أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - مطار لجراد الأهوار














المزيد.....

مطار لجراد الأهوار


نعيم عبد مهلهل

الحوار المتمدن-العدد: 4886 - 2015 / 8 / 3 - 21:44
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


ظلت الطائرات بعيدة عن المرأى القريب لعيون المعدان ، فليس لديهم واسطة يتصلون فيها بأرض الله سوى المشحوف ، وإذا ارادوا أن يحلموا بالطيران فأن البط والزرازير تنيب عنهم في التحليق .

ولكنهم يسمعون أن هناك حديدٌ يطير ويحمل المسافرين ، والبعض ملتصق بمؤخرته فوهات مدافع ترمي قذائف الدان ، وأول ما سمعوا بأخبار طائرة الهليكوبتر كان من حكايات ابناءهم الذين ذهبوا لتأدية خدمة العلم ، وذات يوم رأيت عيون اهل القرية شاخصة بذهول الى الشاشة البيضاء يوم اتت الى قريتنا السينما الجوالة حيث عرضت فليما وثائقيا عن تصميم طائرات البوينغ العملاقة في المصانع الامريكية ، وقتها تخيلوا أن امريكا لا تصنع طائرات تطير بل قصورا تحلق في الفضاء لتصل القناعة عند احدهم في همسه لي اثناء تسمرهم على شاشة القماش البيضاء التي يُعرض عليها الفيلم قوله : لهذا يقولون هناك قصورا فخمة في الجنة التي في السماء.

يطلق ابناء قريتنا على طائرة الهليكوبتر اسم الجرادة ، وهذا الاسم يعود الى طرفة ربما هي ليست حقيقية تقول :ان طائرة هليكوبتر حطت لأول مرة قرب سلف في احدى مناطق الريف ، فتعجبوا وفزعوا وخافوا وهربوا داخل بيوتهم ، وحين أرادوا معرفة هذا الشيء المخيف ذهبوا الى عراف القرية وفريضتهم ليفسر لهم ما هذا الشيء.

تقدم الرجل من بدن الطائرة الجاثمة في اليابسة القليلة ، لمسها بخوف ثم قال لأهل قريته :لا تخافوا هذا فحل جراد......!

ذات يوم جاء الى قريتنا رجال من قسم زراعة الجبايش من أجل تحديد ارض صلبة في القرية تهبط عليه طائرة الهليكوبتر التي يُراد لها رش مساحات القصب بالمبيدات ، وكذلك رمي ملايين من اصابع اسماك الكارب لأجل تطوير انواع السمك في الاهوار.

ارتاب اهل القرية من هذا الزائر الحديدي ، واحتاروا اين يختاروا المطار الذي تهبط فيه ، وخافوا على صرائفهم حين اخبرهم احد المعلمين ان لهذه الطائرة مروحة لحظة تقترب بدورانها من الارض تحدث عجاجة اقوى مما كنا نسميها في الدارج الشعبي ( فسوة الواوي ) ، فخاف اهل القرية ان تطير زرائبهم والصرائف وسوابيط نومهم ، وبالرغم من هذا فأن أمر الحكومة لا مفر منه حتى مع انزعاجهم وقلقهم وعدم رضاهم على مجيء هذا الضيف الثقيل.

اقترحت انا أن يكون مطار الجرادة الحديدية امام المدرسة وبعيدا عن بيوت القرية ، فكان القلق ان التربية ستحملنا المسؤولية إذا طارت الصفوف والادارة بسبب ( فسوة الجرادة )...

ضحك شغاتي ، وقال :اينك ايها الثعلب لقد سرق منك الجراد ريحكَ.

ضحكنا ، تذكرت رواية لدي اج لورنس اسمها الثعلب ، لكن ثعلب لورنس الانكليزي لم يكن يشبه ثعلبنا فقد كان لنظرته حسا غراميا ،اما ثعالب أم شعثه فلا تعرف سوى تأجيج الغبار وسرقت الدجاج.

في صباح اليوم الثاني ، كان الجميع في انتظار الجرادة الهليكوبتر لتهبط في مطارها امام المدرسة . وقد انتظرها الجميع مصطفين ولم يذهبوا يومها مع جواميسهم الى مراعيها داخل الهور ، تركوها تذهب وحدها ، وحتى انظمُ استقبالا يليق بأول طائرة تهبط في مطار ام شعثة ( الدولي ) ، رتبت وقوف الرجال بصف والنساء في صف ابعد فيما جعلت التلاميذ في المقدمة كتشريفات للطيارين وموظفي الحكومة الذين سينزلون من الطائرة ، وكم كنت اتمنى ان يكون هناك جوقا موسيقيا لكني طلبت منهم ان يصفقوا بدلا من الجوق.

كان المفروض أن تصل الجرادة الحديدية في الساعة التاسعة عندما اخبرونا ان طريقها من الجبايش الى قريتنا لا يستغرق سوى عشر دقائق ، لكنها لم تصل حتى الساعة الواحدة ظهرا ، حيث اشتدت حرارة الشمس وتعب اهل القرية من الوقوف ، فأشرت اليهم بالعودة الى بيوتهم وانا استعيد في ذاكرتي اخر بيت من قصيدة كافافي ( في انتظار البرابرة ) ولكن بتصرف :

( والآن بدون هليكوبتر ..ما لذي سيحدث لنا

تلك الجرادة كانت حلا من الحلول )...........!



#نعيم_عبد_مهلهل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- احاديث ليل الزعفران
- الطفل ونهد الدمية
- أكتاف خالتي بنية
- دراويش الأهوار
- صَباغُ ثيابُ الحُزن
- الدراعة الانجليزية
- محمد الجزائري ( قطار البصرة ساعة 11 )
- الوصيُ وداخل حسن
- دموع ليلة الجمعة
- مليون عريف ومدينة واحدة
- الحلة والدلة
- براغيث قطار طوروس
- يامن بقيتم هناك ( أذكرونا )
- فرارية أثينا
- دشداشة لحية ابن صباح
- العيد وأرجوحة ارمسترونغ
- الإسكندر ينتظرُ البرابرة
- عمتي لميعة توفيق
- خرافة نهاية العالم
- ملح وسمك وغاندي


المزيد.....




- شاهد ما حدث على الهواء لحظة تفريق مظاهرة مؤيدة للفلسطينيين ف ...
- احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين تمتد لجميع أنحاء الولا ...
- تشافي هيرنانديز يتراجع عن استقالته وسيبقى مدربًا لبرشلونة لم ...
- الفلسطينيون يواصلون البحث في المقابر الجماعية في خان يونس وا ...
- حملة تطالب نادي الأهلي المصري لمقاطعة رعاية كوكا كولا
- 3.5 مليار دولار.. ما تفاصيل الاستثمارات القطرية بالحليب الجز ...
- جموح خيول ملكية وسط لندن يؤدي لإصابة 4 أشخاص وحالة هلع بين ا ...
- الكاف يعتبر اتحاد العاصمة الجزائري خاسرا أمام نهضة بركان الم ...
- الكويت توقف منح المصريين تأشيرات العمل إلى إشعار آخر.. ما ال ...
- مهمة بلينكن في الصين ليست سهلة


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - نعيم عبد مهلهل - مطار لجراد الأهوار