أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - الطالب الألماني الأحمر














المزيد.....

الطالب الألماني الأحمر


علي دريوسي

الحوار المتمدن-العدد: 4899 - 2015 / 8 / 17 - 09:47
المحور: الادب والفن
    


كانت الساعة السابعة صباحاً عندما وصل إلى مدخل الجامعة، السماء تمطر بلا شفقة، ثمة ساعة زمنية كاملة قبل أن تبدأ المحاضرة الأولى، خاطبَ نفسه: هناك وقت كاف لتناول فنجان القهوة في المكتب وقراءة الأخبار القصيرة ومتابعة بعض المنشورات الفيسبوكية .. إنه الوقت الأجمل والأهدأ في يوم العمل .. يبدأ الطلاب عادةً بالوصول بعد الساعة السابعة والنصف بقليل ..

يقترب من المدخل الرئيسي لبناء الكلية حيث يعمل، على يساره هنغاراً معدنياً مسقوفاً وُضِعَ فيه "قاطرة بخارية" كتعبير عن التوجه التقني التطبيقي لجامعته، هناك لمحَ شاباً يحتمي من المطر، أحس به ينتظر شيئاً ما، نظر إليه، عرفه، نعم إنّه الطالب الأحمر "توماس كالت" ..

في محاضرة البارحة طرح على طلابه سؤالاً حول حساب المسننات .. وحين لم يلحظ أياد مرفوعة ترغب بالإجابة، عرف أن طلابه لن يستطيعوا الإجابة عن سؤاله بدون مساعدته، كعادته نظر إلى الوجوه الحائرة، تقدم من أحدهم، طالب أحمر الشعر، يملأ النَّمَشُ وجهه، تميل حاجبيه ورموشه للون البرتقالي، شفتاه ورديتان مرتخيتان تنم عن خوف، سأله عن اسمه، أجاب بتَّأْتَأَة: أنا "توماس كالت" ..

كان قد سمع سابقاً من الطلاب بأن جسد "توماس" سرعان ما يُصدر روائحاً كريهة إذا ما تم إحراجه أو إخافته، لقد سمع أيضاً أنّه لم يتجرأ يوماً في حياته على الوقوف أمام السبورة والتكلم إلى الطلبة، بل سمع أكثر، وصله بإنّ الطلبة يسخرون فيما بينهم من تَّلَعْثُمه وتَّلَكُّؤه في الكَلامِ ..

نظر إلى "توماس" ورجاه أن يصعد إلى السبورة لمحاولة الإجابة عن السؤال المطروح، فجأة تحول لون وجه الشاب إلى الأحمر بشكل كامل، وتأتأ: عذراً لا رغبة لي، ولست أستطيع الإجابة .. رَبَّتَ على كتفِه وشجعه قائلاً: لست وحدك سأكون إلى جانبك .. ضحك الطلاب، جذبه من كتفه خارج مكان جلوسه، أفسح له جاره مكاناً للمرور، تعرّق، تغيّرت رائحة جسده، تقدم باتجاه السبورة قلقاً ..

وقف إلى جانبه أمام السبورة، يده القوية على كتف الشاب أحسّت به يصارع مخاوفه الغريبة، ساعده على فهم السؤال، فأجاب عنه رسماً، شكره راجياً منه العودة إلى مكانه، نقر الطلاب على مقاعدهم معلنين وقوفهم إلى جانب توماس وتشجيعه ..
جلس الشاب في مكانه، علامات الرضا وابتسامة حذرة تلوح على وجهه ..

نظر إلى ساعة معصمه من جديد، أخرج من جيبه بطاقته الإلكترونية، فتح الباب الخارجي للبناء، هم بالدخول، ركض "توماس" .. من حيث يقف قرب القاطرة تحت سقف الهنغار محتمياً .. باتجاهه وقد تبلل بالمطر، سأله باستغراب: ماذا تفعل هنا أيها السيد "كالت" في هذا الوقت المبكر؟

أجابه: أوصلني والدي منذ قليل إلى الجامعة، البارحة مساءً رويت لأهلي ما جرى معي في محاضرتك، كان أبي متحمساً لسماع القصة لذا أصر على المجيء اليوم وتقديم شكره العميق لك .. لقد أراد اللقاء بك شخصياً، لكن بعد انتظار دام عدة دقائق توجب عليه متابعة السفر إلى المدرسة حيث يعمل في مدينة قريبة ..

إنّ أبي مربي ومعلم في الثانوية، ويعلم تماماً الكثير عن سلوك الطلبة ومخاوفهم وعلاقتهم بمدرسيهم، هل تعلم يا سيدي بأنني البارحة وقفت للمرة الأولى في حياتي أمام السبورة!، قبلها لم أتجرأ إطلاقاً، شكراً لك لقد تغلبت بفضلك على بعض مخاوفي .. أبي يقرؤك السلام ويرجوك أن تُحددَ له موعداً قريباً للقاء معك ..



#علي_دريوسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- معلمة الكيمياء
- نصية عرق بسندلية
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -38-
- فول مالح .. مالح يا فول
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -37-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -36-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -35-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -34-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -33-
- غري إكسيت و غري إمبو
- الغَضَارَة البسندلية
- جنزير من ذهب
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -32-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -31-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -30-
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -29-
- أيكون اسمها العنقاء؟
- وعندما يكبر الضَّجَر
- سيدة محلات ألدي
- حَمِيمِيَّات فيسبوكية -28-


المزيد.....




- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي دريوسي - الطالب الألماني الأحمر