أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محفوظ أبو كيلة - الأب أثناسيوس: شخصية من مصر















المزيد.....

الأب أثناسيوس: شخصية من مصر


محفوظ أبو كيلة

الحوار المتمدن-العدد: 4907 - 2015 / 8 / 25 - 11:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أثناسيوس الأول السكندرى الرسولى البابا العشرون (298- 2 مايو 373). ولد في صعيد مصر من عائلة تدين بالديانات القديمة، نزحت إلى الإسكندرية بعد وفاة والده ليتتلمذ على البابا الكسندروس (19) الذى أحبه وقبله تلميذًا وسكرتيرًا خاصًا له. ركز أثناسيوس على الدراسة العلمية والفلسفية والأدبية والقانونية، وأعطى اهتماما للدارسات الإنجيلية اللاهوتية. ومما ألهب قلبه أن معلميه الذين يقرأ لهم أستشهد بعضهم في شبابه، وربما عاين بنفسه شهادتهم من أجل تمسكهم بالإيمان ، فكانت كلماتهم مدعّمة في نفسه بالجهاد حتى الموت. وأخذ أثناسيوس ينمو في الحكمة وتتلمذ على أيدي معلمي الإسكندرية العظام بجامعتها ومكتبتها، وتعلم منهم القواعد النحوية والمنطق والخطابة والبلاغة والفلسفة اليونانية والقانون الروماني. وغاص في بحار الأسفار الإلهية فذهب إلى الصحراء حيث قضى ثلاث سنوات مع الأنبا انطونيوس وفى هذه الفترة كتب كتابيه "ضد الوثنيين، تجسد الكلمة" اللذين وضعهما قبل عام 319، الأول دعوة إلى الإيمان، والثاني عرض فيه فكرًا لاهوتيًا بأسلوب علمي. وفى ذلك الحين ظهرت بدعة آريوس "أسقفا أعتبرته الكنيسة من منكرى لاهوت السيد المسيح، وتجمع حوله أتباع وتلاميذ نسبوا اليه"، فتجمع ثلاثمائة وثمانية عشر أسقفًا في نيقية " بلدة تقع فى جنوب تركيا الحالية" عام 325، ليضعوا أسس للإيمان الأرثوذكسي. فاصطحبه البابا ألكسندروس معه إلى المجمع وهو مازال شماسا، وتحدث أثناسيوس في المجمع ودحض بدعة آريوس فاضحا أخطائه اللاهوتيه فاحما أياه واضعا قانون الإيمان بموافقة المجمع وسمى منذ ذاك ببطل كنيسة المسيح.
وكان البابا الكسندروس قد أوصي بانتخاب أثناسيوس - الذي ظهر نبوغه في فضح أريوس في المجمع المسكوني - بابا لأسقفية لأسكندرية. ولكن أثناسيوس بعد وفاة البابا اختفي في الجبال -لاعتقاده بعدم أهليته لهذا المركز الخطير- فسعي الشعب وراءه إلى أن عثر عليه وأحضروه إلى الأساقفة فرسموه بابا للأسكندرية في 8 بشنس سنة 44 ش.، 5 مايو 328 م، في عهد قسطنطين قيصر وكان عمره نحو30 سنة، ووضع عليه الأيدي لأول مرة خمسون أسقفًا. وقد بقى عدة سنوات في جو من الهدوء، فيها عين الأنبا سلامة أسقفًا على أكسوم بأثيوبيا ، وكان ذلك بداية تأسيس كنيسة أثيوبيا، حوالي سنة 330، وإن كان بعض الدارسين يرى أنها تحققت حوالي عام 357. و قام بزيارة رعوية لصعيد مصر. وبقى بعد ذلك حوالي أربعين عامًا لا يعرف طعم الراحة، لاقى خلالها اضطهادات كثيرة وتم نفيه عن كرسيه خمس مرات،
النفى الأول: عندما وقف بقوة أمام أريوس والأريوسيين، مع الميليتيين "أتباع ميليتس أسقف أسيوط الذى كان على خلاف مع أثناسيوس"، وقد كانوا على اتصال بيوسابيوس أسقف نيقوميديا العاصمة الشرقية للإمبراطورية الرومانية. يدبرون الخطط لتحطيم البابا أثناسيوس ، وفى مجمع صور أدعوا أن البابا هدد بمنع إرسال القمح من الإسكندرية إلى القسطنطينية، فهاج الملك ونفاه إلى تريف وكان ذلك في فبراير 336، وفي جرأة قال البابا للإمبراطور: " الرب يحكم بيني وبينك"....عُقد بعد ذلك مجمع في أورشليم أصدر فيه الأريوسيين قرارًا بعودة أريوس إلى الإسكندرية في غياب البابا المنفي، فعاد أريوس تحت حراسة مشددة لكن ثورة الشعب ضده ألزمت الوالي أن يطالب بسحبه ورده إلى القسطنطينية، فاستدعاه الإمبراطور. بعد حوالي عام إذ كان قسطنطين على فراش الموت أوصى بعودة البابا أثناسيوس إلى كرسيه، وبالفعل عاد ليجد الإسكندرية كلها تترقبه على الشاطئ كملاك انحدر إليهم من السماء!
النفي الثاني: لم يسكت الأريوسين ، فعقدوا مجمعًا حرموا فيه أثناسيوس وعينوا بدله غريغوريوس. فأرتاع الشعب السكندري وقرر المقاومة إلا أن الأريوسين هاجموا الكنائس يوم جمعة الصلب. فاستغاث البابا وهو فى المنفى بكل الكنائس في العالم فأنعقد مجمع في سرديكا وقرروا حرم الأساقفة الأريوسين، و عزْل غريغوريوس. ووافق قسطاس إمبراطورالغرب علي ما قرره المجمع وهدد شقيقه امبراطور الشرق بالحرب أن لم يرجع أثناسيوس، إلا أن السكندريين في هذه الأثناء قاموا بقتل غريغوريوس فى موجة اضطرابات عنيفة سنة 349 . فعاد البابا إلى كرسيه مرة ثانية واستقبله الشعب كما قال غريغوريوس الثيئولوغي واضع القداس: "كان ازدحامها أشبه بالنيل عند فيضانه" وأشار إلى سعوف النخل والابسطة وكثرة الأيدي المصفقة.
النفى الثالث: أنتهز الأريوسيين قيام حرب أهلية بعد موت الإمبراطورقسطنطين، فى عهد الإمبراطور قسطنطيوس إمبراطورًا الشرق والغرب، شغلت الإمبراطورية أكثر من ثلاث سنوات، فزينوا خلالها للإمبراطور عزل البابا، خاصة وأنه كان يكن له كراهية بغيضة في داخله. فألزم أساقفة الشرق والغرب بعقد مجمعين في آرل بفرنسا وميلان بايطاليا لعزل البابا ونفيه، وقد احتمل كثير من الأساقفة النفي لرفضهم عزل اثناسيوس ، أما ليبريوس أسقف روما فقد ثابر إلى حين وأخيرًا وقّع على وثيقة الأريوسيين. هاجم الجند كنيسة أيوناس بينما كان البابا يصلي مع الكهنة والشعب، لكن الكهنة والرهبان تمكنوا من تهريبه. وبقى أثناسيوس هاربًا ست سنوات يطلب الإمبراطور رأسه دون جدوى! نصب الإمبراطور جورج الكبادوكي أسقفًا فتسلم الكنائس عنوة ، لكنه لم يستطع البقاء في الإسكندرية، فهرب. ظل أثناسيوس في منفاه الاختياري يتنقل من دير إلى دير ومن موضع إلى أخر، يرعى أولاده خلال كتاباته العميقة، فكان خصبًا في إنتاجه الروحي ، وأرسل خطابات إلى أساقفة مصر وليبيا ولوسيفر أسقف كالاريس (كاجلياري بجزيرة سردينيا غرب إيطاليا) وإلى الرهبان المصريين، وأربع مقالات ضد الأريوسيين، وخمس رسائل عقائدية لسيرابيون أسقف تمى، وخطابات عن الروح القدس، وكتاب المجامع. بموت الإمبراطور قسطانطيوس وتولي يوليانوس الحكم ظهر البابا أثناسيوس عام 362 ومعه لوسيفر أسقف كلاديوس وأوسابيوس أسقف فرشيلي اللذان كانا منفيين بالصعيد. وعقد البابا مجمعًا بالإسكندرية عام 362 دعي "مجمع القديسين والمعترفين"،
النفى الرابع : لم يحتمل الأمبراطور يوليانوس البابا أثناسيوس فبعث لوالي الإسكندرية يقول أنه أمر بعودة المنفيين إلى بلادهم لا إلى كراسيهم، آمراً إياه بطرد أثناسيوس خارج مصر، فاضطر البابا إلى الاختفاء في مقبرة أبيه 6 شهور. وإذ شدد الإمبراطور على الوالي اضطر البابا إلى ترك الإسكندرية متجهًا إلى الصعيد وصار يتنقل بين الأديرة في الصعيد. قُتل الامبراطور يوليانوس وتولى جوفيان الحكم، فأرسل خطابًا ودّيًا للبابا يدعوه للعودة، كما أمر بعودة كل المنفيين. رجع البابا إلى الإسكندرية حيث عقد مجمعًا كتب فيه خطابًا يحوي قانون الإيمان النيقوي، ثم انطلق لمقابلة الإمبراطور الذي قابله بالترحاب ليعود إلى الإسكندرية في فبراير 364، حاملاً معه خطابات الإمبراطور. مات جوفنيان في فبراير 364 وتولى فالنتينان الحكم في نفس الشهر فاستلم الغرب وسلّم أخاه فالنس المتأثر بالأريوسية الشرق.
النفى الخامس: بعث الامبراطورفالنس منشورًا بعودة جميع الأساقفة الأريوسببن الذين سبق نفيهم إلى أماكنهم، اضطر البابا أن يغادر الإسكندرية إلى بيت ريفي. وتحت ضغط الشعب رجع أثناسيوس إلى كرسيه بعد حوالي تسعة شهور (مايو 365 - فبراير366) فامتلأت الإسكندرية فرحًا.
عاد البابا من نفيه الخامس وقد بلغ حوالي السبعين من عمره ليمارس رعايته لشعبه بروح متقدة. ففي عام 369 عقد مجمعًا بالإسكندرية من 90 أسقفًا للاهتمام بالفكر الإيماني المستقيم، وبقى عاملاً حتى بلغ الخامسة والسبعين من عمره، توفى بسلام بعد أن قضى على الكرسي المرقسي خمسًا وأربعين سنة ليسلم للأجيال وديعة ما أقتنع انه الإيمان المستقيم. تم الاعتراف به كقديس من الكنيسة الكاثوليكية مؤخرا بعد اعتراف جميع الكنائس الأرثوذكسية الشرقية ، كما يعتبر عالم عظيم من قبل البروتستانت. أعلنته الكنيسة الكاثوليكية في روما أحد علماء الكنيسة الـ 33، ويعتبر أحد الآباء الأربعة الأعظم لدى الكنائس الشرقية ، وهو أب الكنيسة القبطية الأرثوذكسية ومعلمها الإيماني الأول.



#محفوظ_أبو_كيلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بديع خير: شخصية من مصر
- دكتور ثروت عكاشة: شخصية من مصر
- مينا دانيال: شخصية من مصر
- محمود باشا الفلكى: شخصية من مصر
- شهدى عطية الشافعى: شخصية من مصر
- السيد درويش: شخصية من مصر
- القديسة فيرينا
- درية عونى: شخصية من مصر
- تقى الدين المقريزى: شخصية من مصر
- مجدى عبد الملاك: شخصية من مصر
- شخصية منمصر: دكتور فرج فودة
- دكتور فرج فودة: شخصية من مصر
- هيباتيا: شخصية من مصر
- -;-كيف تشكلت دولة الجزائر
- كيف تشكلت دولة تونس
- كيف تشكلت دولة ليبيا
- كيف تشكلت دولة السودان
- كيف تشكلت دولة لبنان
- كيف تشكلت دولة سوريا
- كيف تشكلت دولة العراق


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محفوظ أبو كيلة - الأب أثناسيوس: شخصية من مصر