أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مازن كم الماز - عن العلويين السوريين















المزيد.....

عن العلويين السوريين


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 4897 - 2015 / 8 / 15 - 14:55
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


ظهرت النصيرية أو العلويين كفرقة من فرق الغلاة انشقت عن الشيعة , و كسائر فرق الغلاة استخدمت كثيرا من الأفكار الغنوصية و الحلولية و الصوفية لإعادة تفسير النص المقدس بشكل يتعارض تماما مع تفسيره الأرثوذوكسي الرسمي الصارم .. لعبت الطائفة العلوية أدوارا مختلفة غالبا محدودة الأثر في الحياة السياسية و الاجتماعية و الفكرية في بلاد الشام و العراق منذ العهد العباسي الثاني ( 1 ) , قبل أن تنكفئ على ذاتها في نهايات العصر الأيوبي , كما فعلت بقايا فرق الغلاة في المشرق , جزئيا بقرار داخلي من ورثة الدعاة الأوائل , لكن أيضا نتيجة القمع الذي أخذ يتصاعد ضدها , و الذي أصبح منهجيا و منظما في العهدين الأيوبي و المملوكي , و بلغ في بعض الفترات مستويات شديدة القسوة و الدموية , كما في عهد السلطان العثماني سليم الأول و خلفائه , في إطار الصراع العثماني الصفوي على الهيمنة على الشرق , مما اضطرها للعيش في عزلة شبه كاملة في ظروف اجتماعية و حياتية صعبة في جبالها .. من الطبيعي أن تتزامن النهضة العلوية مع نهضة المشرق عموما , في نهاية القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين .. كان ظهور الغيتو العلوي في الفترة العثمانية , كسائر الغيتوهات المذهبية , نتيجة لسياسة التمييز و القمع المنظمة للحكام العثمانيين ضدهم التي استندت إلى تبريرات دينية على الأغلب لصالح الإقطاع السني المديني المسيطر في بلاد الشام يومها .. لذلك يمكن أن نجد مقدمات انعتاق العلويين كطائفة مضطهدة , أو مقدمات انهيار أسوار الغيتو العلوي , منذ فترة الإصلاحات أو التنظيمات العثمانية , و انقلاب جمعية الاتحاد و الترقي و بدء العمل بالملكية الدستورية في السلطنة .. يرى البعض أن الانعتاق العلوي الفعلي يعود إلى ظهور دولة العلويين بعد احتلال الجنرال الفرنسي غورو لدمشق , رغم أن أكثرية مسؤولي تلك الدولة , و حتى موظفيها , لم يكونوا من الطائفة العلوية , لكن النخبة الاجتماعية العلوية , الدينية - الإقطاعية , أخذت تلعب دورا أكبر في محيطها .. انقسمت هذه النخبة , بين من أراد استمرار دولة العلويين كعنوان لانعتاق هذه النخبة من سيطرة السلطة المركزية , و بين قسم منها حلم بالاندماج في نخبة اجتماعية سياسية سورية فدعا إلى اندماج دولة العلويين في دولة سورية موحدة .. سرعان ما سيتضح أن تلك التوقعات لم تكن مبررة تماما , عندما كررت النخبة الإقطاعية الحاكمة في "سوريا الموحدة" , السنية المدينية أساسا , سياسات التهميش السابقة ضد العلويين , خاصة ضد نخبتهم .. رغم انعتاقهم الشكلاني أو القانوني , أي تحولهم أخيرا إلى رعايا ثم مواطنين , بشكل محدود و صوري غالبا , و كسائر الفلاحين الفقراء من بقية الطوائف و المناطق , لم يكن لدى الفلاحين العلويين , شديدي الفقر , الأميين عموما , الكثير ليحققوه من هذا التحول , على عكس النخبة العلوية , الإقطاعية , التي حصدت الكثير من المكاسب سواء في تقوية سلطتها المحلية على "جماهيرها" و مشاركتها لنخب المركز ببعض الامتيازات , رغم تواضع حصتها دائما .. في الماضي , كان الفلاحون العلويون محرومين من التعليم و من الوظائف العامة , التي كانت حصرا على النخبة الإقطاعية - الدينية من كل الطوائف , مع سيطرة واضحة للنخبة الإقطاعية السنية المدينية , طرأ التغير الحقيقي و الجدي في هذا المجال فقط مع انتساب كثير من أبناء الفلاحين العلويين الكبار و المتوسطين و بعض صغارهم إلى الجيش الفرنسي ثم السوري , كان هذا هو المدخل الفعلي نحو بدايات انعتاق اجتماعي حقيقي للعلويين , خاصة للفلاحين المتوسطين و الصغار منهم .. هكذا ستبدأ عملية تدريجية بطيئة نحو عسكرة الطائفة العلوية , تحولها لتصبح أكثرية من العسكر أو المحاربين , مع تولي الضباط وظيفة مركزها الفاعل , بدأت تلك العملية ببطء في العشرينيات , ثم في الخمسينيات , و تصاعدت بعد 1963 و بلغت ذروتها بعد 1970 , الشيء الذي ستدفع الطائفة ثمنه غاليا ابتداءا من منتصف عام 2011 .. لم تظهر الطائفة العلوية كطائفة مقاتلة منذ بداياتها , كطوائف أخرى مثل الحشاشين أو السيخ .. و مع تراجع دورها في السياسة المحلية و انكفائها , كان لجوئها للعنف محدودا جدا , دفاعيا إن وجد , أو أنه ارتبط بظهور بعض الحركات المهدوية داخل الطائفة ... لكن الحال تغير عمليا منذ بداية العشرينيات , و خاصة بعد عام 1970 .. إن وصول حافظ الأسد , العلوي , إلى السلطة في سوريا عام 1971 حدث جلل بالفعل , يمكن تشبيهه فقط بتعيين يهودي قيصرا على ألمانيا , ألمانيا النصف الأول من القرن العشرين بالتحديد , لكن هذا الحدث الجلل لم يؤشر على استكمال انعتاق العلويين , بل على ظهور مملكة جديدة , يمكن مقارنتها بالدول العسكرية , دول المماليك و السلاجقة و غيرها التي عرفتها منطقتنا في القرون الوسطى : دولة عسكرياتية على النمط المملوكي , دولة مملوكية , سيلعب جزء مهم من العلويين بشكل متزايد دور نخبتها الحربية .. و كما كان الحال في الماضي البعيد مع دول السلاجقة و المماليك , يمثل صعود الدول المملوكية علامة و نتيجة لأزمة الطبقات الحاكمة , و أيضا لأزمة المجتمعات التي ستحكمها .... كان ضعف النخبة الحاكمة و المالكة : الإقطاعية - البرجوازية المدينية السنية , قد انكشف منذ انقلاب الزعيم 1949 , ثم استحال تهافتا أمام صعود الريف و البرجوازية الصغيرة المدينية القومية و اليسارية .. لجأت النخبة أولا إلى الإخوان المسلمين لتواجه هذا الصعود في النصف الأول من الخمسينيات , و عندما تبين عجز هذا التحالف اندارت إلى عبد الناصر , أرادت هذه النخبة أن تستخدم شهرة عبد الناصر المدوية و عدائه للأحزاب و احتكار سلطته للسياسة ضد هذا الصعود , قبل أن تدفع ثمنا باهظا مرة أخرى بإصلاحات عبد الناصر التي هاجمت ملكياتها الكبيرة و نفوذها السياسي و الاجتماعي , و أخيرا وقفت وراء حافظ الأسد عام 1970 عندما وعدها بتخفيف الحرب الشعواء التي شنها أسلافه ( تيار صلاح جديد الحاكم يومها ) ضدها ... رغم طابعها المتعسف و المصطنع , فإن وجود الدول المملوكية حالة موضوعية , تظهر الدول المملوكية فقط عندما يفشل الآخرون , أولا كحل لأزمات الآخرين , لأزمة المجتمع بطبقاته الحاكمة و المحكومة , و أزمة المشاريع البديلة الأخرى , قبل أن تتحول إلى أزمة بحد ذاتها , تتطلب نقيضها , المملوكي أيضا في الحالة السورية .. خلافا لآمال السوريين , فإن ما يجري في سوريا منذ أواسط 2012 هو بناء دولة مملوكية جديدة , مكان الدولة المملوكية الأسدية , جزئيا كنتيجة و تعبير عن أزمة الطبقة الأسدية الحاكمة , لكن أيضا عن أزمة المجتمع , عجزه عن التغيير , عجزه الداخلي أولا , أزمة الطبقات المهمشة و أيضا أزمة القوى السلطوية المعارضة , تظهر الدولة المملوكية الجديدة "كحل" لكل تلك الأزمات , لكنه حل مأزوم هو الآخر , مصطنع , فوقي , قمعي , عسكرياتي , و حتى إرهابي .. تقف اليوم ضد العلويين مجموعة غريبة غير متجانسة من "الأعداء" , على رأسها نظام الأسد المملوكي نفسه , الذي يشكل كثيرون منهم حماته المباشرين , يردد الأسد في جحره الشامي ما قاله هتلر من قبل في جحره البرليني : إذا كان على ألمانيا أن تهزم فليفنى الشعب الألماني , و هناك أيضا أعداء الأمس أو من يزعمون أنهم آتون من الماضي أو يمثلونه : من يدعي وراثة التفسير الأرثوذوكسي الرسمي للنص المقدس بنسختيه السنية و الشيعية , الذين طالما كفروا العلويين بسبب هرطقاتهم , داعش و ملالي إيران يمثلون كراهية المقدس المهان لآخر الهراطقة القادمين من التاريخ و رغبته الشريرة بالانتقام منهم , و هناك أيضا من يعتقد أنه وريث الطبقة الحاكمة القديمة , الإقطاع و الإقطاع المتبرجز السني المديني , ذلك القسم من المعارضة السياسية , الذي لا يكفيه إسقاط الدولة المملوكية الأسدية , بل يعتقد أن من مصلحته أيضا عكس مسيرة انعتاق العلويين نفسها , إعادة التاريخ إلى الوراء , ليس بالنسبة للعلويين وحدهم على أي حال ... اليوم يبدأ مقهورون جدد نفس سيرة العلويين السوريين , يحلمون بانعتاقهم في دولة المماليك الجديدة , و إذا قسنا مستقبلهم على حاضر العلويين اليوم , لن يكون مستغربا أن ينتهي بهم الحال بهولوكوست أو هيروشيما جديدة ... ليس فقط أن دول المماليك لا تقدم للمقهورين سوى وهم الانعتاق , لكنه وهم باهظ الثمن جدا في نهاية المطاف

( 1 ) خلافا للسردية السنية السائدة , التي تشبه قصة المؤامرة اليهودية ضد العرق الألماني المتفوق التي تحدث عنها هتلر , فإن دور فرق الغلاة في هزائم الحكام و السلاطين السنة , و الفاطميين , كان تافها , هذا إن وجد مثل هذا الدور أصلا .. كانت تلك الهزائم في الأصل نتيجة ضعف أولئك الحكام و دولهم , كانت علامة على مجتمع في حالة انحطاط , و ما تزال كذلك حتى يومنا هذا



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خمينية آدونيس و داعشية صادق جلال العظم
- نحو إلحاد تحرري - 2 : سام هاريس , الملحدون الجدد , و الإسلام
- نحو إلحاد تحرري - مقاربة لرؤية د . وفاء سلطان لمفهوم الإله ف ...
- دفاعا عن الحرية في سوريا -الحرة- ....
- هل أتاك حديث المؤامرة
- عنا و عن القادسية و اليرموك , و قادسيات الآخرين أيضا
- التحليل النفسي للثورة السورية
- جدل مع رؤية عزام محمد أمين , عن السلوك المؤيد للطاغية
- عن التحليل النفسي لشخصية محمد - 2
- التحليل النفسي لشخصية محمد
- تعليق على بيان عدد من الصحفيين السوريين
- اعتراف - رؤيا
- هوغو بول عن الدادائية
- مرة أخرى عن كرونشتادت - فيكتور سيرج
- فرانز مهرينغ عن باكونين , برودون , و ماركس
- عن الأسد , داعش , و الآخرين
- مجالس العمال - رابطة سبارتاكوس الشيوعية - 1947
- من كتاب كورنيليوس كاستورياديس : مجالس العمال و اقتصاد المجتم ...
- كلمات واضحة - لكاتب مجهول
- على الأناركيين أن يقولوا ما يمكن لهم فقط أن يقولوه , للسيد د ...


المزيد.....




- كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما ...
- على الخريطة.. حجم قواعد أمريكا بالمنطقة وقربها من الميليشيات ...
- بيسكوف: السلطات الفرنسية تقوض أسس نظامها القانوني
- وزير الداخلية اللبناني يكشف عن تفصيل تشير إلى -بصمات- الموسا ...
- مطرب مصري يرد على منتقدي استعراضه سيارته الفارهة
- خصائص الصاروخ -إر – 500 – إسكندر- الروسي الذي دمّر مركز القي ...
- قادة الاتحاد الأوروبي يتفقون على عقوبات جديدة ضد إيران
- سلطنة عمان.. ارتفاع عدد وفيات المنخفض الجوي إلى 21 بينهم 12 ...
- جنرال أوكراني متقاعد يكشف سبب عجز قوات كييف بمنطقة تشاسوف يا ...
- انطلاق المنتدى العالمي لمدرسي الروسية


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مازن كم الماز - عن العلويين السوريين