أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصعب وليد - مُجتمعٌ ضيق في مكانٍ عام!














المزيد.....

مُجتمعٌ ضيق في مكانٍ عام!


مصعب وليد

الحوار المتمدن-العدد: 4909 - 2015 / 8 / 29 - 21:43
المحور: الادب والفن
    


لا وقت محدد يشير الى تفاصيل هذا الحدث، حتى الضجيج أصبح عدماً في لحظة الهدوء... بدايةً كان الأمر مجرد نظرات متقطعة، لم تصل الى درجة التحديق؛ دخلت سيدة في منتصف العشرينيات بجمالٍ ظاهرٍ، يُظهر بالضرورة سر بشرة وجهها الذي يبدو لي جمالاً مكسيكياً لكثرة ملاحظتي فتيات يشبهنها في أفلام أمريكية، تُكثر من إستعارة الجمال المكسيكي فيها، ويكون نجوم الشر فيها مكسيكيون عادةً. دَخَلَتْ من على هامش المقهى تحدق النَّظر في وجه النادل الذي إستقبلها بكلمةٍ صباحية المغزى: "صباحُكِ سُكَّر!" لا أعلم إن كانت قوانين العمل تفضي بعدم إبداء الغزل الباطن والظاهر لزوار المقهى، لكنه قالها وإبتسم وأضاف: "أهلاً وسهلاً بِكِ!" دخلت وإستمرت بالهرولة البطيئة الى آخر المقهى، وأنا أنظر، وجلست ثم أزاحت الشال عن كتفها لتُظهر مفاتن النمش المُبعثر بسر الخالق على كتفيها وأمعنت النظر في زوايا المقهى... أمعنتُ النظر في مفاتنها، والنادل أمعن مراقباً حركاتها داخل المقهى...
أبعدت الشعر عن عينيها لتتضح الرؤية، حيثُ كانت زواية النظر من منظورها تتركز على جانبين؛ اليسار واليمين والمركز من جهتي، والأمام من جهتها إضافةً الى اليسار واليمين، أما النادل فيرقب من منظورٍ يُشكل حيزاً يُسيطر فيه على الأمام، وبذلك يُسكن عينيه على محور طاولتي، التي تُشكل مركز الدائرة في المقهى؛ واليمين، أي مدخل المقهى، الذي دخلت منه السيدة، واليسار، أي نقطة المحور الذي تُشكله السيدة. أما أنا، فمنظوري يُسيطر على أربعة محاور، إذا ما أخذت في الحسبان مركزي؛ الأمام، ما يحوز على نقطة السكون التي إستقرت بها السيدة، والخلف، ما يُشكل مدخل المقهى ببابه الذي أخفاه غُروب الشمس، واليسار، الذي أعطى للنادل مكانةً في المقهى، واليمين، الذي إختلف عُلماء الدين على تفسيره، ويحوز نافذةً شبه مُغلقةً. مالكةُ المقهى تجلسُ على شرفة المنزل ترقبُ تحركات الزبائن في المقهى، وأُحْتَسَبُ من بينهم، وتقربُ بالضرورة أيضاً موظفي المقهى.
تطلبُ السيدة، ذات الجمال المكسيكي، قدحاً من النبيذ، وأنا أسترقُ السمع. وفي الإنتظار تُخرج من حقيبة اليد خاصتها علبة سجائر "جلواز أصفر" وتُشعلها كي تُشتت الإنتظار الذي أضاف صفة المُطلق على الموجود. أنا أُراقب، ليس لشيء، ولكن حُباً للمعرفة؛ فمن راقب الناس لم يمُت هماً، بل مات مُراقباً للجمال كلهُ، هذا ما أؤمن به، لكنه ليس الإيمان ذاته الذي تؤمن به مالكة المقهى، التي تجلس مُراقبة أخطاء موظفي المقهى والعقاب الذي ينتظرهم كمقابل، وليس الإيمان الذي يتطلبه موظف المَقهى، الذي جُلُّ إهتمامه الطلب الذي ستطلبه السيدة في آخر المقهى وكمية الإكرامية التي ستتركها في آخر الموعد، أو موظف الأمن العام للبلد الذي دَخل المقهى مُراقباً طولَ ذقني أو صنف النبيذ الذي سأطلبه أو رسالةً أرسلتها لي أمي من المنفى مع إبن خالتي التي لم تصل البلاد لتعذر فوز الجيوش المُعَرَّبة بالتحرير. الأمرُ مختلفٌ تماماً؛ حتى السيدة التي جلست في عدم نهاية المقهى، جلست كي ترى تحركات الناس، ربما لأن الشخص الذي تنتظره دارساً لعلم الإجتماع أو الفلسفة؛ ربما حدثها عن المراقبة والمكافئة او العقاب في آن، ليس هذا كله، ربما هي التجربة، ليس إلا!
لا يُشير الوقت، بالضرورة، الى شيءٍ واضح؛ السيدة تتنقل في أول ربع ساعةٍ قبل بدء الموعد في طاولاتٍ متعددة كي تَشْعُرَ بالراحة، لعلها تُحاول أن تُبهر صاحب الموعد بقدرتها على إنتقاء الأماكن العامة في المجتمعات الضيقة، من الممكن أنها تُحاول أن تكون مركز الملاحظة أو ألّا تكون ذلك، أي العكس! أما أنا الذي أُشكل المحور؛ أحاول أن اكون المجتمع الضيق في الأماكن العامة.



#مصعب_وليد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شواغر ولا وظائف!
- الرجل الفقير الى الحكومة!
- نبض الضفة... يهدأ أو يعلنها ثورة!
- -الأسد أو لا أحد!-
- الليبرالية والعنف المُمَأسس في مسلسل (إختلال ضال - Breaking ...
- الرفيق المؤمن الكادح
- فوضى
- مَكْنونات مُمِلة!
- القاعدة و-داعش- صنيعة أمريكية بامتياز
- غداً يومٌ ..قد يكونُ أفضل!
- فيروز مادة إجبارية!
- -ليش مكشِّر؟!-
- حالي بعد سؤالها!
- قُبيل السفر؛ إشْتَهَيْتُكِ أكثر!
- لَوْ
- إنتفاضة على الأطلال!
- هل فَقَدَ الفلسطينيون الأمل؟!


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصعب وليد - مُجتمعٌ ضيق في مكانٍ عام!