أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عادل عبدالله - المثقفون و المجتمع في دكتاتوريات العالم الثالث















المزيد.....



المثقفون و المجتمع في دكتاتوريات العالم الثالث


عادل عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 4906 - 2015 / 8 / 24 - 09:10
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


المثقفون والمجتمع
في دكتاتوريات العالم الثالث
عادل عبدالله

اصطفاء المواطن
بمقدار كبير من الوضوح والمباشرة ،يخبرنا الواقع التاريخي لمجتمعات العالم الثالث ، بأن ثمة خلافا من نوع ما ، بين المجتمع والسلطة السياسية التي تحكمه ، قد يصل في حده الاعلى الى مرتبة التناقض والعداء المعلن المعبّر عنه باستخدام العنف والقوة وسيلة على طريق اسقاطها،أو قد يبقى هذا الخلاف عند حدوده الدنيا كامنا ، مضمرا في النفوس ، معبرا عنه بالاستنكار والكراهية المضمرة ، مخافة العواقب التي تتوعد السلطة بها كل من تسوّغ له جرأته من عناصر المجتمع ، تجاوز حد الاضمار والكمون هذا .
ان تمثيل كل من الطرفين لموقفه هذا ، ووجوده المتكرر الدائم في الموقع نفسه ، واصرار الواقع التاريخي على عرض هذين الطرفين لنا بذات هذه الصورة التي يحتفظ خلالها كل من الطرفين بعدائه للاخر ، لا بغيرها من الصور الطيبة الممكنة ،،ليسمح لنا بالقول ، كتعريف للسلطة – عند حدود هذه العلاقة - : بأنها نوع طبقي ، فئة سياسية، نظام- سستم- بمبنى اخلاقي وذهني خاص ، يقوم بجوهره على معارضة مصالح المجتمع الذي تحكمه ، من جهة ، والعمل الموجّه على تأمين مصالحها ، من جهة اخرى ،بحيث يمكن القول ، بان ديمومة ما لن تكتب لهذه السلطة ، إلا عبر إلتزامها بالعمل على وفق هذه الطريقة ، أي إلا اذا تمكنت من احتواء ممكنات هذا المجتمع ومصادرة مصالحه وإخضاعه كليا لارادتها .
الامر الذي يعني ، ان السلطة تستمد وجودها وقوتها من هذا النوع المحدد العملي الذي تتعامل به وتمارسه ازاء المجتمع ، وليس من نوع مغاير مختلف عنه ، كأن يقوم هذا التعامل على مبدأ العدالة والعمل الواضح على تامين مصالح المجتمع الذي تحكمه ، وهي الحالة المفترضة التي لم يخبرنا الواقع التاريخي صراحة عن حدوثها .
غير ان طرفي العلاقة النقيضة هذين ، غير منفصلين بجدار حديدي لا يمكّن احدهما من العبور او التسلل الى الطرف الاخر ، اذ ثمة دائما ، حركة عبور بين العناصر المكونة لاحدى الطبقتين نحو الاخرى ، ثمة انتقال دائم وتحول وحوار بينهما،. خفي حينا ومعلن احيانا ، غير انه منجز من ناحية نتائجه وفي الاحوال كلها، على وفق الشروط التي تحددها السلطة وتمنح التذكرة بموجبها .
في نموذج التحول الاول ،النموذج الذي غالبا مايكون المثقفون ابطاله ، يتم انتقال المواطن الذي ترغب السلطة فيه وتصطفيه للعمل تحت خدمتها ، على وفق مبدأ تعهده وقطعه العهد على نفسه بضرورة تخليه عن مصالح الطرف الذي غادره _ اي المجتمع _ من اجل توفير ورعاية مصالح الطرف الذي سيذهب اليه ، والذي ينبغي ان يكرس هذا العنصر المصطفى كل امكاناته لصالح طرف السلطة التي انتقل لها ، من اجل ضمان بقاء مصالحه الشخصية في الوقت ذاته محفوظة ومصانة ومتدفقه .
من هنا فلا يمكن لنا النظر الى حركة العبور والانتقال هذه بوصفها تحولا مكانيا خارجيا حياديا ، تمكّن المواطن خلاله من العبور من هذه الجهة المحددة الى تلك ،بحيث يتمكن هذا المواطن خلاله من الاحتفاظ بكل خصائصه الاخلاقية والذهنية والسياسية ،حتى انه ليستطيع ان يعبّر عن كل هذه المواقف التي كان عليها بحرية وقناعة داخل حدود المنظومة الفكرية والسياسية والاخلاقية التي تسود الطبقة الجديدة التي انتقل اليها ،،بل هو انتقال نوعي عميق ، حادث على مستوى البنى النفسية والاخلاقية والاقتصادية والسياسية للمواطن الذي جرت عملية الاننتقال والتحول عليه ، الامر الذي يعني صراحة ، ان عليه أن يتخلى بالضرورة عن كل ما كان يخص ماضي طبقته الفكري والسياسي ، ويبدأ التفكير والحديث على وفق ابجدية الخطاب الذي تتحدث السلطة به الى رعاياها وتأمرهم بالحديث والتفكير معها على وفقه .
موقع المثقف بين السلطة والمجتمع
قلنا بان ثمة حركة انتقال دائم وحوار مستعر بين طرفي عناصر كل من المجتمع والسلطة ،وحين تمثلت حركة الانتقال الاولى بعبور مواطن ما – بشروط خاصة - من جهة المجتمع الى جهة السلطة ،سنتعرف هنا على حركة من نوع آ خر ، حركة تحدث داخل السلطة نفسها ،ممثلة بحدوثها هذا اتجاها معاكسا ينتقل المواطن فيه ايضا، لكن ، من جهة السلطة الى جهة المجتمع هذه المرة .
اما عن مضمون هذا الحدث واسبابه، فهو مايتمثل حينا ،بطرد السلطة ونبذها لبعض ( رعاياها) الذين عملوا لفترة ما تحت خدمتها دونما اي اعتبار منها لطول هذه المدة او قصرها لان فعل الاقصاء هذا انما تحدده وتتحكم به آليات اخرى،،يمكن لنا التعرف على بعضها بالقول : ان سبب لجوء السلطة لمثل هذا الاجراء ، انما يتمثل ، بان هؤلاء المطرودين من حضيرة السلطة ، لم يثبتوا او يقدموا من ( مواهب) واساليب الولاء ما يكفي لاحتفاظ السلطة بهم ، اي انهم لم يلبوا او يوفروا من خلال المناصب التي منحتها السلطة لهم ، ، كامل المتطلبات المناط بهم مهمة توفيرها ، ولما كانت هذه المناصب والامتيازات ممنوحة لهم من اجل تامين حاجاتها فقط ، فلم تعد هناك من ضرورة للاحتفاظ بهم بعد ان فشلوا في انجاز مهمتهم محددة الملامح تلك .
او قد يتمثل سبب الاقصاء هذا ، بميل قلوب بعض رعايا السلطة نحو الطرف الآخر الذي تفترض السلطة ان محبتها الخاصة وحدها كفيلة بنسخ اية محبة اخرى سابقة عليه ،لذا فأن موقفا ما من احد رعاياها قد يعبـّر به عن مثل هذا الهوى للمجتمع ، - متمثلا ذلك بمحاولة موظف لها رفض او تعديل احدى قراراتها باتجاه المجتمع ولصالحه - ينبغي ان لا يحدث امامها او تصبح على دراية به ابدا ، لان سلوكا كهذا ازاءها قد يتفشى او يصبح ظاهرة بامكان الاخرين اعتمادها للحوار معها ، الامر الذي يسفر في النهاية وبطريقة حتمية الى اضعافها ، من خلال حضور قوة اخرى مناوئة لها في رحم المكان المعد فقط لمصادرة مصالح هذه القوة المناوئة .
هكذا دائما تسعى السلطة الى اقامة مبدأ الفصل هذا ، مبدأ احتفاظ كل من طرفي المشهد الجامع بموقعه ، دونما مراجعة او سماح لاحد بمحاولة العبث بتفاصيله هذه، وهو الامر الذي (اذعن) الواقع التاريخي له ، بحيث لم يمكننا من رؤية مشهد آخر مختلف لهذه العلاقة ، انما هي على الدوام : شعب مضطهد مغلوب على امره ، من جهة ،وسلطة قوية مشغولة عنه بتأمين اكبر قدر ممكن من مصالحها الخاصة التي لا تمت بايما صلة حقيقية للمصالح المشتركة لهذا الشعب،
الاّ اذا كانت هذه المصالح الاخيرة تعد من وجهة نظر السلطة ، مجرد وسيلة لتأمين وتحقيق المزيد من المصالح السلطوية عبرها،
اقول لا صلة حقيقية بين السلطة والشعب مفترضا ان ما اتحدث عنه هنا هو ، الجانب الايجابي لهذه الصلة ،اي الجانب الذي يعود على المجتمع بنفع مؤكد ما جرّاء هذه الصلة ، اما الحديث عن القيمة السلبية الاخرى لهذه السلطة بالمجتمع فيمكن وصفها بانها كبيرة وجوهرية واصيلة ، وهي ما يمكن ايجازها بالقول ، ان ثمة معادلة عكسية الاتجاه ، تنص ،على ان مصالح السلطة تبقى محفوظة مؤمنة بذات القدر الذي تهمل فيه وتقمع ارادة الشعب وتنشغل بنفسها وبمصالحها عن مصالح الشعب كافة ،، بعبارة ديالكتيكية الصياغة ،ان دوام وضمان بقاء مصالح السلطة عامرة ، لنما يستمد حقيقته وحضوره من نوع (عنايته )وتعامله مع مصالح العامة ،، اي : كلّما كانت هذه العناية أشدّ مكرا وتسويفا واستثمارا ذكيا لمصالح العامة ، كانت مصالح السلطة اكثر ثباتا واستقرارا وديمومة وكانت السلطة اكثر قوة وهيبة ايضا.
اما الحالة النقيضة الاخرى ، اعني الحالة التي تقيم السلطة فيها مع المجتمع الذي تحكمه علاقة انسانية عادلة تقدّم خلالها مصالحه العامة على مصالحها ، فانها الحالة والنموذج الذي لم يقدمه التاريخ لنا ولم يخبرنا الواقع عن حدوثه بالفعل، فضلا عن القول بأن سلطة ما لم تجرب هذا النوع من السلوك الاخلاقي والسياسي مع المجتمع ، ولم تضعه غاية لحسباتها الكبرى في حكومته .
اما السؤال عن سبب مثل هذا السلوك والضرورات التي تحتمه فهو الامر الذي ستتضمن الاجابة عنه الفقرة القادمة .


غواية السلطة
قلنا بأن الواقع التاريخي لم يعرض لنا يوما نموذجا آخر، انسانيا وعادلا لعلاقة السلطة بالمجتمع، ولم يضع اي سياسي (حقيقي) في باله ان مثل هذه العلاقة ستكون ممكنة ذات يوم.
ان اسراف الواقع التاريخي واصراره على عرض النموذج المأزوم ذاته لعلاقة المجتمع بالسلطة،اذ يمكننا على الدوام من معاينة وفحص آليات وسبل بقاء هذه العلاقة، ومن ثم اصدار الاحكام بشأنها،فانه يحجب عنا في الوقت ذاته امكان التعرف على النماذج الاخرى المختلفة و(الممكنة) لعلاقة المجتمع بالسلطة،
النماذج التي لم تتح لها فرصة الظهور والوجود بالفعل من اجل معاينتنا لها ومعرفة كيفيات بقائها واسلوب المحافظة عليها،ذلك ان هذا النموذج المفترض الآخر –الذي لم يحدث- كان يُقمع على الدوام ويُحال دون امكانه،اما في مرحلة مبكرة جدا من تشكله، يتم ضبطه بها وهو لم يزل بعد جنينا مؤلفاً من نوايا وخطط مبيتة حاضرة بهيئة نظرية حسب،اي بوصفه مشروعا فقط، واما في مرحلة لاحقة على ذلك بفترة زمنية وجيزة .
اما عن الجهة التي تتولى على عاتقها مهمة القمع هذه،اي قمع امكان وجود مشروع لسلطة عادلة،فهي، اما ان تكون من داخل السلطة نفسها،اي من الفئة التي تريد المحافظة على نوع العلاقة الشائع للسلطة بالمجتمع،اعني علاقة الاستئثاربالغنيمة والمصالح، حيث ترى السلطة التقليدية في هذا النمط الجديد المفترض للعلاقة ندرة وشذوذا وخرقا لـ(قانون) واسلوب عرض هذه العلاقة،لذا فهي تريد ان تعيد الامور الى نصابها الحقيقي،اي الى حيز السيطرة عليها،الحيز الذي يشهد التاريخ لها على صحته حين لايـُقدِم على عرض نموذج آخر سواه، يعينها على كل ذلك،اي يعين الفئة القامعة لنموذج السلطة العادل على تحقبق مأربها،البنية ُ الاخلاقية الطيبة نفسها لاصحاب هذا المشروع السياسي الجديد .
بعبارة اخرى ان النزعة الانسانية الاصيلة التي يتصف به اصحاب المشروع العادل لاقامة سلطة منصفة والتي تعد بمنزلة السبب والمحرض لدعوى النوع السلطوي البديل هذا،هي ذاتها العلة التي تسهم بمقدار كبير في قمع ووأد هذا المشروع، في حال وجوده، ذلك لأن مثل هذا المشروع اذ يتخذ من الاقناع والحواروالتفاوض والعقلانية اسلوبا له لبلوغ غايته، يتخذ دعاة نموذج السلطة الجائرة، العنف والبطش والاغتيال والتصفية وسيلة وستراتيجية لتنفيذ وبلوغ اهدافهم.
اما اسلوب (القمع) الآخر الذي يمنع هذا النوع السلطوي العادل المفترض من الظهور، فهو ما يتمثل بتحول القائد نفسه،صاحب المشروع النظري العادل للشعب،تحوله من حال نفسي واخلاقي وسلوكي كان عليه بالفعل قبل استلامه لمقاليد السلطة،الى حال آخر مختلف تسببه وتفترضه وتستحدثه غواية السلطة وامتيازاتها النادرة،معنويا وماديا على حد سواء، فما ان يتم انتقال المشروع السلطوي العادل في حال نجاحه الموقت من صيغته النظرية ونوع وجوده بالقوة كنوايا،الى نوع وجوده بالفعل كصيغة سياسية عملية، حتى يتم وبفعل صيغة التحول الاولي نفسها،نوع تحول آخر مختلف كلياعن سابقه،تحول يتخذ من ذات القائد نفسه ميدانا للتغيير، تحول يمكن درجه وتسميته تحت عناوين اخلاقية ونفسية وفكرية وسياسية ايضا،تتلتقي كلها عند تسمية جامعة لها،هي (غواية السلطة)
من هنا يرى المراقبون والمعنيون بدراسة البنية النفسية للسياسي،ان مجموعة الوعود التي كان ان قطعها السياسي للمجتمع عندما كان متحدا ومعبرا عن مصالحه مصيره والتي اسهمت بفاعلية واضحة في تحقيقه لنجاحاته،ستشهد في مرحلة بلوغ السياسي للسلطة مرحلة التنكر لها واختزالها الى حدها الادنى او تصفيتها ان امكن .وسواء أكان فعل التحول هذا مبيـّـتا ومدبرا بمكر شخصي او جماعي من القائد نفسه، ام كان مستجدا تبعا لتغير الظروف التي يجد السياسي فيها نفسه،محاطا بغواية السلطة والحاشية الجديدة، فاننا لن نستطع ولن يكون متاحا لنا معاينة هذا النموذج العادل للسلطة،لانه ببساطة متناهية لم يتمكن من الوجود .


نمطا قوة المجتمع وقوة السلطة
في الصورة واضحة المعالم لعلاقة المجتمع بالسلطة، الصورة التي رسمها لنا ويرسمها الواقع التاريخي على الدوام بذات التفاصيل والمواقع، لم نكن في حقيقة الامر ازاء قوتين (غير متعادلتين) موضوعتين في علاقة معينة، هي – بوجه عام – علاقة (تشبث) السلطة بموقعها وارادة بقائها قوية فاعلة وحاضرة، من جهة، وعلاقة (عدم تشبث) المجتمع بموقعه كمستضعف مستـَـلب ازاء السلطة، من جهة اخرى .
إذ ان هناك قوة ثالثة فاعلة يكتمل المشهد بها – سنكتفي عند هذا الحد من عرضنا لضرورات يفرضها السياق بتسميتها فقط- هي (المثقف السياسي)، القوة التي تدخل في العمق الحقيقي لبنية وأصل الصورة وتسهم بمقدار كبير في تشكيل ملامحها كما سناتي على تفصيل ذلك .
ان قوة السلطة باتجاه المجتمع نزوح ونزوع دائم بهيئة قرارات واوامر تهدف بمجملها الى تحقيق مبأ الثبات والاستقرار لهذه القوة من خلال اكراه المجتمع والزامه بضرورة التشبث والرضا بالموقع الذي تقدره وترسمه السلطة له،دونما اية محاولة منه او طموح لتغيير حالة التشبث هذه انطلاقا مما يراه المجتمع مناسبا له او بديلا عن طريقة رسم السلطة لمصيره ومصالحه .
بعبارة اخرى،ان السلطة تحقق افضل حالات ثباتها واستقرارها ومبلغ قوتها، عندما تنجح بالفعل من ايصال علاقتها بالمجتمع الى حالة تجعل المجتمع فيها متشبثا بموقعه ومواصفاته كمجتمع على وفق النظرة والمواصفات التي تريد لهذ المجتمع ان يكون عليها، اي عندما تعطـّل فيه ارادة تغيير موقعه باتجاهها انطلاقا مما يراه هو مناسبا لمصلحته، اي عندما توطـّن في ذاته وبشكل اصيل مبدأ الرضا عنها والقناعة التامة بهذا النزر (المقسوم) الذي تقدّره له، اعني عندما تتمكن بالفعل من تصفية ارادة التغيير لديه،اي عندما تتمكن ، من ان ترفع من ذهنه وسلوكه ارادة (عدم التشبث) التي يتصف بها لتبلغ به الحالة الاكثر استقرارا وسعادة لها، اعني حالة جعله، أولاً، امتدادا لها وجزءا منها،جزءا معنيا وملزما بتطبيق اوامرها،اي برعاية مصالحها بالرغم من ان هذه المصالح تقع بالضد من مصالحه بوصفه مجتمعا، له من المصالح الخاصة به، ما لاتكون السلطة معنية بتقديرها اليه،ثم جعله من بعد،عاملا، لاباتجاه دوام حالة عدم تشبثه،بل باتجاه تشبثه بموقعه وانغلاقه عليه، يعينها على ذلك اي يعين السلطة على تنفيذ ارادتها هذه جمع من المتطوعين غالبا ما يكونون من المثقفين .
اما عن طبيعة استقبال المجتمع لقوة السلطة وطريقة تعامله معها اومقاومته لفعل احتواء ومصادرة السلطة لمصالحه،فأنما تتجلى في مظهرين لها من الوجود الواقعي، الاول منهما، هو رضوخها الكامل وتسليم زمام قيادها لارادة السلطة الساعية لجعله متشبثا بالموقع الذي تقدره له، بل واعانة السلطة وتمكينها من نفسه، اي تمكينها من جعل المجتمع في حالة السكون والخلود، وهي الحالة التي لا يمكن ان تحدث ابداً إلا بمعونة المثقفين والمؤسسات التي تنبثق من داخل المجتمع ومن مواصفاته وتحت ذريعة التعبير عن مصلاحه وارادته ازاء السلطة.
غير ان هذه المؤسسات، في حقيقة الامر،تتغذى من النسق السري الذي تمده السلطة بها، نسق المال والمناصب والمكتسبات والعيش الرغيد، وهي الحالة التي لن يكون بوسعها ان تحدث الا في المرحلة التي تبلغ فيها ثقافة مجتمع ما مراحل متقدمة من انهيارها .
اما المظهر الثاني لحضور المجتمع ازاء السلطة، فهو مظهر وحال (عدم التشبث)، اي حال نزوع المجتمع ورغبته الدائمة للخروج من حيز الضعف والسكون الذي تريده السلطة له، وهي الحالة الاكثر حضورا وتمثيلا لطبيعة المجتمعات ازاء السلطة، بل هي الحالة التي تؤلف جوهر ونوع قوة المجتمع وبنيته النفسية الجمعية، الامر الذي يعني اولا، ان حالة المجتمع هذه، غير قابلة للاختزال والتصفية،او التغير والتحول الى نقيضها ابدا، ، لذا فان اعتقاد السلطة وظنها بأن مجتمعا ما، قد اصبح - بحكم ضغطها عليه- ممتثلا بالكامل لارادتها، وانه ينعم الان بالرضا الكامل عن ادائها وعن قراراتها المصادرة لارادته، اعتقاد لا صحة له ولا وقائع حقيقية تدعمه،لأن هذا المظهر المؤقت الذي ترغب السلطة في ان ترى المجتمع عليه،لا يمثل في حقيقته سوى حالة من كمون القوى، مؤقتة وقابلة للتحول في ايما فرصة ناهزة لها، تحول قد يتمثل برجوع المجتمع الى الحالة المعلنة لعدم رضاه عن السلطة او حتى حالة اعلان العداء وممارسة العنف ضدها.
معنى هذا كله ان المجتمع يستمد قوته من حالة عدم الرضا هذه،الحالة التي تعني جوهريا مناوءته للسلطة وعدم امتثاله لسطوتها، بل ومحاولة تغييرها ان امكن، وهي المحاولة التي يعززها ويدعمها ويجعلها اقرب الى التحقق، اسلوب وجود المجتمع في هذه الحالة وكمية ونوع عدم رضاه عن السلطة.
ومعناه ايضا و بعبارات موجزة،ان هناك حالتان يكون المجتمع على احداهما في علاقته مع السلطة، حالة تريدها السلطة له وهي حالة استقراره في الضعف، وحالة اخرى يريدها هو لنفسه،وهي حالة رفض ما تريده السلطة له عبر وضعه لاشياء تعبر عن مصالحه بين هذا الكم الهائل الذي يستقبله كل يوم وهو يعبر عن مصالحها .
الواجهة السياسية للمجتمع
اشرنا الى ان الصورة التي يرسمها الواقع التاريخي لنا، لم تكن مقصورة على عرض طرفين فقط موضوعين في علاقة معينة، هما المجتمع والسلطة، اذ ان هناك طرفا ثالثا على الدوام يقيم بوضوح وشدة وفاعلية في واقع الصورة نفسها، طرف يمكن ان ننسب اليه من الدور والتأثير القدر الكبير في خلق هذا الواقع كله، اي في تحديد المقدار النوعي والكمي للقوة التي يحظى بها كل من الطرفين آنفي الذكر، إذ ان هذا الطرف يؤدي من خلال حضوره عملا مزدوجا باتجاهين مختلفين، فهو اذ يمنع ويحول دون المزيد من ضغط السلطة على المجتمع، فانه يحاول في الوقت ذاته، الضغط على هذه السلطة لتغيير او تعديل ما لا يراه مناسبا من قراراتها، من خلال تمثيله لقوة المجتمع التي تسمح له بالتحدث نيابة عنها انطلاقا من المصالح المشتركة التي تجمعهما كمقابل لمصالح السلطة.
ذلك لان احد الاسباب المهمة التي تسمح للسلطة بممارسة ضغطها وتمرير مشروعها – في بناء قوتها-على المجتمع، هو حالة الضعف التي تجد المجتمع عليها، اي حالة العجز وفقدان وسائل الدفاع عن النفس امام الحضور الطاغي لها، الامر الذي يسهّل عليها مهمة استغلاله، وهو نوع مواجهة لا طاقة للمجتمع على ردها عن نفسه من خلال كونه ( مجتمعا)، الامر الذي يقوم به نيابة عنه المثقف السياسي، اذ ان ردة الفعل هذه تحدث على لسانه ومن خلال فهمه وقدراته الكبيرة على مواجهة ضغط السلطة، لكن لا بوصفه شخصا مثقفا يعبر بهذا الفعل عن ذاته فقط، انما بوصفه (مجتمعا)،شخصا ناطقا باسم هذا المجتمع ومعبرا عن مصالحه.
من هنا تاتي اهمية المثقف السياسي، اعني، ان الموقع الذي يمكن ان يواجه المجتمع من خلاله قوة السلطة، وهو الموقع الذي ترغب السلطة وتحرص على ان تراه شاغرا على الدوام، تراه هذه المرة وهو مسكون بقوة حقيقية فاعلة اسمها المثقف السياسي، قوة معنية بتحليل قراراتها وتفنيدها واشاعة الوعي بصددها وتنمية اسلوب الحوار معها سبيلا لرفضها، وهو الاسلوب الذي تفترض السلطة ان لا قدرة للمجتمع على ادائه، بل ان غيابه يمثل احدى دعامات تمضية قراراتها، من هنا يمكن القول ان المثقف السياسي هو(قائد ورئيس) وممثل سلطة المجتمع كمقابل للقوة التي تمثل النظام السياسي للسلطة.
اذن فهذا الطرف الثالث، الذي يدخل في جوهر علاقة المجتمع بالسلطة، ويسهم بقدر فاعل في رسم علاقة المجتمع بالسلطة وتحديد ملامحها، سواء باتجاه بلوغ السلطة لغاياتها، ام باتجاه تعضيد مواجهة المجتمع للسلطة على سبيل اشراك مصالحه ووضعها بالحسبان حين اتخاذ السلطة لقراراتها بشأنه.
اما عن المكان الذي يشغله هذا الطرف الثالث،وهو معنى مؤخوذ هنا بدلالة معنوية لاحسية فيها، فيمكن الاشارة اليه على انه، هذا الفراغ، الفضاء، الانزياح الماثل بين السلطة والمجتمع، فضاء العبور من احد الطرفين نحو الاخر، فضاء نقل المعلومات ووعيها ونقطة التقائها وهي تمضي من احد الطرفين الى الاخر، وهو ايضا الفضاء الذي يعزى اليه بقدر كبير، بقاء ارادة المجتمع عاملة وحاضرة بازاء ارادة السلطة التي تحاول على الدوام مصادرتها والاستحواذ عليها .
من هنا يمكن القول بثقة ان كلا من السلطة والمجتمع، واضحا الملامح لجهة تبوأ كل منهما لموقعه، واختلافهما في هذا الموقع بكلا المعنيين المادي والمعنوي ايضا ، بحيث يمكن ان نفرق بين موقعيهما على نحو بالغ الدقة،سواء اتعلق امر التفريق بالمكان المادي الذي تشغله السلطة والذي يختلف كليا عن المكان المادي الذي يشغله المجتمع، او تعلق الامر بالمكانة التي يشغلها كل منهما، دون خلط منا بين مصالحهما وامتيازاتهما، اما عن موقع هذا الطرف الثالث فيمكن عدّه بمنزلة التقاء وتقاطع الموقعين المعنويين خلال اية حركة يبديها احدهما باتجاه الاخر.
بعبارة اخرى، ان هذا الطرف ينتمي الى المجتمع بامتياز خاص لا لانه ابن هذا المجتمع الموجود في صفـّه والمعبـّر عن مصالحة حسب، بل لانه من يمثل الجانب السياسي فيه متفردا بهذه الخصيصة، حين يشترك ويمثل سواه من اعضاء المجتمع الجانب الاخلاقي والخصائص الحضارية والتاريخية حسب.
هذه هي الخصيصة الاولى للمثقف السياسي اما خصيصته المهمة الثانية، فهي حصته المضاعفة من الاذى المادي والنفسي على حد سواء، ذلك لانه مشمول اولا بحصته من مجمل الحرمان والاذى الذي يتعرض له المجتمع كله بحكم وجوده في صفه، وهو مشمول من بعد بحصته الخاصة من هذا الاذى، لا من خلال قدرته على تغييره والخروج منه بل وتحويله الى امتيازات ومكاسب في حال تحوله الى جهة السلطة التي تتمنى عليه ذلك استنادا الى ما يحظى به من قدرات خاصة حسب، بل هو مقدار الاذى الاكبر الذي تسببه في ذاته معرفته الاكيدة باسباب ضعف قوة المجتمع وبالآلية التي تتبعها السلطة لجعل هذا الضعف ممكنا ابدا، ثم معرفته من بعد بالاساليب السياسية والثقافية والتاريخية التي يمكن لهذ المجتمع عبرها اتباعها التخلص من ضغط السلطة عليه، على خطى استرجاعه لبعض من حقوقه، غير ان هذه المعرفة الثرة كلها،الحاضرة في ذاته والمفعمة بالحياة ،تنطوي على حزن عميق دفين مفاده فقدانها للوسائل المادية القادرة على تحويل مكامن قوتها النظرية الى وسائط وممارسات قابلة للتنفيذ كافعال،وهذا هو مصدر حزنه الاكبر.
خصائص المثقف السياسي
هنا ينبغي القول بان هذه الخصائص التي ينفرد المثقف السياسي بحيازتها، هي ذاتها التي يمكن لنا عدّها اسبابا مقنعة للسلطة من اجل اقصائه وتصفية نموذجه، مثلما هي الاسباب ذاتها التي من اجلها تعقد المجتمعات املها عليه وترهن خلاصها به، كذلك هي الاسباب ذاتها التي نعزو لها الاهمية الكبرى في تحديد كل من السلطة والمجتمع لموقعه ومقدار قوته.
معنى ذلك، ان هذا الفضاء المزاح – الفضاء الذي يمثله فرد واحد دون ان يمثل حضوره هنا صفة شخصية عن نفسه- الفضاء الذي لا يقوم بذاته ولا يوجد شيء يجسده ويمثل حضوره واقعيا في هذه المنطقة، على غرار نمط حضور الطرفين ، النمط الواسع متعدد العلاقات والافراد ، المتفق ضمنا على اداء دوره بوضوح انما هو فضاء يؤلف وجوده الخاص ويجعله ممكنا ممارسة وسلوك احد الطرفين بازاء الاخر فقط، طرف السلطة من جهة وطرف المجتمع من جهة اخرى ،فهو محل تقاطعهما والتقائهما في ذاته، انه الحصيلة والناتج الذي يسببه تفاعل نشاطات اوامر السلطة وهي تمضي باتجاه اخضاع المجتمع وسلبه المزيد من مصالحة وتصفية ما يعق من اراداته ، وهو في الوقت ذاته مجموع فعاليات مقاومة المجتمع لضغوط السلطة مرفوعة الى درجة فهمه السياسية العالية المؤثرة.
اذن فهذا الفضاء الذي لايستطيع ان يحضر بذاته -بوصفه معبرا عنها وحدها- لان حضوره بذاته وتمثيله لها يعني الغاء لنوعه المعرفي الخاص، النوع الذي يولد فقط من خلال هذا التناقض بين السلطة والمجتمع.
اذن فحضور المثقف السياسي يسبقه ويمهد اليه ويجعله ممكنا نوعان من النشاطات والافكار المتصارعة والممارسات المضادة ، احدهما يصدرعن السلطة باتجاه المجتمع ، اما الاخر فهو ما يصدر من المجتمع باتجاه السلطة .
اما عن طبيعة الفرق بين النشاطين ،الطبيعة التي تشطر المثقفين في هذا الفضاء بخط فاصل واضح الحدود والاختلاف بين مكونات طرفيه، فهو، انما يتمثل بالطريقة التي يفهم بها كل من انماط المثقفين - المثقف السياسي وسواه من مثقفي السلطة او غيرالمعنيين بالسياسة- البنية السياسية التي يتعامل معها ، بعبارة صريحة ، ان المحتوى السياسي الذي يؤلف ذهنية المثقف المنتمي للسلطة والمعبر بخطابه (المثقف) الخاص عن خطابها بحيث تمثل (ثقافته) امتدادا نوعيا لنمط سياسة السلطة ، يختلف بشكل جذري عن وعي المثقف الذي ينتمي الى جهة المجتمع ويفهم السياسة انطلاقا من مصالح هذا المجتمع ومن خلال معطياتها ، الامر الذي يتعارض بالضرورة مع نمط سياسة السلطة النمط الذي يسعى مثقفوها لتسويقة عبر وسائل اقناعهم الثقافية التي ارادت السلطة لها ان تكون متحدثة باسمها ونيابة عنها لكن بزي وشكل حضور ثقافي تتمثل به للمجتمع ،
حتى اذا اردنا تسمية واضحة لكلا طرفي تمثيل الثقافة في فضائي السلطة والمجتمع ،قلنا بان المثقف الذي تصدر ثقافته عن المجتمع وتعبر عن الراي السياسي والموقف الوجودي والاخلاقي لهذا المجتمع متعارضا بقصدية وثبات مع سياسة السلطة،هو وحده مايمكن تسميته ( المثقف السياسي) اما النمط الاخر فهو مايمكن تسميته دون خطأ بـ (المثقف) فقط ، هكذا دونما اية خصوصية تحدد لنا هذا التعريف او تبوح لنا بمزيد من التفصيل عن طبيعة ،وهو الحال الذي يعيشه الان ويمثله بالضبط مفهوم المثقف العربي المعاصر والذي غالبا ماتؤلف البنية الادبية من شعر ونثر ماهيته ، او هو من جانب أخر، مكمل لهذا النمط الهلامي الذي اشرنا له، ( المثقف السلطوي )
ان مثل هذه التفرقة بين نمطي المثقفين تبعا للضرورات والمصالح المختلفة التي نتجت عنها ، تمتلك الكثير من الاسباب الواقعية الاسباب والوقائع التي تدعمها وتشهد بصحتها ، منها :
ان هؤلاء المثقفين (غير السياسين) ، حسب خصوصية تعريفنا واستخدامنا له ، يقعون على انواع عدة ، منها ، الشعراء والادباء والفنانون والمؤرخون الحرفيون واللغويون والعلماء وسواهم من المتعلمين والمبدعين الذين لا صلة حقيقية لهم بالسياسة ولا تشكل السياسة وما يحدث في بلدهم والعالم من احداث سياسية جسام احدى همومهم ، وهو الحال الذي تتحمل السلطة الكثير مسؤولية ايصالهم اليه والذي يمكن النظر له كاحدى نجاحاتها ،
ومنهم ايضا اولئك المثقفون المحلوّن بمزايا السلطة ،وهم في حقيقتهم ومرجعيتهم الاجتماعية والذهنية بعض من تلك الفئات التي تم لنا تعدادها،لكن مع فارق جوهري هو اذعانهم لامر السلطة التي تطلع على ثقافتهم وتشرف عليها بشكل مباشر او غير مباشر ، من اجل تنفيذ برامجها وتحقيق مصالحها على حساب المصلحة العامة للمجتمعالذي ينتمون هم انفسهم اليه ،
من هنا فأن صفة السياسي التي ننسبها للمثقف العامل بمحض ارادته تحت امرة وعي المجتمع طلبا لتأمين مصالحه المستلبة، الصفة التي يحضر بها بيننا نائبا عنهم وناطقا باسمهم، يمكن النظر اليها على انها الفعل المقابل الفاعل المقاوم والمواجه لذلك الفعل السياسي الذي به وحده تبسط السلطة نفوذها الى المجتمع .
انه جهة مقاومة السلطة بفعل سياسي مضاد لنوع ومضمون واتجاه فعلها، وهو اذ يصدر عنه بوصفه ذاتا فانما يصدر في حقيقته عن لحظة تمثل مصالح المجتمع في ذاته كامل مضمونها ، المضمون الذي يحضر الان بهيئة سياسية بالرغم من كل تلك المقدمات الثقافية ، التاريخية والحضارية والعقائدية والاخلاقية، التي جعلت مثل هذه اللحظة الخاصة ممكنة وقابلة للوجود والمواجهة ، وهو نوع فعل واضح الاختلاف مضمونا واتجاها عن نوع فعل السلطة السياسي ، واضح من حيث مصدره وارادته واهدافه ومصالحه ومكونات قوته وخطابه ايضا ،وهي المفردات ذاته التي تحضر في جهة السلطة لكن من خلال مضامين مختلفة تملؤها.
ان مهمة المثقفين السياسيين في المجتمع هي فضح ممارسات السلطة بخطاب عقلاني مضاد يحمل من وسائل الاقناع مايجعله مقبولا لدى المجتمع ، ولما كان الاعلام والممكنات المادية والقوى المختلفة هي الوسائل الاكثر فاعلية لنشر الافكار او سنّها او تغييرها ، لذا فان سياسة السلطة تقضي وبدرجة حزم بالغ اقصاء المثقفين من ميادين وسائل الاعلام هذه اولاً ومن كل مكان آخر يسمح لهم بنشر افكارهم ، ثم يقضي من بعد بحرمانهم وتجريدهم من كل وسيلة او قوة مادية تعتقدها السلطة عونا وعاملا مساعدا لتحقيق غاياتهم باتجاهها.
فلئن كانت هذه الاجراءات هي ماتعتقده السلطة وسائل ناجعة لاقصاء المثقف السياسي وتصفية مفهومه وامكانه ، فان هذه الوسائل ذاتها هي عوامل القوة والزخم التي تبقي المثقف السياسي في حالة مواجهة دائمة قائمة ومشروعة مع السلطة التي يناهضها ،انها المشهد الواقعي الحاضر المتلبس ابدا بجرمه المشهود ، المشهد الذي لايسمح لقبضة المثقف السياسي المرفوعة في وجه السلطة من ان ترتخي لحظة ، تماما كما لاترغب السلطة لنفسها ان تغفل طرفة عين عن مراقبة صيرورة اوامرها وهي تمضي في الطريق نحو المجتمع،الطريق الذي تحرص ابداِ على ان تراه سائغا معبدا بطاعة المجتمع لها دونما اية مقاومة او حوار مضاد منه لها.
السلطة / المجتمع / المثقف ـ قدرية المواقف
اذا كان المجتمع لايستطيع الفكاك من موقع الوهن والاستلاب الذي تحرص السلطة بكل ما اوتيت من مكر وبطش وقوة على إبقائه فيه،من جهة، وكانت السلطة من موقع آخر متصل بهذا الموقع ومنفصل عنه في الآن ذاته ،تستمد قوتها وثباتها واستقرارها من حالة الضعف هذه ، الحالة التي تحرص على اختزال ارادات الناس ومصالحهم كلها في محيطها الضيق،
أيمكن القول استنادا الى تكرار عرض التاريخ لنا مثل هذا المشهد الواقعي ذاته ، المشهد الذي يمكث فيه كل من السلطة والمجتمع في موقعه ، ان ( قدرا) من نوع ما ، سنـّة كونية او طبيعية او حتمية اجتماعية او تاريخية ، او سمّها ما شئت ، هي التي ترسم بعناية فائقة هذين الموقعين لكل من المجتمع والسلطة، دونما قدرة لاحد منهما على العبث بقدرية الموقع المقدّر له التواجد فيه، بما يمكّنه من تغيير موقعه ـ المادي الجغرافي والمعنوي الوجودي ـ بشكل واضح للعيان بالنسبة الى الطرف الآخر الذي يؤلف كامل المشهد القدري معه؟
اعني بعبارة صريحة ،تفصّل معنى القول بصعوبة تغيير احد طرفي العلاقة لموقعه يمكن القول: انه ما من نيـّة او نوع قدرة للسلطة او ارادة خيرة منها نأمل يوما ان تنفتح بها سلطة ما على المجتمع بكل ماهو كامن معطل لديها من نوايا طيبة يمكن ان تقدم عبرها وبشكل ملحوظ مصلحة المجتمع العامة على مصلحتها الخاصة ، من جهة ، او قدرة لهذا االشعب على تدمير مفهوم السلطة الفوقي التجريدي المفارق لمضمونه وبنيته ونوعه الانساني ومصالحه ،لجهة تاسيس سلطة خاصة به ،منبثقة عنه ،قادرة على تأمين وتلبية مصالحه انطلاقا من مبدأ وواقع الوجود الفعلي لحكومة او سلطة تمثله بالفعل وتحكمه انطلاقا من مبدأ العمل على تحقيق مصالحه كغاية اولية عليا لها.
لكن ،ماذا عن موقع المثقف السياسي، من قدرية هذه المواقع التي يعرض التاريخ لنا خلالها وبالوضوح كله علاقة المجتمع بالسلطة ؟
أيرسم التاريخ له قدرا ما ،يحدد بموجبه لهذا الطرف موقعا ثالثا مستقلا خاصا به ؟ أم انه يمتلك من الحرية ومن قابليات التحرر من قيود المواقع أو غوايات البقاء فيها ،ما يمكّنه من التجوال بين طرفي المشهد المتقابلين تاريخيا في هيأة النزاع والموضوعين في علاقة الـ (لا وفاق)وعدم رضا احدهما عن الاخر .
يبدو ان الاجابة الصحيحة عن هذا السؤال بالنسبة لنا هي:
ان المثقف السياسي يمتلك بالفعل مثل هذا القدر الذي يبوّأه موقعه الخاص به وحده، الموقع الذي يشكل موقعا ثالثا خاصا به،قائما بذاته في مجمل المشهد القدري الذي يجمع السلطة والمجتمع في علاقة التضاد التي تحدثنا عنها .
اما عن طبيعة هذا الموقع ومسوغات وصفه بالقدر، فهي رهينة ببقاء المثقف السياسي في المكان الصحيح الوحيد المخصص له بوصفه ممثلا ثقافيا سياسيا ناطقا بلسان المجتمع ، وهو قدر بقائه خارج السلطة التي يناهضها ، لأن اي قبول له عنها أو تنفيذ منه لسياستها المعلنة ،أو تبوّأ لمنصب راودته به عن نفسه ،ليعني انقلاب (المفهوم النظري) الذي يؤسس ويؤلف جوهره الذهني والنفسي والاخلاقي وهويته الشخصية بوصفه (مثقفا سياسيا).
اعني ،ان قبوله بموقف السلطة وانتقاله الى الجهة التي تعلن بها عن نفسها معنويا وماديا ، لا يعني خسارته لموقعه الخاص به في المجتمع ـ موقع المصير والاذى المشترك الذي كان ينال حصته الجزيلة منه ،بوصف هذه الحصة ،أحد المكونات الاساسية المؤلفة لمفهومه كمثقف سياسي ـ بل يعني ايضا، خيانته لذلك الموقع الذي كان فيه والموقف الذي كان عليه، من خلال قبوله بموقع جديد مغاير في بنيته ومحتواه السياسي والاخلاقي لذلك الموقع القديم الذي كان فيه،موقع جديد سيسهم من خلاله بالتعبير عن مصالح السلطة التي كانت تعني لديه بالضبط ـ وبشكل مبدأي ثابت ـ الوجه الحقيقي لسلب مصالح المجتمع الذي ينتمي اليه والذي كانت ثقافته السياسية تمثل واجهة الدفاع عن هذه المصالح المستلبة .
المثقف السياسي ومثقفو السلطة
ليس المثقف السياسي ـ أولا ـ شبيها في بنيته الذهنية والاخلاقية بسواه من المثقفين غير المعنيين بالسياسة ، من الذين ينتمون لجهة الشعب في اغلب الاحوال وينالون من جور الاستلاب حظهم الوفير ايضا ، وموضع اختلافه عنهم هو استسلامهم ورضاهم بما يحدث لهم انطلاقا من عجزهم عن استحضار وسائل مقاومتهم لفعل السلطة الجائر،حين يكون مايميزه عنهم هو تسخير نوعه الثقافي لمقاومة ظلم السلطة.
مثلما ليس للمثقف السياسي من الحال والموقع مايشبه به نموذج (مثقف السلطة) لا من حيث الامتيازات التي يحصل هذا الاخير عليها ولا من حيث الموقف النفسي والذهني والسياسي الذي يتخذه كل منهما بازاء المجتمع ، ذلك لأن مثقف السلطة ـ بخلفية سابقة ـ هو أحد اولئك المواطنين الذين اصطفتهم السلطة من بين جمع غفير من انواع المثقفين غير السياسيين الذين سبق لنا بيان فئاتهم، للعمل تحت امرتها وتسخير نوعه الثقافي وممكناته الخاصة من أجلها، ربما لما ابداه لها وعرضه عليها من مهارات واستعدادات اخلاقية وذهنية لتلبية وتنفيذ بعض من اوامرها تجاه مجتمعة ، او ربما يكون ممن حظي بمنصبه في السلطة استنادا الى قرابته من احد المسؤولين فيها، او ربما تكون الفاقة ومحنة العيش هي التي سوغت له المساومة على مبادئه وممكناته .
المثقف السياسي هو ابن المجتمع ،بنوة بيولوجية أذا ماتم لنا النظر لهذا المجتمع بوصفه مركبا حضاريا وتاريخيا قادرا بالفعل على توريث نوعه الثقافي لابنائه ، فهو اذن الحامل لهذه (الخصائص الدائمة) للمجتمع بوصفه صيرورة تاريخة وحضارية، لها من اسلوب العمل وقوالب التفكير الخاصة بها ما يميزها، اما مثقف السلطة فهو، نموذج المثقف الطارىء الذي يعبّر عن سلطة مؤقتة هي الاخرى ،سلطة قابلة للابدال بغيرها من السلطات دائما.
لذا فان المثقف السياسي إذ يحمل ويستمد من جهة المجتمع موقفه الثقافي وسلطته النوعية الشخصية ،فأنه يستمد من نفسه ، اي من خصوصية ثقافته وحضوره ونوع قراءته للواقع السياسي الذي يحضر فيه،يستمد نوعه السياسي الذي لا يكون عاملا او مميزا له كمثقف سياسي إلاّ حين يضعه في لحظة التنفيذ والتعبير عن ثقافته ، اي الثقافة التي يستمدها من المجتمع الذي ينتمي اليه .
المثقف السياسي في لحظة العمل
اما عن المكان الاكثر ملاءمة لعمل هذا المثقف فهو اوساط المثقفين غير السياسيين ،أولاً،وهو من بعد ابناء الطبقة الوسطى من المتعلمين، إذ ان عليه الإنفتاح عليهم وإشاعة الوعي والافكار الخاصة بينهم ، افكار نقد السلطة وفضح اسرار آليات استلابها للمجتمع سبيلا لايقاظ موقف السكون والعجز الذي تحرص السلطة على ابقاء المجتمع فيهما . انها ثقافة الموقف السياسي المعبأة المؤخوذة برغبة تحويل لحظة السكون الاجتماعي الى لحظة عامرة بالصراع ،لحظة تجبر السلطة على ان لا ترى نفسها القوة الوحيدة التي تحكم المشهد كله، انما هناك قوة اخرى تقف الى جانبها ،قوة عملَ المثقف السياسي على انتاجها وخلقها وجعلها مستفزة مؤهلة لخوض لحظة الصراع هذه ، ولما كانت السلطة ، وربما بمعونة المتواطئين معها من المثقفين، مطلعة على حقيقة آليات هذا المشهد وإمكان ظهوره ومواجهته ابدا ، عملت بكل ما أوتيت من مكر وبطش وقوة على تصفية هذا النموذج من الثقافة السياسية التي يمكن ان تحضر في الوسط الاجتماعي الذي تحكمه ولما كان وجود هذا الوسط رهينا بوجود المثقف السياسي الذي يعمل على انتاجه، وضعت في حسبانها ضرورة اقصاء وتصفية مثل هذا النموذج الثقافي ،بل وتدمير الشروط الاجتماعية والتربوية التي تسهم بجعله ممكنا، يعينها على انجاز فعلها تواطؤ المثقفين معها وامتلاكها للعوامل الاقتصادية التي تتحكم بها وتصرّف لها الكثير من خيارت ترتيب عناصر المشهد الاجتماعي كله.
وسائل السلطة لتصفية المثقف السياسي
اما عن الوسائل التي تتبعها السلطة لتصفية المثقف السياسي فهي عديدة ومتنوعة، منها المباشر الذي يتوجه سرا او علنا لغايته دونما اي اعتبار لاية قيمة اخلاقية او سياسية يمكن ان تحول دون تنفيذ ارادتها ، وهي مسألة يتحكم فيها من حيث مقدار بطشها واذاها وتأثيرها على المثقف السياسي ،نوع الفعل الذي يؤديه نفسه،بحيث يمكن النظر لفعل السلطة بوصفه ردة فعل لنوع فعله ومقدار خطورته، فكلما تصاعد وازداد تأثير المثقف في المجتمع كلما اصبحت حياته اكثر عرضة للتصفية والقتل هو ومن اتبعه وآمن بأفكاره .
اما عن النوع غير المباشر الذي يمكن ان تلجأ اليه السلطة في محاولاتها اقصاء نموذج المثقف السياسي ، فهو ما يمكن الاشارة اليه ،عبر تنميتها وتشجيعها وتسويغها لشرائط وجود نمط ثقافي لا يؤدي محتواه الاخلاقي ومبانيه الفكرية الى انتاج نموذج المثقف السياسي، اي بعبارة صريحة ،عندما تشجع السلطة وتغذي وتدعم مفهوم الثقافة بوصفها شعرا وقصة ونقدا ادبيا، يفضي الى تأسيس منظومة ذوقية وبنية نقدية تعبر عن نفسها بوضوح مفاده: ان لا علاقة للمثقف باي عمل سياسي لان هذا الاخير كفيل بإفساد اللحظات الجميلة والانسانية التي ينطوي عليها العمل الفني والادبي ،وهي المسألة التي صادفت السلطة في وسط المثقفين رواجا منقطع النظير لها، ولا بأس هنا من القول اننا نعيش الان بالفعل في فضاء هذا النوع الثقافي الذي يمقت السياسة استجابة لاشاعة السلطة مثل هذا المفهوم الخاص لها.
المثقف السياسي في وقوى العولمة
كان المثقف السياسي في نسخته القديمة يحضر في مجتمعه بوصفه نتاجا تلقائيا لهذا المجتمع بسبب من انغلاق المجتمعات على تاريخها الخاص ومركباتها الحضارية وثقافتها ونظامها الاقتصادي وتأثيراتها البيئية ،الامر الذي يقلل طوعا من تأثير ثقافة المجتمعات الاخرى عليها اولا، وعلى نمط انتاجها للنوع الثقافي الذي تريد لمثقفيها ان يكونوا عليه من بعد.
من هنا كان المثقف في هذه المجتمعات يشكل بالفعل احد الارقام المهمة في مجمل البناء الرياضي للمعادلة السياسية الاجتماعية في بلاده،اما في العصر الحاضر ، عصر انفتاح المجتمعات على بعضها العصر الذي يسعى الى توحيد القاعدة الاقتصادية والعلمية والسياسية، اي العصر الذي ازدادت فيه الشروط الحتمية لإلغاء خصوصيات الثقافة في المجتمعات،فربما يُظن ان دور المثقف السياسي قد شارف على نهايته لانتفاء ضرورات ومبررات وجوده، غير ان مثل هذا الدورـ كما نراه من جهتنا ـ قد اصبح في حقيقته اكثر اهميه وجدوى، مثلما اصبحت المجتمعات هي الاخرى بحاجة اكبر لمثل هذا النموذج الثقافي لانقاذها من محنتها التي اصبحت مزدوجة في وضع متصارع كهذا.
المثقف السياسي في حال كهذه لم يعد مقاوما لسلطة واحدة هي السلطة ذاتها التي كتب عليه منذ زمن بعيد مقاومتها انما اصبح في هذا الوضع الجديد الذي يجد نفسه ومجتمعه فيه، مضطرا الى مقاومة نوعين مختلفين من السلطات التي تلتقي مصلحتهما معا وتقوم على مبدأ وضرورة تخلي المجتمعات عن كل العناصر التاريخية والحضارية والثقافية التي تمدها باسباب قوتها من اجل ان تبقى قوة المجتمعات هذه قوة سياسية حسب ، اي قوة تتحكم فيها السلطة وحدها بوصفها شأناً خاصا من شؤونها .
ان المثقف السياسي لعلى بينة من ان نظام العولمة يتعامل مع السلطات وانظمة الحكم بطريقة اكثر يسراً من تعامله مع ثقافة المجتمعات التي تحكمه تلك السلطات ، لذا فان دوره سيصبح الان مزدوجاً المهام ،فهو يسعى ـ من ناحية ـ الى تغيير انظمة الحكم التي تسعى العولمة الى ابقائها متعاونة معها في تسويق مشروعها متعدد الجوانب ،في ذات الوقت الذي يسعى به لترسيخ قيم مجتمعه الاصيلة والدفاع عنها ومنع المثقفين المغرر بهم من الدخول المجاني في مغريات العولمة،عبر رهان التخلي عن ثقافتهم الوطنية وعلى حسابها وحدها.
ما غاية المثقف السياسي وهل سيتمكن يوما من بلوغها
غير ان السؤال حول امكانية بلوغ المثقف السياسي لغايته، سيبقى قائما ابدا،
اما الاجابة عن هذا السؤال فيمكن التعرف عليها بدقة كبيرة من خلال تعرفنا اولا على طبيعة هذه الغاية وحدودها، وهي مايمكن اجماله بما ياتي:
ان المثقف السياسي بالغ لأهدافه بالفعل وفي الاحوال كلها وبطريقة اكثر واقعية من بلوغ المجتمع لاهدافه او بلوغ السلطة لاهدافها في المجتمع اذ انه بالغ الاهداف هذه من خلال ايمانه الراسخ وقناعته الاكيدة بان اصراره على البقاء في موقعه الذي سبق لنا التعرف عليه بدقة ونوع ادائه لثقافته من خلال هذا الموقع هو وحده ما يمثل غايته واهدافه كلها.
وهذا هو بالضبط معنى قدرية ان يبقى المثقف السياسي في موقعه ، موقع الضحية او موقع الخسارة الاكبر، غير انه قدر مختار بالارادة الحرة ارادته هو في ان يبقى في هذا الموقع الذي يمثل مفهوم العمل فيه بالنسبة اليه كل غايته الشخصية وكينونته السياسية والمعرفية،وهي الغاية التي لا يرى ثمارها عامرة فيه وحده ـ اذ انه مثمر دائما ـ انما يراها في مقدار التغيير الحاصل تبعا واستجابة لجهوده في الموقعين الاخرين المتصارعين اللذين يقف بينهما،موقع الشعب الي يستجيب لنوع طروحاته ،من جهة، وموقع السلطة التي تغيظها مثل تلك الاستجابة التي يحدثها نوعها الثقافي في المجتمع.
اذن فهو الموقع الذي يجمع الخسارة والشقاء والسعادة في بؤرة واحدة ، وهو الموقع الذي لاخيار له في استباله ابدا من اجل الحفاظ على نوعه النادر الفريد ، ذلك ،لأن وعيه الخاص يمنعه من الانتماء للقطيع الثقافي الذي تعمل السلطة على انتاج مواصفاته في المجتمع ،من جهة،ولأن ضميره الاخلاقي ووعيه السياسي يمنعه من الانتماء الى ثقافة السلطة ونوعها الايديولوجي المبيت، لذا فهو باق في مكانه الخاص به، المكان الفريد الذي يجد ان ثقافته تملأ عليه وتعوضه عن ما لم يستطع ان يحققه في المجتمع ـ احيانا ـ وعما لا تستطيع اخلاقية السلطة تلبيته له من مصالح تخص المجتمع .
من هنا ينبغي على المثقف السياسي ان يواجه هذه الحقيقة التي تمثل امامه واضحة للعيان ،بأن امله في بلوغ غايته لايملك الكثير ابدا من فرص النجاح،غير ان هذه الحقيقة نفسها من جانب آخر هي التي ينبغي ان يمتثل لها وان يتخذها المبدأ الاكثر فاعلية على المضي في غايته ، لانه مامن شيء ، رسالة او عمل يمكن لهذا المثقف السياسي ان يؤديها في حياته اكثر شرفا له ومتعة واعتزازا بنفسه ووجوده



#عادل_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الذين يقرأون و هم يركضون - بحث في تشويه الدرس العربي لشخصية ...
- فضائح الفكر العربي المعاصر- قراءة جديدة لكتاب الاسلام و أصول ...
- إعتراف
- الموت والوجود - تأملات في مفهوم الكائن الحي و النقيض له
- منطق الواقع يطيح بمنطق أرسطو
- قصائد صوفية
- نيتشه : مولد المأساة من روح الموسيقى
- وقائع موت الشعر في فلسفة هيجل 2
- موت الشعر في فلسفة هيجل
- الموهبة الشعرية - بحث في أصولها و معناها
- الكتابة بوصفها خلاصا من الكتابة - مقاربة شعرية لفهم (اختلاف) ...
- هيجل - نيتشه الصراع على هيراقليطس
- .زرادشت نيتشه - من الأخلاقي الأول الى اللا أخلاقي الأخير
- شخصية هيراقليطس - من تحامل أرسطو الى تشويه النقاد العرب
- المطلق الهيجلي - إنقاذ مفهوم الله من التصور الديني اليهودي و ...


المزيد.....




- فيديو كلاب ضالة في مدرج مطار.. الجزائر أم العراق؟
- الناتو يقرر تزويد أوكرانيا بمزيد من أنظمة الدفاع الجوي
- طهران: لا أضرار عقب الهجوم الإسرائيلي
- آبل تسحب تطبيقات من متجرها الافتراضي بناء على طلب من السلطات ...
- RT ترصد الدمار الذي طال مستشفى الأمل
- نجم فرنسا يأفل في إفريقيا
- البيت الأبيض: توريدات الأسلحة لأوكرانيا ستستأنف فورا بعد مصا ...
- إشكال كبير بين لبنانيين وسوريين في بيروت والجيش اللبناني يتد ...
- تونس.. الزيارة السنوية لكنيس الغريبة في جربة ستكون محدودة بس ...
- مصر.. شقيقتان تحتالان على 1000 فتاة والمبالغ تصل إلى 300 ملي ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عادل عبدالله - المثقفون و المجتمع في دكتاتوريات العالم الثالث