أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - طاووس حزين














المزيد.....

طاووس حزين


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4907 - 2015 / 8 / 25 - 23:00
المحور: الادب والفن
    


يجب أن تعلمَ هذه السيدةُ أنني لستُ لُعبةً بين يديها. تتركني في ظلامِ بيتها متى شاءتْ، وتصطحبني معها في نزهاتها وجولاتها وأسفارها وطيرانها، وقت تحبّ!
تتباهى بي أمام رفيقاتها حينًا، فتتغزّل في نفاسة معدني، وقوّة بنياني، وبريق عيني الصافيتين، وعُلّو قامتي بين أترابي وعراقتي، وحسبي ونسبي الضارب في عمق التاريخ، وتنسى وجودي تمامًا بين ما تنسى من متاعها في أدراج مكتبها أو في صناديق مجوهراتها، أحايين كثيرة!
إن أرادت أن توغرَ صدورَ النساء بالغيرة من جمالها في حفلٍ ساهر، كنتُ أنا حاضرًا في رفقتها، تستلبُ من طاووسيتي لتضخّ في طاووسية فستانها الڤ-;-يكتوري الأنيق، وإن خرجتْ للتريّض بملابس الصباح الكاچوال، أو لامتطاء صهوة فرسِها في المروج ببدلة الچوكي، كنتُ أنا المنسيَّ المغدورَ المتروك في عتمة الدار وحيدًا!
وأنا، بين هذا وذاك، عاشقٌ متيّمٌ صَبٌّ وَلِعٌ مفتونٌ بحُسنِها، متعلّقٌ قلبي بأهداب عيونها، يُغمض خافقي ويكُفُّ خفقُه إن انسدلت رموشُها لكيلا تزعجها خفقاتُه، ويصحو وينتفض في صدري إن أشرقتْ مُقلتاها النجلاوان وصحَتْ، أما عمودي الفِقري، فممشوقٌ فوق نحرها المرمري أو مصلوبٌ على نهديها العاجيين. أنا المسحورُ المنجذب، المجذوبُ بجنوني بها. لا حول لي ولا قوة إذا ما تعلّق الأمر بسحرها ودلالها. مأسورٌ أنا في قَيدِها الصعب.
تنحلُّ أوصالي وأكادُ أسقط من عليائي على الأرض مهشمًا ألفَ قطعةً من الزجاج الهشّ المهزوم، حين تقررُ الجميلةُ فتح تابوتي المظلم لتمسَّني بأُنملها النحيل الجميل مسًّا طفيفًا، ويكاد قلبي ينخلعُ من أضلعي، حين تخربش صدري اللامع بأظفرها المطلي بالورديّ، ثم أستسلم للخَدَر الشهيّ وأنا أنتظرُ شفتيها تهمسان بما أنتظره في محبسي منذ دهور: "هيا يا طاووسي الجميل، سنخرج الآن، وسآخذك معي لتغار مني النساءُ ويُقررن أنني الأبهى!”
وحين نعود إلى البيتِ، مع نسمات الهزيع الرابع، أظل طوال الطريق أُمنّي النفسَ بسهرة طيبة معها، وحدنا، أمام التليفزيون، أو في مغطسها، أو بجلسة رائقة تجمعنا على مائدة العشاء، أو حتى تتركني أرقد جوارها صامتًا على الوسادة أتفرّسُ في حُسنِها وهي تطالع كتابها قبل أن يُدركها النُعاس، فتنامُ كملاك طهور لا يعرف الظلم. لكنها، ودائمًا، بمجرد دخولنا البيت، تُعيدني إلى تابوتي المِخملي الأنيق، وتتركني وحيدًا في حسرتي، كأنني عدمٌ منسيّ!
أكره جبروتَها حين تتجاهلني وتنساني، بقدر ما أعشق شغفها بي حين تحتاج إلى بريق ألماسي وأناقتي. كثيرًا ما تمنيتُ أن أكون "جالاتيا"، التمثال الساحر الذي نحته النحّاتُ "بجماليون" على شكل امرأة فائقة الحسن، حتى وقع في غرامها وهام بها عشقًا، فصلّى للربّة "أفروديت" لكي تبعث في تمثاله الروح. واستجابت الإلهة. وصار التمثالُ امرأة حيّة، تزوجها بجماليون، حتى سئم تكبّرها، فعاود الصلاة للربّة لتنزع عنها الروح. ولما عادت تمثالا، حطّمها.
لو استجابت الآلهةُ لصلواتي وضخّت الروحَ في ذهبي ولؤلؤي وماساتي حتى أصيرَ رجلا وسيمًا يخطف قلوب الغيد الحِسان، لربما أحبّتني السيدةُ الظالمةُ الحُسنِ حبَّ المرأة للرجل، لا حبّ الأنيقة لجواهرها وعطورها ودبوّسها الألماسيّ الذي لا تعرف أن له قلبًا خفق بعشقها منذ شاهدها طفلةً صغيرة تلهو في حديقة المنزل، وهو معلّقٌ من عنقه في صدرِ جدتها. كان يعرف جيدًّا، أن تلك الطفلة سوف تكبر يومًا بعد يوم، وأن مصيره إلى صندوق جواهرها حين تموت الجدةُ، ثم تموت الأمُّ، لترثه الصبيّةُ ضمن ما ترثُ من كنوز العائلة، حسب تقاليد الأسر العريقة. كان يعلم أن مآله لها، مثلما كان مآله لجدتها بعدما كان من ممتلكات جدة جدتها في القرن الثامن عشر. أيتها الغيداءُ الظالمةُ ذات القلب الصخريّ، متى تحبين قلبًا من الألماس في صدر طاووس حزين؟!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هندوسٌ في الإمارات وأقباطٌ في مصر
- مَن يذكر -فرج فودة-؟
- قلب ابتهال سالم... عصفورة الجنة
- رسالة إلى نقابة المحامين.. نقابة العظماء
- الفارس -بدر عبد العاطي-
- جمال الغيطاني، ستعيشُ ألفَ عام
- سجّلْ يا زمان
- رئيس الغلابة
- قالت المحروسة
- قبطانةٌ على صفحة مياه القناة
- ماذا قال لي يختُ المحروسة؟
- هل تغفرين لنا يا مصرُ؟
- على متن يخت المحروسة
- هالةُ الأموات … تُجرّم نقدَ ما فات
- صخرتان من أرض القناة
- بلحةُ المحب... قضية
- نفرتيتي.... جميلةٌ أتلفها الهوى
- على شرف علي الحجار
- يقول الدواعش... يقول المصريون
- هديتي للرئيس


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - طاووس حزين