أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان صابور - رد متشائم جدا.. إلى صديق متفائل جدا...















المزيد.....

رد متشائم جدا.. إلى صديق متفائل جدا...


غسان صابور

الحوار المتمدن-العدد: 4896 - 2015 / 8 / 14 - 15:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رد متشائم جدا.. إلى صديق متفائل جدا...
( كلمات صريحة أو رسالة من ملحد علماني متشائم راديكالي.. إلى صديق قديم أحبه وأحترمه..عروبي إسلامي معتدل متفائل متأمل شاعر حيادي نسبيا جدا.. وصداقتنا أكبر تطبيق واقعي عما قاله فـولـتـيـرVoltaire عن اختلاف الرأي.)
نعم يا صديقي, إني يئست من الكلمة.. من الكلمات.. من السياسة والسياسيين.. من الزعامة القائدة.. ومن كل القواد والحكام والزعماء.. وأرى أن الشعوب البسيطة الطيبة بكل مكان.. أصبحت مادة استهلاكية.. مادة تباع وتشترى.. كأية شجرة خضراء أو يابسة.. أو أية بقرة أو ماعزة...
حــيــاتــنــا.. أية حياة يا صديقي؟... ماذا تبقى من وقفة العز التي حدثنا عنها "ســعــادة "؟؟؟... أصبحنا كالكلاب الهزيلة الجائعة الضائعة, بأي مكان في العالم.. تبصقنا الحدود.. كل الحدود.. كأننا كلاب هزيلة ضائعة جائعة...
يا صديقي.. لم استطع حتى البكاء على حالتنا... لأننا لم نعد " حــالـة " نحن لا شـيء في عالم اللاشـيء, تائهون بلا بوصلة.. بلا خبزة ولا ماء.. لأننا لا شــيء.. ضباب وغبار وكلام بعالم اللاشــيء... حتى عظامنا لا يشتريها تاجر عظام مغبر!!!.......
أنا إنسان ضائع لا شــيء... بلا هوية...
اليوم.. اليوم سوريتي مكسورة, مبتورة, هرمة, يــمــر على صدرها ملتحون مغبرون, وخطباء كاذبون, وعشاق سابقون خـونــة, وسياسيون معارضون يمحون صورهم وذكرياتهم العتيقة, عندما كانوا أول زبائنها المعتادين, كأنها مومسة قوادة عتيقة, ضاع بهاؤها القديم.. وكل عشاقها السابقين, يمحون ذكريات وآثار ما وشموا على صدورهم من ذكرياتهم وعشقهم ولياليهم في خدرها السابق... لأن ما تبقى من جسدها اليوم.. لم تعد فيه أية آثار من سحر شبابها وجمالها...
يا صديقي.. هذه ليست سوريتي التي أعطيتها كل شـيء.. أول أيام فتوتي وشبابي, وكنت من أول وأقرب عشاقها...وكنت أكثرهم ولها وجنونا بحبها.. واليوم أنــظــر إليها.. لم تــعــد أي شــيء.. مثل أبنائها التائهين غي عالم اللجوء والضياع والحدود والانتظار واللاشيء... يعبر بيتها المهدم الشيشاتي والعثماني والفارسي والعربي وغرباء بلا اسم أو بأسماء عجيبة, ملتحين مغبرين, تحت أعلام سوداء وخربشات تحمل أسامي إلههم ورسوله.. وغالبهم يجهل قراءة ما تحمل من خربشات أو كلمات... ولكنهم يأملون متابعة القتل والخراب.. لأن واعظا مهلوسا وعدهم أنهم كلما حصدوا ارواح الأخرين الكفرة وفجروا بيوتهم وكنائسهم.. بزنانير مربوطة على صدورهم.. عشرات الحوريات ــ آنيا ــ بانتظارهم في الجنة!!!...
ســوريا التي تراكض كل عشاق الأرض على قدميها.. صـارت عجوزا هرمة معضمة, بلا عكازة, بلا مشفى, بلا ملجأ, تنتظر أن ينهي حياتها سياف الخلافة.. سياف يربأ أن يعطيها ضربة من سيفه اللامع.. فيأمر أطفال جنوده أن يرموها بالحجارة.. حتى تلفظ ما تبقى من أنفاسها الميتة... ويغادرها السياف دون نظرة.. والأطفال.. أطفال دولة الخلافة يتلهون ويلعبون بقتلها.. رميا بالحجارة...
هذه صورة بلد مولدي ســوريـا.. أول حبي.. وأولى عشيقاتي.. فكيف تريدني يا صديقي اليوم متابعة الكتابة, كأنما كل شـيء يسير على منواله الطبيعي.. وأنني أستطيع متابعة حياتي أو معيشتي اليومية.. بانتظار أن يــمــحى اسمها من الخرائط, من الكتب, من ذكريات الإنسانية.. وأنا الذي كنت أتلذذ وأعيش من قراءات حضاراتها وأحرفها التي نورت العالم.. عندما كانت الديانات.. كل الديانات في عالم المجهول والخرافات البدائية.. وكانت مبادئها كافية لإنارة الإنسانية وحضاراتها جمعاء... وعندما تحولت فيما بعد الفتح الإسـلامي ( أو الغزو الإسلامي) كما صحح لي عدة مرات أحد أصدقائي من المؤرخين الآكاديميين... وبالتالي وبعد قرون متوالية مجنزرة.. تواصلت كولاية تابعة للسلطنة العثمانية... وأصبحت تصنف مواطنيها أو (توابعها) بأقلية أو أكثرية.. وحتى فيما بعد أيام ما سمي (استقلال) وأصبحت (جمهورية) لم تحمل أية حقيقة ديمقراطية من أي مبادئ الديمقراطية والمواطنة.. إذ أن مبدأ الأقلية والأكثرية ما زال سائر المفعول.. وجميع الانتخابات المصنوعة كانت تحصر بالهوية الطائفية.. وكنت أتضايق وأغضب دوما من تسميات صفحات السجلات المدنية ــ ايام فتوتي وشبابي ــ التي كانت تحمل تسميات السجلات وتعطي عناوين التقسيمات والمناطق مثلا على الشكل التالي " شيخضاهر روم " أو "شيخضاهر إسلام".. وحتى في الانتخابات النيابية في المدينة الواحدة كان هناك نائب واحد للطائفة المسيحية, وعدة نواب للمسلمين...وكل طائفة تنتخب من مرشحي الطائفة التابعة لها.. دون أن ننسى أن رئيس الجمهورية يجب أن يكون مسلما حسب أوائل كل مواد الدساتير التي تتابعت.. وأن القوانين مستقاة من الشريعة الإسلامية... ومع هذا في جميع البيانات الإعلامية, كانت الصحف تتحدث عن علمانية الجمهورية السورية, بين الدول العربية كلها... علما وتأكيدا أنه بالحقيقة التاريخية الثابتة الأكيدة.. لا وجود لأية دولة علمانية علمية بكل العالم العربي.. على الاطلاق.. ودون أي استثناء... رغم بعض محاولات مخنوقة للرئيس التونسي الراحل الحبيب بو رقيبة الذي حاول ــ بعديد من الصعوبات ــ وبشخصيته القوية الرائعة, إدخال بعض العلمانية على الدستور التونسي بعد الاستقلال.. محررا المرأة التونسية من العديد من العادات والتقاليد الإسلامية... والتي عادت بقوة ــ مع الأسف ــ إلى هذا البلد الطيب.. كما عادت إلى جميع دول العالم العربي.. مع جحافل ما سمي ــ ألف مرة خــطــأ ــ الربيع العربي... والذي رأينا كيف جــر العالم العربي إلى خراب فكري وسياسي وإنساني كامل.. مع تدمير كلي لكل أمل بأي تطور أو انفتاح أو حرية... أو أبسط نافذة على المبادئ الطبيعية الإنسانية...
يعني باختصار يا صديقي.. خلافا لكل البشرية.. عشنا قرونا وقرونا متوالية بالظلام... وها نحن نجدد عودتنا إلى الظلام.. لأننا لم نخرج من الظلام... إذن يا صديقي كيف تريدني أن أتفاءل مثلك.. أو أقبل بعض آمالك وتفاؤلك ونصف اعتدالك.. وقبولك لكل ما يجري.. مثل صديقنا المخضرم البعثي المتجول العتيق, والذي يسمي كل ما جرى من عتمات وجرائم وفساد وموت.. أحداثا عابرة, يمكن تصحيحها... آملا أن يعود لمتاجراته بإعادة بناء نصف البلد الذي تهدم وتفجر.. وأنه سوف يكون يوما مرافقا لأي منتصر.. حتى يشارك ــ كأي تاجر ــ بإعادة البناء وما يثمر من مليارات الدولارات وغيرها من العملات.. كالمليارات التي ساهمت بصناعة الموت والتفجير والخراب والتهجير...
كلما أفكر.. كلما أكتب.. يزداد تشاؤمي.. ولا أؤمن بأي شــيء.. وحتى لم أعد اؤمن بالسياسة.. ولا بالإنسان المختبئ وراء الستار.. أو على المنصة.. او على منبر جامع... ولا بتراكم الحلول التي يقودها غرباء عنا...
***********
عــلى الــهــامــش
ــ بتمام الساعة السادسة من صباح البارحة 13 آب 2015 تفجرت سيارة شاحنة براد مفخخة بسوق " الجميلة " بضاحية الصدر في بغداد.. وهي أكبر سوق جملة للخضار والفواكه التي يتزود منها البغداديون... وقتلت ستة وسبعين شخصا, بالإضافة إلى حوالي مائتي جريح... وبعد دقائق اعلنت خلافة " داعش " تبنيها للتفجير...
بعد أن فجر الجيش الأمريكي وحلفاؤه بعد حربين غادرتين, في السنوات الماضية.. وفجر نصف البلد وقتل ملايين من الشعب العراقي.. هاهم مسلمون.. عراقيون أو غير عراقيين, يتابعون قتل وتفجير أخوانهم العراقيين المسلمين.. أو غير المسلمين.. بالمئات.. بالآلاف.. مذابح حــلال Génocide إسلامي.. تحت رايات إسلامية.. بتشجيع دول عربية إسلامية تدعي أنها حامية الإسلام.. وأنها رائدة الإسلام... بصمت إســلامي كامل.. بصمت عربي متردد.. وبصمت عالمي أممي تجاري مدروس مخطط...
ها هما بلدان من أجمل بلدان المشرق, فكرا وعلما وحضارة.. يموتان.. حتى تقوم على أراضيهما المحروقة " خلافة داعــش " ؟؟؟!!!......
وبعد هذا تريدني يا صديقي أن اشاركك بتفاؤلك المخدر بالأمل والصلاة وانتظار ليلة القدر؟؟؟!!!... لا يا صديقي.. عليك أنت تستيقظ وتغسل وجهك بالماء البارد.. وتنظر إلى العالم الذي يفقد عقله ويحترق.. وغدا قد يفجر ــ هــنــا ــ داعشي مهلوس بيتك ويقتلك ويقتل عائلتك.. فقط لأنك مسلم عاقل حيادي.. أو نصف حيادي... ليكسب الجنة وحورياتها... أو حتى بلا سبب!!!.........
ــ غدا سوف تقرع الأجراس بجميع الكنائس المسيحية في فرنسا ضد اضطهاد وتقتيل وتهجير ملايين المسيحيين بكل من سوريا والعراق من قبل المنظمات الإرهابية (الداعشية وغيرها)... حركة رمزية لا أكثر... لأن غالب السياسات الرسمية بهذا المجال, لا تتبع أصوات شعوبها, بكل ما يتعلق بحقيقة المجازر بهذين البلدين.. بل العكس تماما... وكل الصرخات الاعتراضية السلمية.. لم تغير ولن تغير أي شــيء من مصير هذه المجزرة المفتوحة Génocide المفتوحة ضد شعوب هذه المنطقة من العالم... لأن تجار الحروب والبترول.. وحدهم.. هم الذين يقررون اليوم مصير العالم كله.. مع مزيد الحزن وألم الشعوب.. وكل الأســف...
بــــالانــــتــــظــــار.....
للقارئات والقراء الأحبة الأكارم.. هـــنـــاك و هـــنـــا.. وبكل مكان في العالم.. كل مودتي وصداقتي ومحبتي واحترامي ووفائي وولائي.. وأصدق تحية طيبة مهذبة.
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا



#غسان_صابور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قلب المشكلة...
- كلمة... ورد غطاها...
- كلمات تفسيرية ضرورية...ومقارنات ما لا يقارن...
- رد مشروع ضروري...
- رسالة إلى صديق - بعثي - عتيق... وعن جلالة الملك.. وعن بيروت. ...
- تغيير في البوصلة؟... تساؤل...والطاعون هنا...
- الأمل... أو انتظار ليلة القدر...
- علي بكار.. وسياف داعش... وأحداث واقعية مضحكة أو مبكية حزينة ...
- عودة... وردات فعل... ومعايدة...
- تاجر دمشقي...
- رسالة إلى السيد حسن نصرالله... ودعوة إلى العلمانية...
- ميريام أنطاكيMyriam Antaki... صورة سورية...
- مرة أخرى... غضب مشروع...
- هولوكوست Holaucoste الشعب السوري
- ورقة الألف ليرة... والتماسيح...واللاجئون السوريون.. أيضا وأي ...
- محاورة بين الفنان سامي عشي وبيني... وبيني وبين أصدقلئي الغرب ...
- لمتى يهيمن الغباء على سانا... وفي أمكنة أخرى من العالم؟؟؟...
- لنتذكر هيفاء عواد و دارين هانسن
- هذه المدينة.. هل ستصبح يوما داعشية؟...
- غسيل دماغ مسلسل -باب الحارة-... وهامش عن وزيري الثقافة والإع ...


المزيد.....




- ماذا قالت إسرائيل و-حماس-عن الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ف ...
- صنع في روسيا.. منتدى تحتضنه دبي
- -الاتحاد الأوروبي وسيادة القانون-.. 7 مرشحين يتنافسون في انت ...
- روسيا: تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة مستحيل في ظل استم ...
- -بوليتيكو-: البيت الأبيض يشكك بعد تسلم حزمة المساعدات في قدر ...
- -حزب الله- يعرض مشاهد من رمايات صاروخية ضد أهداف إسرائيلية م ...
- تونس.. سجن نائب سابق وآخر نقابي أمني معزول
- البيت الأبيض يزعم أن روسيا تطور قمرا صناعيا قادرا على حمل رأ ...
- -بلومبرغ-: فرنسا تطلب من الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات جديدة ض ...
- علماء: 25% من المصابين بعدم انتظام ضربات القلب أعمارهم تقل ع ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان صابور - رد متشائم جدا.. إلى صديق متفائل جدا...