أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - مسامير الرئيس














المزيد.....

مسامير الرئيس


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 4901 - 2015 / 8 / 19 - 10:48
المحور: الادب والفن
    


عندما بدأ الضَّجَرُ يغزو المدينة كما الجراد، أخذ بطرح تساؤلات سرية جديدة على نفسه دون أن يتجرأ على طرحها كتابةً حتى في دفتر مذكراته الخاص ..

تساؤلاته هذه المرة تشبه: لماذا يخاف العربي من أسئلته؟ .. هل اسرائيل دولة؟ .. هل هذه الدولة ديمقراطية؟ .. ما هو معيار ديمقراطيتها؟ .. هل ينبغي التصالح مع اسرائيل أم ينبغي تصفية الحسابات معها؟ .. كيف تبدأ تصفية الحساب، ومن أين؟ .. هل مازال لنظرية دمقرطة أحد بلدان الطوق أي معنى؟ ..

عندما صار الضَّجَرُ طعاماً يومياً مثل الفجل الأحمر ينمو على مزابل مجارير المدينة ليجد مكانه لاحقاً على رفوف مطابخ الفقراء، كان قد سلم لتوه غرفة بليدة باردة لم يستطع تحمل حتى ثمن أجرتها الشهرية ..

كان أثاثها لا يتعدى سجادتي صلاة وحصيرة صفراء تفوح منها رائحة الريحان فرشهم في أرض الغرفة كما في مزار، وسجادتين ملونتين للعشاء الأخير علقهما على النافذة العريضة لدرء عيون الفضول، وأشياء أخرى قبيحة المنظر ملونة بالأخضر والأحمر والأسود، أشياء سرقها مع صديقه جوزيف من المزارات المنتشرة في قرى مدينته، إضافة إلى علاقة ملابس فارغة، كانت علاقات الثياب الفارغة ديكوراً مشتركاً لجميع الغرف البسيطة، كأسين من الستانل ستيل وأبريق شاي من الألمنيوم، وطبعاً بعض الكتب المسروقة من المعارض الجامعية ..

عندما أصبح الضَّجَرُ كرة ثلج تكبر كلما تدحرجت وابتعدت، كانوا بانتظار أحد أصدقائهم الذكور ممن يدرسون في بلدان أوروبا الشرقية، القادم في إجازة قصيرة لزيارة الوطن والأهل والأصدقاء، لا بد أنه تعلم هناك أشياء كثيرة جديدة سيرويها لهم ..
التقوا معه بعد نهاية يوم دراسة طويل في أحد ممرات كلية العلوم، كانت للبنات فرحة تختلف عن فرحة الشباب فقد كان مشروع عريس لقطة بامتياز! ..

يلقبه أصدقائه ممازحين بعاقد الحاجبين وتسميه صديقاته بعاقل الحاجبين ويفرحون، جلسوا في مقعدين متقابلين كما يفعل الطلاب المهذبون عادةً بينما جلس العاقد للحاجبين على حافة مسند المقعد الخشبي واسترخت قدميه على مكان جلوس مؤخرات الآخرين، كان يبدو واثقاً في جلسته التي تعلمها في جامعات أوروبا الشرقية ..

تذكر عندما اضطر ذات يوم لزيارة مدينة بيروت أنّ أول ما لفت انتباهه هناك هو الجلوس المريح للشباب والصبايا على ظهور سياراتهم وعلى مساند المقاعد الخشبية في الشوارع والحدائق، حينها خاطب نفسه بعفوية: إنها الحرية، إنها الخطوة الحتمية الأولى للتخلص من الديكتاتورية ..

عاد من ذاكرته حين بدأ عاقل الحاجبين حديثه الشيق عن جامعته، عن غرفته المتكاملة الأثاث مثل شقة يابانية صغيرة،عن أجرتها الشهرية المتواضعة، عن اللوحات الرومانسية المعلقة على جدرانها، عن مطبخها الأنيق بتجهيزاته الحديثة، عن رائحة النساء الزائرات، عن بقايا كؤوس الخمر وأعقاب السجائر الفاخرة .. حدثهم عن بعض الطلبة المهذبين القادمين من اسرائيل، عن أهمية جوازات سفرهم، عن اعتزازهم بدولتهم .. وعن إمكانياتهم ..

تداخلت أصوات ضحكات وتعليقات أصدقائه، مر رجال الأمن الجامعي كعادتهم ، خيم الصمت والخوف من الوسخ القادم، طلب الرجال هوياتهم ودون تحية نظروا إليهم، بل إليه، نظرات عنف واحتقار، جذبه أحدهم من سترته، صرخ في وجهه: هيا انزل .. تعال معنا لماذا تجلس هنا؟ .. اصفرّ الشاب العائد/العاقل، عقد حاجبيه أكثر فأكثر، خافت العيون، ماتت نظراتهم وضحكاتهم، أخذوه معهم ..

في اليوم التالي أصدر الرئيس الأمر بمسمرة مساند المقاعد الخشبية في جامعة تشرين.



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطالب الألماني الأحمر
- معلمة الكيمياء
- نصية عرق بسندلية
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -38-
- فول مالح .. مالح يا فول
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -37-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -36-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -35-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -34-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -33-
- غري إكسيت و غري إمبو
- الغَضَارَة البسندلية
- جنزير من ذهب
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -32-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -31-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -30-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -29-
- أيكون اسمها العنقاء؟
- وعندما يكبر الضَّجَر
- سيدة محلات ألدي


المزيد.....




- هتستمتع بمسلسلات و أفلام و برامج هتخليك تنبسط من أول ما تشوف ...
- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - مسامير الرئيس