أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - سعاد جبر - ندوة العولمة وتغيير المناهج في العالم العربي















المزيد.....



ندوة العولمة وتغيير المناهج في العالم العربي


سعاد جبر

الحوار المتمدن-العدد: 1352 - 2005 / 10 / 19 - 11:48
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


اجتاحت العولمة مسارات فكرية متنوعة في العالم العربي وأثرت فيها ، وبرز من ذلك انعكاسات فكرية متنوعة الأبعاد ، تراوحت الأراء والمواقف تجاهها بين الرفض والقبول ، وهناك من المفكرين والباحثين من حاول إحداث لغة تجاوب وتفاهم بينهما_ أي الرفض للعولمة والقبول بها _ في مساحات الرفض لمنطلقات معينة والتجاوب مع متطلبات ضرورية توفرها العولمة في حياتنا الفكرية .
ويبرز للمتتبع لكافة أبعاد العولمة فكريا في عالمنا العربي ، انها أخذت من كافة المفكرين والباحثين في البعد الثقافي والإعلامي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي جهودا في بث الأراء حولها ومحاكمتها في ظل معطيات تلك الأبعاد كلا على حدا ، في حين لم يأخذ البعد التربوي حقه من البحث والدراسة ، والنشر الإعلامي لذلك ، علماً بأنه اخطر تلك الأبعاد الفكرية لاعتبارات تبوئه مهمة تنشئة الأجيال في الأمة وتغذيتها بالفكر ومهارات مواجهة الحياة ، وهنا تقف التربية في ظل معادلة حادة متماوجة مع العولمة ، لأنها لايمكن أن ترفض العولمة جملة وتفصيلا، ولايمكن في الوجهة المقابلة أن تقبلها على الإطلاق دون قيود واحترازات ، لأن هناك انعكاسات إيجابية للعولمة في البعد التقني ، لايمكن بأي حال من الأحوال إغفال أثره العميق الإيجابي في العملية التربوية ، وهناك انعكاسات سلبية في البعد الثقافي والسلوكي لا يمكن أيضاً تجاهل انعكاساته السلبية على تنشئة الأجيال .
وانطلاقا مما سبق ؛ يبرز للمتتبع أهمية تناول موضوع العولمة في ظل المناهج التربوية ، لما اخذ يشكله هذه البعد الحساس من أبعاد التربية من ضجة إعلامية من جهة ، واختلاط شعارات التغيير في محتويات المناهج مع دعوات سياسية أمنية في المنطقة العربية من جهة أخرى ، فضلا عن دعوات عقلانية تدعو للتغيير لغاية تنشئة الأجيال في ظل مواكبة العصر ومتطلباته في ضرورة الإبداع وتنمية مهارات التفكير وامتلاك القدرة على حل المشكلات في مواجهة أعباء الحياة .
وهنا يبرز السؤال المُلح الخطر ؛ ما هي مساحات التغيير المطلوبة من جهة ؟ وما هي مساحات التغيير التي تقع تحت سيطرة الأمركة واهدافها السياسية والاقتصادية والأمنية في المنطقة العربية ؟
وكيف يمكن لنا التعاطي مع تلك المعضلة الفكرية في ظل التزام بثوابت الفكر الإسلامي والانفتاح على الاتجاهات العالمية الحداثية في التربية ، تلك المساحات الفكرية في ظل معالجة موضوعية سابرة هادفة في ظل العولمة وتغيير المناهج في العالم العربي هي ما تتناوله الورقة الثالثة من ندوات العولمة : الواقع والتداعيات .
وفي ظل تلاقح الآراء في ألوانها القزحية المتنوعة نفتتح الورقة الثالثة من ندوة العولمة : الواقع والتداعيات ، وعنوانها " العولمة وتغيير المناهج التربوية في العالم العربي " ونرحب بضيفينا الكريمين في ندوتنا الثقافية ، ونستهل تواصلنا معهما بالتعريف بهما وبمكانتهما الثقافية في عالمنا العربي ، وسنحظى في أمسيتنا الثقافية هذه بآرائهما الثرية في ظل جدليات العولمة والمناهج
وهما:
ـ الأستاذ الدكتور عادل أبو العز / خبير المناهج التربوية في مصر / وأستاذ أكاديمي في قسم المناهج وطرق التدريس / جامعة عمان العربية / الأردن
ـ الأستاذ محمد فري / باحث وناقد مغربي
وتناقش ورقة العولمة : الواقع والتداعيات في ورقتها الثالثة المحاور الآتية :
ـ مناقشة اثر الجدليات الفكرية الدائرة حول تغيير المناهج التربوية في عالمنا العربي .
ـ دراسة الموقف الأكاديمي من الدعوات المنادية بضرورة امتلاك ناصية المبادرة الذاتية في تغيير المناهج التربوية بدلا من أن تفرض من الخارج عبر كوادر وطنية مؤهلة في كل بلد عربي تراعي بعد المعاصرة الواعية وملابسات الواقع وتعقيداته
ـ مناقشة مصطلحات تربوية تلامس موضوع تغيير المناهج لإزالة اللبس بشأنها لدى المؤسسات الإعلامية والنخبة المثقفة التي تتداول تلك المصطلحات في ظل مسمى واحد .
ـ إبراز انطباعات ضيوفنا الكرام حول تغيير المناهج في ظل رؤية نقدية تستهدف التجديد الواعي الموضوعي وتبتعد عن الشكليات الخارجية المتواترة في حركات تغيير المناهج في عالمنا العربي .
ـ بيان وجهات النظر الأكاديمية بشأن دراسات استشراف المستقبل ورؤاها الحداثية بشأن المناهج التربوية .
ـ مناقشة الأراء حول تفعيل المعلوماتية في بناء المناهج التربوية في ظل سلاح المعلوماتية القادم وتحديات عوالم الرقمية في مجال الذات العربية واللغة العربية والواقع العربي .
ـ تناول تحديات المناهج التربوية أمام العولمة في ظل خيارات حتمية إما إعادة النظر في بناء المفهومات لدى المتعلم واعتماد الوسائل الحداثية التقنية في أطر الأصالة والمعاصرة ؛ أو خيار الانخراط في منظومة القيم المادية والايدلوجية الأحادية التي تسوقها العولمة بواسطة الإعلام والاقتصاد والقوة العسكرية .
وفي ظل تناول اثر الجدليات الفكرية الدائرة حول تغيير المناهج التربوية في عالمنا العربي ، طرح التساؤل الأتي على ضيفينا الكريمين :
طرأت على الساحة الثقافية العربية ثلاث جدليات بشأن تغيير المناهج التربوية في العالم العربي ، وهي على النحو الأتي:
ـ اتجاه النزعة التراثية المحافظة الرافض للتغيير؛ إذ يربط رؤيته لذلك في ظل التوقيت الزمني لها المقترن بالضغوطات الأمريكية ومطالبات أروقة القرار الأمريكي بتغيير المناهج العربية اثر أحداث الحادي عشر من سبتمبر ، لأنها تكرس العنف والتطرف وفق الرؤية الأمريكية .
ـ الاتجاه الليبرالي الذي ينادي بمناهج تعكس رؤى المجتمع المدني في ظل الديمقراطية وحرية التعبير والرؤية النقدية الشاملة وضرورة تغيير صورة المرأة النمطية في المناهج التربوية .
ـ اتجاه وسطي غير مؤدلج يقول : أن ثمة حاجة حقيقية في أي منهج بشري لإعادة النظر فيه بين الحين والآخر، لتقويمه مرحليًّا (Initial Evalution ) وختاميًّا (Summative Evalution) بحسبانه منهجًا يحكمه الواقع والمتغيرات وما يطرأ من مستجدات ، جوانبها .
وبناء على ماسبق ؛ أين تقف رؤاكم الأكاديمية المتخصصة في مجال تغيير المناهج في العالم العربي في ظل هذه الجدليات الثلاث ؟
وكانت إجابات ضيفينا الكريمين على النحو الأتي :

الأستاذ الدكتور : عادل أبو العز :

اتفق مع الاتجاه الوسطي الداعي إلى الحاجة الحقيقية في ان أي منهج بشري يقتضي إعادة النظر فيه بين الحين والأخر ، ولذلك نرى أن التقويم المستمر للمناهج الدراسية من الأولويات الأساسية التي تسمح بتغيير المنهج في ضوء التطورات الحديثة والتكنولوجية، وفي ظل الاتجاه الإسلامي الذي يؤمن بالتغيير والتطوير؛ لأن ذلك هو من سنة الله في خلقه التغيير والتطوير، بهدف الوصول إلى درجة النماء والتفكير للإنسان ، فالإسلام عندما جاء إلى الإنسان جاء عالميا ويدعو إلى التغير والتطوير ودعا إلى الاهتمام بالعلم من اجل خدمة البشرية وليس تحطيم البشرية ، أي من اجل البناء والتحديث بما لايخل بمبادئ القيم والأخلاقيات اللازمة لتربية الأبناء وتربية جيل المستقبل ، وإذا نظرنا إلى المناهج الدراسية نجد أنها تشهد حركة من التطوير والتغيير بصورة مستمرة ، فعندنا في مصر حدث تطوير في مجال العلوم البحته ، علما بأنه لا بد من تحديث تطوير وتغيير في المناهج بعد أي حدث يؤثر على البشرية ؛ فعلى سبيل المثال شهد العالم تطورا مذهلا في المناهج الدراسية على المستوى العالمي والمحلي وبذلك أصبحت لليابان قوة اقتصادية وعلمية في العالم ، وشهدت مناهج العالم العربي حركة من التغيير والتطوير خاصة في الفترة بعد حرب 1973؛ على الرغم من أن هناك بعض السلبيات ولكن إذا كانت الإيجابيات اكثر فعلينا أن ندعمها بهدف تقليل السلبيات ، وإذا نظرنا إلى المناهج في جنوب شرق أسيا مثل ماليزيا فقد بدأت حركة التطوير والتغيير من عام 1980 وبذلك أصبحت في مصاف الدول المتقدمة تكنولوجياً وعلمياً ، وكذلك نجد أن منهج الرياضيات من المناهج المتقدمة في سنغافورة حيث يدرس هذا المنهاج بالولايات المتحدة الأمريكية ، ولكننا نرى أن حركة التطوير التي تمت في جنوب شرق أسيا تزامنت مع حركة تطوير المناهج في البلاد العربية، وقد استهدفت حركة تطوير المناهج في جنوب شرق أسيا تنمية انتماء المتعلم إلى بلدة والاهتمام بعلمائه .
وعند النظر إلى المناهج الدراسية في مصر بدأت حركة تطوير وتغيير من 1986 وشهدت مناهج المرحلة الابتدائية والإعدادية حركة تغيير وتطوير ، فالمجتمع المصري لم يهمل جانب التطوير والتغيير منذ نهضة مصر التعليمية في عهد محمد علي باشا وعلى الرغم من بقاء بعض الحشو الزائد في محتويات المناهج المصرية ، ولكن التركيز على ذلك وتجاهل إيجابياتها هو محض افتراءٍ على النظام التعليمي في مصر الذي تخرج منه العلماء والمعلمين والأطباء والمهندسين ...الخ على كافة أنحاء العالم واثبتوا مكانتهم وقدراتهم بفضل المناهج الدراسية التي تعلموها بمصر.
الأستاذ محمد فري
أعتقد أن التفكير في مسألة تغيير المناهج في العالم العربي، عملية ترتبط أساسا بعملية التنمية واستراتيجياتها، فمشروع تغيير المناهج التربوية لا يمكن فصله عن أهداف محددة بدقة ووضوح. والأهداف بدورها لا تمتلك مشروعيتها إلا إذا وضعت في اعتبارها ظروف الواقع وخصوصياته التي تميزه وتحدد حاجياته ومتطلباته.
والأمر هنا قد لا يبدو بسيطا، إذ سرعان ما تطفو إشكالية تنبني على جدلية تنطلق من التساؤل التالي:
هل نسخر الواقع ومتطلباته التنموية لمناهج أو ممارسات تربوية جاهزة ومحددة، فنسقطها عليه إسقاطا بغية متابعة وتكريس ما هو حاصل؟ أو نفكر في تغيير هذا الواقع وبالتالي نبحث عن الاستراتيجيات التربوية المناسبة التي يفرضها التغيير وتتطلبها التنمية.
ودون الدخول في جدل حول المؤثر والمتأثر، تجدر الإشارة إلى خصوصيات يتميز بها المجتمع العربي عموما، ولا يمكن إغفالها عندما يستدعي الأمر التفكير في تغيير المناهج، وهي:
- ـ صعوبة الانفصال عن الماضي وزخمه التاريخي، ومن هنا تطرح إشكالية التراث بعنفوانه القومي والديني.
ـ استحضار الماضي يستدعي الإشارة إلى فترات الضعف التي عرفها التاريخ العربي، وما استتبع ذلك من " اختراقات " استعمارية أسهمت في تكريس التبعية الغربية .
- ـ مستتبعات السياسة الاستعمارية التقسيمية التي أدت إلى التعدد، مما يعرقل التفكير في تطبيق منظومة تربوية موحدة.
ولعل هذا هو ما استدعى فرض التوجهات الثلاثة بشأن تغيير المناهج التربوية:
· الاتجاه المحافظ الرافض للتغيير
· الاتجاه الليبرالي المنادي بالتحديث
· الاتجاه الوسطي المساير للتغييرات
- فيما يتعلق بالاتجاه الأول، يرى الكثير أنه اتجاه منغلق على ذاته، ويصفونه بالتقليدية، ويعتبرونه نموذجا يكرس قيما محددة تبرر مشروعية مشروعية الوضع السياسي لفئة اجتماعية تمثل النخبة السائدة المسيرة. ولعله اتجاه يسهم في خلق تفاوت تربوي هو انعكاس للتفاوت الاجتماعي
- أما الاتجاه الليبرالي فهو تيار ينطلق من التعارض بين القديم والجديد، فهو ينبذ العنصر الأول ويفتح الأبواب للنظريات التربوية الحديثة المتشعبة بشعارات التحرر والديمقراطية والتفتح والتوجه نحو الحداثة أو التحديث، ويدعو بذلك إلى تطويلا التعليم وربطه بالتنمية الاقتصادية لتلبية حاجيات البلاد. وقد يطرح تساؤل هنا حول مدى مطابقة هذه الشعارات لواقع لا تتكافأ فيه الفرص، فالتعليم العمومي أو الحكومي لم يستطع بعد تحقيق شروط مناهج وآليات تعليمية مناسبة لهذه الأهداف، مما يفتح الأبواب على مصراعيها للمدارس والمعاهد الخاصة الراقية والتي تقدم تعليما موجها إلى فئات معينة تسهم في تكريس النخبوية الاجتماعية الصرفة.
- وأخيرا هناك الاتجاه الوسطي الذي يمكن اعتباره توفيقيا مادام ينتقي من المناهج مايراه مناسبا. غير أني أخشى أن يسقط هذا الاتجاه في التلفيقية لأنه قد يحاول مقتطفات من مناهج مختلفة قد تكون متعارضة في منطلقاتها وتوجهاتها، لأن كل منهج هو في حد ذاته حصيلة تفاعلات وإفرازات اجتماعية وتاريخية لمجتمعات معينة.
ولهذا، أرى أخيرا أن المناهج ليست سلعا معروضة في واجهات زجاجية غربية تعلن عن حداثتها وفعاليتها، وبذلك لا يمكن اعتبارها قطع غيار نستبدلها بطريقة آلية، فللمجتمع العربي خصوصياته ومميزاته التي تحدد أهداف وغايات مناهجه، في وحدة متكاملة لا تفصل بين الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والعقدي.
وهذا لا يعني أنها دعوة للانغلاق، فضرورة تلاقح الثقافات تتجاوز مستوى الصراع، والاستفادة من " الآخر " في هذا المجال وفي غيره أمر حتمي دون فقدان الهوية، لأن هذه الاستفادة هي من لزوميات زحف زمن العولمة التي لا ينفع معها إخفاء الرؤوس في الرمال.
وتناولت الندوة الموقف الأكاديمي من الدعوات المنادية بضرورة امتلاك ناصية المبادرة الذاتية في تغيير المناهج التربوية بدلا من أن تفرض من الخارج ، عبر التساؤل الآتي :
هناك دعوات تربوية بثتها المؤسسات الإعلامية العربية، ونادت بضرورة امتلاك ناصية المبادرة الذاتية الداخلية نحو تغيير المناهج التربوية ؛ بدلا من أن تفرض من الخارج ، بحيث يشكل لها كوادر وطنية في كل بلد عربي مؤهلة أصيلة ، مخلصة تنطلق من واقع مواكبة العصر في ظل وعي حضاري وحصافة إدراك ملابسات الواقع وتعقيداته ؟ ما الموقف الأكاديمي الواقعي تجاه تلك الدعوات ، وهل هي حالمة في ظل ملابسات وتعقيدات الواقع التربوي ونمطيته التي تحكمها معطيات سلبية عدة لايمكن الأنفكاك منها وتجاوزها بتلك السهولة في لغة الشعارات التربوية الإعلامية ؟
وكانت انطباعات الندوة من ذلك على النحو الأتي

الأستاذ الدكتور عادل أبو العز
اعتقد أن الدعوات التربوية التي تبثها المؤسسات الإعلامية العربية وخاصة بضرورة امتلاك ناصية المبادرة الذاتية الداخلية نحو تغيير المناهج ليس لها مبرر في واقع المناهج في العالم العربي ، حيث أن المناهج في العالم العربي قد شهدت الكثير من التغيرات والتطورات منذ زمن بعيد ، وبحكم اطلاعي على واقع الدول المتقدمة فأرى أن عملية التغيير والتطوير في مناهجنا وخاصة في مناهج العلوم والرياضيات قد شهدت تطوير وتغير مستمر في نفس الفترة الزمنية التي شهدت فيها مناهج الدول المتقدمة ، وسبق أن ذكرت ذلك بعد أن حدثت على سبيل المثال الحرب العالمية الأولى والثانية شهدت المناهج الدراسية حركة غير مسبوقة على مستوى جميع الدول ، وإذا أخذنا نموذج حالة المناهج المصرية فنجد أن هذه المناهج في حركة تطوير وتغيير بصفة مستمرة منذ النهضة التعليمية في مصر منذ عهد محمد علي باشا، وشهدت مصر حركة تطوير كبيرة بعد ثورة 23 يوليو ، وكذلك بعد حرب العاشر من رمضان /اكتوبر شهدت المناهج حركة تغيير وتطوير، ولكننا نجد أن فترة التغيير التي تمت في المناهج بدأت في الثمانينات، مواكبة للتغيير الذي حدث في الولايات المتحدة بعد صدور كتاب "أمة معرضة للخطر" فكان نظام التعليم المصري في حركة تغيير وتطوير كبير منذ تولى الدكتور فتحي سرور وزارة التعليم في مصر، حيث حدثت حركة تغيير واضحة في جميع المجالات التعليمية وفي المناهج الدراسية ابتداء من مناهج رياض الأطفال حتى المرحلة الثانوية ، ومواكبة تطوير أيضا في برامج إعداد المعلم وإنشاء مراكز تطوير للمناهج التربوية وإنشاء المركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي ، وتطوير المركز القومي للبحوث التربوية والتنمية والذي يمثل عقل وزارة التعليم في التخطيط للسياسات التعليمية وبحوث تطوير المناهج.
واستمرت حركة التطوير في المناهج الدراسية وخاصة في المرحلة الابتدائية حتى يومنا هذا ، وتم إدخال الكمبيوتر في جميع المراحل التعليمية وعمل حجرات المصادر التعليمية ، إن حركة التطوير في المناهج الدراسية والمنظومة التعليمية في مصر شهدت حركة مؤثرة في التغيير والتطوير في جميع المجالات ، وتم ذلك برعاية رئيس الجمهورية حسني مبارك إذ كان له بصمات كبيرة على حركة التطوير في جميع المجالات التعليمية ، بالإضافة لذلك امتدت حركة التطوير لتشمل مجال التعليم الفني والتدريب ، فهذه الحركة لم تفرض على المجتمع المصري من الخارج ؛ وإنما فرضتها العقلية المصرية المبتكرة لهذا التطوير على كافة المسارات التربوية ؛ بهدف خلق جيل من العلماء يؤمن بالتفكير ، بالإضافة لذلك حدث تطوير في مناهج التعليم الجامعي في جميع المجالات الطبية والهندسية والعلمية.
وإن الحملة الشرسة الموجهة على المجتمع المصري إنما هي حملة تستهدف العقول المصرية المبتكرة لما في مناهج العلوم والرياضيات من تطوير وتحسين بصفة مستمرة ، فالمناهج المصرية والمعلم المصري لهما بصمة كبرى على العالم العربي ، وقد ساهما في حركة تطوير المناهج العربية ، وقد خرجت المناهج المصرية الكوادر المؤهلة علميا في مجالات متنوعة ، فهذه المناهج هي التي أعدت العلماء أمثال احمد زويل وفاروق الباز والكثير من العلماء المصريين في العالم العربي؛ والذين ما زالوا يسهموا في حركة التطوير والتغيير في المجتمعات المتقدمة ، فالعقلية المصرية أمام تحدي كبير بين دول العالم ، ولكننا نسعى دائما إلى التحديث و تطوير المنظومة التعليمية الآن في مصر، فوزارة التعليم الآن تبحث في تغيير أنظمة الثانوية العامة وعمل نظام جديد للمرحلة الثانوية ، وسوف يتم تطبيقه في العام القادم إن شاء الله 2005 / 2006 حيث تبرز فيه معطيات حركة التغيير والتطوير في مناهج المرحلة الثانوية وهناك حركة تطوير الآن في الجامعات المصرية وخاصة في كليات التربية المسؤولة عن عملية إعداد المعلم ، وعلى الرغم من أن هناك بعض السلبيات، فإن حركة التطوير والتغيير لم تتوقف لمعالجة أي سلبية تظهر والتأكيد على الإيجابيات ، ولذلك تشهد المناهج الدراسية في التعليم العام والتقني في مصر حركة تطوير وتغيير لازالت مستمرة حتى الآن .
وناقشت الندوة مصطلحات تربوية تلامس موضوع تغيير المناهج لإزالة اللبس بشأنها لدى المؤسسات الإعلامية والنخبة المثقفة التي تتداول تلك المصطلحات في ظل مسمى واحد عبر طرح السؤال الآتي :
ـ نظرًا لحجم الهالة الإعلامية وتركيز وسائل الاتصال المختلفة وطرقها المستمر المتتابع على وتر المقررات التربوية والدعوة إلى تحسينها أو تغييرها أو تطويرها أو نحو ذلك من التعبيرات، باعتبارها حديث الساعة ؛ فإن الأمر يصور لغير ذوي الاختصاص أن تلك المصطلحات أسماء مختلفة لمسمى واحد، والواقع أن أهل الاختصاص يميزون بين مصطلح تحسين المنهج (Curriculum Improvement) وتغيير المنهج (Curriculum change) وتطوير المنهج (Curriculum Development)، إذ لكل واحد منها مدلوله الخاص . ما هي رؤاكم الأكاديمية في هذه الصدد ، لإزالة اللبس لدي المؤسسات الإعلامية والنخبة المثقفة التي تتداول تلك المصطلحات في ظل مسمى واحد ؟
وكانت إجابات ضيفينا الكريمين على النحو الأتي :

الأستاذ الدكتور : عادل أبو العز
نود أن نشير إلى النظرية التالية في المناهج وهي :
تطوير المنهج (Curriculum Development : هي العملية التي يتم عن طريقها تحديد الكيفية التي سيتم بها تشييد المنهج والتي تعتمد على الجوانب التالية :
أ ـ طبيعة المجتمع ب ـ المتعلم
ج ـ المعرفة د ـ الأهداف
ولذا يلزم أن هناك تكامل بين البناء والتطوير، ولا يمكن إغفال التكامل فبناء المنهج عملية تتركز على المنهج نفسه بينما تتوجه عملية تطوير المنهج نحو كيفية تشييد المنهج .
ـ تحسين المنهج Curriculum Improvement
ويهدف ذلك بعد أن يتم بناء المنهج وتطويره تأتي مرحلة التطبيق، ولا يكتفي بمجرد وضع المنهج موضع التنفيذ الفعلي في المدارس، فيلزم أن يكون هناك تحسين للمنهج بعد تقويمه ، وبذلك نحصل على المردود الذي يستفاد منها في إعادة النظر في علميات التشييد والتطوير وفي عمليات المراجعة والتحسين ، فعمليات البناء والتطوير ليست عمليات تتابعية من الناحية الزمنية بل تتم على التوازي مع بعضها، فقد يبدأ البناء والتطوير في بعض جوانب المنهج ، ثم يطبق ما يتم التوصل إليه على أساس تجريبي ، وتستخدم المعلومات التي يتم الحصول عليها نتيجة هذا التجريب؛ بهدف المزيد من البناء والتطوير وتعديل أساليب التحسين والتطبيق .
أما هندسة المنهاج Curriculum engineerning
والذي يتضمن التشييد والتطبيق والتحسين لجعل المنهج كنظام يؤدي وظيفة معينة لدى المتعلم ولذل نجد أن المنهج كنظام يرتكز على
أ ـ إنتاج المنهج ب ـ تحسين المنهج
ج ـ تقدير فعالية المنهج التطبيقية في الحياة
وفي ضوء تحديد هذه المصطلحات يمكن أن توجه تخطيط المناهج في ظل إطار مفاهيمي يستهدف تنظيم التفكير حول كل الأمور المتعلقة بعناصر المنهج وكيف يختار ؟ كيف ينظم ؟ ما مصادر اتخاذ القرار ؟ كيف تترجم المعلومات والمعايير إلى قرارات تسهم في التخطيط والتطوير والتنفيذ للمنهج ؟ ولذلك نرى أن مفهوم المنهج الحديث هو مجموعة من الأنشطة والفرص التعليمية التي تتيح للمتعلم التفكير والابتكار بهدف النمو المتكامل وتعديل سلوكيات المتعلم .
لذلك نرى أن مفاهيم التحسين والتطوير والتغيير للمنهج مصطلحات مرتبطة مع بعضها البعض، بهدف التعديل والتغيير في المناهج الدراسية بصفة مستمرة ، ولذلك نجد أن المناهج الدراسية قد شهدت حركة التطوير والتغيير بصفة مستمرة بعد أي حدث يحدث في العالم ؛ لأن ذلك من سنن الله الكونية في البشر.
وتطلق الصيحات من خلال الإذاعة المسموعة والمرئية بأن مناهجنا في العالم العربي جامدة وبرامجنا تحتاج إلى تغيير وتطوير،؛ وأرى من خلال اطلاعي على مناهج العالم المتقدم وزياراتي للكثير من المدارس في هذه الدول أن مناهجنا العلمية والرياضيات في مصر لا تقل بأي حال من الأحوال عن مناهج الدول الغربية ، بل تفوقها في بعض التخصصات ، ولكن الفرق بيننا وبينهم أن هناك نظام تعليمي واضح ومحدد المعالم، وتخطيط منظم تعتمد فيه المناهج التربوية على المنطلقات الوظيفية، فنحن بحاجة إلى أن يكون النظام التعليمي لدينا واضح ومحدد المعالم ، ولكن الهجمة التي تسعى إليها الدول الكبرى الآن هو تحطيم العقلية العربية التي تتميز بالابتكار والتفكير عن طريق تهميش مناهج العلوم والرياضيات وخاصة في المجتمع العربي ، أما ما يقال عن التربية الدينية والمناهج الدينية؛ فمن وجهة نظري أن هذا لا يشكل أية خطورة على المجتمع، وخاصة أن شباب المجتمع يستقى الأخلاق والتربية الدينية من البيت والمسجد ومن المؤسسات النظامية وغير النظامية ، ولكن أود أن أشير أن برامج الإذاعة المرئية والمسموعة في العالم العربي يجب أن تنظم برامجها وترتكز على المبادئ والقيم ؛ ولذلك لاخوف من ذلك على حركة التطوير، فالقرآن الكريم صالح لكل زمان ومكان، ولذلك يجب أن نعمل من خلال مدراسنا ومعلمينا على تدعيم المبادئ والقيم الأخلاقية؛ من خلال التخصصات العلمية التي تقدم لابنائنا ، وان يكون لدينا نظام تعليمي واضح يعطي الصلاحيات الكاملة لمدراء المدارس لكي يعود الانضباط للفصل الدراسي ، والتأكيد على المبادئ والقيم داخل المدرسة والجامعات .
الأستاذ محمد فري
للمنهاج أو المنهج تعريفات كثيرة متعددة بتعدد الباحثين التربويين الذين تعرضوا للموضوع، فانطلاقا من الأصل الإغريقي للفظة التي تعني " سباق الخيل "، ومن ربط اليونانيين للمنهج في التربية بالفنون السبعة الشهيرة ( النحو، البلاغة، المنطق، الحساب، الهندسة، الفلك، الموسيقى )، يأتي المفهوم الشائع للمصطلح حديثا وهو: مجموع المواد الدراسية والخبرات التي ينبغي للمتعلم أن يكتسبها، وقد ربطه الكثيرون بالأهداف وتقويمها والأدوات المساعدة في التدريس ومن بينها الكتب والأنشطة الموازية وطرق الديداكتيك الناقلة للمعرفة من مستواها العالم إلى مستواها المتعلم. فمصطلح المنهج يتضمن إذن عدة عمليات أساسية تشمل: التخطيط القبلي للعملية التعليمية بكل عناصرها ومكوناتها كالأهداف والمعارف والأنشطة وخصوصيات المعلمين والمتعلمين وكذا الإداريين والمشرفين.
كما يشمل المنهج عناصر التطوير والتغيير والتحسين.
والمقصود بالتطوير هو الانتباه إلى مكون من مكونات المنهج التي ينبه التقويم إلى ضرورة تصحيحه بما يتجاوز عائق تطوره.
أما التحسين فيرتبط بإعادة النظر في بعض جوانب المنهاج قصد تغييرها دون المس بالأساسيات، إذ هو تحسين لوضع قائم وليس مسا بقيم المنهج.
ويبقى مصطلح تغيير المنهج المرتبط بتغيير المنهج كله بما في ذلك جميع مكوناته التي سبقت الإشارة إليها.
وهناك مصطلحات أخرى تتعلق بالموضوع منها:
المنهاج الضمني: ويقصد بذلك النتائج والتأثيرات المهمة غير الأكاديمية التي يفرزها التعليم المدرسي بطريقة غير صريحة. إنها خبرات وقيم وسلوك يتعلمها التلميذ خارج المنهاج، وقد تكون إيجابية أو غير إيجابية، أو هي نوع من التنشئة الاجتماعية التي يكتسبها التلميذ في علاقاته مع الآخرين على اختلاف مستوياتهم.
ويقترب هذا مما يمكن تسميته أيضا بالمنهاج المعيش والذي يعتبر نوعا من خبرات الحياة التي يعيشها التلميذ ويكتسبها فيساهم ذلك في تكوين شخصيته.
وتناولت الندوة انطباعات ضيوفنا الكرام حول تغيير المناهج في ظل رؤية نقدية تستهدف التجديد الواعي الموضوعي وتبتعد عن الشكليات الخارجية المتواترة في حركات تغيير المناهج في عالمنا العربي ، من خلال التساؤل الأتي
هناك أراء إعلامية تحذر من الأتي في مجال تغيير المناهج التربوية وتقول :
"إن المطلوب ليس مجرد تحسين في المناهج أو تقسيم الكتاب إلى اثنين أو إضافة بعض الألوان في عملية الطباعة أو التباهي بإقامة شبكة داخلية تربط مديري ووكلاء وزارة التربية والتعليم ، وانما المطلوب إعادة صياغة طريقة التفكير التي يعمل بها النظام التعليمي العربي كله ، أو فلسفة الجامعة والاعتداد بالنماذج الحديثة في العملية التعليمية المطبقة في بلدان ومجتمعات أخرى مثل التعليم عن بعد والتعليم المفتوح والدائم والقائم على فكرة النظم والشبكات المتداخلة والتعليم الافتراضي ، وغير ذلك من النماذج آلتي تتناسب مع ثورة الاتصالات والمعلومات والتقدم المبهر المستمر في تكنولوجيا الحاسبات الآلية" .
ما هو انطباعكم عن تلك الآراء في ظل خبرتكم الأكاديمية حول المناهج وتطويرها ؟
وكانت إجابات ضيوفنا على النحو الأتي :
الأستاذ الدكتور عادل أبو العز
اختلف مع الوجهة الإعلامية التي تحذر في مجال تغيير المناهج ، حيث أن عملية التحسين والتطوير في ضوء الفلسفة الحديثة وثورة المعلومات ضرورية لإعادة تنظيم المناهج ، فطبيعة الإنسان بنيت على التغيير والتحديث وبالتالي يحتاج ذلك إعادة في طرق التفكير وتنميتها لدي أطفالنا وطلابنا ابتداء من مرحلة رياض الأطفال حتى المرحلة الثانوية التي تسعى إلى تكوين العقل المنظم والمنفتح، ليتفاعل ويستطيع أن يتحاور مع شباب العالم؛ وهذا يقتضي تسليط الضوء حول أهمية تطوير التعليم الجامعي ، لأن ذلك سوف يكون جيل شباب المستقبل. ويقتضي هذا من الدول فتح مجالات متخصصة حديثة ليتواكب مع متطلبات سوق العمل، فهذا يحتاج إلى إتقان تعليم الشباب في المرحلة الجامعية، حتى يكون على مستوى المسؤولية ، وتفعيل دروه في المجتمع ليكون قادرا على إصدار القرار، والدفع في حركة التغيير المطلوبة التي تتواكب مع العالم وليس التخلف عن العالم .
فديننا الإسلامي يدعو إلى العمل وإتقانه وجودة التعليم ويدعو إلى التفكير والتأمل لاكتساب الجديد بصورة منظمة، فالله سبحان وتعالى أعطى الإنسان العقل ودعانا إلى أن نتعلم بهدف خدمة البشرية؛ فإذا خلقنا جيل من الشباب القادر على الانتماء إلى الوطن ، سيوف يسعى إلى التطوير والتغيير بصفة عامة، وإلى العقلانية في التفكير وعدم التسرع في إصدار القرارات على وجه التحديد ، فنحن بحاجة إلى تغيير مناهجنا الدراسية والتأكيد على العلوم البحته لأنها هي التي تسعى على التغيير والتطوير في المجتمع ، ولنلقي النظرة المتأملة إلى المجتمع الماليزي الآن الذي اخذ على عاتقه تغيير المناهج وفلسفة تدريسها ، مما جعل هذه الدولة النامية تغزو العالم اقتصاديا حتى عام 2003 ، وتسعى جاهدة إلى السيطرة والتحكم من خلال العلم الفيزيائي والرياضي لتطوير أبنائها وخلق جيل من العلماء؛ الذي يسعى إلى تطوير مجتمعه على الرغم من الزيادة الهائلة في عدد السكان مقارنة بالدول العربية والتي يجب أن تسعى دائما إلى تغيير مناهجها الدراسية بصورة اكثر فاعلية ، وهناك حركة تطوير وتغيير تشهدها المجتمعات العربية منذ فترة اكثر من عشر سنوات وهي تسعى جاهدة إلى تغيير مناهجها الدراسية والأخذ بالأساليب والنماذج الحديثة في التدريس، لتتناسب مع ثورة الاتصالات والمعلومات والتقدم والتطوير في أنظمة وبرامج الحاسب الآن ، ولذلك اعتقد أننا في مجتمعنا العربي نسعى منذ فترة إلى تغيير الأنظمة التعليمية ومواكبتها مع العصر فعلى سبيل المثال فإن حركة التطوير والتغيير في أنظمة التعليم في مصر في حالة تغير مستمرة ، ولقد شهد هذا التطوير تقدما ملموسا في الثمانينات ، وتواكبت تلك الحركة التطويرية التعليمية مع حركة التطوير في المجتمع الأمريكي التي بدأت في الولايات المتحدة عام 1984بنشر كتاب " أمة معرضة للخطر" وخاصة في مجال العلوم والرياضيات ، ولذلك شهد المجتمع المصري في مدارسه حركة تطوير وتغيير في المناهج الدراسية حتى الآن 2005، ولذلك أرى أن النظام التعليمي في مصر لم يتوقف عن التغيير والتطوير، وانما هناك بعض المقومات والتي كانت لها تأثير مباشر؛ وهي ارتفاع عدد السكان في مصر فأدت إلى ازدياد عدد الأطفال في مدارسنا، ولذلك نجد أن الدولة الآن تستوعب جميع الأطفال والتلاميذ في المرحلة الابتدائية ، وبدأت منذ فترة بإدخال مرحلة رياض الأطفال في الكثير من المدارس الحكومية بالإضافة إلى المدارس الخاصة ، التي تستوعب أعداداً كبيرة من التلاميذ والأطفال ابتداء من مرحلة رياض الأطفال 4ـ 6 ، فهناك حركة تطوير في جميع المجالات التعليمية في مصر، وليس من الصحة بمكان الإدعاء بأن المجتمع المصري لم يحدث فيه حركة تطوير تربوية في مناهجه ، فالكثير من العلماء المصريين من مصر وخارجها هم أبناء المجتمع الذين تعلموا في مدارسه الابتدائية في المراحل الجامعية ، وهذا يؤكد أن المجتمع المصري كان دوما يسعى إلى تطوير أبناءه عبر النظم التربوية .

الأستاذ محمد فري
لا يرتبط إنجاح العملية التعليمية أساسا بما هو شكلي، كالاعتماد فقط على إنشاء المؤسسات التعليمية وتوفير الوسائل التربوية بما فيلك تحسين جودة الكتاب المدرسي وكذا المناهج.
صحيح أن العناصر السابقة لها أهميتها في المساعدة على تحقيق جودة التعليم وتحسين مردوديته، لكن تبقى الحاجة ملحة للتطوير الكيفي ورفع وتيرة الأداء المدرسي، وهو تطوير يدرس الحاجيات الملحة للمجتمع ويحقق أدواتها الكفيلة والكفية بسدها. من هنا تطرح التساؤلات التالية:
- هل المضامين التي تدرس في المؤسسات التعليمية بمختلف مستوياتها مناسبة ومنفتحة على المحيط الاجتماعي والاقتصادي وملبية لحاجيات هذا المحيط؟
- هل هناك ثغرة بين ما يدرسه المتعلمون وما يفرصه سوق الشغل؟
- هل هناك ربط بين المضامين المدروسة والتغيرات الحاصلة في المجتمع؟
هي تساؤلات قد تكون ناتجة عن الافتقار إلى تنوع الطرق رغم زخم تنوع المحتوى.
وفي هذا السياق يمكن الإشارة – حسب سؤال البند - إلى الثورة المعلوماتية والتقدم المبهر المستمر في تكنولوجيا الحاسبات الآلية، وهذا أمر لاشك في أهميته وضرورة الانفتاح عليه، فالوسائل التعليمية قد تطورت كثيرا، وبالتالي لامناص من مسايرتها وسبر أغوار خصوصياتها، وإلا فسنجد أنفسنا بصدد فئات يحكم عليها بالأهمية لعدم جدوى نوعية تعليمها الذي يقف عاجزا عن المساهمة في إنتاج أو تنمية تتطلب معارف تقنية معينة.
وتناولت الندوة وجهات النظر الأكاديمية بشأن دراسات استشراف المستقبل ورؤاها الحداثية بشأن المناهج التربوية من خلال التساؤل الأتي :
تشير دراسات استشراف المستقبل في مجال المناهج التربوية إلى تطلعات تربوية يمكن أن تسهم في مواجهة تحديات العولمة ومعطياتها ، ماهي رؤيتكم النقدية بصددها ؟ وادرجها لكم على النحو الأتي :
ـ يجب أن تنهض المناهج بمسئولية تمكين أبنائنا من التعامل بذكاء وكفاءه مع المتطلبات الحقيقية والمتطورة للمجتمع ، ولا بد أن تكون المناهج عملية و الممارسة فيها الأصل والتجريب هو الأساس والمشاركة في البحث عن المعلومة وتنظيمها وتوظيفها هي الجوهر الحقيقي للعملية التعليمية ، ولا بد أن تكون المناهج في إطار عالمي بمعايير عالمية ، ولا بد أن تكون في إطار مستقبلى ، ولا بد أن تراعى حق الجيل الجديد في الاختيار ، وكذلك لا بد من المرونة في أساليب التعليم ، وتنوع في طبيعة المناهج وطرق التدريس ومرونة في الجدول الدراسي ، ولا بد أن يتغير هدف التعليم من تعليم للجميع إلى التعليم المتميز والتميز للجميع .
ـ يتطلب المنهاج الإلكتروني الآتي : تصميم المادة التعليمية تحضير معلوماتها العلمية وصياغتها وتجهيزها وتقسيمها إلى وحدات سهلة الاستيعاب ثم التوصيف المقنن المفصل لجزئياتها وبيان ما يتخلل ذلك العرض من الشرح اللفظي والصور والأشكال البيانية والأسئلة الإختبارية . ويشترك في تصميم المادة أيضا مبرمجو الحاسوب ومختصو اللغة ومراقبو الجودة ، حيث ينبغى أن نعد المادة المحوسبة إعدادا يلبى مواصفات الإنتاج الجيد علميا وفنيا ، وأن تستكمل في إعدادها إجراءات الإنتاج المتقن تخطيطا ومراجعة وتصحيحا واخراجا وإنتاجا .
ـ وهناك حاجة ماسة لتفعيل ثلاثية التعليم التقليدية ( المدرس ، الطالب ، المدرسة ) وتحويلها إلى عملية تعليمية أكثر حداثة وعصرية وتشمل عناصرها : المدرس العصرى ، الطالب الإيجابي ، المدرسة العصرية ، تكنولوجيا التعليم المتقدمة ، المناهج التعليمية المتطورة والتعليم غير المنهجى .
ـ مع تقدم وسائل الاتصالات وثورة المعلومات والانفجار المعرفي وتحول العالم إلى قرية صغيرة ، أصبح من الضروري أحداث ثورة في التعليم وطرق التدريس لإيجاد جيل واع بما يدور في العالم ، يستطيع الحفاظ على هويته الوطنية في مواجهة تحديات العولمة ، وتتوافر لديه القدرة على التنبؤ والإبداع لا الحفظ والتلقين .
ـ لا بد أن نفكر بطريقة عالمية ، ونتصرف بطريقة محلية ، بحيث يكون البعد العالمي جزءا أساسيا من تفكيرنا ، بما يستتبعه ذلك من نتائج تتصل بالمناهج ، طرق التدريس ، واللغة التي نستخدمها ، والأساليب التي نتبعها ، والتخصصات التي نحتاج إليها ، ونخطط لها .
ـ أننا بحاجة لمدرسة جديدة ، مدرسة المستقبل ، مدرسة بلا أسوار ، ليس بالمعنى المادي لأسوار ولكنها مدرسة متصلة عضويا بالمجتمع ، وبما حولها من مؤسسات مرتبطة بحياة الناس متصلة بقواعد الإنتاج ، ومتصلة بنبض الرأي العام ، وبمؤسسات الثقافة والإعلام ، ومتصلة بمؤسسات الحكم المحلى ، وتضرب بأنشطتها في أعماق المجتمع وتمتد لكل من يستطيع أن يدلى بدلوه أو يمد يده بالمساعدة في إعادة صياغة عقل الأمة ، وهى مدرسة لها امتداد أفقي إلى المصالح والمعامل ومراكز الأبحاث وخطوط الإنتاج وهى مؤسسة لها امتداد رأسي تمتد وصلات استشعارها إلي التجارب الإنسانية والتربوية في كل دول العالم ، وتمتد ببصيرتها إلى كل جزء في العالم .
وكانت اجابات ضيوفنا الكرام على النحو الآتي :

الأستاذ الدكتور عادل أبو العز
اتفق مع دراسات استشراف المستقبل في مجال المناهج، والتي يمكن أن تسهم في مواجهات تحديات العولمة، والتي تؤكد على تفعيل المعلوماتية وطرق التفكير وعمليات العلم الأساسية والتكاملية مع الالتزام بالقيم والمبادئ الأخلاقية ، ولذلك نحن بحاجة مستمرة من اجل التغيير دون المساس بالمبادئ الأخلاقية والدينية، والتي تميز المجتمع العربي.
فمنظومة التعليم في الوطن العربي في حاجة مستمرة إلى التطوير؛ بهدف خلق جيل من العلماء والمفكرين لخدمة مجتمعهم ، فنحن بحاجة إلى مدرسة المستقبل التي تؤمن بالتحديث والتطوير، وتطوير مراكز البحث العلمي والجامعات بهدف المساعدة على إعادة صياغة عقل الأمة ولتدعيم خدمة البشرية ، ولا يتضح ذلك إلا من خلال مناهج دراسية تهدف إلى تدعيم هذه المبادئ ، ومعلم يستطيع أن يتواكب مع حركة التغيير والتطوير، ولذلك فنحن في حاجة إلى تطوير كليات التربية لأعداد المعلم القادر على التطوير والتحديث ، واستخدام التقنيات الحديثة وعمل البرامج التدريسية التي تخلق نوعا من التجريد والتحديث بصورة مستمرة .
الأستاذ محمد فري
يتعرض التعليم في المغرب كغيره من البلاد العربية لانتقادات تمس القطاع التعليمي وتتهمه بالفشل والعجز عن مسايرة ما هو مطلوب على الساحة العملية والتنموية، من هنا فشل شعار ربط التعليم بميدان الشغل وعوضه المسؤولون بشعار بديل يحصر العملية التعليمية في الجانب التكويني فقط، من هنا تضاعفت أعداد المعطلين من ذوي الشهادات العليا. وهكذا تضاعفت الانتقادات الموجهة لمستوى التخطيط للعملية التعليمية.
في هذا المجال يندرج سؤال البند الخامس الذي يطرح مسألة استشراف المستقبل في ميدان المناهج التربوية، إذ المسألة تتطلب تحديات هذا المستقبل والمنعطفات الحاسمة التي يفرضها، وبالتالي تصبح الحاجة ملحة إلى إعداد مجتمع قادر على مواجهة ه التحديات المستقبلية بما فيها تحديات العولمة.
فالعولمة واقع لايمكن تجاهل أثاره المرتبطة بالتحولات الاقتصادية المستقبلية والتطورات العلمية والتكنولوجية.
وهكذا نجد ثورة إعلامية تغزو حياتنا اليومية، وهاهو الإنترنت يقف عملاقا قويا على مستوى أنشطته الاقتصادية الجديدة المهيمنة.
والتعليم بدوره لن يسلم من هذا الغزو العولمي، الأمر الذي يطرح مشروعية التساؤلات عن أنجع طرق الاندماج مع هذا القادم الذي تجاوزمرحلة طرق الأبواب.
وفي هذا المجال لايكفي التفكير في المناهج وطرق تطويرها اعتمادا على آليات التقنية الحديثة، بل يجب ربط ذلك بالتمسك بتعليم وظيفي يتناسب مع متطلبات واقع العولمة، وهو واقع سيفرض معارف جديدة ومناهج متطورة تتناسب مع متطلبات ( السوق الجديدة ). وكل مانتمناه هو أن تكون هذه المعارف الجديدة متاحة للجميع في البلاد العربية، وليست متاحة فقط لفئات نخبوية لها إمكانيات ولوج معاهد ( مخوصصة ).
ويجب ألا يغيب عن البال في هذا الجانب، الضغوطات الاقتصادية التي ستعاني منها كثير من الدول العربية في شكل تضخمات مالية وتراكمات في المديونية، فالعولمة لن تزيد الطين إلا بلة في هذا الجانب. لأن التفكير في تطوير التعليم سيلتحم بصورة أكبر بمسألة التنمية الاقتصادية الشاملة في زمن العولمة .

وناقشت الندوة الأراء حول تفعيل المعلوماتية في بناء المناهج التربوية في ظل سلاح المعلوماتية القادم وتحديات عوالم الرقمية في مجال الذات العربية واللغة العربية والواقع العربي من خلال طرح التساؤل الأتي :
يشير أحد خبراء المعلوماتية العرب د. نبيل احمد في لقاءه مع الإعلامي احمد منصور في " برنامج بلا حدود" ، تعليقا على الواقع التربوي في ظل تحديات المعلوماتية بالأتي :" نظم التربية العربية رسخت بها نظم ومناهج وتربوية متخلفة، تقوم على التلقين ولا تقوم على المنهجيات الحديثة، وهناك محاولات لتطوير هذه المنهجيات، ولكن ليس في إطار منظومة شاملة تشمل تدريب المعلم، وتغيير المنهج، وتغيير أساليب المناهج، وتغيير طرق التدريس في كليات التربية، فكيف لمدرس يتخرج من كلية التربية أن يعلم بالكمبيوتر إن لم يتعلم ذلك أصلا ؟ . ويحذر أيضا من خلال استشراف المستقبل بحرب إلكترونية من قبل إسرائيل عبر أسلحة المعلومات ، بحيث تمزج في صراعها مع العرب بين القوى اللينة ( حرب المعلومات والإنترنت ) soft poweers مع الـ hard powers أي القوة العسكرية .
ما هي وجهة نظركم الأكاديمية تجاه ذلك وتجاه تفعيل المعلوماتية في بناء المناهج التربوية ، وتعليم مطور لأبنائنا عالي التقنية ، في ظل سلاح المعلوماتية القادم وتحديات عوالم الرقمية في مجال الذات العربية واللغة العربية والواقع العربي ؟
وكانت إجابات ضيوفنا الكرام على النحو الأتي :

الأستاذ الدكتور عادل أبو العز
أنا اختلف مع د. نبيل احمد في هذا التعليق على أن نظم التربية العربية رسخت نظم ومناهج تربوية متخلفة، فأتساءل هل أن د. نبيل احمد ليس وليد هذه المناهج التي يقال عنها أنها متخلفة ؟ ولي أن أتساءل هل الإعلامي احمد منصور على سبل المثال بشهرته اللامعة ليس وليد هذه المناهج ؟ وهل فاروق الباز واحمد زويل ليس وليد هذه المناهج ، نحن نحتاج الآن لمسايرة العصر أن نعيد تنظيم المناهج بما يتلاءم مع أطفال اليوم الذين يتعاملون مع الكمبيوتر ، ولذا نتساءل من الذي آتي بفكرة في أجهزة الحاسوب أليس الجيل القديم ؟ ولذلك علينا في مجتمعنا العربي أن نعيد التطوير وتحديث شبكات المعلومات على مستوى الجامعات في جميع التخصصات ، فنحن أمام ثورة معلوماتية فاقت الوصف في السنوات الأخيرة ، فنحن أمام حرب إلكترونية تتم من خلال أسلحة المعلومات ، فعلينا أن ننهض جاهدين إلى مواكبة هذا التطوير ؛ ومجتمعنا العربي لديه قوى بشرية وعقلية متميزة إذ تشكل نسبة الموهوبين في المجتمع العربي من 1 إلى 1.5 % من عدد السكان ، ومن هنا يجب أن تراعي مناهجنا التربوية تلك الفئات في ظل برامج تربية الموهوبين ، ويجب أيضا تولية الاهتمام لعمل المراكز البحثية والمتخصصة في جميع المجالات والتخصصات لتطوير مجتمعاتنا في ظل هذه الثورة المعلوماتية، فنحن بحاجة إلى إعادة التنظيم واحترام العمل ومواعيده حتى يستطيع مسايرة هذا التقدم المذهل، والاهتمام بالتدريب في جميع المجالات المتخصصة وبالأخص في القطاع التربوي من خلال تنظيم وزارة التعليم الدورات التدريبية ؛ والتي تسهم في رفع كفاءة المعلم واطلاعه على احدث المعلومات الوظيفية والمتخصصة في مجال المناهج الدراسية، وخاصة العلوم الفيزيائية والبحتة إذ انها تحتاج إلى تحديث وخاصة في مناهج الجامعات ، فتحديث المقررات الدراسية في مدارس التربية والتعليم يتم بصورة مستمرة ، ولكن للأسف فإن المناهج العلمية المتخصصة في الجامعات العربية عقيمة وتحتاج إلى التطوير والتحديث بما يتلاءم مع ما يحدث في وزارة التربية والتعليم، فحركة التطوير يجب أن تستحدث من خلال الجامعات وتتواكب مع حركة التحديث في المناهج المدرسية لإعداد جيل من العلماء يؤمن بالتطوير التغيير.

الأستاذ محمد فري
مضمون هذا البند لا ينفصل عن سابقه، فالتعليم المتطور لايمكن تصوره منفصلا عن واقع يستدعي التغيير والتطوير. والأمر كله مرتبط بتنمية تمس جميع المرافق الحيوية بالمجتمع، وتطورها يستدعي حتما تطور قطاع التعليم الذي يمثل كفاية بشرية هي عماد سير المجتمع. والاعتماد على تفعيل المعلوماتية في بناء المناهج التربوية أصبح من المسلمات، فلا يمكن أن نتصور عاقلا يعارض ذلك وهو يعيش في عالم أصبح قرية صغيرة بسبب تطور شبكة التواصل فيه. أما فيما يتعلق بالحروب، فلا داعي إلى التذكير بأنها أصبحت لوجيستيكية، وتجاوزت الاستراتيجيات التقليدية المعروفة .
وتناولت الندوة التحديات التي تواجه المناهج التربوية في ظل العولمة والخيارات الحتمية من خلال طرح التساؤل الآتي :
تؤكد النخبة المثقفة في عالمنا العربي إلى أن المناهج العربية في ظل تحديات العولمة هي بين خيارين لاثالث لهما وهما :
إما خيار ؛ إعادة النظر في كيفية بناء المفهومات لدى المتعلم وأساليب ذلك وطرقه ، والوسائل العلمية والمقاربات التربوية ، والتقنية الكفيلة بإبراز أيدلوجية مجتمعة ومنظومة قيمه في صورتها الواضحة المشرقة ، وبعدها الإبداعي ، وعالميتها المرتكزة على بعدها الإنساني ، ودورها في حل الأزمات والإشكالات التي يتخبط فيها مجتمعه رؤية معاصرة . وإما خيار الانخراط في منظومة القيم المادية والأيدلوجية الأحادية التي تسوّقها العولمة بواسطة الإعلام والاقتصاد والقوة العسكرية ، ومن ثَمَّ الذوبان في مسلك حضاري تتشكل معالمه بعيداً عن أساليب الإقناع والحجاج والحوار والتثاقف ، واحترام الاختلاف والخصوصيات الحضارية للشعوب .
وفي ظل ما سبق ؟ أين تقع رؤاكم الأكاديمية المتخصصة من هذه الرؤية الحتمية للواقع
العربي في ظل تحديات العولمة وتداعياتها في العالم العربي ؟
وكانت إجابات ضيوفنا الكرام على النحو الأتي :
الأستاذ الدكتور عادل أبو العز
اعتقد أنني مع خيار إعادة النظر في كيفية بناء المناهج وطرقها الحديثة واستخدام الوسائط المتعددة القائمة على تقنيات التطوير بهدف وضع منظومة متكاملة في بناء المناهج الدراسية تتمثل في البعد الإبداعي والقيمي المرتكز على العالمية التي تشكل البعد الإنساني، ولذلك إذا أعيد تنظيم المناهج العلمية والبحثية بما يتواكب مع حركة الحداثة المتسارعة في كافة الصعد ، بحيث يستهدف في الدرجة الأولى ؛ الاهتمام بالإنسان وخدمة البشرية وليس تحطيم البشرية والقضاء على الإنسان الذي خلقه الله واحسن تقويمه ، وهذه القيمة السامية هي الهدف الرئيس من العلم ، فالعلم إذا لم يقدم في ظل رؤية معاصرة متطورة تخدم البشرية ليس له فائدة ؛ فعلى سبل المثال الهندسة الوراثية وخاصة قضايا الاستنساخ إذا لم تحكمها القيم الأخلاقية ؛ أصبحت مدمرة للإنسان فما يحدث الآن بتحسين السلالالات عندما تخلى الإنسان عن القيم ، أصيب الإنسان بالكثير من الأمراض مثل السرطان والإيدز ولذلك اصبح طاعون هذا العصر مرض الإيدز والمخدرات والتلوث والطاقة النووية، ولقد نشأ ذلك عن تخلي الإنسان عن القيم والمبادئ ، ولذلك يجب إعادة تنظيم المناهج في ظل إطار قيمي واخلاقي يهدف إلى خدمة البشرية وليس تدميرها .

الأستاذ محمد فري
لعل البند هنا يعيد علينا إشكالية مواجهة الآخر، وهو ما طرح إبان عصر النهضة في صيغة التساؤل الشهير: لماذا تقدم الغرب وتخلف العرب؟ .وقد طرحت على الساحة عدة آراء وحلول: تراوحت بين الطرح المحافظ السلفي والطرح الحضاري العلمي وقد اشتد النقاش آنذاك حول الموقف من التطور الحضاري الغربي، فكان هناك الرافض المتشدد والمتقبل المتطرف والمعتدل الحذر. ونجد الآن أنفسنا وكأننا بصدد العودة إلى هذه المرحلة في صيغة جديدة يتقدمها عنوان كبير هو " الغزو العولمي ".
لقد عرفت الدول العربية ظروفا تاريخية عصيبة وجدت نفسها إثر نتائجها في موقف متعثر مقارنة مع الدول الغربية، وأضحت هذه الأخيرة تمتلك أدوات التطوير والنمو، ووجد العالم العربي نفسه مضطرا إلى التبعية الاقتصادية الاضطرارية، ودون الدخول في أسباب ذلك وعوامل التخلص منها لابد من التسليم بهذا الواقع الذي نعيش نتائجه
والتنمية التربوية التعليمية لا يمكن فصلها عن الواقع، فهي ليست بمعزل عنه، وبالتالي لا يمكن اقتراح أي حل للنهوض بالمناهج العربية دون اعتبار هذا الواقع.
ولعل الخيار الأول المطروح في البند هو الخيار المنطقي، حيث ينطلق من إعادة المفاهيم على ضوء المستجدات دون إغفال المقومات الوطنية والحضارية التاريخية للأمة العربية الإسلامية.. والمهم في الأمر كله هو أن نفكر فيما يمكن أن تتعلمه الناشئة لا فيمايجب عليها تعلمه، والفرق واضح بين التعليم والتربية، لذلك يبقى مصطلح التربية عنصرا مهما بجانب مصطلح التعليم//، والمناهج التي لاتهدف إلى الجانب التربوي بما فيه من قيم، وتركز فقط على الجانب التعليمي، هي مناهج قاصرة لاجدوى منها، ولا يمكن لأي باحث تربوي أن يقول عكس ذلك.

وفي نهاية مطاف رحلة تواصلنا الثقافي مع ما اتحفنا به أساتذتنا الكرام من ثراء رؤاهم الثقافية في أبعاد العولمة وتغيير المناهج في العالم العربي في القراءة المفاهيمية لها وحقيقة اتجاهاتها في ضوء النقد الذاتي لمناهجنا التربوية في رؤية سابرة عميقة ، ومن هذا المنبر الإعلامي الحر نتقدم لهم بكل تحايا الشكر الماسي على ما حظينا به من ثمار خبراتهم العلية ونرجو أن نكون قد حققنا ما نصبو به إليه من أهداف راقية في ظل هذه الأمسية الثقافية وان نكون قد شيدنا جسرا بناءا في لغة التواصل الثقافي بين مثقفينا العرب في العالم العربي وبلاد المهجر من خلال مظلة صحيفة المرصد الإعلامي الحر ومجلة عالم الغد الفصلية ، وإلى لقاء مستجد متواصل مع قراءنا في أمسيات ثقافية قادمة وارواق جديدة في ظل العولمة : الواقع والتداعيات
ندوة العولمة: الواقع والتداعيات
الورقة الثالثة : العولمة وتغيير المناهج التربوية في العالم العربي
برعاية مجلة عالم الغد الثقافية الصادرة عن المركز الأكاديمي
للدراسات الإعلامية وتواصل الثقافات/ فيناـ النمسا
أعداد الكاتبة : سعاد جبر



#سعاد_جبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية والإصلاح السياسي في العالم العربي
- همسات صحفية 8 : ثقافة الحوار وخرفان بانورج
- ماهية الحياة في الرؤية السيكولوجية للأدب
- ثنائية - موسيقى النص ، تيار الوعي - في النص الأدبي
- سيكولوجية الحرب في مجموعة عطش الماء
- رؤية نقدية للواقع من منظور نيتشه وجاسبرز
- رؤية نقدية لواقع الإعلام العربي في ظل معادلة الإبداع
- رؤية نقدية في المشهد الثقافي السياسي في عالمنا العربي
- فنيات القص في ادب رابلية / اضاءات على روائع الأدب الفرنسي
- المرأة والأبداعية الأدبية
- تماهيات الأدب في لغة السياسة


المزيد.....




- مراهق اعتقلته الشرطة بعد مطاردة خطيرة.. كاميرا من الجو توثق ...
- فيكتوريا بيكهام في الخمسين من عمرها.. لحظات الموضة الأكثر تم ...
- مسؤول أمريكي: فيديو رهينة حماس وصل لبايدن قبل يومين من نشره ...
- السعودية.. محتوى -مسيء للذات الإلهية- يثير تفاعلا والداخلية ...
- جريح في غارة إسرائيلية استهدفت شاحنة في بعلبك شرق لبنان
- الجيش الأمريكي: إسقاط صاروخ مضاد للسفن وأربع مسيرات للحوثيين ...
- الوحدة الشعبية ينعي الرفيق المؤسس المناضل “محمد شكري عبد الر ...
- كاميرات المراقبة ترصد انهيار المباني أثناء زلازل تايوان
- الصين تعرض على مصر إنشاء مدينة ضخمة
- الأهلي المصري يرد على الهجوم عليه بسبب فلسطين


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - سعاد جبر - ندوة العولمة وتغيير المناهج في العالم العربي