلي و غاب في زحام الأفكار المتأوهة
تابع القدر حديثه : " حاولت أن أعارض رغبة الإله لكني كنت أدرك أنه يستبقيني للحطة المناسبة .. فأنا كاهن العبرات و عرّاب المحن .."
لا أملك ما أقوله .. لا أملك سوى الصمت . من أنا ؟ ورقة صفراء في مهب الذاكرة ؟ تلعب بي الأيام كما تريد ما ذنبي أني فقط جئت للحياة بدأت أهذي : " أنا من رماني الإله في مستنقع الكون عارية من ذاكرتي .. "
بدأت الريح تزأر في الخارج و تقول : " لا تخافي إن عويل الأمس سوف ينال منه , فنور الإله محيط بنا و عدالة السماء موجودة .. فابتسمي للحياة .."
لم أفهم ما قالته الريح لكني ابتسمت ابتسامة شحيحة
طلبت من القدر أن يكمل حديثه : " هو رجل يتباهي بصيده النسائي , يتميز بنعومة ملمسه من الخارج لكنه يخفي تحته أشواكه السامة .. يظهرها للعلن حين تقترب منه فريسته فيسممها بدائه ليرضي غروره و مرضه النفسي "
قاطعته : " لكن هو من أعادني للحياة .."
أجابني : " لا يا صغيرتي أنا تدخلت حينها بنفحة سماوية فأوقفت تأثير الداوء . هو فعل ذلك ليبقيك عبدة له "
" لكن كيف له أن يتلون هكذا بألوان الخداع ألا يخزه ضميره .. ألا يشعر بالذنب .. "
أجابني : " هو قد صمم معلقة نصره و وضع أوسمته النسائية عليها و أنا أنقذك حتى لا تصبحي وساما آخر يضيفه إليهم "
" و أنا كيف سأحيى دونه .. "
" لا أنت هنا بيننا زادك نور الشمس و روحك القلم و صديقك القمر تصلين في محرابه ليعرش في داليتك خمر الهوى من جديد ., أما هو سيقع في بئر قذارته و أشواكه السامة سأغرزها في قلبه لتنبت أشجارا من الألم .., هو خانك لحظة احتياجك له و تلون جلده بلون هزائمه النفسية و صدره الموحل يتسع لآثامه .. لن يكفر عنها أبد الدهر .."
" يا كاهني الأكبر كيف سأخرج من ضعفي ..؟ "
" أنت بنا تكبرين و بعزيمتك تسعدين "
" و هو .... " و سرت دمعة وحيدة على قلبي
أجابني : " هو موته سيكبر و خيانته ستكون رجع الصدى في قلبه و سيعرش اللبلاب في زوايا قلبه المعتم أما قنديل الزيت الذي تركته له .. سأطفئه لحظة اندلاع الحقيقة .. لم يخبرك أن له زوجة و أطفالا ما زالوا يحبون في أحضانه ..ماذا ظننت أني أسامحه لا يا صغيرتي ؟ "
" لم يخبرني عنهم "
" أعرف .. لذا سأطفأ وميض الأمل في عينيه سيذوق من نفس الكأس الذي أذاقك منه , أما أنت ستبقين يراع الصبح الذي يبزغ عند كل أمل يعانق أفكار السماء , ستكبرين لتكوني نجمة الصباح التي تهدي التائهين إلى الأمل و توزع إكسير الحب على أضرحة الفقراء .
اغرسي عند مفترق ضعفك ياسمينة بيضاء تمسح الألم , تبرجي بالحياة "
" يا سيدي كنت طفلة حمقاء حين صدقته .."
" لا تسترجعي فتات الأمس .. قناديل الوجع تغفو في الأزقة الباكية , عانقي ضعفك .. تصالحي معه فهوة حزنك ستضيق و تغدو واحة جميلة "
" دعني أبقى معك , فمعك لا أخاف الحياة "
" لا ابقي على الأرض أهزوجة احتراق يراها كل لحظة فيأكل الحزن قلبه و يموت حزنا على أعتاب المساء "
" سأبقى هنا على الأرض يا كاهني الأكبر "
ابستمت و أمسكت بيد القمر و ذهبنا إلى الدائرة و أكملنا ضعفها ..استودعنا حطب الحياة في منتصف الذاكرة علّه يستعر و يطفأ آلامنا .. مددنا أيدينا شبكناها سوية فوق ألسنة النار الملتهبة و صيلنا ألا يفتك بنا الورد ثانية و أن يبقى ضمير الصباح حيا فينا و أن يعبق وجه الحياة فيّ ما دام وخز الورد مباح



#داليا_الصالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - داليا الصالح - مخالب رجل