أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصير شمه - الصورة موسيقى أيضاً














المزيد.....

الصورة موسيقى أيضاً


نصير شمه

الحوار المتمدن-العدد: 4903 - 2015 / 8 / 21 - 09:48
المحور: الادب والفن
    


في طفولتي وقع بين يدي «البوم» للصور، وكنت كلما فتحته أسمع صوت موسيقى ناعمة تنبعث منه، وأعجبتني الفكرة لدرجة أنني كنت أباغت الألبوم مرارا بالفتح السريع أو الإغلاق السريع لأسمع صوت قفلة الموسيقى أو بدايتها.
صندوق الموسيقى شكّل بداية القصة، الموسيقى التي ترافق الصورة، ومن ثم الموسيقى التي تشكل الصورة، إلى الموسيقى الصورة. منذ ذلك الألبوم ربما ارتبطت عندي الموسيقى بالصور، تلك الصور بالأبيض والأسود أولا، ومن ثم الصور الملونة، الموسيقى لا تصاحب الصورة بل تجسدها، تجلس معها تخاطبها وتفكك ألوانها لتبعثرها ومن ثم تعيد تركيبها. موسيقى الصورة تمتاز بجماليات متعددة ومختلفة في آن، وقد يكون خير تشبيه لهذه الموسيقى هو الشعر.
بالنسبة لي على الصعيد الشخصي تأليف مقطوعة موسيقية يتم بالطريقة نفسها التي تُكتب بها القصيدة، التأليف هنا يختلف عن تلحين قصيدة أو «صناعة» مقطوعة. موسيقى الصورة تمثل حدثا ما، لحظة ما، ساعات ربما، حياة كاملة أحيانا، لكنها كلها تختزل في ثوان أو دقائق. هي زمن له أوجه عديدة، قد تغيب كلها في المرايا وتتلاشى بسرعة مثل حركة قطار سريع حين نرى الصور وكأنها مخطوفة، وفي لحظة الوقوف عند المحطة تكتمل الصورة بلا أدنى اهتزاز.
تجسيد لحظة، وقوف مفاجئ عند محطة، انتشال لحظة من أعماق الذاكرة، استعادة اللحظة، تكثيفها والعيش فيها مجددا، كلها أمور تجتمع بين شاعر يكتب قصيدته وموسيقي يرسم صورة عبر سلالم موسيقية ونوتات.
أعود إلى تجربتي الشخصية في تأليفي لمقطوعة حب العصافير، هذه المقطوعة التي جسدت بها مفهومي لموسيقى الصورة مدعمة باستخدامي للتقنية أو بتعبير آخر «تكنيك» في العزف من حيث استخدامي لأوكتافات مختلفة في صورة محاكاة للطبيعة، وتحديداً علاقة عصفورين في حديقة معهدنا الذي تشربنا فيه الموسيقى، راقبت فرح العصفورين تحليقهما سعادتهما، إطعام بعضهما بعضا، وقوفهما المباغت، انسيابية حركتهما، وغيرها من الصور، حينها كنت في السنة الثانية في معهد الدراسات النغمية، وكنت مهووسآ-;---;-- في البحث عن تأسيس بصمة وأتمرن يومياً لعشر ساعات وأكثر، وقررت أن أتبنى حب العصافير وأنقل البهجة التي كانت معي وأنا أرقبهم إلى كل الناس، بدأت بأبعد وأكثر الدرجات الصوتية في نهاية الوتر ناحية المضرب، وكانت هذِهِ درجات يصعب اللعب كثيراً فيها، نسميها الأوكتاف الرابع والخامس، وعندها تنحسر المسافة بين درجة وأخرى على الوتر نفسه. بعد شهر أو أكثر قليلاً بدأت أسيطر على أصابعي وأتحكم بفعل الحركة التي يأمر فيها عقلي أصابعي، ثم أردت أن أحاكي مؤلفا شهيرا على العود للشريف محيي الدين حيدر، عنوانه «ليت لي جناحا» ربما باللاوعي كان الشريف تحديا حقيقيا لي ولكل العازفين، لم أقتبس من عمله شيئا، لكنني عملت ما يشبه عمل أكثر من شاعر، على فكرة ما أو بحر عروضي واحد. قدمت حب العصافير في الحفل الختامي للعام الدراسي ذاته وبثقة مبالغ فيها، مع استعداد حقيقي تقني وجمالي، وتحدثت حينها عن العصفورين ذاتهما ومقطوعة الشريف، وما أن انتهيت من العزف حتى شعرت بأن الكون كله كان يصفق في حرارة وردة الفعل المباغتة لي ووقوف الأساتذة وزملائي، بعدها بدأت أتشجع أكثر في الغوص في تفاصيل موسيقى الصورة، وكنت ولا زلت مخلصآ-;---;-- تماماً لمنطلقات الفكرة ومأتاها. مثل موسيقى رقصة الفرس «أصايل» كانت عن فرس بالاسم نفسه أعجبني جداً وأردت من خلال الموسيقى أن يرى كل مستمع لتلك القطعة ما كان الفرس عليه من جمال ورشاقة وقوة وجاذبية أخاذة، ثم عمل بعنوان على حافة الألم عن صلابة المرأة الفلسطينية وصمودها لأكثر من خمسين عاماً ضد الاحتلال تنجب وتناضل، وربما يستشهد وليدها وتلد من جديد ثم تجابه بكل قوة
وفي مواقع عديدة، و«ثورة وأمل» اسم لعمل موسيقي كتبته عن طفل فلسطيني يواجه دبابة العدو المحتل إبان الانتفاضة الأولى، وغيرها من الأعمال التي كانت إما تصنع الصورة لدى المتلقي أو تترجم صورة أو مجموعة لقطات لحدث ما. الصورة تجسيد، ولكنها أيضا قد تكون مخيلة تامة، فقد نرسم صورة لا علاقة لها بالواقع ومع هذا نصنع لها حياة متكاملة، هكذا ايضا الموسيقى والشعر، حياة متخيلة أحيانا بوسعنا أن نضع لها أجنحة فتحلق، ومن خلال تحليقها نرى طبقات السماء الزرقاء، المخيلة تشبه العصفور وتستطيع أن تلتقط بمنقارها الصغير حبة متناهية الصغر لتصنع منها حياتها.. المخيلة عصفور بجناحين عندما يفردهما يصبح الكون كله بين رفتي هذين الجناحين. يحتاج المؤلف الموسيقي كما الشاعر، كما أي مبدع إلى هذه المسافة بين الجناحين ليوسع الكون من داخلهما، يحتاج أيضا إلى عين الطائر الثاقبة تلتقط من أعلى السماء لحظة صغيرة على الأرض. موسيقى الصورة تختلف أيضا عن الموسيقى التصويرية التي سأتوقف عندها في مقالة مقبلة، تجمع ما بينهما السلالم الموسيقية وتختلف بينهما التقنية. تبقى موسيقى الصورة بالنسبة لي، مؤلفا موسيقيا وعازفا أيضا، هي أساس عملي، أن أرسم جدارية كبيرة على حائط أبيض بألوان قوس قزح، تماما كما يترك المطر بعد توقفه ألوانه تحت ضوء الشمس.

تثبيت المصدر الأصل: « القدس الـعـربـي »
http://www.alquds.co.uk/?p=390727

والصفة :
كاتب وموسيقي عراقي
نصير شمه





#نصير_شمه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قل لي ما تسمع أقل لك من أنت
- الفلسفة روح الموسيقى
- الموسيقى تعرف «الدور المقام والطقطوقة البستة*»
- الموسيقار محمد الموجي.. عقد ياسمين لايذبل
- ذاكرة أذن.. عريب
- .. تواصلاً مع الشيخ زكريا أحمد
- مقام الحُب وآهات زكريا أحمد
- رحلة اكتشاف الموسيقا
- رحلتي.. أكتب لأنظر للجمال.. زوجتي معارضة سورية
- رحلتي مع العود
- حُلم مريم


المزيد.....




- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نصير شمه - الصورة موسيقى أيضاً