أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين كركوش - قراءة في كتاب فالح مهدي : الخضوع السني والاحباط الشيعي. نقد العقل الدائري















المزيد.....

قراءة في كتاب فالح مهدي : الخضوع السني والاحباط الشيعي. نقد العقل الدائري


حسين كركوش

الحوار المتمدن-العدد: 4881 - 2015 / 7 / 29 - 13:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




لن يكون جديدا أي كتاب يعالج مؤلفه موضوع (الشيعة والسنة)، وسط هذه الكمية الهائلة من الكتب التي صدرت حتى الآن حول ذات الموضوع ، إذا لم يقدم صاحبه معلومة جديدة. و عندي أن كتاب فالح مهدي ( الخضوع السني والإحباط الشيعي. نقل العقل الدائري) الصادر من (بيت الياسمين للنشر والتوزيع، القاهرة، 2015) هو واحد من هذه المؤلفات الذي قدم معالجة جديدة.
الجديد في كتاب مهدي هو، أن مؤلفه اعتمد نظرية لا أظن أن كثيرين التفتوا إليها هي، نظرية (الحيز) أو المكان.
و إذ يكتب مهدي عن هذا الموضوع فأنه لا يكتب متطفلا. فقد سبق له أن درس القانون في جامعة بغداد و واصل تحصيله العلمي في أحدى جامعات الهند. ثم ازداد تخصصا بالقضايا الإسلامية و حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة باريس (10) ثم نشر بحثه الجامعي في 1991 باللغة الفرنسية بعنوان (أسس وآليات الدولة في الإسلام). و قبل ذلك كان فالح مهدي قد نشر ، وفي سن مبكرة (1981) كتاب (البحث عن منقذ) عن دار ابن رشد في بيروت.
يقول مهدي إن الغرض من كتابه ليس دراسة الإسلام "كدين وسلوك وسياسة " أنما الغرض هو معرفة "أسباب تخلف الشعوب التي تقطنها غالبية مسلمة " ، و إيجاد أجوبة على الأسئلة التالية : لماذا بقيت البنى الثيولوجية كما هي منذ القرن الرابع الهجري ؟ لماذا ظل الاقتصاد الريعي مسيطرا في معظم الدول الإسلامية ؟ لماذا بقيت البنى الثقافية في أغلبها قائمة على الخرافة ؟ "
و مهدي، المولود لعائلة شيعية عراقية، يتصدى للإجابة على هذه الأسئلة ليس بانحياز مع هذا الطرف أو ذاك وإنما يجيب عليها كباحث أكاديمي، ومفكر حر يهتدي بالفكر المدني الديمقراطي المستقل.
الكتاب يضم أربعة أقسام اعتمد المؤلف في كتابتها على مصادر كثيرة ومتنوعة باللغات العربية والفرنسية والانكليزية.
القسم الأول ( 111 صفحة) ، ويبلغ ثلث صفحات الكتاب ، يعتبر الأساس النظري الذي ينهض عليه البحث بأكمله ، وهو ، في رأينا على الأقل ، (نظرية) جديدة غير مسبوقة ، تعتمد المكان لدراسة الأفكار والقيم والأعراف والأخلاق والايدولوجيات وأنماط التفكير و السلوك ، وكذلك المذاهب و الأديان ، بما في ذلك الإسلام.
يرى مهدي أن البشرية مرت بنمطين من العيش ، معماريا وثقافيا. الأول يطلق عليه الحيز الجماعي الدائري المغلق. و النمط الثاني يسميه الحيز الفردي الأفقي المنفتح ، وهو الذي دشنته أوربا في القرن السادس عشر وما يزال حتى الآن في طور التكوين والاستمرارية .
الحيز الأول ، أي الجماعي الدائري المغلق ، الذي يتوقف عنده المؤلف كثيرا ، هو الذي بدأ منذ بداية حضارة وادي الرافدين القديمة وما يزال قائما عند الكثير من المجتمعات ، بما في ذلك ، بل قبل ذلك العالمين العربي والإسلامي.
هذا الحيز يعني عمودية السلطة ، أي السلطة الكهنوتية التراتبية ، مهما كانت ، التي تستمد شرعيتها من السماء ، و كذلك عمودية السلطة الاجتماعية الدنيوية (السلالة ، النسب ، العشيرة ، القبيلة ) التي تعتمد الهرمية الاجتماعية. والعقل الذي يعيش داخل هذا الحيز يكون دائريا ومنغلقا على نفسه ، ديدنه التكرار والاجترار ، والخوف من الابتكار والإبداع.
و داخل هذه الحيز الجماعي الدائري المغلق يتحرك الناس ، وكذلك يفكرون ، بطريقة الحشود أو الكراديس أو القطيع. أما الفرد داخل هذا الحيز الدائري الجماعي فلا وجود له لأنه يذوب داخل الجماعة. في هذا الحيز لا وجود لحرية ولاستقلالية الفرد. الفرد هنا تقيد حركته وتقتل عنده المبادرة والإقدام أوامر و ممنوعات ومحرمات وفتاوى وتدخلات كثيرة ، ولا تسمح له أن ينتقد ويرفض ويشك ويتسائل ويتمرد ويثور.

أما فيما يتعلق بالهندسة المعمارية ( المدن، المساكن ) فالحيز الجماعي يعني دائرية المكان وانغلاقه، الذي تترتب عليه دائرية وانغلاق تفكير البشر المتواجدين داخل هذا المكان. الجماعة البشرية هنا تكون مكتفية بذاتها ، منغلقة على ذاتها ومنكفئة داخل قوقعتها مع اعتداد بالذات يصل حد المرض ، وخوف من ( الأخر) يصل حد الرُهاب ، حتى لو كان هذا (الآخر) يعيش في نفس المكان و ينتمي لنفس الدين والعرق والقومية . وجماعات بشرية كهذه تستمد قوتها من يقينها ، أو بالأحرى أوهامها ، بأنها الأنقى و الأفضل والأحسن والأقوى.
نظرية المكان هذه يعتمدها المؤلف في القسم الثاني من كتابه لشرح (الخضوع السني). (الخضوع) هنا يعني ، التقيد بموقف (الجماعة) حد التقديس ، رفض الثورة ، و نفي أو تجميد أو تعطيل أو تأخير أو تأجيل أو تدوير التناقضات والصراعات السياسية الاجتماعية الطبقية ، ومنع انفجارها ، بأي ثمن كان ، خوفا من الوقوع في الفتنة. فعندما تفرض الجماعة (هنا بالمعنى الإسلامي) هيمنتها فأن الخروج عليها يصبح، وفق ( العقل الدائري المغلق ) ، شقا لصف الأمة، وعصيانا للحاكم المسلم الذي ارتضته واتفقت عليه الجماعة ، حتى لو كان هذا الحاكم المسلم قد اقترف جرائم كبيرة.
في القسم الثالث من كتابه يرى المؤلف بأن ( الإحباط الشيعي) هو نتيجة الفشل الذريع للشيعة في دحر الأمويين طوال فترة حكمهم. ثم زاد وتضخم الإحباط عندما استولى العباسيون على السلطة ، وبعد أن خمدت بارقة الأمل التي لاحت أمام أعين الشيعة.
ولأن الشيعة ظلوا يعيشون داخل (جماعة) ، أي داخل حيز عمودي جماعي منغلق ومنعزل ، ويعيشون ضمن آيدولوجية محددة يعاد ضخها دون انقطاع فأن ذاك الإحباط ظل قائما ، يتغذى وينمو ويكبر وبتضخم. وذاك الشعور بالأحباط أنتج ذهنية دائرية مغلقة لا تجد (الصحيح) إلا عندها هي.
و مثلما يستنتج المؤلف أن الخضوع السني غذاه وأبدًه رواة الحديث السنة مثل ، مالك بن أنس، و ابن ماجة ، ومسلم ، وأحمد بن حنبل ، والنسائي ، والدارمي ، والترمذي ، فأنه يرى أن الإحباط الشيعي رسخه ، في عصور متأخرة ، أيديولوجيو الشيعة ، حسب تسميته ، مثل الكليني وابن بابويه والطوسي.
مهدي يرى ان العقل الشيعي ظل أسير العزلة ويعيش الخيبة والانتظار السلبي ، بعيدا عن الأخذ بزمام المبادرة. وكل ما فعله الشيعة كان استجابة لتحديات كانت تفرضها عليهم الأكثرية التي تمتلك المال والسلطة.
ويقسم المؤلف المراحل التي مرت بها ما يسميها (الأيديولوجية الشيعية) إلى ست مراحل : التحكيم وآثاره ، الانكفاء على الذات ، الدائرة البغدادية ، الغزو المغولي ، الحقبة الصفوية ، وأخيرا مرحلة الخمينية حيث تشابك الأزلي بالزمني.
في القسم الأخير من كتابه ( الخروج من بابل. ملاحظات وانطباعات) يرى فالح مهدي بأن حل المشاكل الكبرى التي يعيشها العالم الإسلامي والقضاء على تخلف مجتمعاته يكمن في الخروج من (الدائرة البابلية) ، أي الحيز العمودي المغلق الذي ورثه الإسلام ، كما يقول الكاتب. فالإسلام ، في رأي المؤلف ، هو الابن الأخير لآيدولوجية هذه المنطقة التي ساهم في بنائها السومريون ، البابليون ، الأشوريون ، المصريون ، السوريون ، الإيرانيون ، الفلسطينيون ، واليهود والمسيحيون." ص 123 . إنها نفس البيئة المغلقة. والخروج من هذه الدائرة المغلقة ومن العقل الدائري لا يتم ألا عندما يتم التفريق بين الاسلام كأيمان ينظم علاقة الفرد مع ربه ، وبين الاسلام كايدولوجيا ، أو كأداة في خدمة السياسة.
هل نجح فالح مهدي أن يقول شيئا جديدا عبر هذه (المغامرة) الفكرية ، كما وصف إقدامه على خوض هذا الموضوع ؟ أم أنه أدلى بدلوه وملأه بماء البئر ذاتها ؟
هذا أمر يجيب عليه القراء وأصحاب الاختصاص.



#حسين_كركوش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (القسم الأخير)
- الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (4/5)
- الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (3/5)
- تمعنوا جيدا في هذه المواد الدستورية (2/5)
- الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (2/5)
- الفشل في العراق يكمن في الانقلاب على الدستور (1/5)
- ( النجف. الذاكرة والمدينة ) : مسح بانورامي للمدينة
- إيران تفجر قنبلة سياسية في العراق
- ماذا لو تجرع العراقيون السنة السم ؟
- مؤامرة، فلتسقط المؤامرة: على هامش الأحداث الإرهابية الأخيرة ...
- نفاق وانتهازية الأحزاب السياسية الإسلاموية في تعاملها مع الس ...
- شيعة الحياة وشيعة القبر
- هل أن أغنية لزهور حسين ، مثلا ، تُلهي عن ذكر الله ؟؟؟
- هل دخلت داعش مرحلة الموت السريري أم أن (الذئب) ما يزال ينتظر ...
- ليس ثمة انشقاقات وكل شيء هاديء على جبهة الأحزاب العراقية الح ...
- الإسلام ليس ماركة مسجلة والإسلامويون ليسوا الوكلاء الحصريين
- ( الطيور الصفراء) : رواية أميركية عن الحرب الأميركية في العر ...
- هل يتحول البئر اللاديمقراطي الذي حفره المالكي لإياد علاوي عا ...
- همس المدن أم صراخها ؟
- المثقف العراقي والانتخابات


المزيد.....




- -إسرائيل تنتهك قوانينا.. وإدارة بايدن لديها حسابات-.. مسؤولة ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته في محيط مستشفى الشفاء بغزة لل ...
- موسكو تدمر عددا من الدبابات الأوكرانية وكييف تؤكد صدّ عشرات ...
- مفتي روسيا يمنح وسام الاستحقاق لفتى أنقذ 100 شخص أثناء هجوم ...
- مصر.. السفيرة الأمريكية تثير حفيظة مصريين في الصعيد
- بايدن يسمي دولا عربية -مستعدة للاعتراف بإسرائيل-
- مسؤول تركي يكشف موعد لقاء أردوغان وبايدن
- الجيش الاسرائيلي ينشر فيديو استهدافه -قائد وحدة الصواريخ- في ...
- مشاهد خراب ودمار بمسجد سعد بن أبي وقاص بمخيم جباليا جراء قصف ...
- قتيل بغارة إسرائيلية على جنوب لبنان والمقاومة تقصف شبعا


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين كركوش - قراءة في كتاب فالح مهدي : الخضوع السني والاحباط الشيعي. نقد العقل الدائري