أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هويدا صالح - الصراع بين الثقافة المحلية والثقافة الوافدة في إيران















المزيد.....

الصراع بين الثقافة المحلية والثقافة الوافدة في إيران


هويدا صالح

الحوار المتمدن-العدد: 4904 - 2015 / 8 / 22 - 08:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



في ظل الاتفاق النووي الإيراني الأمريكي الأخير يأتي كتاب" التشيّع والتحوّل في العصر الصفوي" لكولن تيرنر الذي ترجمه حسين علي عبد الساتر وصدر عن منشورات الجمل بكولونيا هاما ودالا في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ المنطقة العربية ، وأثر هذا الاتفاق على العر، فهذا الكتاب يعتبر من أهمّ ما كتب في العصر الحديث في مجال الدراسات الإيرانية عمومًا وما تعلّق منها بالحقبة الصفوية بصفة أخصّ، واستطاع المؤلف أن يجيب على عدّة أسئلة خطيرة تتعلّق بمدى أصالة الفكر الشيعي السائد.
قسّم كولن تيرنر كتابه إلى خمسة فصول متكاملة، حاول من خلالها أن يرصد التحوّل الثقافي زمن الصفويين من عدّة زوايا، فدرس في الفصل الأوّل ما حصل من انزياحات في هذه الفترة من خلال ثنائية الإيمان والإسلام، وركّز المستشرق على دلالات المصطلحين في القرآن والسنّة، باعتبار أنّ الانزياح تجاوز النصّ وأسّس مرجعية بديلة اضطربت فيها الدلالات وحصل فيها "الخلط في مصطلحي الإيمان والإسلام ونتج عن هذا الخلط هيمنة الفقه والفقهاء وترسيخ التفريعات الفقهية وجعلها الشغل الشاغل للعلماء المسلمين.
واعتبر المؤلف الإيمان إسلاما داخليا في مقابل االإسلام الخارجي المتعلق بإظهار الطاعات. وفرّق بين الإسلام بما هو تسليم لله والإسلام بما هو تسليم
لأوامره، واستأنس في ذلك بآيات قرآنية تتحدّث عن الإسلام والإيمان وبآراء أبرز علماء المسلمين السنّة والشيعة.
اهتمّ الفصل الثاني من الكتاب بـ"الدين في إيران القروسطية وبزوغ نجم الصفويين"، وحاول المؤلّف من خلال هذا المبحث أن يضع المسألة إلى سياقها التاريخيّ والثقافي، فتحدّث عن ثنائيات أسهمت بصفة أساسية في تشكيل الثقافة الفارسية الإسلامية تتعلق بالجوانية والبرانية، وأهل الباطن وأهل الظاهر، وأهل الكشف وأهل النقل، والصوفي والفقيه. وبيّن أنّ الجوانيّ"هو العالم المسلم الذي يركز اهتمامه على أصول الإيمان وبشكل أخصّ على اكتساب المعرفة بالله وصفاته.
تحدّث كولن تيرنر في هذا الفصل عن قيام الدولة الصفوية بدايةً من دخول إسماعيل القائد الصفوي تبريز، وتنصيب نفسه شاها. ولا يعكس اعتناق إسماعيل شاه المذهب الشيعي الاثناعشري واعتماده مذهبا رسميا للبلاد خيارا فكريا عقديا بقدر ما يكشف خطة استراتيجية في بسط النفوذ، وتحقيق الهيمنة السياسية والاقتصادية والعسكرية، واستطاع أن يرصد هذه الخلفيات من خلال دراسة المرحلة الصفوية.

وتأثيراتها العقديّة والسّياسيّة، ولا يمكن تمثّل هذا التحوّل دون النظر في وضع المذهب الإثني عشريفي إيران قبل الصفويين، وفنّد الباحث أقوال نور الله الشوشتري الذي "بذل قصارى جهده لإثبات أنّ إيران كانت إمامية بمعظمها قبل الصفويين. رغم أن إيران كانت في معظمها سنية صوفية حتى أن إسماعيل عجز بعد فتحه عن العثور على أي مدونة عن المبادئ العامة للإمامية ما عدا مخطوطة يتيمة في الفقه كانت في مكتبة نائية في بلدة أردبيل في أذربيجان في بداية القرن الثامن الهجري.
يعتبر الفصل الثالث من الكتاب محور العمل، إذ تناول فيه المؤلّف "ترسيخ السلطة الصفوية ونهوض البرانية الإمامية"، وأكد أنّ إسماعيل الصفوي لم يكن مطلعًا على الفقه الإمامي وكان من أهل الغلوّ,وكان يدّعي الربوبية ويعتقد الناس في خلوده. ورجّح كولن تيرنر أن يكون اعتناق الصوفيين المذهب الإمامي ضربا من ضروب التكتيك السياسي الذي يهدف إلى الحفاظ على الحكم.واحتج الباحث بقولٍ لأحد علماء الشيعة مفاده أن الصفويين لم يقيموا سلطانهم على أساس الإيمان ولا على الإسلام.
وركز المؤلف على دور الشيخ الكركي العاملي في نشر المذهب الإمامي بإيران في عصر إسماعيل الصفوي، حتى أنّ بعضهم اعتقد أنّه مؤسّس الفكر الشيعي. كان الكركي متحمسًا للصفويين إلى درجة أنّه كتب رسالة يبيح فيها التقليد الفارسي القديم المتعلق بالسجود أمام الملك، وتحصّل الكركي على امتيازات وعقارات بسبب ولائه المطلق للصفويين، وتابع المؤلف بدقة التحولات الفكرية والاجتماعية التي صحبت إعلان الصفويين تشيعهم، واستقدامهم علماء الشيعة من جبل عامل وسورية والبحرين، فقد قمع الكركي التسنن وفرض التشهير المذهبي بالخلفاء الراشدين.
وركز كولن تيرنر في هذا القسم من الكتاب على تواصل وفود علماء الإمامية العرب على إيران ومساهتمهم في نشر الفكر الإمامي وتغيير المشهد الثقافي ببلاد فارس، وصارت مبادئ الإمامية عنصرا أساسيا في خطبة الجمعة وهي عبارة عن مديح مفرط للأئمة. وقد تنبه تيرنر إلى مشكلة تعاني منها إيران حتى اليوم وهي الصراع بين الثقافة المحلية والثقافة الوافدة، واعتبره صراعا بين طبقة الإكليروس والجماعة الدوغمائية، وتشمل الطبقة الأولى الوجهاء المحليين، بينما تشير الطبقة الثانية إلى فقهاء الإمامية الوافدين إلى البلاد في العصر الصفوي.
ونشأ بين الفريقين صراع وحقد مازالا متواصلين إلى يومنا هذا.ولئن ركّز العلماء العرب الوافدون على الفقه والعلوم النقلية، فإنّ العلماء المحلّيين اهتموا أكثر "بالفلسفة والنحو والمنطق والرياضيات والفلك والأدب والشعر. وعموما يمكن القول إنّهم برعوا في العلوم العقلية أكثر من العلوم النقلية.
واستطاع العلماء الوافدون السيطرة على المناصب الدينية المهمة بالبلاد بعد أن كانت تحت سيطرة المحليين، واحتفظت الطبقة الأستقراطية العلمانية، كما يسميها المؤلف بمنصب الصدر.
أما في الفصل الرابع يهتم المؤلف بمحمّد باقر المجلسي صاحب كتاب "بحار الأنوار" الذي يعتبر من أساسيات التقليد الشيعي، ولم يكن اختياره للمجلسي صدفة، بل كان مقصودًا حقّ القصد، فالرجل يعتبر عصارة الثقافة الصفوية وصاحب الفضل في تدوين كلّ ما أصاب الفكر الشيعي من تحوّلات وانزياحات وتشويهات، تعاملت معها الأجيال اللاحقة باعتبارها حقائق ويقينيات، وكان المجلسي أبرز فقهاء الإمامية في آخر العصر الصفوي، ومؤسس الأرثوذكسية الجديدة، حتى أنّ أحد النقاد وسم الفكر الشيعي بالفكر المجلسي.
وبعد تعيينه شيخ الإسلام حارب المجلسي السنة والصوفية وحطم الأصنام داخل المعابد الهندوسية ، ويرجع المؤلف سخط السنة للمجلسي قمعه الشديد لهم.واستصدر قرارا بطرد الصوفية من العاصمة.
ثم ختم المؤلف الكتاب بفصل خامس عنونه بـ"البرانية تحت المجهر: عقيدتا الانتظار والرجعة عند الإمامية"، وكان هذا الفصل بمثابة القسم التأليفي وقف فيه المؤلّف عند أهم الانزياحات التي لحقت بالفكر الشيعي في العصر الصفويّ، فتناول فكرة المهدي مثلما تجلت في الطرح الشيعيّ عمومًا والأدبيات الصفوية بصفة أخصّ، وقارنها بما جاء في بقية الأديان، وفي هذا السياق بحث كولن تيرنر في مفهوم الانتظار في الفكر الشيعيّ، ونظر في خلفياته الثقافية والتاريخية والنفسية، وركّز المؤلّف اهتمامه في هذا الفصل أيضًا على كتاب "بحار الأنوار" الذي يعتبر من أهمّ ما كتب في تاريخ التشيّع.



#هويدا_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مفهوم مختلف للدين في أعلنوا مولده فوق الجبل
- اللامنتمي يحتج على قسوة البشر
- فن السياسة والأحكام السلطانية في كتاب-دولة الخلافة-
- هشاشة الخطاب الديني في حركات الإسلام السياسي
- عوائق مراجعة المفاهيم في الفكر الإسلامي
- أول محاولة لقلب نظام الحكم في التاريخ العربي
- الحب العذري عند العرب
- مقال د. سيد ضيف الله عن رواية - عشق البنات - لهويدا صالح
- قراءة في رواية ممرات للفقد ..لدكتور عمار علي حسن
- نجيب محفوظ بين السيرة الذاتية والتخييل السردي .. أصداء السير ...
- طرف من سيرة جدتي دولت
- الكرنفالية وتعدد الأصوات في رواية - كلما رأيت بنتًا حلوة أقو ...
- هل قتل النبي كعب بن الأشرف بكلمته؟!
- الخروج: آلهة وملوك.. أم إثبات حق العودة ؟!
- قراءة في صورة لقاء المثقفين بالرئيس عبد الفتاح السيسي !!
- امرأة الميدان ( حكاية عن شهرزاد يوم جمعة الحداد)
- المجتمع وضريبة الجسد !
- جابر عصفور والتنوير !!
- المثقف الميداني واستراتيجية العمل الثقافي
- خرائب النصر


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هويدا صالح - الصراع بين الثقافة المحلية والثقافة الوافدة في إيران