أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - نورالدين هميسي - أخلاقيات الإعلام.. خطاب بائس














المزيد.....

أخلاقيات الإعلام.. خطاب بائس


نورالدين هميسي

الحوار المتمدن-العدد: 4893 - 2015 / 8 / 11 - 22:51
المحور: الصحافة والاعلام
    


"وظيفة الإعلام هي مقاومة أي فانتازم جماعي قد ينشأ".
جيل ليبوفيتسكي.


أضحى من السهل جدا أن ينطق أبسط مشاهد أو قارئ ليتهم أي وسيلة إعلامية بالكذب، ومهما اختلفنا في تقييمنا لدرجة الكذب فإننا نتفق على أن التلفزيون والصحيفة والإذاعة لا ولن تتوقف عن الكذب. يصيب مثل هذا الطرح مهمة الإعلام، أو الباراديغم الصحفي، في صميمه، لأننا اعتدنا من خلال مقولة أخلاقيات المهنة التي لا نكف عن اجترارها في المنابر الأخلاقية، على أن نتخيل بأن الصحافة وظيفة اجتماعية نبيلة، تسعى لكشف الحقيقة على الدوام.
في الأصل، هناك اختلاف حول مفهوم الحقيقة، ولكن هناك اتفاق على أن هناك حقيقة واحدة، ووسائل الإعلام التي ندمن استهلاكها غالبا ما تنهي إلى وعينا حقائق متناقضة بحدة في الغالب الأعم، ونحن في سياق اعتراضنا على هذا الأمر نرفع عادة ذلك الخطاب البائس حول أخلاقيات المهنة، لتنقسم آراؤنا بسرعة حتى حول ما يجب أن يكون، لأننا في البدء لا نعرف ما هي الحقيقة. رغم ذلك، يبقى خطاب أخلاقيات المهنة حاضرا باستمرار، ولا يتفوق عليه في قوة الطرح سوى خطاب راديكالي حاسم.
في تعاطينا مع خطاب أخلاقيات المهنة، غالبا ما نتناول الموضوع من وجهة نظر مؤسساتية وظيفية بحتة، حيث نفترض دورا معينا لوسائل الإعلام في المجتمع يكمن في تتبع الأحداث ونقلها وتفسيرها والتعليق عليها، ونفترض كذلك بأن للصحافة سلطة توازي في تأثيرها على الواقع تأثير السلطة السياسية، ولكن هذه الأسطورة تسقط في الماء أمام تلك الإرادة التي يمكن فك شفراتها عن طريق مقاربة الاقتصاد السياسي لملكية الإعلام: ثمة إرادة واحدة تريد توجيهنا إلى مظهر واحد للحقيقة، وعندما تتوفر أكثر من إرادة، مثلما هو الحال في الأنظمة الديمقراطية، سوف نواجه أزمة أخلاقية أعمق.
بناء على هذه القاعدة، يمكن أن نقرأ كتاب كولين كراوتش الموسوم بـ"ما بعد الديمقراطية"، وهو في الحقيقة طرح ذو نقذ لاذع لواقع الديمقراطية في الغرب يمكن أن يسهم في انهيار الكثير من الأساطير والخرافات التي تسربت إلى أذهان الباحثين في السياسة والإعلام بطريقة محيرة. يرى كراوتش، بأن أسلوب "ما بعد الديمقراطية"، أو ديمقراطية الواجهة، أضحى حاضرا بقوة في كثير من الدول حتى تلك التي تدعي بأنها ديمقراطية، وهي في الأصل حقل لمواطنة مجروحة برصاص الإعلام.
رغم الديكور التعددي الذي يزين الواجهة السياسية للكثير من الدول الغربية، إلا أن الفاعلين الأصليين في لعبة الديمقراطية لا يملكون بنظر كراوتش أي تأثير على مجرى الأحداث، من المواطن إلى الحركة العمالية إلى الدور الاجتماعي للمؤسسات، حيث ساهم الإعلام بوصفه عامل تشويش دائم في إفساد أي سعي إلى الديمقراطية بعد أن تحالف مع نخب أرباب المؤسسات في تحوير الدولة عن مسار انفتاحها على المجتمع.
وبرأي كراوتش دائما، فإن تحول ملكية السلطة داخل المجتمع والدولة إلى الرئيس المدير العام للشركة العملاقة بنموذجها الأنغلو-أمريكي، والتي استولت على مختلف القطاعات الاجتماعية التي كان يجب على الدولة أن تتواجد فيها باستمرار، يمثل السمة الغالبة على الحياة السياسية في الغرب، ويقع الإعلام تبعا لذلك في سلطة هذا الشخص بالنظر لانعدام أي بديل آخر عن الإشهار، ولذلك فإن أي معركة قد تدور رحاها في الإعلام لن تكون سوى مظهرا خارجيا لمعركة تجري في الخفاء بين أرباب الأعمال حول مشروع واعد ومربح أو لإطفاء روح الاحتجاج التي قد تندلع في جهة من الجهات.
ورغم أن كراوتش يقف عند حدود هذا التحليل، إلا أن المعجبين بأبحاثه التي واجهت تهميشا كبيرا بدعوى غياب الموضوعية، تتبعوا مسارات الإصلاح القائمة حاليا، وهم يؤكدون في الحقيقة بأن ظهور الأنترنت أصبح يعري بشكل واضح تورّط الإعلام في تكريس ديمقراطية الواجهة. هناك تصاعد واضح في قوة فاعلية النشاط الحقوقي عبر النت online activism، وهناك التفاف متنامي حول مصادر جديدة للحقيقة وللعمل الجماعي المشترك لقوى بإمكانها أن تغير مجرى الأحداث ولا يمكن محاكمتها عبر ذلك الخطاب البائس: خطاب أخلاقيات المهنة الصحفية.
في النقاش الدائر حاليا حول إمكانية أن يتراجع الإعلام التقليدي أمام ضربات مختلف أشكال الاتصال الناشئة عبر الإعلام الجديد الذي يستوطن شبكة الإنترنت، يلاحظ بجلاء بأن التلفزيون يفقد نسب المشاهدة باستمرار، فيما أضحت الصحف أعباء لا طائل منها بالنسبة لأرباب المؤسسات، لذلك رحل التلفزيون والصحيفة بسرعة إلى النت وصار يسترق السمع مما يقوله الناس، بينما أنشأ الناشطون مراصد تقتفي آثار الكذب فيما تبقى من تلفزيونات وصحف تقليدية. وسط هذه المعركة، لا حديث مطلقا عن أخلاقيات للمهنة.



#نورالدين_هميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلام بما هو مغامرة غير أكيدة
- أزمة في صناعة الشيطان
- السلاح في حدود مجرّد التواصل..
- كل المبررات لكي لا تكون صحفيا
- بين النظرية والموضة.. عن الموضوعية، الذاتية والنرجسية
- حول التنظير في حقل الإعلام ومجازفاته


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - نورالدين هميسي - أخلاقيات الإعلام.. خطاب بائس