أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد دامو - الهلال الخصيب في..زمن عقوق ونكران بني الانسان














المزيد.....

الهلال الخصيب في..زمن عقوق ونكران بني الانسان


محمد دامو

الحوار المتمدن-العدد: 4914 - 2015 / 9 / 3 - 19:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من يجرؤ على الادعاء بانه يفهم بالضبط ما يجري بمنطقة الهلال الخصيب ،ومن يملك الجرأة على الادعاء انه يعرف او يتخيل ما ستنتهي اليه عواقب الاحداث الاليمة في بلاد ما بين النهرين ،من المختص القادر على تقديم شرح منطقي للحرب القذرة التي تدور رحاها في بلاد الشام ،ومن العلاَمة الذي يدعي امتلاك المقدرة على تفسير ما يجري في بلدان الهلال الخصيب من اعمال وحشية ،وجرائم ضد الانسانية، هناك في مهد الحضارة الانسانية، بل في الرحم الذي انجب الحضارة ومكَن للعقل من ان يخوض اولى مغامراته الانسانية المثمرة؟..
بعد ان انتهى من رسم خارطته الخاصة ،والتي حدَد عليها مواقع الاثار التي تشير الى المدن القديمة ذات التأثير الحيوي في مسار الانسانية صوب وضع اللبنات الاساسية في صرح معاقلها الحضارية الاولى، قبل خمسة آلاف سنة ،لاحظ عالم الاثار الامريكي جيمس بريستد ان إحاطة هذه المواقع بخط منحن مغلق، ينتج في نهاية الامر قوسا على شكل هلال ،ينطلق احد طرفيه من عربستان في جنوب غرب العراق وينعطف طرفه الثاني عند الدلتا شمال شرق مصر ليمتد على طول مجرى وادي النيل جنوبا حتى صعيدها شمالا ،مرورا ببلاد الرافدين وبلاد الشام ،ويضم بين خاصرتيه تلك المساحات الشاسعة من الاراضي الخصبة المروية بكرم وسخاء الانهار الخمسة التي تشكل الشريان الحيوي لمنطقة الشرقين الادنى والاوسط: دجلة ،الفرات ،العاصي ،الاردن ،ونهر النيل ،..وما مصر إلاَ هبة النيل العظيم.
انها حضارات: سومر،بابل ،اشور العراقية ،ماري ،اوغاريت السورية ، فينيقيا اللبنانية ،كنعان الفلسطينية ،ووادي النيل المصرية التي انتجت فجر الحضارة الانسانية وانارت للعالمين الدروب الوعرة وصولا الى حضارة الانسان في نسختها الحالية. على هذه الارض الولود. في عمق واطراف الهلال الخصيب ،قامت اليوم ملل ونحل معادية للعقل والفكر ،كافرة بالحضارة قديمها وحديثها، تساندها وتشاركها في ايديولوجيتها الحاقدة احزاب طائفية وتنظيمات اجرامية ،تدعو جميعها الى زهق الارواح وسفك الدماء ،وتدمير المدن والقرى ،وتعمل جاهدة على حرق المزارع والغابات ،وقتل كل كائن حي ،دون تمييز وبلا رحمة ،فيما العالم جالس او واقف او نائم او مسترخ بلا حسَ ولا احساس ،يتفرَج على ما يجري من اغتصاب لإنسانية الانسان ،ومن اتلاف لمعاقل حضارته وانتهاك لحرمة الرحم التي انجبتها ،دون ان يبدي اعتراضا او استنكارا او حتى امتعاضا اوتقزَزا ،على ما يجب ان تكون عليه نفس ونفسية بني البشر.
هل هي عبقرية الحضارة الغربية ،وبنات افكار الاروبيين والامريكان، تمخَضت فانجبت استراتيجية جهنَمية من شأنها القضاء على الارهاب والارهابيين ،بان تستدرجهم الى فضاء الهلال الخصيب ،لتبيدهم في رحم ام الحضارات جميعا ،مع ما تبيده من عالم الاحياء ودنيا المثل والقيم السامية ، فيما تبقى هي وحدها ،الحضارة اللقيطة التي سادت وتسود عالم اليوم العديم الخلق والاخلاق ،دون رابط يوصلها بعالم الامس ،ودون بصيرة تريها عالم الغد، ام تراه حقد هؤلاء واولئك على اقوام الهلال خصيب العقل مخصب الفعل ،الذين شقَوا بفكرهم النيَر وجهدهم الجبار ،السبيل الآمن ،امام البشرية في طريقها لبناء صرح حضارتها الحالية.
لقد رعى الانسان في الهلال الخصيب محصول الضرع والزرع ،فكان معينه لينتج عقلا خصيبا خلاَقا وافكارا سامية طليقة ،تمخَضت بدورها فانجبت علوما وآدابا ،ورؤى في الفلسفة واللاهوت والكهنوت ،في علم الهندسة والفلك ،في التعدين والنسيج والتشريح ،في تنظيم شؤون وتسيير البشر ،وفي ادارة المدن والبلدان وشؤون بني الانسان بالقانون وبالتي هي احسن،.. كذلك انطلق فجر الحضارة. من فضل الهلال الخصيب تعلَم الانسان ما لم يعلم ،تعلَم الحرف والكتابة والتدوين ،والسياسة والزراعة والحكم والاحكام والتشريع والعدالة والاعتدال.. ،كل هذا وغيره من الفضائل ،تلقته المجتمعات البشرية بكرم وسخاء من الهلال الخصيب الذي يعاني اليوم من عقوق وإهمال جموع بني الانسان المتمترسة داخل حجرات عقولها الضيقة لا تلوي على شيء ،فيما النيران تأكل الاخضر واليابس داخل حدود الهلال المنكوب بحقد ونكران هذا الزمان، وتمتد السنتها الملتهبة الى جواره القريب والبعيد ،ساعية لان تلتهم كل ما تطاله شرارتها من بشر وضرع وزرع وعمران.
هذا هو واقع الحال، عالم اليوم المصاب بحمى العقوق ،يتنكر لولي نعمته ،الهلال الخصيب ،ويتخلَى عنه بلا رادع من ضمير ولا وازع من الاخلاق ،ويتركه لقمة سائغة تلوكها نيوب الملل والنحل الدينية المنحرفة واطماع الاحزاب الطائفية، والتنظيمات الاجرامية، وكارتيلات تجارة السلاح وزرع الموت والدمار عبر العالم الضعيف والمستضعف.



#محمد_دامو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -دياسبورا- الهلال الخصيب و..متطلبات الشرق الاوسط الجديد
- العربية في..اسفار المأساة اللغوية الجزائرية


المزيد.....




- الطلاب الأمريكيون.. مع فلسطين ضد إسرائيل
- لماذا اتشحت مدينة أثينا اليونانية باللون البرتقالي؟
- مسؤول في وزارة الدفاع الإسرائيلية: الجيش الإسرائيلي ينتظر ال ...
- في أول ضربات من نوعها ضد القوات الروسية أوكرانيا تستخدم صوار ...
- الجامعة العربية تعقد اجتماعًا طارئًا بشأن غزة
- وفد من جامعة روسية يزور الجزائر لتعزيز التعاون بين الجامعات ...
- لحظة قنص ضابط إسرائيلي شمال غزة (فيديو)
- البيت الأبيض: نعول على أن تكفي الموارد المخصصة لمساعدة أوكرا ...
- المرصد الأورومتوسطي يطالب بتحرك دولي عاجل بعد كشفه تفاصيل -م ...
- تأكيد إدانة رئيس وزراء فرنسا الأسبق فرانسو فيون بقضية الوظائ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد دامو - الهلال الخصيب في..زمن عقوق ونكران بني الانسان