أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جورج حداد - العلاقات الروسية الإيرانية سد منيع ضد الامبريالية والصهيونية















المزيد.....


العلاقات الروسية الإيرانية سد منيع ضد الامبريالية والصهيونية


جورج حداد

الحوار المتمدن-العدد: 4909 - 2015 / 8 / 30 - 13:56
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


يقول فريديك انجلز ان "الصدفة" هي نقطة التقاء (او: تقاطع) بين "ضرورتين". وبهذا المعنى لا يوجد "صدفة خالصة"، عديمة المعنى او التفسير، بل يوجد "ضرورة" منظورا اليها من زاوية "ضرورة" او "ضرورات" أخرى.

"الفوضى البناءة" الأميركية في العمل
وقبل نهاية توليها منصب وزيرة الخارجية الاميركية في 2009، اطلقت غونداليزا رايس شعار "الفوضى البناءة" كنهج سياسي تنتهجه الولايات المتحدة في سياستها الخارجية. وقبل ذلك كان الرئيس جورج بوش الابن قد اطلق شعار إعادة رسم خريطة ما سماه "الشرق الأوسط الكبير"، أي بما فيه شمال افريقيا وايران وأفغانستان.
مع هذه "الضرورة" الدبلوماسية ـ الستراتيجية الأميركية، وقعت "الصدف" التالية:
"الصدفة" التي أبكت السنيورة
ـ1ـ شنت إسرائيل حرب تموز 2006 على لبنان، بحجة الرد على قيام حزب الله بأسر جنديين إسرائيليين، وقامت ـ بمباركة أميركية طبعا ـ بعملية تدمير منهجي مدروس ومخطط له سابقا للبنى التحتية والقرى والمدن اللبنانية التي تعتبرها "حاضنة اجتماعية" للمقاومة، الى درجة أبكت حتى رئيس الوزراء اللبناني حينذاك السيد فؤاد السنيورة، الذي كان يتوسل الى اميركا وإسرائيل من اجل ان يخلصاه من حزب الله.
القلاع الروسية حلقت فوق رؤوس الاميركيين في تبيليسي
ـ2ـ حركت اميركا النزاع بين جورجيا وروسيا، اللتين وقفتا على شفير الحرب، بهدف ضم جورجيا الى حلف الناتو. ولكن الموقف الحازم لروسيا منع اندلاع الحريق.
أوكرانيا كانت تسرق الغاز الروسي بمباركة أميركية ـ اوروبية
ـ3ـ تسعير النزاع بين روسيا وأوكرانيا حول عبور الغاز الروسي ترانزيت الى اوروبا عبر الأراضي الأوكرانية، وتشجيع أوكرانيا على سرقة الغاز الروسي، مما اضطر روسيا لقطع الغاز بشكل تحذيري لعدة أيام عن أوروبا. وفي شباط 2014 نجحت المخابرات الأميركية في تنظيم الانقلاب الفاشستي في أوكرانيا، مما أدى الى اندلاع الحرب الاهلية الأوكرانية. ولكن المخطط الأميركي لجر روسيا الى الحرب مع أوكرانيا لم يحقق أهدافه. بل على العكس، استطاعت روسيا استعادة شبه جزيرة القرم بعد اجراء استفتاء دمقراطي شفاف، وتضطلع روسيا اليوم بدور رئيسي في العمل على إيجاد حل سلمي للحرب الاهلية الأوكرانية، وهو ما أصبحت تعترف به الدول الأوروبية وأميركا بالذات. ولكن ذلك لم يمنع الإدارة الأميركية من اجبار حلفائها على تبني سياسة فرض العقوبات على روسيا، في محاولة يائسة لليّ ذراع روسيا في أوكرانيا وفي الشرق الأوسط معا. ولكن هذه السياسة أعطت نتائج معكوسة تماما، اذ دفعت روسيا الى التوقف عن دعم الروبل وتعويمه، والى التوجه المكثف نحو تمتين العلاقات الاقتصادية والعلمية والعسكرية مع "الدول الصديقة" ولا سيما الصين وايران.
تشغيل آلية "الحرب الباردة" من جديد
ـ4ـ عرقلة اتفاقات تخفيض الأسلحة النووية والصاروخية بين روسيا وأميركا، وتسعير "الحرب الباردة" من جديد، وشن حملة إعلامية ومخابراتية وارهابية "إسلامية!" ضد روسيا بشكل لا سابق له حتى في المرحلة "السوفياتية".
الازمة المالية المصطنعة في 2008 لنهب مدخرات النفط العربية من قبل اليهود
ـ5ـ نشوب الازمة المالية في اميركا سنة 2008، التي يجمع الخبراء المحايدون على كونها ازمة مفتعلة سببها المباشر "النفخ" المصطنع لقطاع العقارات الأميركي والمضاربات والتلاعب بالبورصة التي تسيطر عليها الاحتكارات اليهودية. وهدفت الازمة الى "بلع" الودائع المالية الضخمة للدول العربية ـ الإسلامية الموالية لاميركا، والتي بلغت اكثر من 3 تريليونات دولار. ومن ثم رفع سقف الدين الأميركي العام، أي الموافقة على طباعة تريليونات الدولارات الورقية الجديدة، وتخفيض سعر الدولار بشكل دراماتيكي، لتقليص المداخيل الفعلية للدول المنتجة للنفط والغاز كروسيا وايران والسعودية. وتم تعزيز هذا الاتجاه بما سمي "ثورة" استخراج الغاز (والنفط) الصخري في اميركا، وتخفيض السعر الاسمي لبرميل النفط، من اجل زيادة الضغط على روسيا وايران والسعودية وتعزيز الهيمنة العالمية لاميركا من خلال تكريس الهيمنة على سوق الطاقة العالمي.
الحملة اليهودية ـ الصليبية على ايران
ـ6ـ شن حملة عدائية شرسة ضد ايران تحت غطاء شعارات كاذبة مثل "الهلال الشيعي" و"العمل على تشييع المنطقة" و"التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية لدول المنطقة وتهديد امنها"، وخصوصا شعار "سعي ايران لامتلاك القنبلة النووية"، والضغط على ايران بمختلف الاشكال لمنعها من استخدام حقها الطبيعي في تنفيذ برنامجها النووي السلمي.
العقوبات الغربية ضد ايران
ـ7ـ وبلغت الحملة المعادية لايران أشدها في فرض المقاطعة والعقوبات عليها (دبلوماسيا وسياسيا وثقافيا وتجاريا وماليا وتسليحيا) لاجبارها على التخلي عن حقها المشروع في تطبيق برنامجها النووي السلمي، بحجة منعها من امتلاك السلاح النووي وتهديد السلام العالمي. وشملت العقوبات كل دولة تتجرأ على خرق هذه العقوبات، الى درجة ان روسيا ذاتها، في عهد رئاسة الرئيس السابق (رئيس الوزراء الحالي) دميتريي ميدفيدييف تخلفت عن تنفيذ اتفاقية تسليم ايران المنظومة الصاروخية الدفاعية S – 300، التي كانت مدرجة على "جدول الممنوعات الغربية" لإيران، مما عكر نسبيا العلاقات الروسية ـ الإيرانية، واجبر ايران على تقديم دعوى ضد روسيا تطالب فيها عن حق بدفع تعويضات بموجب البند الجزائي للعقد تبلغ حوالى 4 مليارات يورو. والجدير ذكره ان الرئيس بوتين اصدر منذ اشهر مرسوما رئاسيا يقضي بتنفيذ اتفاقية تسليم ايران منظومة صواريخ S – 300، على ان تسحب ايران دعواها امام محكمة العدل الدولية. وواجه هذا المرسوم احتجاجات شديدة من قبل الكتلة الغربية، الا انه سجل نقطة تحول في ليّ ذراع هذه الكتلة وكسر شوكة نظام العقوبات المفروض على ايران، وإعطاء تطور الاحداث في منطقة الشرق الأوسط والعالم وجهة جديدة.
إسرائيل تهدد بالحرب على ايران
ـ8ـ وخلال المرحلة الدقيقة السابقة، كانت إسرائيل ـ وبتحريض كلي من واشنطن والناتو ـ لا تفتأ تقرع طبول الحرب ضد ايران، بحجة انها تعمل لامتلاك القنبلة النووية، مما يشكل تهديدا ليس لإسرائيل فقط بل وللدول "المعتدلة" الصديقة للغرب في المنطقة.
ثورات "الربيع العربي" الاميركية
ـ9ـ وفي الوقت ذاته تمكنت المخابرات الأميركية وإسرائيل والناتو وتركيا "الجديدة" (نصف العثمانية ـ نصف الاتاتوركية) من تحريك، او ركوب موجة، ما سمي ثورات "الربيع العربي" التي اندلعت بعد ان قام الشاب التونسي الكادح الفقير محمد البوعزيزي، رحمه الله، بإحراق نفسه على طريقة الرهبان البوذيين الفيتناميين، احتجاجا على الأوضاع البائسة التي وصلت اليها غالبية الجماهير الشعبية العربية المظلومة على ايدي ارباب "نظام الأنظمة" العربية. وقد تعاونت المخابرات الأميركية والموساد ودول الناتو والاوساط الحاكمة السعودية والخليجية والتركية على تشكيل وتمويل وتسليح "الجيش الإسلامي(!) التكفيري الإرهابي العالمي" وإقحامه في "الثورات" العربية المزعومة والسيطرة عليها وانتزاع "تمثيلها"، لاجل اسقاط الأنظمة العربية التي لم يعد مرغوبا فيها، ليس لاجل إقامة أنظمة "دمقراطية" كما كانت تطبل وتزمر آلة البروباغندا الغربية و"كورس" المعارضات العربية المزعومة الموالية للغرب. بل كانت الأهداف الحقيقية لهذه المؤامرة الكبرى على شعوب الامة العربية ما يلي:
تدمير البلدان العربية هدف بحد ذاته
أولا ـ تمزيق وتفتيت كل بلد وكل دولة وكل شعب عربي، وتدمير البنى التحتية ومؤسسات الخدمات الاجتماعية والمعالم الحضارية العريقة، وتدنيس وتدمير المقدسات والمراكز الدينية، والأسواق والمجمعات السكنية، وتشريد عشرات ملايين السكان الآمنين، وتحويل البلدان العربية والإسلامية المستهدفة الى غابات وحوش الداخل اليها مفقود والخارج منها مولود، والى مناطق منكوبة إنسانيا وعالة على المجتمع الدولي، تحتاج الى المساعدات الإنسانية بالغذاء والماء والدواء والبطانيات والخيم لايواء ملايين اللاجئين، والى دوريات الطائرات وزوارق الانقاذ البحرية التي تجوب سواحل البحر الأبيض المتوسط لإنقاذ مئات الالاف من الناس الذين يعرضون انفسهم للغرق هربا من الجحيم العربي ـ الإسلامي.
مشروع الفتنة السنية ـ الشيعية
ثانيا ـ استدراج الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وجماهير المقاومة الشعبية العراقية ضد نظام الاحتلال الأميركي للعراق في 2003، و"المقاومة الإسلامية" بقيادة حزب الله في لبنان، والحركة الدمقراطية الشعبية في البحرين والكويت والخليج، والحركة الشعبية المعادية للتنظيمات الإرهابية كالقاعدة وامثالها في اليمن، الى فتنة مذهبية واسعة النطاق، سنية ـ شيعية، لحرف وجهة الصراع الرئيسية في المنطقة ضد إسرائيل.
محاولة استدراج روسيا الى "فخ أفغاني" ثان
ثالثا ـ استدراج الفيديرالية الروسية الى "فخ أفغاني" ثان في سوريا، أي جر الجيش الروسي للتدخل العسكري المباشر في سوريا، كما جرى في ثمانينات القرن الماضي في أفغانستان، وإدارة وتمويل وتسليح "الجيش الإسلامي(!) التكفيري العالمي" تحت شعارات "الجهاد المقدس" ضد الجيش الروسي "المسيحي الشرقي الكافر!"، وهي أطروحة تلتقي عندها مصلحة اميركا ودول الناتو واليهودية العالمية وإسرائيل والفاتيكان والماسونية العالمية ودول الخليج النفطية وتركيا، واستخدام الصدام المفترض بين الجيش الروسي والجيش التكفيري "الإسلامي!" في سوريا كمنطلق لتعاون المخابرات والإعلام ورجال الدين والاوساط السياسية والمالية ذات المصلحة، لجميع الدول المعادية لروسيا، للقيام بأعمال إرهابية وحشية وافتعال "مشكلة إسلامية!" مصطنعة داخل الفيديرالية الروسية التي تضم 25 مليون مسلم يتمتعون بكامل حقوق المواطنية الروسية، واستخدام تلك "المشكلة!" للتدخل في الشؤون الداخلية الروسية، وربما اتخاذ قرارات "أممية" و"ناتوية" عسكرية ضدها، الامر الذي يعني ببساطة الانتقال الفوري من مرحلة "الحرب الباردة" الحالية الى مرحلة الحرب النووية الشاملة، لان روسيا لن تسمح بمس امنها القومي مع بقاء سنتيمتر مربع واحد سليم في أي دولة معتدية.
انقلاب سحر "الدولة الإسلامية!" على اصحابه
رابعا ـ إنشاء "دولة إسلامية!" مصطنعة، تدعي تطبيق "الشريعة الإسلامية!"، ووضع مسافة صورية بين هذه الدولة وبين الدول الغربية والعربية وتركيا، التي أوجدتها، وذلك من اجل ادعاء "استقلاليتها!" و"صدق اسلاميتها!"، بالاعمال الوحشية التي ارتكبتها وترتكبها، بهدف، من جهة، تبرير "حق" إسرائيل في الإعلان عن "يهوديتها" وتهويد القدس وطرد العرب من كل الأراضي الفلسطينية، ومن جهة ثانية: تبرير سياسة الغزو والاستعمار ضد الشعوب العربية والإسلامية قاطبة، بحجة ان الإسلام لا يمثل احد مكونات الحضارة العالمية، بل يمثل ردة وحشية على الحرية الفكرية والدينية والثقافة والتمدن والحضارة.
من عرضنا المكثف السابق للاحداث في "الشرق الأوسط الكبير" في السنوات الماضية، نستطيع ان نكتشف ان الدوائر الامبريالية والصهيونية والرجعية العربية والتركية حققت نجاحا كبيرا في تخريب وتدمير المجتمع العربي، الا انها فشلت في تحقيق أهدافها "البناءة" (حسب تعبير غونداليزا رايس) أي التوصل الى إقامة أنظمة حكم وطيدة موالية للغرب، بما في ذلك زعزعة وضرب النظام الثوري الإسلامي الإيراني، وضرب روسيا من الداخل والسيطرة عليها وتطويعها بما يتماشى مع ستراتيجية الهيمنة الأميركية على العالم.
تحذير سبيغنيو بريجينسكي
وفي هذا السياق نجد من الضروري ان نذكـّر بالتحذير الذي سبق ان اطلقه قبل اكثر من سنتين احد دهاقنة الستراتيجية الأميركية، وهو سبيغنيو بريجينسكي، مستشار الامن القومي الأميركي في عهد جيمي كارتر، الذي نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية تصريحا جاء فيه انه يحذر الولايات المتحدة الأميركية من انها دخلت في علاقات صدامية عنيفة وكثيرة مع ايران، وان ذلك يمكن ان يقود الى حرب ذات نتائج "كارثية" حسب تعبيره، وقال "احسب، انه يمكننا ان نتجنب الحرب، باستخدام تدبير "تقسيرية"، كالعقوبات مثلا، لاجل ان نجبر ايران على ان تتخلى عن برنامجها للتسلح النووي". ولكنه لاحظ انه بالرغم من ذلك "فبقدر ما يزيد استخدام الاكراه، فبهذا القدر، اذا لم يفعل الاكراه فعله، ينمو خطر الدخول في حرب. وهذا يحد بشدة من حقل المناورة امامنا".
وعبر بريجينسكي عن القلق الشديد من التصعيد "الخطابي" للتوتر بين الدولتين. وشدد على القول "لقد اتخذ عدد كبير من القرارات الصغيرة، التي تحد من حريتنا في العمل في المستقبل".
واعلن "اذا دخلنا في نزاع مكشوف مع ايران تحت اي شكل كان، فإن النتائج المترتبة علينا ستكون كارثية، كارثية جماهيريا وعلى نطاق عالمي".
اميركا تتراجع وتنسحب الى الشرق الأقصى
وامام الفشل الذريع لسياسة فرض العقوبات على روسيا وايران... وعدم قدرة الدبلوماسية الأميركية على اتقان سياسة اللعب على الحبلين في وقت واحد: دعم الإرهاب و"الدولة الإسلامية!"، وادعاء "مكافحتهما" في الوقت ذاته...
وامام التقدم الاقتصادي والعلمي والعسكري السريع للصين، بالاستناد الى التعاون الواسع مع روسيا... وخشيتها ـ أي اميركا ـ من انضواء حلفائها التقليديين (تايوان، كوريا الجنوبية واليابان) تحت جناح الصين، او انهيارهم التام امامها...
امام هذه التطورات "غير المؤاتية"، وجدت الولايات المتحدة الأميركية نفسها غير قادرة على ان تلقي بوزنها الستراتيجي في الساحتين معا: الشرق الأوسط، والشرق الأقصى. فقررت الانسحاب التدريجي من ساحة الشرق الأوسط الصعبة والمعقدة، والتركيز على ساحة الشرق الأقصى، بحجة مواجهة خطر... كوريا الشمالية(!) على الامن القومي الاميركي، وخطر دكتاتورية كم جونغ اون على... القيم الدمقراطية الغربية او ما يسمى "القيم اليورو ـ اطلسية".
الاتفاق النووي مع ايران
وكانت ابرز علامة لانسحاب اميركا من لعبة "الفوضى البناءة" في "الشرق الأوسط الكبير": الإعلان عن توقيع "الاتفاق النووي" مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية. ويشترط هذا الاتفاق بداية الرفع التدريجي للعقوبات عن ايران، مع التأكد الشكلي التدريجي أيضا من ان الجمهورية الإسلامية الإيرانية لا تنوي انتاج القنبلة النووية.
السياسة الأميركية كلها مبنية على الكذب
يذكر العالم كله كيف وقف يوما وزير الخارجية الأميركي كولن باول امام مجلس الامن ليؤكد ان العراق كان يمتلك أسلحة للدمار الشامل. وشنت الحرب على العراق تحت هذه الحجة. وتم تنقيب الأرض العراقية بالطول والعرض، ولم يجدوا طبعا أسلحة الدمار الشامل التي لم تكن سوى اكذوبة أميركية.
والواقع اليوم انه خلال السنوات الطويلة من الفيلم الأميركي الطويل للمفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني، التي تعاقب فيها اكثر من وزير خارجية إيرانية وأميركية وغربية، فإن خبراء "وكالة الطاقة النووية العالمية" وجميع المخابرات الغربية (بما فيها طبعا الإسرائيلية والتركية) لم يقدموا ولا مرة أي دليل ملموس على ان ايران تعمل فعلا لانتاج القنبلة النووية. أي ان فحوى تلك المفاوضات لم تكن اكثر من "محاكمة نوايا افتراضية" لدى ايران. وباسم تلك "المحاكمة نوايا افتراضية" كان يجري التحضير للحرب الإسرائيلية (بتحريض أميركي وتواطؤ عربي ـ تركي) على ايران، ونشر الدرع الصاروخية الأميركية ضد ايران، وفرض المقاطعة والعقوبات الاقتصادية على ايران، ومحاولة منع ايران من امتلاك برنامجها النووي السلمي، وهو حق مشروع لجميع دول العالم.
ومع اضطرار اميركا أخيرا الى الموافقة على "الاتفاق النووي الإيراني" انبرى جميع أمعات السياسة الأميركية الإقليميين لمطالبة اميركا ليس بحمايتهم من القنبلة النووية الإيرانية التي كانوا يعرفون تماما انه لم يكن لها وجود أصلا، بل لمطالبتها بعدم الانسحاب من المنطقة الى الشرق الأقصى، وتركهم لمصيرهم المجهول.
ان الهدف الحقيقي للضغوط والمقاطعة والعقوبات والحرب النفسية والإعلامية التي مورست ضد ايران، تحت غطاء المفاوضات لمنعها من امتلاك السلاح النووي، كالهدف من الضغوط والعقوبات ضد روسيا، كان يتمثل في إضعاف هذين البلدين الشرقيين العظيمين الصامدين، وإرعابهما وتشجيع ما يسمى المعارضة "الدمقراطية" الموالية للغرب في كل منهما للاستيلاء على السلطة بالتعاون مع جميع اشكال الزمر والعصابات والحثالات الاجتماعية.
ولكن هذا المخطط فشل فشلا ذريعا، بل انقلب السحر على الساحر، واتخذ الفشل شكليا صيغة "الاتفاق النووي" مع ايران، للشروع في إزالة العقوبات عنها.
الدور المميز لمحمد جواد ظريف
وبدون أي انتقاص من دور المفاوضين الإيرانيين السابقين، الذين كانوا يتعرضون لاشرس الضغوط والحرب النفسية، ولكنهم لم يتزحزحوا قيد شعرة عن الدفاع عن مصالح بلدهم وشعبهم وشعوب المنطقة، لا بد من التنويه بشكل خاص بالدور المميز الذي اضطلع به الدبلوماسي الإيراني الكبير محمد جواد ظريف، المتشبع بمبادئ الثورة الإسلامية الإيرانية والمؤمن بعدالة قضية شعبه، الذي ادار المفاوضات مع الممثلين الغربيين ليس من موقع "تقني" و"دفاعي" بل من موقع سياسي "هجومي" موضوعيا، عارف بأصول واهداف اللعبة الدبلوماسية التي تدار، وكان ينطلق في مفاوضاته من قاعدة "نحن نعرف انكم تعرفون اننا نعرف انكم تكذبون".
وبالرغم من جميع التخرصات المعادية لإيران، فقد اعتبر وزير الخارجية محمد جواد ظريف ان توقيع الاتفاق النووي الإيراني ليس انتصارا شخصيا له بل انتصار للشعب الإيراني والثورة الإسلامية الإيرانية و"المقاومة الإسلامية" بقيادة حزب الله، وخط المقاومة العالمية لسياسة الهيمنة العالمية للامبريالية الأميركية والصهيونية.
السعودية أصبحت تميل لكسر جدار الجليد مع روسيا وايران
واثر توقيع الاتفاق قام الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي، برفقة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ووفد كبير مرافق، بزيارة الى روسيا، في منتصف شهر حزيران الفائت، لحضور المنتدى الاقتصادي العالمي الذي تديره روسيا في بتروغراد، واجرى الوفد برئاسة الأمير محمد بن سلمان لقاء خاصا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للبحث في اذابة الجليد وتطوير العلاقات الروسية ـ السعودية، ووجه الأمير دعوة باسم الملك سلمان بن عبدالعزيز الى الرئيس فلاديمير بوتين لزيارة السعودية لهذا الغرض، فقبل الرئيس الروسي الدعوة، ومن جهته جدد دعوته للملك السعودي لزيارة روسيا، وأعلن الأمير محمد بن سلمان ان الملك سلمان بن عبدالعزيز قبل الدعوة وسيقوم بزيارة روسيا في وقت قريب. واعتبر المراقبون ان زيارة الأمير السعودي والوفد المرافق له الى روسيا تمثل خطوة على طريق كسر أحادية العلاقات السعودية مع اميركا، ونحو إقامة علاقات اكثر توازنا مع روسيا، مما سيساهم في تغيير وجهة الاحداث في الشرق الأوسط وفي سوق الطاقة العالمي.
نحو شراكة روسية ـ إيرانية كاملة
وفي 17 اب الجاري قام وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بزيارة الى موسكو، واجرى محادثات موسعة ومعمقة مع وزير الخارجية الروسي سيرغيي لافروف. ووصف المراقبون هذه الزيارة بأنها غير اعتيادية. وهي لم تكن مخصصة لبحث قضية معينة، بل لوضع الاطار العام للعلاقات الروسية ـ الإيرانية المستقبلية في جميع المجالات: السياسة الدولية، توحيد الموقف وتوزيع الأدوار في مختلف القضايا ولا سيما قضايا الشرق الأوسط، الشؤون العلمية والثقافية والإعلامية والمؤسسات الدينية والشؤون الاقتصادية والتكنولوجية ـ العسكرية، وعلم وصناعة الصواريخ، والعلوم الفضائية، وشؤون الطاقة (النفط والغاز والطاقة النووية)، توصلا الى تحقيق مبدأ التعاون التام والشراكة الكاملة بين روسيا وايران في جميع المجالات. وقد تعهدت روسيا بأن تبني لإيران ثمانية مفاعلات نووية في المستقبل القريب. وقال محمد جواد ظريف ان روسيا هي شريك كامل لإيران في القطاع النووي. ويرجح بعض المراقبين ان تقوم روسيا بتأجير ايران مراكز علمية جاهزة ومستودعات تخصصية واراض كافية، خاصة بالتجارب والمواد النووية، بما في ذلك صناعة القنبلة النووية الإيرانية، اذا اقتضت الظروف ذلك، لانه اذا تعرضت ايران لاي استفزاز كبير او أي خطر وجودي، من قبل الكتلة الامبريالية الأميركية والصهيونية العالمية وشركائها العربانيين والطورانيين، فإن روسيا لن تكون "طرفا ثالثا" له حساباته الخاصة، بل ستكون حقا وصدقا شريكا كاملا لإيران في كل ما تتعرض له.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل




روسيا وايران: الشراكة الشرقية العظيمة



البيت الأبيض يراجع حساباته


التطورات الدولية ستنعكس على مجلس الامن


كيري يبحث عن تصنيف جديد لإيران



بعد بوشهر: 8 مفاعلات نووية روسية لإيران



روسيا (وايران) ستكسران جدار الجليد مع السعودية


روسيا وايران: مصير الرئيس الأسد يقرره الشعب السوري وليس دواعش نتنياهو




#جورج_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العقيدة الجديدة للبحرية الحربية الروسية: المحاصرة الكاملة لا ...
- أزمة أوكرانيا ستنتهي بزوالها كدولة
- اميركا تقع في الفخ الذي نصبته لروسيا
- اليونان المتمردة تغيّر ميزان الجيوستراتيجيا العالمية
- بعد اغتيال نيمتسوف روسيا تتجه نحو تغيير كل الخريطة المحيطة ب ...
- اليونان تنتفض ضد التبعية الغربية
- الستراتيجية الروسية وأسلحة الليزر
- بداية ثورة في صناعة الأسلحة الروسية
- العقيدة العسكرية الجديدة لروسيا
- القيادة الروسية تتعلم اللغة اليونانية
- مشروع -كوسوفو- او -أوكرانيا- جديدة في البلقان
- السعودية تقع في -الفخ اليمني- وروسيا تؤيد الوجود الصيني في ا ...
- روسيا تقتحم -الحوش الخلفي- لاميركا
- سياسة -معاداة روسيا- ستنقلب وبالا على الكتلة الغربية وحلفائه ...
- الحكومة الثورية اليونانية تنتقل من الدفاع الى الهجوم
- الجيش الروسي يتحول بسرعة الى قوة عالمية لا تقهر
- الحكومة الراديكالية اليسارية الارتودكسية تقلب صورة: اليونان ...
- جورجيا لن تبقى خنجرا في خاصرة روسيا
- اليونان: بداية تحول راديكالي في المشهد الجيوستراتيجي العالمي
- رب ضارة نافعة!


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب بنيويورك
- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جورج حداد - العلاقات الروسية الإيرانية سد منيع ضد الامبريالية والصهيونية