أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد المناعي - أي خطاب ديني ممكن في مواجهة التطرف و الارهاب؟















المزيد.....

أي خطاب ديني ممكن في مواجهة التطرف و الارهاب؟


محمد المناعي
باحث

(Manai Mohamed)


الحوار المتمدن-العدد: 4914 - 2015 / 9 / 3 - 22:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



لم تكن البلاد التونسية بمعزل عن موجة الارهاب التي عمت المنطقة العربية خلال السنوات الأخيرة ، كما مثلت الثورة و الانفراج على مستوى الحريات في انتعاش فكر تكفيري ينظر للإرهاب سيطر على المساجد و افتكها من القبضة التي كانت تطبق عليها طوال خمسة عقود ، واذ حاولت بعض تيارات الاسلام السياسي عبثا التنظير للفصل بين الدين و الارهاب و بين خطابها والتطرف الا أن الوقائع بينت التداخل بين مشروع الدولة الدينية التي تروج له هذه التنظيمات وبين الأرضية النظرية للحركات الارهابية .
ولما كشفت" داعش" عن الوجه الحقيقي لمشروع الدولة الدينية نظرية وممارسة وقفزت على بقية المراحل التي تتدرج فيها بقية الحركات، باعلان الخلافة و الدولة التيوقراطية على النمط القروسطي ، أصبحت البوصلة واضحة في اتجاه العدو مباشرة ، الفكر السلفي الجهادي الذي يمارس العنف و الارهاب أولا و الحركات التي تتبنى نفس المشروع وان على مراحل ثانيا و كيفية التصدي لمشاريعها و أي دور للخطاب الديني في ذلك ؟
لا شك أن الارهاب الذي بلغ المرحلة الدموية في المنطقة العربية هو ارهاب ديني له امتداداته الاستخباراتية و أذرعه المالية و سند ودعم من أنظمة و جهات اقليمية و دولية ، وذراع من أذرع المخطط الامبريالي ، غير أن محركه الداخلي يظل عقائديا قائما على فكر واضح المعالم واستقراء للنص الديني من الاحكام والتناسق بمكان الى درجة يسهل معها الاستقطاب و الانتشار في صفوف الفئات الشبابية و الهشة . لذلك أولى خطوات التصدي للارهاب من زاوية الخطاب الديني هو الاقرار أن الخطاب التكفيري هو جزء من المنظومة الدينية و له أسسه لا في الموروث الاسلامي و التراكمات الحضارية والتاريخية و الممارسات فحسب بل في النص الأصلي أو المتن ، والاعتراف بأن تأويل معين للنص الأصلي يمكن أن يفرز فكرا متطرفا ينبذ الاخر و يسعى لاقصاءه ويمهد للارهاب.
الميزة الثانية لهذا الفكر السلفي الجهادي هو الاطلاق و رفض النسبية فهذا الفكر يعتبر تفسير النص الديني وتأويله له نفس قداسة النص الاصلي بل ممارسات الجيل الاول بعد ظهور الاسلام لها نفس قدسية النص الأصلي و تصل به الوثوقية الى اعتبار الفتاوي نصوصا ملزمة رغم كونها لا تعدو أن تكون وجهة نظر لاصحابها ، هذا الاطلاق هو الدافع الاساسي للتكفير فعدم قبول وجود تنوع و اختلاف و نسبية و حرية الاجتهاد و التفسير و التفكير يدفع مباشرة الى اقصاء كل مختلف و تكفيره و بالتالي فتح بوابة العنف.
الفكر الديني المتطرف الممهد للارهاب ،يخلط بين المعتقد كشأن خاص و بين المعتقد كمحدد و متدخل في كل مناحي الحياة بما في ذلك السياسية فيفرض سلطة عليا على المجتمع و المؤسسات و النشاط السياسي و يحول وجهة نظر طرف سياسي أو طائفي او ديني معين الى مرجع اجباري للجميع فيضرب في العمق كل أسس الدولة المدنية القائمة على المواطنة و التنافس بين البرامج حسب نجاعتها لا حسب قداستها ،ويضرب التنوع و الاختلاف كما يضرب قيمة الحرية في جوهرها ، هذا الفكر عبر خاصيته تلك يعتبر النظم الديمقراطية نظما كفرية باعتبارها لا تسعى لتطبيق المشروع الذي يهدف اليه و يعتبر كل أعوانها و مكوناتها طواغيت وكفرة وجب قتالهم و ارساء " شريعة الله على الارض " فيدخل مباشرة في تناقض مع الدولة و المجتمع تنطلق عبر خطاب ديني تكفيري و تصل الى استعمال العنف و السلاح لمحاولة تغيير الواقع بالقوة .
السؤال الذي دائما ما يطرح كلما بدأ النقاش حول التصدي للارهاب ، هو هل الخطاب الديني نفسه يمكن أن يكون طرفا في مواجهة الارهاب ؟
لا شك أن الاشتغال على ماهو خارج المنظومة الدينية هو جوهر التصدي للخطاب التكفيري و الارهابي منذ المدرسة و ما قبل المدرسة وصولا الى السياسة الثقافية و التربوية و التعليمية وذلك يتكريس ثقافة عقلانية علمانية تقطع مع الوثوقية و تنشر الفكر التحليلي و تنسّب الظواهر و الأفكار و تجعل كل الموروث الثقافي و الحضاري بما في ذلك الموروث الديني مجالا للبحث و الدراسة و المراجعة و النقد .
غير أن الواقع و الوعي السائد يفرض على الباحث التفكير في خطاب مناهض للتشدد والارهاب من داخل المنظومة الدينية ذاتها لتحقيق نفس الغرض وهو التصدي للتطرف و نشر الفكر العقلاني ... و أول مراحل التصدي هو مراجعة الخطاب الديني و ضرب مقومات الفكر السلفي بالتركيز على نسبيته و تعدد القراءات و التفاسير عبر التاريخ و اضفاء الطابع البشري النسبي عليها لتخليصها من القدسية الموهومة ، و العمل على الاختراق الفكري لهذه المنظومة بطرح قضايا تكشف فقر هذه المنظومات و عجزها عن تقديم اجابات للواقع المعاش المتحول باستمرار .
العمل الفكري يكون بالنبش المتواصل في التراث و بيان التنوع و الاختلاف و التركيز على النقاط المستنيرة في التاريخ العربي الاسلامي و كشف النقاط السوداء التي ظلت على هامش الطرح و التناول من طرف الدين الرسمي او حتى الباحثين التقليدين خوفا من المساس بالتدين الموروث و المسلمات وحتى الخرافات التي لها مكانة قدسية عند العامة والتي لا علاقة لها لا بالعقل و لا حتى بالدين .
الخطاب الديني البديل يجب أن يكون متصالحا مع القيم العصرية و المنظومة الكونية لحقوق الانسان ينبذ العنف و يجعله حكرا على الدولة و ينشر قيم الحرية و المساواة و العدل و التسامح و ينبذ التعصب المذهبي و العقائدي و العرقي و يؤسس لمواطن لا يعيش تناقضا بين الخطاب المدني الذي يتلقاه في المدرسة و الحياة العامة و الخطاب الديني الذي يبث في المنابر قادرا على النقاش و المحاججة و دحض نظريات التطرف و التكفير ، خطاب يجعل من الدين شأنا خاصا بصاحبه دون غيره في اطار الحرية المطلقة في المعتقد و الضمير ما لم تمس بالتعايش بين المواطنين و يكرس ثقافة الحق و الواجب أو ثقافة المواطنة التي تجمع بين جميع الناس على اختلاف مستويات ايمانهم و فكرهم و عقيديتهم .
الخطاب الديني الذي يمكن أن يكون شريكا في مكافحة الارهاب هو خطاب متناسق وممأسس حيث تشرف الدولة دون غيرها على عملية انتاج ونشر الخطاب الذي يتم تدريسه للناشئة و بثه في المنابر و دور العبادة لكي لا تتحول هذه الفضاءات الى تفريخ الارهابيين متى رفعت الدولة يدها عن الشأن الديني مطلقا و تركته بيد تنظيمات أكثرها قدرة مالية و تأطيرية و تعبوية أكثرها تطرفا و استعدادا لدعم الارهاب . سيطرة الدولة على الشأن الديني ليس من باب احتكار الخطاب بل في اطار مشروع وطني متكامل لمكافحة الارهاب يسطر فيه جميع المتدخلين من أحزاب و جمعيات و منظمات و مؤسسات حكومية و أيمة ووعاض و مرشدين و باحثين و مربين و غيرهم أي خطاب ديني متصالح مع الدولة الديمقراطية المدنية الحداثية المنشودة لبثه في الفضاء العام في المساجد و البرامج التعليمية و القنوات الاعلامية الرسمية و المنتديات و الفضاءات الحوارية ، دون أن يكون ذلك قمعا للتنوع الفكري و المذهبي و العقائدي الذي يبقى مطلق الحرية ما لم ينظر للعنف و يدعو له أو يمارسه أو يساعد عليه .
عادة ما تجنح أنظمتنا في التعاطي مع الشأن الارهابي الى السياسة الامنية مباشرة و رغم أهميتها باعتبار الارهاب في أحد أوجهه عملا عنيفا و مسلحا يتطلب قوة رادعة وواقية ، فان العمود الفقري لمحاربة الارهاب هو تجفيف منابعه الفكرية و النظرية دون ترك فراغ يؤدي الى عكس الهدف المنشود بل تقديم خطاب ديني بديل ومشروع حضاري ثقافي ابداعي متكامل يروج لثقافة تقدمية عقلانية و يحصن الأجيال القادمة من الوقوع بين براثن الارهاب و التطرف الديني .



#محمد_المناعي (هاشتاغ)       Manai_Mohamed#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دورالنقابات في مناهضة الهيمنة الامبريالية


المزيد.....




- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...
- الأوقاف الإسلامية في فلسطين: 219 مستوطنا اقتحموا المسجد الأق ...
- أول أيام -الفصح اليهودي-.. القدس ثكنة عسكرية ومستوطنون يقتحم ...
- رغم تملقها اللوبي اليهودي.. رئيسة جامعة كولومبيا مطالبة بالا ...
- مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى بأول أيام عيد الفصح اليهودي
- مصادر فلسطينية: مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى في أول أيام ع ...
- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد المناعي - أي خطاب ديني ممكن في مواجهة التطرف و الارهاب؟