أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - فلاح علوان - ردا على مشروع الاصلاح الاقتصادي والخصخصة في العراق -2-















المزيد.....

ردا على مشروع الاصلاح الاقتصادي والخصخصة في العراق -2-


فلاح علوان

الحوار المتمدن-العدد: 4884 - 2015 / 8 / 1 - 03:09
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


-2-
قبل اكثر من عام، كتبت عن مشروع الاصلاح الاقتصادي، والنظرية التي اعدها لهذا الغرض د. عبد الحسين العنبكي مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، وذكرت بأن الموضوع لا يكتمل الا بنقد كل فصول المشروع المعروض بهيأة نظرية تحمل عنوان "تنظير لجدوى اقتصاد السوق". مذ ذاك انهمكنا في مواجهة مباشرة مع الحكومة حول نفس الموضوع، أي حول الاصلاح الاقتصادي والتقشف والخصخصة، مواجهة دامت لعدة شهور، ومازالت، وكان موضوعها الاساس هو رواتب العاملين في وزارة الصناعة، وهي من ضمن الشركات التي تشملها نظرية العنبكي بالتصفية والخصخصة.
وحيث ان الموضوع هو مشروع الحكومة وسياستها التي تصر عليها، وانها جزء من السياسة الليبرالية الجديدة العالمية، فان الموضوع لم يفقد شيئا من جديته وخطورته، بل بالعكس، فقد اصبح موضوعا ملموسا ومتداولا بصورة متواصلة لدى جماهير واسعة من الشعب، وخاصة طبقة العمال التي تتحسس التقشف والخصخصة وهي على سفرة الطعام، او مع الاطفال وهم يتوجهون الى المدارس ويحتاجون الى مصرف جيب او ملبس.
ان مواجهة الخصخصة والتقشف وفشل السياسات النيوليبرالية على الصعيد العالمي، تتجلى بأوضح صورة في تطورات اليونان وما رافقها من احتجاجات في اوربا؛ اننا نشهد تأزم واندحار النيوليبرالية عالميا، ونشهد في الوقت نفسه عرابيها في العراق ممن يصر لا فقط على "التنظير" لها بل ان الاجراءات الحكومية ماضية في تطبيق سياسات الخصخصة والتقشف بالاتفاق مع المؤسسات المالية الرأسمالية وممثليها المحليين، على الرغم من الاحتجاجات الشعبية والعمالية الواسعة، والرفض الشعبي الذي يعبر عن نفسه في تظاهرات متواصلة خلال العام المنصرم والى اليوم.
ان العنبكي والحكومة العراقية يريدون بعث فطائس برامج الرأسمالية المتأزمة، حيث يستعد الاوربيون لطمرها مع نفايات نظريات ووصفات الازمات الرأسمالية المتعاقبة. ولكن لم اجد الامر ينتهي بمجرد كتابة مقالة كرد عابر، بل ان البرنامج الحكومي الذي جاء بصيغة مشروع تنظير لمستشار رئيس الوزراء، يحتاج الى نسف وتقويض بالكامل، والاكثر من هذا ان يصل هذا النقد الى اوساط العمال وعموم الشعب، لكي يكون هناك مشروع شعبي بمواجهته.
وسابتدأ بالفصل الاول للسيد العنبكي؛ واتناول الاساسيات او الفرضيات التي ينطلق منها لبناء مشروعه التنظيري على حد قوله.
ان الفرضيات التي ينطلق منها الدكتور العنبكي خاطئة حتى من منظور الاقتصاد الاكاديمي والجامعي، وليس فقط من وجهة نظر الاقتصاد السياسي. بل ان العنبكي لا ينطلق حتى من فرضيات، وساضطر لايراد مقاطع مطولة من سردياته للاستدلال على طروحاته.
ان العنبكي يقوم بتكرار شروط ووصفات صندوق النقد الدولي، ويقوم بتبريرها بالتلاعبات اللفظية والتوريات، ثم يسمي تلك الشروط تنظير صادر عنه.
ان النقطة الاساس التي ينطلق منها العنبكي هي ان الاصلاح الاقتصادي والقضاء على التشوهات الهيكلية، تبدأ بتقليص او اقصاء دور الدولة وترك الامر لالية السوق لمواجهة الاختلالات. هذه ليست نظرية صادرة عن العنبكي، انها ايديولوجية النيوليبرالية التي يمثلها صندوق النقد والبنك الدولي. وهذا الطرح مردود من ناحيتين:
الاولى؛ لم يتشكل في العراق تاريخيا سوق داخلية لرأس المال وللعمل، شأنه شأن العشرات من الدول المـتأخرة اقتصاديا، وعليه لن تكون هناك يد ادم سمث "الخفية", لتقوم بحفظ التوازن والقضاء على الاختلالات.
ان السوق القائدة عالميا والتي تقرر " توازن" حركة رؤوس الاموال على الصعيد العالمي هي المراكز الاقتصادية العالمية، وهناك تتقرر اليات " التوازن". هذا الواقع هو ما يبرر الدور الذي قامت به الدولة تاريخيا في التدخل في توجيه الاقتصاد في العراق والعديد من اقطار العالم. وعليه فان نظرية العنبكي هي اساسا افتراض بل وهم لا صلة له بالواقع.
الثانية؛ ان نفس هذه المراكز العالمية والاقتصادات التي تنهج النيوليبرالية، قد واجهت ازمة كبرى بسبب عدم قدرة الية السوق على حفظ ما يعرف بالتوازن، وانها سارعت الى طلب العون من الحكومات التي بادرت الى تأميم او اقراض العديد من المشاريع لانقاذها من الانهيار عام 2008.
ان العنبكي يفصل الاقتصاد عن السياسة، ويتحدث عن المفاهيم الاقتصادية كانها ظواهر تجري جنب بعض وليست جزءا من نسيج وبناء مترابط، يخضع للمصالح وتوازن القوى، ان المنهج الذي يدعو اليه وهو الية السوق، اي النيوليبرالية، ما هي الا ايديولوجية البرجوازية الامبريالية في مواجهة الازمة الاقتصادية، وانها نتيجة وجواب على الازمة الخطيرة المستمرة، التي وقعت في اوائل السبعينيات في قلب العالم الرأسمالي. ومن توجهاتها دمج اقتصاديات البلدان الاقل تطورا بالمؤسسات المالية العالمية، واضعاف دور الدولة المركزية وتفتيت البنى الاقتصادية للبلدان المتخلفة وخاصة مقدمات محاولات التصنيع.
يقول العنبكي؛ وكمنطلق ليبريره للسياسة النيوليبرالية "فشل التنمية في الستينات والسبعينات في الدول النامية".
اولا ان التنمية لم تفشل بسبب عدم انتهاج سياسة السوق، هذا اذا سلمنا معك بان التنمية فشلت، بل بالعكس ان عداء الاحتكارات وتنظيمها الحروب والانقلابات في العديد من هذه الدول، هي السبب في تأزم اوضاعها ووصول ممثلي النيوليبرالية الى الحكم. هذا من جانب ومن جانب اخر، فان الدول النامية ليست على درجة واحدة من التطور وان تجاربها تباينت بصورة واسعة ولا ينطبق عليها قول اطلاقي عام كالذي يطرحه السيد العنبكي كمبرر لانطلاقة في سرد محاسن مشروعه.
وعلى الرغم من قولنا بعدم نجاح تجارب التنمية من حيث مراكمة رأس المال وبناء اقتصاد متقدم الا ان العديد من الانجازات قد تحققت على مدى عقود في ميدان التعليم والصحة والسكن والخدمات. ان معدلات الزيادة في اعداد الطلاب في السنوات بين 1962- 1969 في دول مثل سوريا، مصر، العراق، لبنان قد بلغت معدلات مقاربة جدا لمثيلاتها في الدانمارك، اليونان، فرنسا وتشيكوسوفاكيا⃰-;-، ( منجزات التنمية الاقتصادية العربية. د. محمد العمادي ص62).
ولكن العنبكي كداعية لاقتصاد السوق والتوجه النيوليبرالي، لا يعتبر التعليم والصحة والخدمات العامة نمواَ، انه يعتبر تراكم ثروة الراسماليين هي الشكل الوحيد والمطلق للنمو والاصلاح ومهما كان الثمن.
ولكن هذا قد تحقق عالميا، واصبح عدد محدود من الرأسماليين يتحكمون بالسوق العالمية، وسيكون البحث عن منافسين جدد لهم من العراق او اي بلد اخر، هو عمل لا صلة له بالنمو ولا بالاصلاح الاقتصادي ولا بالتطور، انه محاولة لتركيز الثروة الاجتماعية بيد حفنة أو اقلية تبحث عن دور ونصيب متعاظم في عالم الربح. يعني ان يقوم جهاز الدولة، وهو اداة بيد السياسيين والحكام الجدد، ومن خلال نظرية الاصلاح الاقتصادي بتركيز الثروة بيد مجموعة مقابل حرمان الملايين من فرص العمل، التعليم، الخدمات... الخ. ان هذا لا يحتاج الى نظرية جديدة، انه جوهر ومحتوى اتجاه الراسمال طوال عمره.

يقول الدكتور العنبكي في فقرة السيناريو الاسوأ في الفصل الاول. "قد تتقاعس امريكا عن التزاماتها تجاه العراق وتتغير قواعد اللعبة".... ماهذه الدرر الاقتصادية.!! هل يعقل ان يبنى نموذج اقتصادي شامل ووصفة تفرض بالقوة على المجتمع بناء على خشية تقاعس امريكا!! ولكن تقاعسها عن ماذا؟ عن قواعد اللعبة؟. هل يعقل ان يكون مصير عشرات الملايين من الناس مرتهنا بقواعد اللعبة الامريكية، التي يخشى العنبكي ان تتغير؟؟!!


تبدأ الفقرة ثالثا: الانتقال الى الية السوق في التعامل الاقتصادي.ص6 "من الجدير بالذكر ان الاشتراكية الماركسية لم تلغي القوانين الاقتصادية التي تتضمنها النظرية الكلاسيكية والنظرية النيو كلاسيكية بل اعتمدت على هذه القوانين في تحليلها ووصولها الى استنتاجات ومن اهم هذه القوانين قانون العرض والطلب الذي يعتبر ركنا من اركان نظرية القيمة وتحديد الاسعار".
هذا خطا بل افتراء. "أحشفاً وسوء كيل" كما يقول العرب؟ اتريد تسويق نظرية تبريرية لشروط صندوق النقد، وتحشر مقطعا من ماركس لتبرهن على اهمية قانون العرض والطلب؟ واي مقطع؟ ان تدعي ان نظرية القيمة تستند الى قانون العرض والطلب. لا اريد الخوض في تناول كارل ماركس للعرض والطلب فهو مشروح في اكثر من مكان. ان نظرية القيمة لا علاقة لها بالعرض والطلب، ولكن في العرض والطلب تتحدد الانحرافات عن البيع فوق سعر الكلفة او تحت سعر الكلفة، اي يتحدد متوسط الربح الرأسمالي، وعلى اساسه يتجه الرأسمال نحو الفروع المربحة اكثر، وينسحب من الصناعات التي ينخفض الطلب عليها ويكون معدل الربح فيها اقل، ان مقدار القيمة ومقدار فائض القيمة يكون قد تقرر قبل الشروع بالتبادل اي عمليات السوق. لسنا بحاجة هنا الى شرح اسس الاقتصاد، ولكن للتنبيه على ان كاتب المشروع يسعى للمغالطة وتمرير مفاهيم مغلوطة لا اساس لها.
في فقرة العولمة الاقتصادية صراع الاقتراب والاغتراب:
يقول العنبكي " وسوف تتعرض الاقتصاديات النامية لمزيد من عدم الاستقرار ولمزيد من العوامل التي تهدد نسيجها الاقتصادي والاجتماعي كما ستعاني من انتكاسة تنموية تتسم بمعدلات نمو راكدة او هابطة مع تبديد متزايد للمنجزات الانمائية التي تحققت في العقود السابقة ( لاحظ انه قال في فقرة سابقة، فشل سياسة التنمية في عقود الستينيات والسبعينيات والثمانينيات). ويتابع العنبكي" ومن رحم تلك الهموم التي تجتاح اقتصاديات الجنوب تأتي ولادة اليات لإعداد مسرح اقتصادي عالمي جديد تتمثل تلك الاليات بالخصخصة واللبرلة المؤدلجة والأقلمة والعولمة وتشكيل لفضاءات اقتصادية مفتوحة وبين الواقع المتردي والوصفات الجاهزة للبنك الدولي ولصندوق النقد الدولي الممهدة للعولمة والدافعة حتما باتجاهها، سيكون هناك معترك كبير لصراعات اقتصادية شتى تتجلى عنهما نتيجتين لا ثالث لهما أما المواجهة الخاسرة لهذه الاليات لتعاني عزلة اكثر وتخلفا اكثر واغترابا عن العالم المتحضر وإما تكيفا مع العولمة وركوب موجة الاصلاح والتحديث والتأقلم مع واقع اكثر انفتاحا على الغير واقتراب اكثر من العالم المتحضر."
ولكن هل حقاً ولدت السياسة النيوليبرالية والعولمة والخصخصة من رحم الهموم والمعاناة؟؟!! هل يعقل ان تكون "اليات المسرح العالمي" وليدة حاجة وهموم ومعاناة الاقتصاديات النامية؟؟ منذ متى تقرر الهموم مسرح الاقتصاد الراسمالي العالمي وحركة رأس المال العالمي؟. اليست هموم بلدان الجنوب بل البشرية جمعاء، من مجاعات وحروب وفقر وتشرد، هي نتيجة للبرلة والعولمة والخصخصة وليس العكس؟. ولا ادري وفق اي منطق يزف الدكتور العنبكي اكتشافه هذا.
رغم ركاكة المقطع ولا علميته ولا منطقيته وتصنع لغته، فهو اقرار من الكاتب بانه يتبنى الخصخصة والعولمة واللبرلة حلا لهموم بلدان الجنوب، بل انه يحرض بأتجاه تبنيها ويدعو لها ويبشر بها. ولن يجديه تذرعه بالوسطية والتبريرية في مقاطع اخرى، رغم انه يورد فقرات تتناقض مع ما يطرحه هنا.
يقول العنبكي في مقدمته" ان التغيير في العراق لم يكن وليد تفاعل عوامل داخلية حسب بل كان للعوامل الخارجية اليد الطولى في احداث التغيير مدفوعة بقناعات ومصالح شتى تلتقي حينا وتختلف احيانا عن قناعات ومصالح الشعب العراقي. حيث لم يكن الاصلاح الاقتصادي وليد رؤيا عراقية خالصة بل جاء متأثرا بضغوط الدائنين من دول ومنظمات دولية ورغبات المتفضلين المساهمين بازالة الديكتاتورية وأحلام الطامعين وأجندات الجيران السيئين وشذاذ الافاق من المتطرفين والتكفيريين والمعرقلين لأي تغيير او اصلاح".
لاحظ الوسائد والمساند التي يؤثثها ويعدها تحسبا لترنحه وتدحرجه اثر ضربة نقدية تطيح به، وفضلا عن كون الكلام المرسل الوارد اعلاه لاصلة له بالتحليل الاقتصادي؛ فأن الكاتب يظهر امام المؤسسات المالية والسياسة الحكومية مؤيد وداعية للاصلاح، ومع المعارضين والرافضين مضطر ومجبر، كون التغيير جاء من الخارج بارادة خارجية، ومع الجمهور غير المختص والراي العام غامض ومسوف، ومع لغة الاقتصاد كعلم يوجه كلاما مرسلا وغير محدد، اي باختصار انه يسعى لتمرير ديباجة مغرضة وبكثر من وجه، ولكنها ذات اهداف محددة ومرسومة ولكن بلغة مضللة وغير علمية وهي اهم مزايا البحث العلمي وخاصة في بحث اقتصادي.

في فقرات ونقاط اهداف برنامج الاصلاح، ترد الفقرة التالية:
خصخصة بعض الشركات والقطاعات لإفساح المجال امام القطاع الخاص للمشاركة الاوسع في النشاط الاقتصادي.
ولكن لماذا ينتظر قطاعك الخاص تصفية الشركات لكي يساهم في النشاط؟!! هل هناك ما يعوق القطاع الخاص من القيام بمشاريعه؟ واي نمو وتطور تتوقعه من قطاع ينتظر خصخصة الشركات لكي "يساهم في النشاط"؟ ولماذا يدخر نشاطه ويبقيه حبيس جيبه؟
اليست هذه الفقرة هي جوهر ومحتوى كل مشروعك ونظريتك؟ يعني ان تستولوا على الممتلكات العامة بطريقة رسمية تستند الى " نظرية" اقتصادية؟
اليس مجمل كلامك عبر عشرات الصفحات المصحوبة بالجداول تدور حول هذه النقطة؟ اليست كل الحجج التي تسوقها هي لتبرير الاستيلاء على المؤسسات والمنشآت العامة؟
ان القطاع الخاص الصناعي في العراق: يمتاز تاريخيا بـالضعف مقارنة مع الرأسمال التجاري والرأسمال العقاري. ولهذه الاسباب تولت الدولة مركزة الاقتصاد وبناء الصناعات الواسعة والمشاريع الستراتيجية.

في فقرة ماهي القوى المحركة للانتقال:
يقول العنبكي:
القوى الخارجية:" تدخلات وضغوط دولية من خلال مساعدات ومنح وبرامج اقتصادية وتأهيلية مختلفة في سياق تكريس منطق وآليات السوق". الا يعني هذا الكلام ان الانتقال الى اقتصاد السوق هو مفروض من قوى صاحبة مصالح خاصة بالضد من ارادة جماهير المجتمع او اغلبية سكانه؟ الا يعني انه نتيجة ضغوط وتدخلات دولية؟ واذا كانت ضغوط وتدخلات، فلماذا يقوم الدكتور العنبكي بطرح نظرية لتبريرها وتبيان مزاياها ووصف فوائدها؟
قبل ان نخوض بعيدا، يورد العنبكي فقرة بعد السابقة مباشرة: " دور المنظمات الدولية وهي صندوق النقد الدولي الذي يعنى بالاستقرار الاقتصادي والحفاظ على قيمة العملة وضبط ادوات السياسة النقدية وبذلك فهو يمارس دوره الاستقراري في الامد القصير، والبنك الدولي للتنمية الذي يعنى بإيجاد عوامل التنمية الاقتصادية وعمليات الإعمار في الامد المتوسط والبعيد". هل يستطيع السيد العنبكي ان يورد مثلا عن بلد واحد فقد في العالم ممن تدخل صندوق النقد والبنك الدولي فيه، قد شهد استقرارا او ازدهارا او تنمية؟ حتى لو افترضنا ان العنبكي لم يطلع بعد على احوال هذه البلدان، سنقول له كلا، لا يوجد ولن يوجد، بل لا يوجد بلد في العالم لم يتعرض للخراب والافقار والتدمير ما ان امتدت له سياسات هذين المؤسستين التين يبشرنا السيد العنبكي بافضالهما.
ان مؤسسة مالية تعيش على الاقراض والفوائد وتغيير البنى الهيكلية لاقتصاد البلدان التي تبتلى بها، وتدمر اسس التصنيع فيها وتحولها نحو الاستيراد في كل شئ، كيف يمكن لها ان تكون سبباً في تنمية او استقرار بلد؟!. هذا السؤال ليس مطروحا على العنبكي فقط، بل على كل اقتصادي او سياسي في العراق، التي يتعرض الى اخطر هجمة من هذه المؤسسات المالية الخطيرة والمرعبة، في سياساتها الشائكة والتي تربط السياسة الامبريالية بالاقتصاد، وتستخدم الابتزاز العسكري وحتى النووي الامبريالي وخاصة الامريكي والبريطاني في فرض ارادتها، اي ارادة الابتزاز والهيمنة المالية والاقتصادية واستنزاف الاقتصاديات المتأخرة وامتصاص الفوائض من دم ولحم الجماهير الكادحة التي تدفع الثمن. لهذه المؤسسات وهذه السياسات يطرح مستشار رئيس الوزراء الاقتصادي نظرية تبرر وتبشر بالسياسة الاقتصادية الجديدة.
يقول جورج قرم في كتابة فخ المديونية : "التأكيد على الابتعاد عن المؤسسات المالية أو القروض الاجنبية كشرط للنمو". وهذه حقيقة لان الفوائد على القروض تؤدي الى تآكل الاصول والرساميل وليس الارباح فقط، وهذا بالنسبة للدول التي تعاني نقص في رؤوس الاموال، في حين ان العراق هو من بلدان الفائض الذي يجري امتصامه وابتلاعه من هذه المؤسسات وممثليها المحليين من رجال الحكومة والبرلمان والقادة وامراء الحرب والشيوح.
ان كل سطر من "تنظير" الدكتور العنبكي بحاجة الى رد وكشف، لانه قسم مباحثه الى وصفات وفقرات لكي يصار الى اقرارها كقانون يحمل نفس الاسم هو قانون الاصلاح الاقتصادي، الذي يسعى البرلمان العراقي الى اقراره على ضوء هذه الطروحات، وقبل ان يشرع القانون المشار اليه، علينا ان نطلع على دقائقه وتفاصيله واهدافه. ورغم انها مهمة غير شيقة، الا انه واجب ومهمة تخص حياة الملايين، قبل ان يكون مجرد رد على كاتب، وسأعود اليه لحين الاجابة على كل فصول البحث او المشروع.
يتبع
31-7-2015

المصادر:.
1- د. صبري زاير السعدي. نحو تخطيط الاقتصاد العراقي. دار الطليعة بيروت. 1974.
2- رمزي زكي. الليبرالية المتوحشة.الهيأة المصرية للكتاب 2007.
3- محمود الحمصي. التخطيط الاقتصادي. دار الطليعة بيروت. الطبعة الاولى 1966.
4- بول باران. الاقتصاد السياسي للتنمية. ترجمة احمد فؤاد بلبع دار الحقيقة بيروت 1971.
5- جورج قرم.التبعية الاقتصادية. مأزق الاستدانة في العالم الثالث من المنظار التاريخي دار الطليعة بيروت 1982.
6- . اجانسي ساكس. نماذج القطاع العام في الاقتصاديات المتخلفة ترجمة سمير عفيفي.الهيأة المصرية العامة للتأليف والنشر. 1970.
7- د.عبد المنعم السيد علي. د.عبد الرحمن الحبيبنظام النقد الدولي والتجارة الخارجية للبلاد العربية. المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع. الكويت 1986.
8- اولريش شيفر انهيار الرأسمالية. اسباب اخفاق السوق المحررة من القيود. ترجمة عدنان عباس علي. عالم المعرفة. الكويت 2009.
9- ملاحظات اولية حول رأسمالية الدولة في البلدان المتخلفة. ع خفاجي. دراسات عربية. العدد 6 السنة العشرة نيسان ابريل 1974.
10- منجزات التنمية الاقتصادية العربية. د. محمد العمادي. دراسات عربية العدد 4 السنة الثامنة شباط فبراير 1972.



#فلاح_علوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول مقابلة كورش مدرسي وشعار ضمان البطالة
- اين مركز الازمة في العراق؟
- المواجهة القادمة بين العمال والحكومة، تطور نوعي في الصراع
- الطائفية نتاج للصراع السياسي وليس العكس
- طائرات إسرائيل ومدافعها تطحن بيوت الفلسطينيين على ساكنيها
- حول أحداث نينوى
- حول قانون الإصلاح الاقتصادي ردا على تنظير مستشار المالكي للش ...
- اختزال اليسار إلى دولة مدنية ديمقراطية
- قيادة المنظمة العمالية أم السيطرة عليها
- لمناسبة مرور عشر سنوات على تأسيس الاتحاد
- تشريعات ومفخخات
- همهمة الجماهير انذار مخيف للحكومة
- الاساس الاجتماعي للتشيع في العراق والناسيونالستية العراقية
- حول موجة التظاهرات الراهنة في العراق – فلاح علوان اجرى الحوا ...
- خصخصة الكهرباء سياسة مقصودة ونهب علني للمجتمع
- من الجذور ام من الذروة ..... ستون عاماً على انتفاضة فلاحي آل ...
- اين اسامة انور عكاشة من الزواج الجديد للبرجوازية المصرية
- ..... رحيل الرفيق زيدان حيدر - ابو حيدر-
- حول قرار محكمة استئناف البصرة
- بصدد تصريح رئيس الوزراء نوري المالكي في الاول من ايار


المزيد.....




- واشنطن تتمسك بالعراق من بوابة الاقتصاد
- محافظ البنك المركزي العراقي يتحدث لـ-الحرة- عن إعادة هيكلة ...
- النفط يغلق على ارتفاع بعد تقليل إيران من شأن هجوم إسرائيلي
- وزير المالية القطري يجتمع مع نائب وزير الخزانة الأمريكية
- هل تكسب روسيا الحرب الاقتصادية؟
- سيلوانوف: فكرة مصادرة الأصول الروسية تقوض النظام النقدي والم ...
- يونايتد إيرلاينز تلغي رحلات لتل أبيب حتى 2 مايو لدواع أمنية ...
- أسهم أوروبا تقلص خسائرها مع انحسار التوتر في الشرق الأوسط
- اللجنة التوجيهية لصندوق النقد تقر بخطر الصراعات على الاقتصاد ...
- الأناضول: استثمارات كبيرة بالسعودية بسبب النفط وتسهيلات الإق ...


المزيد.....

- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة
- تجربة مملكة النرويج في الاصلاح النقدي وتغيير سعر الصرف ومدى ... / سناء عبد القادر مصطفى
- اقتصادات الدول العربية والعمل الاقتصادي العربي المشترك / الأستاذ الدكتور مصطفى العبد الله الكفري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - فلاح علوان - ردا على مشروع الاصلاح الاقتصادي والخصخصة في العراق -2-