أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - هاله ابوليل - ما بعد صناعة الكتاب - الترجمة واقع و وقائع















المزيد.....



ما بعد صناعة الكتاب - الترجمة واقع و وقائع


هاله ابوليل

الحوار المتمدن-العدد: 4883 - 2015 / 7 / 31 - 09:01
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


الترجمة : واقع وإشكاليات ‏

الترجمة اصطلاحا ولغويا (***)‏
ترجم ,يترجم ,مترجم, تراجم ترجمة .‏‎
يقول ابن منظور في "ترجمان" (لسان العرب، مادة /ترجم/): "الترجمان، بالضم والفتح،: هو الذي ‏يترجم الكلام أي ينقله من إلى لغة أخرى، .ويغلب القول أن أصل الجذر من "رجم - يرجم ‏بالحجارة " وجاء بالآية الكريمة ""لَئِن لم تَنْتَهِ لأَرْجُمَنَّك" أي "لأَسُبَّنَّك". وهذا يعني أن ‏‎"‎الرجم" ‏فعل لساني (أي كلام) وليس فعلاً يدوياً (أي رجم بالحجارة ) أو بغيرها . إذاً: المعنى الاشتقاقي ‏الأصلي للاسم /ترجمان/ وللفعل /ترجم/ هو "الكلام غير المحدد‎ ‎‏.‏‎"‎
والترجمة , فن قديم قدم الأدب المكتوب. ومن بين أقدم الأعمال الأدبية المعروفة،(ملحمة جلجامش ‏السومرية ) التي تم فيها ترجمة أجزاء إلى عدة لغات آسيوية منذ الألفية الثانية قبل الميلاد‎.‎‏. ومن ‏الهند جاءنا الكتاب المترجم ‏
كليلة ودمنة " المنطوق على لسان الحيوانات التي تتكلم بالحكم والمنطوقات بيد المترجم ابن المقفع
و كتاب" دليلة ودمنة " الشهير من الاصل الهندي -لمن لايعرفه- وضعه فيلسوف الهند" بيديا" لكي ‏يهديه للحاكم الظالم "دبشليم" لعله يكف عن جوره وظلمه , وترجم الى الفارسية ومنها الى ‏العربية ليعاد ترجمته فيما بعد من العربية للفارسية بعد ضياع الأصل وهذا بدوره يحلينا الى اهمية ‏الترجمة بالحفاظ على النصوص القديمة خالدة ومتوارثة للأجيال كما حدث في كتب عديدة ‏ومؤلفات جاهدت لتبق على مرّ العصور
‏ وهل "ألف ليلة وليلة "الاّ نسخة من الخلود بقيت لزمننا هذا وستبقى .‏
‏ أما في التاريخ الإسلامي ,,, امتلأت نفوسنا حتما بالفخر ونحن نسمع عن خلفاء يهبون كل من ‏يترجم كتابا بأخذ وزنه ذهبًا , وهل هناك أفضل من الكتب لينفق بوزنها ذهبا , ويا ليت الزمان ‏يعود يوما لكي لانسمع تقارير اليونسكو التي تطيح بتلك العصور الذهبية للترجمة بالأرض فبحسب ‏تقرير اليونسكو للبلدان العربية، يُترجَم سنوياً في العالم العربي ,كله من محيطه الى خليجه , ‏خُمس ما يُترجَم في دولة صغيرة مثل اليابان. ‏
‏ و يقال وعلى ذمة التقارير والإحصائيات التي لا نجد لها مرجعا نذهب إليه إنما هي نقلا عن مواقع ‏الكترونية ربما فيها من الإنحراف مايمنع من تداولها ولكننا في واقع الأمر محكومين بها لعل ذلك ‏يحرك شيئا لدى من لايتثقفون ‏
يقال " أن الحصيلة الكلية لما تُرجم إلى العربية منذ عصر الخليفة العبّاسي" المأمون" إلى العصر ‏الحالي تقارب الـ العشر الآف كتاب، فقط , وهذا العدد يساوي ما تترجمه إسبانيا لوحدها في سنة ‏واحدة‎. ‎‏ فما الذي تغيّر ,وما اّلذي حصل !وما الذي سيجعل مدينة صغيرة مثل إسبانيا نفوقها عددا ‏وآبارا للنفط تتفوق علينا جميعا.‏
نعلم إنها اسئلة حارقة ,وتنم عن عجز وكسل و ربما ندم .‏
فبأي وجه سنري العالم وجوهنا ونحن الذين نتشدق يوميا على صفحات التواصل الإجتماعي بأننا ‏أصحاب أكبر علم ,وأكبر طبق حمص , وأكبر كندورا , دخلت كتاب جينيس المشهور بالأرقام ‏القياسية ,فهل على اصحاب جينيس أن يرفضوا تفاهاتنا مطالبين إيانا ونحن أصحاب اعلى عائدات ‏للنفط بانفاق المال على البحث العلمي, و الترجمة بما يوازي عددنا المتنامي والذي تجاوز 300 ‏مليون على ما اعرف . ولكي لا نكون ناكري جميل هناك مبادرات مثل مبادرات مؤسسة خليجية؛ ‏تحمل اسم شيخ إمارة مشهور تقوم بتمويل مراكز ترجمة في كل من العواصم التالية في بيروت ‏والجزائر , ومصر .‏
ولا يمنع ذلك التمويل المالي طبعا من تشدق د. جابر عصفور وزير ثقافة مصر ‏
اثناء فتحه مركز للترجمة متفاخرا كون مصر أول من بدأت بدخول حرفة الترجمة في العالم العربي ‏على يد رفاعة الطهطاوي ,معتبرا أن حجم الترجمة في مصر وحدها يفوق الدول العربية مجتمعة ‏وكأن السيد الوزير لم يسمع بالتقارير التي تديننا بالقصور و سوء الأمور فقد جاء في موقع جملون مع ‏حفظ الحقوق لهذا الموقع " وتبين مقارنة أعداد الكتب المترجمة إلى اللغة العربية مع لغات أخرى ‏سِعةَ الهوة بين العالم والعربي بمجمله وبين أية دولة في العالم، ففي النصف الأول من ثمانينات ‏القرن العشرين، كان متوسط الكتب المترجمة لكل مليون،على مدى خمس سنوات هو 4.4 كتاب (أقل ‏من كتاب لكل مليون عربي في السنة) بينما في هنغاريا كان الرقم 519، وفي أسبانيا 920‏‎.‎‏ ‏
‏(( أقل من كتاب !!! ))‏
ولكن مع كل هذا التقصير تجد من يتنطح قائلا وباستنكار !‏
‏ ما الذي سنفعله بتلك الأعداد المهولة من الكتب المترجمة و التي تزخ في الأسواق, وفيها الغث كما ‏فيها السمين ,في حين لا يوجد لدينا نحن أمة اقرأ التي لا تقرأ ‏
وكأننا منذورين للإطاحة بمقولة" بوشكين الخالدة والتي وصف بها المترجمون "كخيول بريد التنوير ‏‏" وهذا الوصف يناسب تلك العصور التي كان فيها الخيل وسيلة للنقل ونحن لسنا في زمن الخيول كما ‏تعلمون , وهذا يجعلنا على الأقل نعترف أن التنوير سيكون في اليابان - حتما - التي تترجم سنويا ‏‏30 مليون صفحة.وليس في بلادنا التي لا تتجاوز متوسط قراءة الفرد في أرجاء العالم العربي سنويا ‏ربع صفحة فقط . حتى إنها لسوء الحظ الملازم لم تصل لنصف الصفحة لكي نستطيع أن نطويها على ‏الأقل .‏
‏...هذه الإحصائيات حسب آخر معطيات نشرتها الأمم المتحدة حول عادات ومعدلات القراءة ‏للشعوب ، في حين لا يفاجئك لو علمت أن الأمريكي يقرأ (11) كتاب ,وسيحتج البريطاني في ‏الصحف لتدني معدل القراءة , لأنهم يقرأون فقط سبع كتب في العام , كما اشارت تلك المعطيات .. ‏وعلينا بالمقابل أن نعيد صياغة إنتاج تلك المقولة الشهيرة ‏
‏"مصر تؤلف , ولبنان يطبع و العراق يقرأ, فقد أصبحنا بلا قراءة وبلا طباعة ,ولكي أزيد الطين بلة ‏‏,أود اعلامكم ما أظهره تقرير أصدرته مؤسسة الفكر العربي "أن متوسط قراءة الفرد الأوروبي يبلغ ‏نحو 200 ساعة سنويا، بينما لا يتعدى المتوسط العربي 6 دقائق . ‏
نعم ست دقائق ,هل تتخيلون هذه المصيبة , ليست المصيبة فقدان المال أو الزوج أو الابناء بل خسارة ‏ذلك الوقت الذي سفحته بعيدا عنك أيها العربي الكسول في كتاب مفيد أو حتى كتاب ردىء سيان .‏
‏ وليس هذا القول من باب الخوارق ,فعندما يصبح الكتاب جزءا منك لن تتخلى عنه
‏ فهو الأبن الذي لا يهجر والديه وهو الزوج الذي لا يتزوج على زوجته وهو الإمرأة التي لا تخون ‏زوجها, وهو الذي يجعل العزلة حياة أخرى لا تتكرر.‏

‏" لكن، أليست الترجمةُ فعلَ ظهور واختفاء؟ فعلاً مزدوجاً. فعلاً قاد مترجمين إلى الهلاك ؟ لستُ ‏بمنأى عن الهلاك. لا شيءَ يمنحُني ضمانة. بلْ لاَ ضمانةَ مطلقاً. فأنْ تكتب أو تترجم تجربةٌ هي ‏نفسها تجعلك وجهاً لوجه مع الفشل، رمية سيئة الحظ‎.‎‏" *** ( ‏‎1‎‏)‏
وهذا يحيلنا الى ترجمات بلا ضمانات على مستوى الدول ,كرست احتلال أراضي محتلة .وسببت ‏توترا ومزيدا من سوء الفهم والإحتراب الأبدي .‏
‏ ففي عالم السياسة وحسب ما ورد في موقع "بي بي سي للثقافة"(‏‎2‎‏) يلقي نظرة على أفدح أخطاء ‏الترجمة التي وقعت في الماضي ‏
والأمر لا يخلو من طرافة أحيانا فليس هناك ردة فعل أليمة ستحدث,و لا فرق كبير سيظهر عندما ‏يترجم المترجم للرئيس كارتر مثلا بين
‏ "غادرت الولايات المتحدة هذا الصباح".‏
اصبحت ‏
‏"غادرت الولايات المتحدة ولن أعود أبداً"، (‏‎2‎‏)حسبما قالت مجلة التايم ‏‎.‎‏ ‏
فالأمر لا يتعدى من وجهة نظر أي قارىء سوى أنها أخطاء ترجمة يعاد تصحيحها أو دعابة لطيفة ‏أو نكتة سمجة أو لحظة غضب تنصل بها كارتر عن مسؤولياته في رعاية شؤون الامريكان وهرب ربما ‏‏, وهذه التحاليل الغريبة ما يمكن للذهن أن يفكر بها في اسؤأ الأحوال. ‏
‏ ‏
‏... ولكن على الجانب الشرقي مالم يفهم حينها ذلك التهديد الذي اطلقه رئيس الوزراء الروسي ‏نيكيتا خروتشوف (‏‎2‎‏) .‏
‏ قائلا على لسان المترجم "سوف ندفنكم " في إجتماع سفراء الدول مما جعل العلاقات التي كانت ‏باردة أصلا تصبح أكثر برودة من ثلوج ساحة الكرملين في أيام عيد الميلاد .‏
‏,,,,صحيح , لقد حرص خروتشوف على توضيح ما كان يقصده ولكن بعد ذلك بسنوات عديدة. حيث ‏قال في خطاب ألقاه عام 1963 في يوغوسلافيا: "ذات يوم قلت: سوف ندفنكم ، وتسبب لي ذلك في ‏مشاكل كثيرة. بالطبع لن ندفنكم باستخدام مجرفة، لكن طبقتكم العاملة نفسها هي من سيدفنكم‎."‎
هذا ما أحدثته الترجمة بين قطبيّ الحرب الباردة مجرد سوء فهم وبرود في العلاقات وأخطاء ‏عادية في الترجمة.‏
أما ما حدث في الشرق الأوسط فلذلك قصص لا تغتفر ‏
‏ فما بين كلمة ( الأسرار) وكلمة (الأسرى ) حدث التباس وأثار ردود فعل حامية الوطيس فالأمر ‏تعدى سوء الفهم إلى إتهامات بالعمالة و التخوين .‏
‏ فليس سهلا أن تخبر العالم قائلا ‏
‏" هناك اتفاق لتبادل الأسرى بين حزب الله وإسرائيل .‏
فتصبح بقدرة مترجم نائم أو خائن.‏
‏ " هناك اتفاق لتبادل الأسرار بين حزب الله وإسرائيل. (‏‎3‎‏)‏
‏ ولكن أن يتعدى ذلك حدود الالتباس والكلام الخاطىء فهذا لايسكت عليه فانظروا كيف تكتب كتب ‏التاريخ تلك الحادثة الغريبة من نوعها, ولكنها ليست غريبة على من يعرف مكر اليهود .فقد ‏سرقوا وطنا كاملا وهجروا أهله فهل ستفوتهم تلك الخدعة وهم الذين حاولوا اثبات أن طابا تعود لهم ‏وكل العالم ونحن أصحاب الأرض الحقيقيين نعرف ان طابا لمصر ومع ذلك كانوا يقاوحون مثل سارق ‏متأصل بالسرقة يصر على تبرئته والإحتفاظ بما سرق .‏
وفي هذه القصة تصبح الترجمة الخاطئة , تثبيتا شرعيا وتكريسا للإحتلال ‏
ففي قرار مجلس الأمن رقم ( ‏‎ 242 ‎‏ ‏‎( ‎‏ الذي صدر بشأن الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي العربية ‏التي احتلتها عام ‏‎1967‎، وقد كان القرار يقول ‏
بحسب الترجمة الفرنسية “انسحاب إسرائيل من الأراضي العربية” ،
‏ أما في النص الإنجليزي فإن القرار يقول “انسحاب إسرائيل من أراضٍ عربية” دون وجود الألف ‏واللام في كلمة “أراضٍ”، وهو ما تذرعت به إسرائيل ليكون الانسحاب "من بعض” الأراضي العربية ‏التي احتلتها وليست كلها (‏‎3‎‏) ‏‎ .‎‏ ‏

‎. “‎بالتأكيد سوف أقوم بتصحيح اللغة .. لأن ما يقال عادة لا يحمل المعنى المقصود، فإننا لن نستطيع ‏القيام بما ينبغي أن نقوم به، وإذا لم نفعل الشيء المطلوب فإن الأخلاق سوف تفسد، وإذا فسدت فإن ‏العدالة سوف تضل، وإذا ضلت العدالة فإن الناس سوف يقفون في حالة من الخلط أو التداخل بدون ‏حول ولا قوة، وحينئذ لن يكون هناك تحكم فيما يقال أو يمارس‎”‎
هذا ليس ما اقوله بشأن تلك الحادثة من السرقة العلنية للأراضي المحتلة ‏
بل ما أجاب به من يلقب بـ”حكيم الصين العظيم ‏
السيد “كونفشيوس” (‏‎551‎‏-‏‎479‎‏ )قبل الميلاد عندما سئل عن أول شيء سيقوم به إذا حكم الدولة، ‏
ومن هنا يترسخ قيمة الفهم الصحيح للكلام واللغة، والآثار السلبية الناتجة عن سوء فهمها " (‏‎3‎‏) ‏
اما على صعيد من يترجم لهم من الأدباء وذلك الشعور المتعاظم بالذات الذي تولده الترجمات ‏لأصحابها ‏
ففي حين يبتهج بعض الكتاب الذين ترجمت اعمالهم الى لغات حية تسعى يحطم تلك البهجة أمير ‏تاج سر الرواية السودانية قائلا في مقالته الدورية في القدس العربي يقول:" في رأيي الشخصي غير ‏الملزم لأحد، أرى أن العالمية ليست نصوصا مترجمة للغات أخرى، على الإطلاق، حتى لو بلغت ‏نصف لغات الكرة الأرضية، فقد ذكرت من قبل في حوار معي، وذكر الكثيرون قبلي وبعدي، إن ‏مسألة الترجمة هذه بالذات، تخضع في حالات كثيرة إلى الحظ، والمصادفة، والعلاقات الخاصة التي ‏تربط كاتبا عربيا بمترجم أوربي، أو النبش في مواضيع يهم الغرب أن يعرف عنها شيئا مثل الكتابة ‏في الدين بسلبية، وإيراد مقتطفات من العنف، وزواج القاصرات، والاستعباد في بعض الدول، ‏والترويج لتلك الكتابة، لتصل إلى من يبحث عنها بطريقة أو بأخرى". ويتابع :" إذن على الكاتب ‏العربي الذي يترجم إلى لغات أخرى، أن يتتبع نصه المترجم، ويتعرف إلى مدى تأثيره في العالم، ‏قبل احتضانه للقب العالمي الكبير، الذي يكاد لا يناسب إلا القليلين في ثقافتنا العربية، والتباهي به، ‏ومحاولة جعله لقبا ملزما للآخرين.ولطالما أجحفت الصحافة في حق الكثيرين، فألبستهم الوسواس، ‏والفصام، من جراء الألقاب الفخمة التي تطلقها" .(انتهى الإقتباس ) ‏
‏( ‏‎4‎‏).‏
وهذا يحيلنا الى فعل الترجمة و واشتراطاته و حرفة الترجمة وهمومها , فليس كل من امتلك ‏ناصية لغة أخرى قادر على تحويلها الى لغة أخرى, الاّ إذا كان متمكنا من اللغتين ؛اللغة التي ‏يترجم لها و اللغة المترجم عنها ,وأن يكون متفهما للخصوصيات الثقافية والإنسانية واللغوية ‏والنحوية لكلاهما ,وأن يكون مهتما بالأدب وقارئا له ‏
بل متذوقا من طراز فريد لكي يبعث بالنص تلك الجمالية الفنية الأدبية التي تجعل من النص ‏محاكيا للنص الأصلي بجمالياته فها هو "بويد تونكين"‏
‏" رئيس لجنة حكام جائزة مان بوكر الجديدة :"لا شىء اسوأ من أن يقال لك أن رواية ما تعد تحفة ‏أدبية عظيمة بلغتها الأصلية ثم تحاول قراءتها بالخوض فى نص انجليزى ضعيف‎".‎‏(‏‎12‎‏ )‏
ولكي لا تخوض في نص ضعيف أصلا ,عليك أن تعرف أن المترجم عند الشروع بالترجمة لن يكون ‏نفسه بعدها ولكن ليس قبل أن يمر بمخاض صعب ‏
‏ وأحيلكم لقراءة ماكتبه "المترجم "محمد بنيس" (‏‎1‎‏) من رغبة شخصية تملكته في ترجمة «رمية ‏نرد» إلى العربية. يتناول فيها عملية ومراحل وأسئلة ترجمة القصيدة وطبعها، ‏
‏ ولأن "قصيدة ملارميه" تضاهي و توازي الإلياذة والملاحم الشعرية فقد كانت فترة خلقها فترة ‏عصيبة لديه" لكنّني لم أكن أعْلم متى سيمسّ النداءُ يدي". وحين مسه النداء تدحرجت رمية النرد ‏في مرماه ,يقول: " بحذر أتقدم. أمدّ اليد نحو الصفحة. دفترٌ جديد. بحجم كبير. ومربعات صغيرة. ‏إنه شبيهٌ بالدفتر الذي أختاره للكتابة. أخط في الأعلى اسم ستيفان ملارمي. يلحقني شعور بأني ‏أصبحتُ ملتزماً، من خلال هذه الحركة الافتتاحية‎. ‎الدالة. إيحاء برنار يرجعُ إليّ. ربما تسمح ‏الترجمة إلى العربية بإظهار ركْن من الأركان المخْتفية للقصيدة‎"‎‏(‏‎1‎‏)‏‎.‎
فلكي يتقن المترجم عمله ولا ينال رمية سيئة الحظ فعليه أن ينتظر- تلك اللحظة - المواتية ليشرع ‏بعمل الترجمة بكثير من الحب والعطف والصبر ليظل وفيا للأصل ولا يخون !!‏
وهل يخون المترجم النص الأصلي ! ‏
قبل الخوض بهذا الأمر دعونا نقرأ ما يقول محمد بنيس اثناء مخاضه العسير في ترجمة رمية نرد ‏لملارميه(‏‎1‎‏)‏
‏" عليّ احترامُ معنى الكلمات في القصيدة‎. ‎احترامُ البنيات المخصوصة للغة. بدون إضافةٍ ما أمكن "‏
وهذه اولى الدروس في عملية خلق النص الجديد أن يظل وفيا للنص الأصلي ‏
‏ فهل المترجم خائن كما يقول المثل الإيطالي ‏
‏ يخون طبعا وبلا شك ‏
‎ ‎ولكن دعونا نمر سريعا على مزالق ومشاكل الترجمة لا تنتهي وهي التي لخصها الناقد التونسي ‏المعروف علي اليوسفي (‏‎5‎‏)‏
في احدى لقاءاته قائلا :"‏
‏- في الترجمة المغاربية نجد أن هناك من جهة، مشكلة هيمنة اللغة الفرنسية التي من المفترض أن ‏النقل والترجمة يتمّان عنها، في الدرجة الأولى، مقارنة باللغات الأخرى. مع العلم أن هيمنة اللغة ‏الفرنسية وانتشارها المتجدّد (خوفاً من العولمة) لم يتركا آثاراً في النص المترجم وحده، بل في نسق ‏الجملة العربية نفسها، كتابةً.‏ ومن جهة ثانية يأتي النص المترجم عنها، أي عن اللغة الفرنسية، ‏نصّاً هجيناً صعب القراءة أو الهضم، لأسباب متعددة، تتجاوز ما ذكرناه آنفاً، إلى أسباب أخرى يمكن ‏محاولة حصرها في ما يلي:‏
ـ كثرة المصطلحات المتأتية من اجتهادات شخصية غير متفق عليها بنوع من الإجماع.‏
ـ إثقال النصوص المترجمة بإيراد التعابير، وأحياناً الجمل، والمصطلحات الفرنسية، بلغتها، خوفاً ‏من مجانبة الدقة أو عدم إيصال الفكرة باللغة المترجم إليها.‏
ـ مسايرة النص الجديد، الناجم عن الترجمة، لبنيْة النص الأصلي من حيث الصياغة، وبناء الجملة، ‏والترجمة الحرفية أحياناً.‏ فتكون النتيجة أننا أمام نص مترجم أصعب من النص الأصلي في مجال ‏التقبل والفهم (لمن يجيد لغة النص الأصلي) وأجيز لنفسي القول، في هذا السياق، إنَّ قراءة جوليا ‏كريستيفا، وأمثالها، في اللغة الفرنسية، أسهل عليّ بكثير، من محاولة فهمها في ترجمة مغاربية.‏ ‏وحتى لا نظلم المترجم جزافاً، قد نجد له عذراً خفيّاً يكمن في صعوبة نقل مناخ نقدي جديد إلى لغة لم ‏‏"تتربَّ" عليه أو فيه!‏ وهكذا يتفرّع النقد المغاربي إلى وجهَين:‏
ـ لغة النقّاد الناقلين لجوليا كريستفيا وأمثالها، مع "تعالٍ" عليها، وانتقاد لها، أحياناً، خصوصاً ‏لدى النقاد الجامعيين الشباب!‏
ـ لغة النقاد المتبجّحين بالجملة العربية التراثية ومصطلحات القرن الرابع الهجري مثلاً.‏
وبمقدار ما تزداد الترجمات المتعلّقة بالنقد والمدارس النقدية، وكذلك العلوم الإنسانية، تنتفي، أو ‏تكاد، ترجمة الأعمال الإبداعية.‏
‏(انتهى الإقتباس)
ربما تأتي أخطاء الترجمة فيما يعتقده البعض في ترجمات تتعلق بصميم المفردات ‏ودلالالتها المفضية مع ذكر الشواهد التي تؤكد ماتوصلوا اليه , فالترجمة تحتم عليك الرجوع ‏للقواميس والاشتقاقات لمعرفة اصل الفعل أو الكلمة , وأحيلكم الى حوار جاء بين مترجم ‏وأحد القراء في إطار التعليق على موضوع يتناول رائعة همنجواي الشهيرة والتي خاض بها ‏‏"سانتياغو" رحلته في عرض البحر وحيدا مع اسماك القرش ,يقول د. موسى الحالول، ‏أستاذ الترجمة والأدب المقارن، جامعة الطائف، ومترجم ‏‎ ‎المجموعة القصصية الكاملة ‏لأرنست همنغواي (الكويت، 2010-2011) 3 مجلدات‎.‎
‏ يوم الثلاثاء 21 تموز 2015 في الساعة 11:09 ص ردا على مقال ملىء بالمغالطات لذا لم ‏أشير الى أصل المقال لكي لا نعيد نشر الأخطاء التي يمتلىء بها النص الأصلي بل ما يعنيني ذلك ‏الحوار الذي صحح المقالة ‏
د. موسى الحالول العجوز والبحر ترجمة خاطئة لعنوان رواية

The Old Man and the Sea.‎

أولاً ﻷ-;-ن كلمة ( عجوز ) في العربية تستخدم للمرأة وليس للرجل‎. ‎ثانياً ﻷ-;-نها تدل على العجز ‏‏(وقد تحدث د. علي القاسمي بالتفصيل عن أخطاء المترجمين العرب في هذه الرواية). وهذا ‏الاختيار الخاطئ مخالف لمجريات الرواية ومناف لمقاصد همنغواي‎.‎
‎ ‎
‎,,‎ويرد عليه عادل جبرتي يوم الثلاثاء 21 تموز 2015 في الساعة 7:14 م قائلا:" تعليقا على ‏تعليق د. موسى الحالول‎ :) ‎عجوز على وزن فعول وفعول من الأوزان الخمسة للصفات التي يستوي ‏فيها المذكر والمؤنث أي أن بإمكاننا أن نقول هذا رجل عجوز وهذه امرأة عجوز قال تعالى في سورة هود ‏قالت يا ويلتا أألد وأنا عجوز‎ ... ‎فالعجز إذن ليس معناه العجز البدني دائماً وإنما جاء هنا بمعنى ‏كبر السن وبطل العجوز والبحر لم يكن عاجزا بدنيا رغم كبر سنه فلا ضير في ترجمتها العجوز ‏والبحر هذا وأهل اللغة أعلم. ‏
ويبقى السجال لتأكيد الترجمة الأصح حسب وهذا بإعتباري من النقاشات المثمرة والمقنعة ومن ‏الحلول المرضية في تشجيع النقاشات في منتديات تقام لهذه الأغراض التي تصب في النهاية لخدمة ‏الأدب عامة والترجمة خاصة ‏
‏ يتابع د. موسى الحالول قائلا:‏
‏"الأستاذ عادل جبرتي، بعد التحية: ورد في قاموس لسان العرب، تحت مادة ‏‎"‎عجز" ما يلي: ‏‏"العَجْزُ: نقيض الحَزْم." فهل رأيت الشيخ الذي يُصارع أسماك القرش ثلاثة أيام بلياليها ينقصه ‏الحزم؟ هنا، نحن لا نعتمد فقط على التعريف المعجمي لمفردة ما، فنلصقها جُزافًا ونزعم أنها تصلح ‏ترجمةً لعنوان رواية همنغواي. ‏
أما التعريف الأول الذي يورده لسان العرب لمفردة "العجوز‎" ‎فهو كما يلي: "والعَجُوز والعَجُوزة من ‏النساء: الشَّيْخَة الهَرِمة." صحيح أن القاموس يقول إن الكلمة تُقال للمرأة والرجل، لكن لماذا نأخذ ‏بالتعريف الثاني ونترك كلمة أفضل منها وهي كلمة "شيخ"؟ وأجد من المفارقة العجيبة أنك لم تكمل ‏الآية الكريمة لأنها لا تدعم رأيك. تقول الآية "قالت يا ويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا ‏لشيء عجيب." إن اجتزاءك للآية "لشيء عجيب!" ألا ترى يا صديقي التنافر الدلالي بين كلمتي ‏‏"عجوز" وشيخاً"؟ مرة أخرى، لك كل المودة والتقدير‎.‎

أما على صعيد الروايات وترجمتها ففي حوار مع الروائي والمترجم التونسي محمد علي اليوسفي(‏‎5‎‏) ‏‏- صاحب ترجمات " حرية مشروطة " ل الشاعر أوكتافيوباث " وخريف البطريرك " لماركيز في ‏لقاء اجراه معه الأديب التونسي كمال الرياحي يقول : " الترجمة لم تساهم في تطور الرواية ‏العربية فحسب بل كانت السبب وراء تأسيسها." وهذا كلام صحيح فجيل الستينات والسبعينات ‏عرف عالم الرواية من خلال "الفضيلة و" مجدولين" وفي سبيل التاج " للمنفلوطي في حين تعود ‏بدايات الرواية المترجمة كما صرح الناقد الأردني فخري صالح في مقالته المعنونة ‏
‏"ماذا أعد العرب لمائة عام من الرواية العربية؟ (‏‎6‎‏)‏‎ ‎حيث ذكرنا أنه مضى علينا منذ عام (‏‎2013‎‏)‏
‏ الموعد الذي تستكمل فيه الرواية العربية قرنا كاملا و الذي يرجع بدايات التأسيس لهذا النوع ‏الأدبي لرواية ‏
‏" زينب " للكاتب محمد حسين هيكل الذي عرف فيما بعد كصحفي يقابل الملوك ‏والرؤساء بل أصبحت مصر كلها تقرا له كما صرح يوما السادات
‏ يقول :" لقد انتهى هيكل من كتابة الرواية عام 1913 لكنه نشرها عام 1914 مدشنا التاريخ الرسمي ‏للنوع الروائي العربي. صحيح أن ثمة أعمالا سردية كثيرة سبقت هذا العمل، ويمكن النظر إليها ‏بوصفها تأسيسا للنوع الروائي في الأدب العربي الحديث.‏
وفي تلك البدايات خاض المترجمين في بحار تلك الكتب والروايات المترجمة مطعمين النص ومعطلين ‏تدفقه أحيانا بأبيات من الشعر الجاهلي، أو الأموي أو العباسي مثلما فعل المترجم الفلسطيني خليل ‏بيدس . الذي قصد بذلك التطعيم تقريب النوع الأدبي الجديد إلى قراء اعتادوا لقرون عديدة، على ‏ميراث أدبي محدد (‏‎7‎‏) .‏
‎ ‎‏ وهذا ليس حكرا على المترجمين العرب الذين يعلقون عل ترجمات غيرهم ‏
‏ فلو أتيح لك قراءة رائعة ديستوفاسكي لعرفت ما أقصد ولأني افترض بك الكسل الذي سيمنعك من ‏قراءة المقدمة فسأورد لك بعضا منها لعلي احظى منك باالإمتتنان وادلل نفسي بالمعرفة, ألم يقل ‏صاحب رواية "السفينة"جبرا ابراهيم جبرا "أن التعطش للثقافة أمر ارستقراطي "‏
ونحن الذين تعودنا أن الارستقراطية أن تكون صاحب يخت وخيول وقصور وبمجملها عادات في الأكل ‏واللباس والتقديم لذا عندما تصبح الأرستقراطية أدبا وإطلاعا وفعل تنوير, فيا مرحبا بالهيمنة ‏الإرستقراطية الجديدة .‏

‏ وعودة على ذي بدء ... فلو أتيح لك قراءة " مذكرات من البيت الميت "لدوستويفسكي لغضب منك ‏المترجم " إدريس الملياني" فقد ارتكبت أول خطأ قبل أن تبدأ , فالصحيح أن اسمه داستايفسكي وليس ‏كما كتبنا أعلاه ففي مقدمتة المعنونة " الدم والسلطة يسكران دوستويفسكي " يتحدث فيها المترجم ‏عن نسختان للرواية في الأسواق مترجمة للفرنسية أحداهما ذات إيجاز مخل وأخرى ذات أسهاب ‏ممل , ويعيب على المترجمين "بفرنسة الرواية الروسية " حيث تترجم بعض الأرغفة الروسية ‏الصغيرة باسم ( كلاتش ) وتترجم الى اسم السميطة تتحول بقدرة المترجم الى هلاليات فرنسية باسم ‏الخبز الفرنسي الشهير "كرواسان ".‏
هذا عوضا عن الإضافة والحذف واستبعاد الإهداء والمقدمة حتى أنه يترجم
‏ عن علاج معروف ومتداول لدى الروس تتم ترجمته " بأدوية تصفها إمرأة عجوز ". وغيرها الكثير ‏وللحقيقة هذه المقدمة في رواية البيت الميت هي سبب كتابتي للإستزادة عن هذا الموضوع باسهاب غير ‏ممل على ما أرتضيه حتما . فهذا الموضوع بقدر ماهو ممتع الاّ إنه شائك , وهو فصل من فصول كتابي ‏القادم ‏
بعنوان قضايا أدبية مثل ( قضايا حقوق النشر والتأليف و مسألة الترجمة . فالترجمة ليست نقلا ‏عن الأصل بنفس الكلمات كما تعكس المرآة وجهك بقدر نزوعها الى الإخلاص للعمل الأصلي بدون قص ‏ولا تحريف ولا زيادات وربما في أعمال المترجم " أسامة منزلجي" ما يدعو الى التفهم باضطراره ‏أحيانا لنقل التعبيرات الإنجليزية والفرنسية التي يستخدمها جيمس جويس كما هي وبالحروف ‏اللاتينية: "‏Parole d’honneur‏"، "‏barmbracks‏" (‏‎8‎‏).
‏ والكثير بات يستخدم الهوامش ليس لتفسير مصطلح أو لباس أو طعام شعبي بل لمعرفة نوايا المؤلف ‏وتخمينها على الأرجح مما جعل كاتب بحجم ماركيز يبدي إمتعاضه من تلك الهوامش ‏المتفذلكة.(‏‎9‎‏) ‏

وربما شواهد التاريخ تجعل من عمل الترجمة عملا يحتاج للمعايشة من اهل البلد المترجم لمعرفة ‏بعض الألفاظ القديمة المستخدمة أو الغير المتداولة حتى إنك تجد اعترافات من على شاكلة روائي ‏ايرلندي " جون بوين " في قرائته لروايات وقصص جويس يقول أنه يعود للقاموس من آن لآخر ‏ليتأكد من هذه الكلمة أو تلك- وهو الإيرلندي الأصل فكيف بالمترجمين العرب الذين تناولوا قصص ‏جويس بالترجمة والمعروف عن جويس صاحب عوليس المليئة بفن المصغرات الشهير إنه يستخدم ‏تعبيرات إنجليزية غير شائعة وكلمات أيرلندية دارجة، حتى أنه يستخدم كلمات ربما لا يكون لها ‏معنى على الإطلاق: "‏Derevaun Seraun‏" كما في قصة إيفيلين، (‏‎10‎‏).‏

أما بخصوص استحالة ترجمة روايات بعينها أو استحالة تحويلها لفيلم سينمائي كما هو الحال في ‏روايات ماركيز فقد ترجمت مائة عام من العزلة وتحولت الحب في زمن الكوليرا لفيلم وهذا يجعلنا ‏نقول أن لاشيء يستعصي على الترجمة والدراما وكأمثلة على ذلك ‏
‏- هتف أنطون مقدسي يوما بالمترجم أنطون حمصي عندما همّ بترجمة رواية "حديقة النباتات" لكلود ‏سيمون قائلا :" لا تقترب من كلود سيمون ،إنه الكاتب الذي لا يترجم " و مع ذلك ترجم الرواية ‏‏.((‏‎5‎‏)).‏
ما هي الرواية التي تمنّعت على محمد علي اليوسفي ورفضت أن تترجم إلى العربية بسهولة؟ و ما ‏هي أوجه الصعوبة في شكلها أم في مناخها أم في لغتها ؟
التمنع في رأيي لا يأتي من النص في حد ذاته، انطلاقا من رؤيتي للترجمة، كما ذكرت بعض أركانها ‏لتوّي، بل من المتلقي الذي قد يفسر صعوبة فهمه للرواية المترجمة بقصور لدى المترجم. وهذا ما ‏حصل لي مع ترجمة " خريف البطريرك " لماركيز في بداية الثمانينات. فمن المعروف أن غابرييل ‏غارسيا ماركيز كتب روايته بلغة شعرية تفوق لغة رواياته الأخرى، كما استخدم الأسلوب الدائري ‏الخالي من الفقرات والتنقيط والحوار للبرهنة على دائرية الزمن المغلق تحت الحكم الدكتاتوري. كل ‏ذلك حُسب على المترجم في البداية!‏
وهذا ما يفسر لجوء مترجم آخر للرواية نفسها إلى " تشذيب النص " وإعادة توزيع فقراته وحواراته ‏في ترجمة صدرت لاحقا في بيروت؛ إنه مترجم وفيّ لجدّه المنفلوطي!‏
‏ لم تتمنع عليَّ ترجمة كتاب معيّن بقدر ما وجدت الكثير من التحدي والتعب وفرحة الاكتشاف ‏واللقى الجميلة، كما لو كنت كاتب النص."‏
‏(هذا اللقاء أو المقابلة مع علي اليوسفي وجدته في إحدى المدونات ونسيت توثيق العنوان لذا فليعذرني ‏اليوسفي ولفائدته اوردته لأنه يحيلنا الى مايسمى تشذيب النص واللعب في مرمى المترجم كما يحلو ‏له فتخرج لنا الرواية بصيغتها الجديدة , ولكن الفرق يكمن بترجمة رديئة أو ترجمة قوية ‏وكلاهما يقعان تحت مقص الناقد فما قد يراه ناقد ترجمة قوية قد يراه آخرون غير ذلك مستشهدا ‏بمترجم الزوبعة التي حرّكها مترجم تونسي، هو علي اللواتي، الذي قرر أن يكون مترجماً بسبب ‏أخطاء أدونيس في ترجمة أعمال الشاعر الفرنسي الكبير سان جون بيرس. وبعدها لم يعد إلى ‏الترجمة (‏‎5‎‏).‏
والمترجمين بالمناسبة لا يحظون بالإعتراف والتقدير كما هم المؤلفين وهم ارتضوا بهذا الهامش المعرفي ‏لهم ,فهم جنود مجهولين يختبؤون خلف النص ويفرحون معه إذا ما لقي النص إعجابهم فهم مثل ‏الهوامش التي تفسر وتوضح ولكنها لاتنتمي للنص وقد لايمر عليها شخص وهم راضون وقانعون ‏بتلك الدرجة لدرجة إنهم يرددون مقولة أسؤأ المترجمين قاطبة فهو الذين تحفظ اسمه بدلا عن ‏صاحب النص الأصلي (‏‎9‎‏), فتخيل وأنت خارج من رواية اللعنة كما وصفها صديق لماركيز عندما ‏أهداه إياها ‏
‏ "بيدرو يارامو"‏
‏ تردد اسم المترجم "مروان خليل" ناسيا" خوان رولفو" على الغلاف أو لا تكاد تتذكره .هذا عن ‏الترجمات الرديئة فما بالك بترجمة عنوان الأصل نفسه خطأ فهل يعقل أن تصبح رواية خريف ‏البطريرك " خريف البطريق" ‏
‏ أما في الأدب فقد كانت الترجمات على أشدها وكان الأدب الروسي الذي خرج من معطف غوغول ‏
له السبق في خلق الذائقة العربية والى حين وصولنا لأدب امريكا اللاتينية كنا قد خرجنا من عزلتنا ‏للتوّ
‏ فنوبل ماركيز جعلتنا نتطلع الى الجنوب الإمريكي .‏

‏ أما عربيا , لم تخلو روايات الأدب العربي من ثيمات عمل تتخذ من خيانة الترجمة كموضوع ‏للسرد فقصة حنا يعقوب ( ‏‎11‎‏) ونداءه في ارض الميناء حيث كانوا ينتظرون تحرك السفينة التي ‏ستنفي الدروز الى بلغراد قامت على تلك الترجمة التي حوّرها المترجم من ‏
‏" أنا حنا يعقوب ,مسيحي من بيروت , بيتي على حائط كنيسة مار الياس الكاثوليك ." تحولت إلى ‏
‏ " أنا قاتل حنا يعقوب,مسيحي من بيروت , بيتي على حائط كنيسة مار الياس الكاثوليك ." .‏
لتبدأ قصة هذا الرجل المعثر بائع البيض المسكين الذي أصبح متهما بقتل نفسه حسب المترجم الخائن ‏‏.ليجوب العالم من سجن الى سجن ويعود بعد سنوات الى بيته الملاصق لكنيسة مار الياس الكاثوليك.‏
وفي رواية عزازيل الفائزة بالبوكر ليوسف زيدان تعتمد القصة على ترجمة مخطوطات كتبت في القرن ‏الخامس الميلادي باللغة السريانية ,كتبها الراهب هيبا بطلب من عزازيل أي الشيطان .‏
وفي رواية أخرى من روايات البوكر –القائمة القصيرة , تحمّل الخيانة وصمة للمترجم في العنوان ‏الذي هو دال على تأويل النص .‏
‏ ذهب بنا الروائي السوري "فواز حداد" في روايته "المترجم الخائن" الى عالم الترجمة والنقد حيث ‏خان المترجم –بطل العمل حامد سليم ‏
أخلاقيّات مهنته وقوانينها بحق الرواية الفائزة بالبوكر والتي ترجمها محولا نهايتها إلى نهاية ‏مغايرة .‏
وهناك الكثير من الأعمال التي تطرقت لخيانة المترجمين, وسرقة المؤلفات , وإنتحال الأسماء الأدبية ‏وغيرها من قضايا يحفل بها عالم صناعة الكتاب .‏
‏ ولكن يبقى هذا العمل الذي يطرد الحواجز اللغوية, ويأخذنا في رحلات لا تنتهي الى عوالم وحيوات ‏مختلفة عنا ‏
هو العمل – البصمة المنفردة بتميزها وإنفرادها الأصيل تخيلوا الحياة بدون دراكولا – شرلوك هولمز ‏‏- بدون ماكوندو، المملكة المتخيلة و ذلك الرجل الذي بكى في رحم إمه – والذي ولد بعينين ‏مفتوحتين – (‏‎8‎‏)‏
وذلك الرجل الذي يمط ضحاياه حسب حجم سريره او ذلك الطفل اليتيم الذي يتعلم السحر ويعلمنا ‏أياه في مدرسة " هوجو وورتس" .‏
فلولا تلك اليد التي ترجمت لما وجدنا في الحياة شيء يستحق الحب .‏
وأخيرا , و"لأن المساواة في الظلم عدل "‏
علينا أن نشيد بذلك القرار الشجاع باندماج مؤسستان شهيرتان في بريطانيا من أجل انعاش سوق ‏الترجمة والتشجيع على ترجمة المزيد من الأعمال إلى اللغة الإنجليزية‎.‎‏ وهما جائزة "مان بوكر" و ‏‏"الإندبندنت" للرواية الأجنبية .‏
فقد جاء بنص الخبر المعلن وعلى لسان رئيس مجلس إدارة مؤسسة بوكر: "كانت إحدى الملاحظات ‏الدائمة لمحكمي جائزة مان بوكر الدولية أن مجموعة كبيرة من الروايات الأدبية المهمة لا تترجم إلى ‏الإنجليزية‎."‎
وأضاف البيان: "نأمل بشكل كبير أن تشجع إعادة تشكيل الجائزة على الاهتمام والاستثمار أكثر في ‏الترجمة‎".‎‏ وذكرت المؤسسة أنه "في دلالة على الاعتراف بأهمية الترجمة ستقسم الجائزة ‏وقيمتها المالية 50000 جنيه استرليني (حولي 77 ألف دولار) بالتساوي بين المؤلف والمترجم وهذا ‏بالذات ما قاله رئيس لجنة حكام الجائزة الجديدة ‏‎" ‎‏"بويد تونكين" :‏‎ ‎أن المساواة اعتراف بأهمية ‏الترجمة"(‏‎12‎‏). وهكذا تصبح المساواة عدل .‏


الهوامش :‏
‏(***) ابن منظور - وكيبيديا ‏
‏( ‏‎1‎‏) الحياة والترجمة . يَومياتُ العزلة , محمد بنيـس - شاعر واكاديمي من المغرب ( من مجموعات محفوظات ‏لمقالات اعجبتني ولم اتحرى فيها التوثيق فليعذرني الشاعر ) )‏
‏*** صدرت عن دار توبقال للنشر بالدار البيضاء قصيدة «رمية نرد»، في أول ترجمة عربية من طرف الشاعر محمد ‏بنيـس، تكريماً لصاحبها الشاعر الفرنسي ستيفان ملارمي وتحية وفاء لحركة الشعر العربي الحديث‎.‎
‎ ‎http://www.bbc.com/arabic/artandculture/2015/02/150205_vert_‎cul_greatest_mistranslation

‏( ‏‎2‎‏) ‏http://politics.echoroukonline.com/articles/196981.htmlhttp://www.bbc.com/arabic/artandculture/2015/02/150205_vert_‎cul_greatest_mistranslation

‏( ‏‎3‎‏) ‏http://www.sasapost.com/most-controversial-5-‎mistranslations‏/ ‏
ينتابني شك لا أخفيه هنا فلو أن الترجمة الفرنسية هي من اسقطت الألف واللام لقلت ربما خطأ غير مقصود ,,, ‏ولكنها الترجمة الإنجليزية التي وهبتهم الإرض في وعد مشؤوم و مشهور فهل ستتخلى عن الوعد !! ‏

‏( ‏‎4‎‏) امير تاج السر –عالمية النصوص وكتابها
http://www.alquds.co.uk/?p=374029

‏( ‏‎5‎‏) علي اليوسفي مترجما – أديب ومترجم تونسي -مجموعة حوارات له في مدونة تخصه – لم يوثق العنوان ‏للأسف لذا نتلمس العذر من الأديب علي اليوسفي ‏
https://www.blogger.com/feeds/4645054529156673859/posts/default‏ ‏



‏(‏‎6‎‏)‏‎ ‎http://elaph.com/Web/Culture/2009/2/414487.htm#sthash.RHxWEANe.dpuf
‏ ‏
‏(‏‎7‎‏)‏‎ http://ar.qantara.de/content/lrwy-lrby-wldb-llmy-fy-dw-nsh-‎lrwy-lrbyd-nzr-fy-mfhwm-ldb-llmy‏ ‏
‏(‏‎8‎‏)‏‎ https://www.facebook.com/notes/amir-zaky
http://bo-books.blogspot.com/2012/05/blog-post_11.html

‏(‏‎9‎‏) ‏http://www.alriyadh.com/930296 ‎‏ ‏‎ ‎
http://bo- (10)‎
‎ ‎books.blogspot.com/search/label/%D8%AC%D9%8A%D9%85%D8%‎B3%20%D8%AC%D9%88%D9%8A%D8%B ‎

‏(‏‎11‎‏) ربيع جابر "دروز بلغراد,حكاية حنا يعقوب,( المركز الثقافي العربي, بيروت‎. ( 2011,‎
‏ (‏‎12‎‏)‏‎ ‎http://www.alhadath.ps/article.php?id=11a62dcy18506460Y11a62dc

http://www.kora3lnet.net/art/51753.html ‎‏ ‏
‎ ‎




#هاله_ابوليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دوامة الرحيل ‏ ‏ - البوصلة الأخيرة تتجه الى الوطن حتما -.‏
- - يامريم - رواية سنان أنطون التي تتضرع و تشكو من الإقصاء الط ...
- عناق عند جسر بروكلين - قراءة إنطباعية لرواية عناق على جسر بر ...
- -الخبز الحافي- وسؤال السّيرة الذاتية الصّريح و المفضي والمُل ...
- هاله ابوليل – قراءة في رواية (طابق 99) للروائية - جنى فواز ا ...
- قراءة في رواية - شوق الدرويش - للروائي حمور زيادة – سباق الب ...
- شوق الدرويش - للروائي حمور زيادة – سباق البوكر
- قراءة في رواية - حياة معلقة - للكاتب عاطف أبو سيف (سباق البو ...
- قراءة في رواية الطلياني - الطلياني رواية تشيّد على ركام العم ...


المزيد.....




- مقتل فلسطينية برصاص الجيش الإسرائيلي بعد مزاعم محاولتها طعن ...
- الدفاع المدني في غزة: العثور على أكثر من 300 جثة في مقبرة جم ...
- الأردن: إرادة ملكية بإجراء الانتخابات النيابية هذا العام
- التقرير السنوي لـ-لعفو الدولية-: نشهد شبه انهيار للقانون الد ...
- حملة -شريط جاورجيوس- تشمل 35 دولة هذا العام
- الصين ترسل دفعة من الرواد إلى محطتها المدارية
- ما الذي يفعله السفر جوا برئتيك؟
- بالفيديو .. اندلاع 4 توهجات شمسية في حدث نادر للغاية
- هيئات بحرية: حادث بحري جنوب غربي عدن
- وزارة الصحة في غزة تكشف عن حصيلة جديدة للقتلى والجرحى نتيجة ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - هاله ابوليل - ما بعد صناعة الكتاب - الترجمة واقع و وقائع