أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - تاريخ صلاحية صرخة يوسف إدريس مازال سارياً -2















المزيد.....

تاريخ صلاحية صرخة يوسف إدريس مازال سارياً -2


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1349 - 2005 / 10 / 16 - 10:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


رأينا فى المقال السابق أن منتدى الاصلاح العربى المنبثق عن مكتبة الإسكندرية، فى متابعته لأعمال المؤتمر الدولى عن حرية التعبير، وجد قيوداً كثيرة وفظة على حرية التفكير والإبداع على النحو الذى لخصنا خطوطه العريضة.
ورغم ان هذه الصورة الكئيبة تبدو مناقضة للانطباع السائد بأن العالم العربى يعيش أزهى عصور الحريات – كما يقال كثيراً – فان نفس الأمر يتكرر عندما ننتقل إلى رصد حال حرية التعبير فيما يتعلق بالرأى العام ودور وسائل الاتصال.
ذلك أن ورشة عمل متابعة المؤتمر الدولى عن حرية التعبير عندما وضعت هذا الجانب تحت مجهر البحث والتدقيق وجدت نفسها أمام حقائق مزعجة جداً.
حيث ان معظم أجهزة الاعلام فى الدول العربية "أجهزة تابعة مباشرة للحكومات. وتعتبر أيضا بمثابة متحدث رسمى باسمها. ولذلك فهى تعبر عن موقف الحكومات والمسئولين فحسب، من غير ان تؤدى مهمتها المباشرة فى التعبير عن مصالح الجماهير".
فى حين أن "استقلال أجهزة الاعلام عن الدولة يساعد على تمكينها من القيام بدورها دون تأثير أو ضغط او سيطرة أو رقابة من أى جهة. وهو الأمر الذى يقتضى ضرورة مراجعة قوانين الاعلام والصحافة، وأن يكون الأساس فى عمل أجهزة الاعلام جميع المعلومات ونشرها على أساس عقد اجتماعى بين السلطات التنفيذية والجماهير، يهدف إلى الوفاء بالحاجات التى تتطلبها حياة الجماعة والمجتمع. ويعنى ذلك أن تتسع أجهزة الاعلام للتعددية الفكرية والسياسية، وأن تدعم حق الاختلاف ولا تصادره، وأن تكون مرآة أمينة فى تعبيرها عن كل التيارات الموجودة فى المجتمع.
ولكن للأسف لا تتحقق هذه المتطلبات فى غياب استقلال أجهزة الاعلام التى تسيطر عليها الدولة، حيث تتبع أجهزة الاعلام الحكومات بشكل مباشر أو غير مباشر، ويعين رؤساؤها من قبل السلطات التى تتولى المساءلة والمراقبة، الأمر الذى يغلق دائرة الفاعلية ويجعل من هذه الأجهزة مجرد أبواق لا تؤدى وظائفها الحقيقية، وتنتهى إلى ما يسهم فى تأخر عمليات الإصلاح فيها وفى غيرها"
أما مظاهر هذه الوصاية الحكومية على وسائل الاعلام فى العالم العربى فكثيرة، بدءاً من الوضع الاحتكارى للدولة فى السوق الاعلامى.
فنجد مثلا أن الاحتكار المنصوص عليه فى قانون اتحاد الإذاعة والتليفزيون المصرى يحرم اى محطة للبث الاذاعى المسموع أو المرئى من الوجود فى مصر إلا إذا دخلت شريكة مع الاتحاد، كما ان قبضة السلطة التنفيذية على مجلس الأمناء الذى يدير شئون الاتحاد محكمة طبقا للقانون بهدف ضمان ولائه.
أضف إلى ذلك أن العقد الماضى قد شهد دخولا للدولة فى الاستثمار فى مجال الاعلام بشكل قوى. فكان لمصر السبق فى الأخذ بأحدث التقنيات الاعلامية، وكان الانتقال من الاعلام الأرضى إلى الاعلام الفضائى ثم إدخال التكنولوجيا الرقمية، بما يعنيه ذلك من تنوع فى مصادر المعلومات، وانفتاح على العالم، هذا فضلا عن استقبال البث التليفزيونى على شاشات الكمبيوتر، كما بدأ بالفعل تقديم بعض الخدمات الاعلامية المتخصصة من خلال التليفون المحمول كالأخبار السياسية والاقتصادية والرياضية وغيرها.
كل هذا لم يكن ليتحقق بدون البنية التكنولوجية الرقمية التى أرساها الاعلام المصرى.
لكن ضخامة التمويل اللازمة فرض على مصر أن يكون هذا التمويل حكومياً، لأنه يتكلف مبالغ ضخمة لا يقدر عليها الأفراد.
وهو ما أدى من ناحية أخرى إلى وضع احتكار الدولة لسوق الاعلام وخضوعه لسقف سياساتها وأولوياتها والحريات التى تسمح بها.
ولا يقتصر الأمر على احتكار السوق، أو على حظر المنافسة، والحاجة لتطوير الخطاب والكوادر الاعلامية. بل مازالت فى ظل هذه التغيرات تمارس داخل أجهزة الاعلام سياسة حديدية تمنع بث ما تراه السلطة خروجا عن النص. ومن الممكن أن تتم تنحية قيادة إعلامية ترأس إذاعة وتتوقف عن العمل سنوات طويلة لجرأتها على مناقشة موضوعات خارج الخطة الموضوعة.
وفى شهادة لاحدى الاعلاميات البارزات أكدت ان قراءة قصيدة تطالب القيادات العربية باتخاذ موقف من أجل نصرة الحقوق العربية المسلوبة كافية لإلغاء بث برنامج ثابت منذ سنوات بدعوة تهديد الأمن العام!
وفى مواجهة الحقائق التى تبينها هذه الصورة الكئيبة أقدمت مكتبة الإسكندرية على تبنى مبادرة "مشروع منارة حرية التعبير".
ومن بين الأهداف الأساسية وراء قاعدة بيانات "منارة حرية التعبير" تقديم الفرصة لمستخدمى الإنترنت للإطلاع على أحوال حرية التعبير فى العالم الآن دون التقيد بالحدود الجغرافية أو الحدود الزمنية، وقاعدة البيانات هذه تمثل تاريخ حرية التعبير فى العالم. ولقد أصبح حلم تكوين قاعدة البيانات هذه حقيقة بفضل المشاركة الكريمة لعدد من الجامعات والمكتبات القومية والمؤسسات الدولية والهيئات الحكومية ومنظمات الدفاع عن حرية التعبير فى جميع أنحاء العالم.
وعلى الرغم من أن هناك العشرات من الكتب والمجلات المصادرة التى تضمها قاعدة البيانات فإن هناك المزيد الذى يمكن أن يضاف إليها، كما أن هناك فترات تاريخية مازالت فى حاجة إلى تغطية، وكذلك دولاً بأكملها مثل دول آسيا وأمريكا الجنوبية يجب أن تؤخذ فى الاعتبار.
وفى بعض الأحيان تكون الكتب والمجلات المصادرة فى حوزة المكتبات القومية او مكتبات الجامعات، ولكن يصعب الحصول عليها، او حتى لو كانت المعلومات بخصوص هذه الكتب والمجلات المصادرة متاحة ففى بعض الأحيان لا يمكن الوصول إليها بسبب صعوبة الإجراءات أو بسبب محاولات بعض الحكومات محو ذاكرة الشعوب عن طريق التخلص من أى معلومات ذات علاقة بكتب أو مجلات ممنوعة.
وفى دول أوروبية عديدة مثل النرويج هناك سجل كامل لتاريخ الرقابة منذ منتصف القرن السادس عشر وحتى نهاية القرن العشرين، وكذلك نجد فى الولايات المتحدة الأمريكية أنه تم الاحتفاظ بسجل واف بالكتب التى تمت مصادرتها، فى حين لا يمكن الحصول على معلومات بخصوص الرقابة فى روسيا مثلاً على الرغم من أن هذه المعلومات موجودة فى الغالب فى شكل أرشيف او كتالوج، لكن لا يسهل الحصول على المعلومات.
وهناك مشروع آخر تنوى منارة حرية التعبير القيام به هو مشروع توثيق تاريخ الرقابة عند العرب، وتعد منارة حرية التعبير هذا المشروع على قدر كبير من الأهمية حيث ان عدد الكتب التى تتعرض للمصادرة فى البلاد الناطقة بالعربية الآن عدد كبير، ولكن مازال يصعب الحصول على معلومات بخصوص هذه الكتب.
وستقوم منارة حرية التعبير بالدراسة الأولية فى هذا المجال الشائك، وستقوم وزارة الثقافة بالنرويج بتمويل هذا المشروع، كما سيتم عرض المشروع عالمياً حتى يقوم المانحون والمتبرعون بالمساهمة فيه.
لقد اضطرت وطأة الرقابة فى العالم العربى عدداً من أبرز الكتاب والمفكرين إلى مغادرة بلادهم إلى أوروبا وأمريكا، كما لقى بعضهم حتفه أو تعرض للاعتداءات البدنية أو السجن.
إن محنة الحرية استمرت عبر التاريخ وهى ليست جديدة وذهب على مر التاريخ ضحية لها عدد من المفكرين والشعراء والكتاب والفقهاء ويلاحظ من قراءة التاريخ وبعد ان ظهرت الطباعة العربية مع قدوم حملة نابليون على مصر بدأت حركة فكرية فى مصر من ألمع أسماء مؤسسيها محمد عبده وقاسم أمين والأفغاني وهدى شعراوي وغيرهم، ثم منح دستور الدولة العثمانية المزيد من الحرية للصحف فى عام 1908 وتضاعف عدد الصحف ولكن هذا لم يعن التمتع بالكامل بحرية التعبير فى منطقة الشرق العربى، فقد تعرض عدد من الصحفيين اللبنانيين لمذبحة فى مايو 1916 راح ضحيتها 16 صحفياً، واستمر الحال فى صعود وهبوط حتى بعد تخلص المنطقة من الاستعمار، فمنذ الثمانينيات من القرن العشرين تزايدت الاتهامات بالزندقة والكفر ضد المفكرين، وبلغ الأمر إلى استخدام العنف فى بعض الحالات أو الاغتيال أو التهديد بالقتل مما يضطر معه البعض إلى مغادرة البلاد.
وكنتيجة لمثل هذه الأوضاع فإن هناك ضرورة لتضافر الجهود العربية والدولية من أجل الدفاع عن حقوق حرية التعبير.
***
فهل تساهم مبادرة "منارة حرية التعبير" فى مواجهة هذه السلبيات التى تعم البلدان العربية بدرجات متفاوتة وتشكل قاسماً مشتركاً بين الناطقين بلغة الضاد؟
بل.. هل تصمد هذه المبادرة وتحافظ على وجودها وتتحول من "فكرة " إلى "واقع" ملموس ولا تنضم إلى مئات وآلاف النوايا الحسنة السابقة التى ماتت فى مهدها .
دعونا نأمل .. ونعمل!



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتقال من »الملّة« إلي »الأمة« .. مقتل الطائفية
- نصف جائزة.. ونصف فرحة
- تاريخ صلاحية صرخة يوسف إدريس مازال ساريا
- دمج البنوك.. وتفكيك الأحزاب!
- هل المطالبة بتعديل المادة الثانية من الدستور .. حرام؟
- إطلاق سراح السياسة فى المؤسسة الجامعية .. متى؟
- مثقفون.. ملكيون اكثر من الملك فاروق -الثانى-
- كرامات الوزير المعجزة: 9 و10 يونيه في عز سبتمبر!
- لا مكان للمعارضة.. في الدولة الدينية
- !هيا بنا نلعب .. ونتعلم
- انتبهوا أيها السادة : النار مازالت تحت الرماد
- توابع هولوكوست بنى سويف
- بلاط صاحبة الجلالة فى انتظار الفارس الجديد
- ! البقية في حياتكم
- لغز وزير الثقافة وأنصاره
- لماذا حصل -الاستبداد- على تأشيرة -إقامة- في أرض الكنانة؟
- محرقة بنى سويف: الجريمة والعقاب
- الدين والسياسة: سؤال قديم وإجابات معاصرة
- من هنا نبدأ
- بعد انقشاع غبار الانتخابات : صورتنا بدون رتوش


المزيد.....




- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - تاريخ صلاحية صرخة يوسف إدريس مازال سارياً -2