أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاتن خاطر - -ديزنى يراقص سندريلا- قصة قصيرة















المزيد.....

-ديزنى يراقص سندريلا- قصة قصيرة


فاتن خاطر

الحوار المتمدن-العدد: 4901 - 2015 / 8 / 19 - 15:41
المحور: الادب والفن
    


ديزنى يراقص سندريلا
قصة قصيرة
فى هذه اللحظات، استسلم الكون كله للنوم، ولم يمربخيال البشر حتى طيفا رفيعا
عما يدورفى الصحراء البعيدة، ربما لإنها بعيدة جدا عن الجميع، لم يستوطنها
أو يقطعها، أويخط خطوة فى رمالها، إلا أفراد.
وعلى أطراف هذه الصحراء نفسها أقام مدينته السحرية منذ سنوات قديمة، وكعادته كل ليلة وقبل أن تفتح أبوابها، يقطع الصحراء فى جولة قصيرة ثم يمرق لمدينته
يجلس فى ركن بعيد يتابع بنظراته كل شئ بدقة، ويتأمل عبردخان سيجارته سكون الألعاب التى ستلف بعد ساعات قليلة فى كل الإتجاهات متوازية ومتقاطعة ومتداخلة مع أصوات الموسيقى والمرح والزحام والملابس الملونة، والقاتمة ، لكنها كلها بأثمان باهظة...وقبل دخول أول زائريختفى.
مع دخان سيجارته الأولى المتلاشى فى اتساع الصحراء، اقترب منها ولم يخيب
ظنه من اللحظة الأولى أنها فتاة، من فستانها القاتم الذى لم يتضح لونه حتى مع ضى النجوم، وشعرها المنسدل على ظهرها ، رفع بصره لصقر محلقا فوقهما تماما، وانصت لحظة للهواء، وألقى بقايا سيجارته بعيدا، واقترب أكثر، وقبل أن يلمسها العقرب هدهد بكفه الضخم طرف كتفها ، ورفع رأسها بيده الأخرى:
ماذا بك يا أميرتى الصغيرة؟
رفعت رأسها وتأملته:
لست الأميرة سيد ديزنى..
ظن للوهلة الأولى أنها أحدى العاملات بالمدينة، وربما أتت إلى هذا المكان البعيد لتستريح أوتكون مبكرة لعملها....
أتعرفيننى؟
بلى..وكيف لا أعرف من كتبت كلماته أمامى كل يوم،
وحفظتها على هذه الشاشة،انظر سيدى..
أضاءت شاشة ضخمة بالقرب من البوابة الرئيسية، تطلع إليها، وقرأ الجملة حرفا
يتبعه حرف، وكأنه لم يقرأها سوى هذه المرة:
" اضحكوا، أيها التعساء "
لما لا تضحكين إذا يا....
وكأنى أعرفك؟!..
تأمل وجهها على أثار ضوء الشاشة، وضى النجيمات الصغيرة المتلألئة على وجنتيها، وشعرها.
ألست الأميرة سندريلا؟
بلى سيد ديزنى..أنا سندريلا
ولكنى لست الأميرة...
ارتفعت الأنوارمن بعيد، وتداخلت الهمهمات، وبدأت المدينة تفتح أبوابها الخلفية
ويمرق إليها رجال وأطفال ونساء، أشارت بيدها:
الأميرة ها هى هناك، يزحف خلفها الأمير..
لم يلتفت:
ألذلك حزينة ؟
بدأ المهرجون يضعون لطخات الألوان على وجوههم، وعيونهم تتأمل باتساع
مرآة ضخمة شفافة، فراغ الصحراء الممتد أمامهم.
لا سيدى..لست حزينة أبدا.
لما لا تسيرى خلف الأمير؟
أيجب على أن أسيرأتبعه؟!
إن أردت..
نظرت للرمال، وقبضت قضبة منها وتركتها تتسرب عبرأصابعها ببطء..
كنت أسفل هذه الشجرة..
وأشارت إلى شجرة بنفسج خلف المدينة البعيدة، بدأت الشجرة ترتفع
والزهرات البنفسجية تتفتح، وتزيد على الأغصان، تطلع إليها وعيونه
تتسع وتتسع:
يا لها حقا من شجرة جميلة! كيف لم ألحظها قبل هذا اليوم؟!
بلى..كنت أجلس أسفلها كل يوم، لكن الأمير
لم يرى أبدا سوى ملابسى هذه الملطخة.
ولما تلطخت ملابسك هكذا ابنتى؟
رفعت يدها اليسرى وأشارت:
أترى هذا المنزل البعيد سيد ديزنى؟
بدأ المنزل يتكون أمامه، ويستقيم ، ويرتفع، وتفتحت نوافذه
واستضاءت قناديله..
تعجب:
يا له من منزل عجيب! لم أراه أيضا سوى هذه اللحظة..
أكدت:
لأننى أخفيته..هذا بيت جدى الكبير.
بدأ رواد المدينة يتوافدون عبرالبوابة الرئيسية..
وأخرجه كل ليلة، فأنظف جدرانه، وأمسح الأرضيات
وألمع المرايا، وأشعل البخور، وأدع الهواء يدخل الحجرات
وأزيل التراب عن الأثاث، وأغلق حجرة جدى جيدا بهذا المفتاح
وأخرجت من صدرها مفتاح نحاسى قديم..
مفتاح نادر..ابنتى
صنعه جدى بيده.
بعدها أشعل القناديل، وأعد الطعام ، وأقف أمام البيت
انتظرحتى ينتهى المهرجون، والأطفال، والراقصون
وأدعوهم للعشاء معى..كل ليلة.
حقا؟
حقا..سيدى.
لكننا لا نملك أى مناشف فى بيتنا، تآكلت كلها، وكذلك الماء
قليل، يكفى بالكاد للشرب وإعداد الطعام، فرواد مدينتك سيدى
لم يسمحوا لنا سوى بهذه المياه القليلة.
لذلك لم يجد ضيوفى سوى فستانى فارفعه لهم لينظفوا أياديهم
بعد عملهم، وبعد العشاء أيضا ..
ضحك ..
ولما لا ترفعى يدك وتشقى لهم نهرا، كهذا البيت وهذه الشجرة؟
نظرت للرمال ولم تعقب.
لا عليك..ابنتى.
رفع يده فى الهواء، وأتى بفستان من الحريرالأزرق الفاتح مرصع بلؤلؤات
صغيرة، وحذاء فضى، وحصان أبيض أيقظ صهيله الصحراء.
هيا سندريلا..ارتدى الفستان واقفزى على الحصان
واسرعى..الحقى به..تقدمى خطوات حتى يراك
نظل هكذا ابنتى وما هى إلا خطوة واحدة للإمام
حتى يرانا الجميع..
رفعت رأسها:
أشكرك سيدى..لكننى لن أرتدى هذا الثوب
ولن أخطوللأمام..خطوة أخرى.
لما؟!..أولم تقولى أنه لم يرى سوى ملابسك الملطخة؟
ألم تفكرى أبدأ فى هذا الثوب الجميل؟
نظرت للثوب ولمسته بكفوفها، وظلت تحسس خيوطه..
هكذا قلت حقا ..
ولكنى لن أبدل هذا الثوب.. اليوم على الأقل
ربما أبدله ذات يوم بفستان أحكيه بيدى تلك
ورفعت كفوفها أمام وجهه..
ولما لا تصنعى ملابس جديدة الأن؟!
رفع يده مرة أخرى فى الهواء، وأتى بخيوط، وأقمشة من الحرير
والكتان بكل الألوان..
اصنعى فستانك فورا، سأساعدك..سندريلا..هيا
أزاحت الأقمشة:
عندما أتيت إلى سيد ديزنى لم أكن أفكر فى هذا الأمر..
تعالى الضجيج، والهواء، وارتفع عزف الألات الموسيقية، وبدأت الألعاب
تزاحم الهواء عاليا.
فيما كنت تفكرين إذا؟!
فى أمر كبير..
أكبر من هذا المنزل وهذه الشجرة، وأميرك البعيد..
تأملت الرمال والعقرب:
بلى سيدى..الأميرليس أميرى
ها هو يلهث خلف أميرة..
وهذا منزل جدى، وتلك الشجرة شجرة الساحرات الطيبات..
أما أنا..
التفتت خلفها، وأشارت لجبال شاهق ..
أترى هذا الجبال سيد ديزنى؟
أراه ..أراه ابنتى..على الرغم أنه بعيدا للغاية، لكنى أراه ..
سأقيم حول هذا الجبل، وبوسع هذه الصحراء
مدينة أجمل من مدينتك..هذه.
ضحك طويلا، وسقط الفستان من يديه.
حقا!..
حقا..هذا الجبال فى جوفه، جبل أصغر من اللؤلؤ..
فى يوم ما، ربما اليوم، أوغدا، سيأتى هؤلاء المهرجون..
وأشارت إليهم فى المرآة الشفافة البعيدة، وهم يتطلعون إليها.
وقارعى الطبول...
بدأ يرتفع صوت الطبول أكثر فأكثر.
وهؤلاء الأطفال...
سقطت الأطباق من أيادى الأظفال فى المطبخ.
وصانعى الأطعمة..
رفعوا جباههم عن اللهب.
والراقصون..
ازداد الرقص خفة.
ومالئى الأقداح...
التفتوا إليها وقلوبهم معلقة.
وهؤلاء الصبية والصبايا، أتراهم، سيد ديزنى؟
هاهم أمام بوابة مدينتك..
التفت للبوابة، فأبصرصبايا وصبية، لا تزيد أعمارهم عنها
ويرتدوا نفس ملابسها، وأياديهم معلقة بأبواب المدينة، وعيونهم
تترنح عاليا مع الألعاب..
أراهم..أراهم جيدا الأن..
سنمشى سويا حتى هذا الجبل، انظرإليه.
بدأ يدقق النظر، ويفتح ويعصرعيونه بشدة ليرى بعمق أكثر، بدأت أصوات
مدينته تخفت، ويرتفع خطى السائرين للجبل، وأنفاسهم، أكدت:
سنشق هذه الأحجار، وننحت بعضها، حتى يظهر جبل اللؤلؤ..
بدأ يتلألأ أمامه جبلا صغيرا من اللؤلؤ بالفعل.
وننحت فيه سلالم لهؤلاء الصبايا ومن بقاياه سنصنع أضواء مسرحنا
هذا الذى سنفيمه أسفل جبل اللؤلؤ من هذه الحجارة..
وعلى الجهة اليمنى سنشق النهرسيد ديزنى، وعلى حوافه سنزرع
أشجارالورد، والبنفسج، والياسمين، والزيتون، والبرتقال..
تسربت نسائم الأشجارالمختلطة إلى حواسه، فأغمض عينيه وطافت حوله
الفراشات الملونة ،وذابت فى ورق الشجر..
وسنحمل باقى الأحجار ونقيم بها بيوتا صغيرة،
ومن خشب هذه الأشجارالقديمة الذابلة، أتراها؟
التفت حيث أشارت..
أراها..ابنتى..
سنصنع ألعابا، وطبولا، وألالات موسيقية، ونشد
أوتارها من جدائل شعورنا هذه..
وأمسكت بحزمة من شعرها وأشارت إليه بها .
وسنصنع ملابسنا من أوارق أشجارنا الملونة..
حتى ننتهى من كل شئ..بعدها لن نقيم حوله مدينتنا سورا..
وسنكتب نصا لمسرحنا نشترك فيه جميعا..وسندعو كل الرسامين
والفنانين ،وكل من لم يدخلوا مدينتك، ليكونوا ضيوف عرضنا الأول.
وسنبدأ العرض بجملتك سيد ديزنى:
اضحكوا، أيها...
قاطعها مؤكدا:
الحالمون..
بلى سيدى..الحالمون.
طوبى لكم ابنتى..سندريلا.
وقف ديزنى وتأملها طويلا، وأخيرا:
سندريلا..هل تأذنى بصحبتى هذه الليلة
فى مدينتى البائسة ..هذه..
وقفت سندريلا ، وانحنت :
بكل سرور سيد ديزنى، على أن تعدنى أن ترافقنى
يوما ما بأمسية، فى مدينتى العظيمة تلك .
وأشارت للجبل.
مد يده للأمام، فوضعت يدها اليمنى على يده اليسرى
وسارا سويا، ورفع صوته عاليا:
افتحواالأبواب
بدأت الأبواب تنفتح باتساع المدينة كلها
وأضاف:
دقوا الطبول
غرد أيها الكمان
بدأ قرع الطبول، مع ارتفاع هائل لصوت الكمان، وخلف المدينة
كانت الساحرات الثلاث، بملابس زرقاء، أعلى شجرة البنفسج
يعزفن النايات، وارتفع صوته :
هاهى سندريلا أتت اليوم
لتراقص ديزنى.
التفتت إليه ضاحكة، وامتدت أمامهم سجادة طويلة من الأحمرالقاتم
وسارا سويا، حتى وصلا لباب المدينة، فاستقما أمامها سلما برونزيا
وصعدا معا سبع درجات، وبدأ صوته يهزالصحراء
فالتفت الأمير وأمامه الأميرة من بعيد ناحية الصوت:
اضحكوا، أيها الحالمون
ها قد أتت سندريلا
وعلى المسرح كان الجميع يتطلع لأولى خطوات رقصتهم معا.
وبدأت الساعة تدق مع أول خيوط النوربعيدا جدا عن الصحراء
وتفتحت أول العيون ...
فاتن خاطر.






#فاتن_خاطر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نفسى فى كاميرا


المزيد.....




- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاتن خاطر - -ديزنى يراقص سندريلا- قصة قصيرة