أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هويدا صالح - تعرية الثقافة الذكورية في رواية نوافذ زرقاء لابتهال سالم














المزيد.....

تعرية الثقافة الذكورية في رواية نوافذ زرقاء لابتهال سالم


هويدا صالح

الحوار المتمدن-العدد: 4905 - 2015 / 8 / 23 - 01:30
المحور: الادب والفن
    


مثلت رواية ابتهال سالم "نوافذ زرقاء" إضافة هامة لمنجز الرواية النسوية المصرية في عقد التسعينيات، فهي رواية تستحق التوقف، والبحث فيها عن تجليات الهامش الاجتماعي، سواء المرأة كهامش أو بقية الهوامش الاجتماعية. تطرح هذه الرواية منذ البدء إشكالية نسوية ذات إشارات دالة، فقد فضّلت الكاتبة أن تقدم سردها للعالم بضمير المخاطب، لكنه لم يكن ضميرا للمخاطب المؤنث كما هو متوقع لرواية تحكي قصة امرأة تقاوم التهميش والدونية بشتى الوسائل، لكنه ضمير المخاطب للمذكر. نعم، فرغم أن الذات الساردة التي صدرتها لنا ابتهال سالم لتحمل الخطاب الثقافي الخاص بعالمها السردي امرأة، إلا أنها لسبب ما ـ سوف يتضح من خلال قراءة العمل قراءة سيسوثقافية ـ جعلتها مخاطبا مذكرا، بل وأعطتها اسم"بهلول". ترى من الذي أعطى تلك البطلة المؤنثة اسم "بهلول"؟ وهل رضيت به البطلة أم حاولت التمرد عليه؟.
تحكي الرواية قصة فتاة يناديها أبوها وأمها باسم ولد منذ طفولتها الأولى، وليس أي ولد، بل اسم له دلالة سلبية في الذاكرة الجمعية، فاسم "بهلول" يستدعي صفات السذاجة أو الحمق في الذاكرة الجمعية المصرية.
نحن أمام فتاة منذ البدء يحاول مجتمعها الصغير أن يسلبها كينونتها الأنثوية ، منذ البدء يناديها أهلها بهلول ، ويظل الاسم ملتصقا بها ، حتى وهي تلد طفلها الأول، ولكن ليس الأهل وحدهم هم من ينادون المرأة بهذا الاسم ، فها هي الكاتبة تصر ما بين جملة وأخرى أن تذكر القارئ أنها تنادي امرأة باسم رجل، وليس أي رجل، إنه بهلول.
البطلة تقع تحت كل صنوف القهر، ليس للسخرية اللاذعة التي سلبت كينونتها الأنثوية فقط، بل لقهر الثقافة الذي تحاول ابتهال سالم أن تفضحه، الثقافة واللاوعي الجمعي هما ما يقهران الذات الأنثوية في النص على اختلافها، فحين تقدم لها زميلها الذي أحبته لم تجد من العائلة سوى العنف الجسدي ، عنف جسدي غير مبرر ، والأم والخالة تشاهدان، بل إن الأم هي من ينفذ القهر الذكوري على تلك الذات المهانة طوال النص.
المرأة هي التي تحرّض ضد المرأة، هي المرأة التي تنفذ الثقافة الذكورية ضد المرأة، وتمارس القهر ضدها. يتم قهر هذه الذات، فتمارس بالتالي قهرا مضاعفا على جسدها، لا تسمح لذاتها أن تشعر بهواجس جسدها، وإن لم تقهر هي هذا الجسد الذي بدأ يتفتح تقوم الأم بهذا القهر.
لا تتلقى الفتيات في مجتمعاتنا غالبا ثقافة الجسد، لا يحسن المجتمع التعامل مع الجسد الأنثوي. كل فتاة داهمتها الدورة الشهرية لأول مرة وقعت فريسة الرعب والفزع من أن تكون فقدت عذريتها التي تداوم الأمهات على التحذير من فقدها. يصبح هاجس المحافظة على العذرية المقدسة هو شغل الأمهات الشاغل ، فلا كلفن أنفسهن أن يحدثن الفتيات عن تطور بيولوجي طبيعي سوف تمر به أجسادهن، فلما تغيب تلك الثقافة عن الحوار المفترض بين الأم وابنتها، ولما يحين أوان ذلك التطور الطبيعي للجسد ساعتها يتملك الفزع قلوبهن البائسة، ويقعن فريسة الهواجس والخوف من المجتمع الذكوري.
ذات الثقافة التي تنكر على الفتاة متطلبات جسدها تضعها في ليلة زواجها أمام رجل غريب عن ذلك الجسد، فإما ينالها الرجل بقسوة وعنف رغبة منه في إثبات فحولته، وإما يصبر عليها وهذا غالبا لا يتم، فثم مجتمع ينتظر منه طوال الوقت إثبات فحولته باغتصاب جسد تلك الأنثى التي غالبا تكون جاهلة لمعنى التواصل الجسدي.
تعمد ابتهال سالم إلى فضح المسكوت عنه في نظرة المجتمع إلى المرأة ، وترفض اختصارها إلى جسد يُشتهى، محض جسد. كما تفضح ثنائية نظرة الرجل للمرأة المتحررة، فهو يريدها متحررة ليلهو معها، ويمرح ، لكن حين يفكر في الزواج يبحث عن المتحفظة الكلاسيكية..
قضية وضعية المرأة في المجتمع الشرقي ليست هي القضية الوحيدة التي تناقشها الكاتبة، فثمة قضايا إشكالية أخرى تطرحها في الرواية وتحاول أن تكشف المسكوت عنه فيها مثل الآخر الديني وتصوره عن ذاته، وتصور الآخر له والتحريض ضده، وكذلك المثقف وموقف السلطة منه، وخاصة أنها تناقش في العمل انتفاضة الخبز ودور الطلاب فيها بمشاركة العمال في السبعينيات من القرن الماضي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
هوامش
ـ انتفاضة الخبز حدثت في 18 و19 يناير 1977،خرج الشعب المصري منتفضًا بسبب زيادة الأسعار، وعرف الشعب هذا اليوم بـ«انتفاضة الخبز» فيما أطلق علية الرئيس السادات "انتفاضة الحرامية"، وحدثت على خلفية رفع الدعم عن مجموعة من السلع الأساسية وبذلك رفع أسعار الخبز والسكر والشاي والأرز والزيت والبنزين و25 سلعة أخرى، وانطلقت المظاهرات من عدد من التجمعات العمالية الكبيرة في شركة مصر حلوان للغزل والنسيج والمصانع الحربية وفى مصانع الغزل والنسيج في شبرا الخيمة وعمال شركة الترسانة البحرية في منطقة المكس بالإسكندري.
ـ ابتهال سالم روائية ومترجمة لها عدد من الروايات والقصص القصيرة منها :
يوم عادي جدا، نخب اكتمال القمر، الدنيا صغيرة، النورس، السماء لا تمطر أحبة، أوقات للحزن والفرح، الصبي الذي أضحى شابا، ونوافذ زرقاء، كما لها عدد من المؤلفات للأطفال منها "المقص العجيب،الكمبيوتر الحزين،عصفور أنا، سر القطة الغامضة،كما لها ترجمات للأطفال منها: حواديت شعبية من بلاد مختلفة، انطلق،مختارات من الشعر الفرنسي، بندقة ، الأمير بادورو.



#هويدا_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصراع بين الثقافة المحلية والثقافة الوافدة في إيران
- مفهوم مختلف للدين في أعلنوا مولده فوق الجبل
- اللامنتمي يحتج على قسوة البشر
- فن السياسة والأحكام السلطانية في كتاب-دولة الخلافة-
- هشاشة الخطاب الديني في حركات الإسلام السياسي
- عوائق مراجعة المفاهيم في الفكر الإسلامي
- أول محاولة لقلب نظام الحكم في التاريخ العربي
- الحب العذري عند العرب
- مقال د. سيد ضيف الله عن رواية - عشق البنات - لهويدا صالح
- قراءة في رواية ممرات للفقد ..لدكتور عمار علي حسن
- نجيب محفوظ بين السيرة الذاتية والتخييل السردي .. أصداء السير ...
- طرف من سيرة جدتي دولت
- الكرنفالية وتعدد الأصوات في رواية - كلما رأيت بنتًا حلوة أقو ...
- هل قتل النبي كعب بن الأشرف بكلمته؟!
- الخروج: آلهة وملوك.. أم إثبات حق العودة ؟!
- قراءة في صورة لقاء المثقفين بالرئيس عبد الفتاح السيسي !!
- امرأة الميدان ( حكاية عن شهرزاد يوم جمعة الحداد)
- المجتمع وضريبة الجسد !
- جابر عصفور والتنوير !!
- المثقف الميداني واستراتيجية العمل الثقافي


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هويدا صالح - تعرية الثقافة الذكورية في رواية نوافذ زرقاء لابتهال سالم