أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - علي ماجد شبو - العراق: محاولة للفهم ... -تمرد- أولاد سيزيف.














المزيد.....

العراق: محاولة للفهم ... -تمرد- أولاد سيزيف.


علي ماجد شبو
(Ali M. Shabou)


الحوار المتمدن-العدد: 4900 - 2015 / 8 / 18 - 13:27
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


في الأسطورة "غضبت" الآلهة من سيزيف، "والآلهة كثيراً ماتغضب"، فحكمت عليه بأن يرفع صخرة كبيرة من قعر الوادي الى قمة الجبل، وحين يصل سيزيف بالصخرة الى القمة تأمر الآلهة الصخرة بالتدحرج الى الوادي مما يتوجب على سيزيف بالنزول وحمل الصخرة ثانية الى أعلى قمة الجبل. وهكذا يستمر هذا العقاب على مدى الابدية.

ليس هناك واقع يمثل العبث بكل أبعاده الفلسفية والتراجيدية أكثر من ذلك. غير ان المفكر الفرنسي "ألبير كامو" تساءل كيف يمكن لسيزيف أن يستمر بهذا الجهد العبثي بلا توقف والى مالانهاية؟ وخلص الا ان سيزيف حين كان يبذل كل الجهد ليصل بالصخرة الى قمة الجبل وتبدأ الصخرة بالتدحرج الى أسفل الوادي، كان في تلك اللحظات الممعنة بالعبث وبالمأساوية يشعر بنشوة من تحدٍّ خاص للآلهة: تحدي يُجبر الآلهة على دحرجة الصخرة ليذهب هو ويرفعها الى القمة.

الحالة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية في العراق هي حالة سيزيف مع فارق وحيد هو ان سيزيف حكمت عليه آلهة واحدة فيما تعددت الآلهة المتسلطة والقاسية في العراق. حينما نرى هذه التظاهرات التي عمت بغداد ومعظم مدن العراق، وحين نلتقط أصوات هتافاتهم المتحدّية بلا وجل. نتساءل هل في ذلك التحدي "نشوة" لإنتصار غامض سيفلت من بين أصابع تلك الآلهة المتعدّدة؟

في محاولة الإجابة على هكذا تساؤل، علينا أن نبدأ بتفهم مواقع الآلهة في العراق بدءً بالقمة ثم نزولاً. ففي القمة، هناك عدداً محدوداً من الآلهة "تجار السياسة وزعماء الكتل السياسية الكبرى" إختاروا أنفسهم ليجلسوا على عرش العراق وأتفقوا على تقاسم "ماقسم الله لهم". يشترك هؤلاء الآلهة بكفاءة إستثنائية أساسية هي "العجز عن الإتيان في شيئ". ولكي تكتمل صورة الإلاه لكل منهم فقد أحيط كل واحد منهم بعدد من أنصاف الآلهه "الوزراء والبرلمانيين"، ثم بدورهم، أحيط كل فرد من أنصاف الآلهه بمجموعة من الرهبان يُسبّحون باسمهم ليلة نهار. هذه المجموعة الكبيرة من الرهبان شكلّت، في الحقيقة، البديل لشعب العراق، شعب تحكمه الآلهه، وهو الشعب المبارك الموجود فقط لخدمة هذه الآلهه، "مروراً بخدمة أنفسهم". هذا الشعب المبارك "يستثمر" شعب عريض من البشر يربض تحتهم مباشرة، أي في القاع: ذالك هو شعب العراق .. أولاد سيزيف ..!

من أين إذن يفلت النصر لأولاد سيزيف؟

إن النصر يبدأ بتفكيك كل مؤسسات الرهبنة التي بُني عليها شعب من الرهبان لتتهاوى القاعدة التي تستند عليها عروش أنصاف الآلهه وآلهتهم. يجب أن يجمد عمل البرلمان الى حين، كما يجب إيقاف العمل بالدستور فوراً. والعمل منذ الآن على كتابة دستور جديد مستند الى عدد من دساتير الامم الاخرى وبأيادي عراقية فقط تحترم الهوية العراقية المتنوعة المتعددة وتجرم الإقصاء والتهميش للجماعات كما للأفراد في كامل التراب العراقي. يجب أن يضمن الدستور الجديد تقاسم ثروات العراق بشكل عادل بين كل السكان، كما ويضمن المشاركة في السلطة، وفق معايير الكفاءة، لكل العراقيين بغض النظر عن حجم او عدد أفراد الطائفة أو القومية التي ينتمون اليها. وإستبعاد كل القوانين القبلية التي ترسخ الكراهية والثأر، كما تستبعد جميع الآلهه الكبار من الترشح لأي منصب في عراق أولاد سيزيف. والبدء بخطوات عملية وسريعة ومستدامة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعسكرية.

على أنه يجب أخذ الحذر والتنبه الى وجود سلطات تفوق كل ما ذكر من سلطات الآلهة، وهنا نُشير وبشكل خاص الى سلطة المرجعية الشيعية العراقية في النجف، وسلطة المرجعية القابعة في قم. والخلاف الجذري الان هو ليس فقط مطالب المتظاهرين من الشعب العراقي ضد أسس الفساد والعملية السياسية برمتها، بل هو بالتحديد، أساس الصراع القائم بين هاتين المرجعيتين حيث ترفض المرجعية في النجف مبدأ ولاية الفقيه الذي تنادي به مرجعية قم. ومن هنا، فالمعركة الحالية هي ليست معركة عراقية خالصة بل هي عراقية إيرانية (وهذا بحد ذاته يشجع أطراف أقليمية على إطالة أمد المعركة). ولاشك ان تعدد الميليشيات المسلحة (وكلّها تحتمي بمختلف الأحزاب والتيارات الدينية والقوى الداخلية والخارجية) وتنامي الطلبات الجماهيرية (على مدى الأسابيع القادمة) في إجتثاث الفساد وتغيير قواعد التمثيل السياسي قد يقود تلك الميليشيات الى ارتكاب مجازر كبيرة بحق المتظاهرين. لكنها، أي المجازر، ستكون بمثابة ثمن الحرية النقية وهي التي ستُصيغ كرامة العراق برمته ثانية.

إن الانتصار في ساحات وميادين المدن العراقية سوف ينعكس، بلا أدنى شك، على إتخاذ قرارات يستعيد فيها العراقيون كرامتهم ويبدأوا فيها مسيرة حقيقية في العدل الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة. كما هو إنتصار للمرجعية في مدينة النجف كمركز عالمي للشيعة في كل مكان. لكنه ايضا وبلا أدنى شك إنتصار للتيار العلماني وللمرأة العراقية التي حاولت القوى السوداء الرجعية إغتصاب صوتها وإقصائها وهو، بدءاً وختاماً، إنتصار لإرادة الشعب العراقي ... أولاد سيزيف. ..!



#علي_ماجد_شبو (هاشتاغ)       Ali_M._Shabou#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - علي ماجد شبو - العراق: محاولة للفهم ... -تمرد- أولاد سيزيف.