أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ظافر موسى - فرخندة ! باي ذنب قتلت؟















المزيد.....

فرخندة ! باي ذنب قتلت؟


ظافر موسى

الحوار المتمدن-العدد: 4878 - 2015 / 7 / 26 - 10:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


فرخندة ! باي ذنب قتلت؟

(( و الكاظمين الغيظ ، و العافين عن الناس )) - اسطورة !

في شهر أيلول من عام 2005 ، و من وحي كتب السيرة و الحديث ، أصدرت صحيفة ((جيلياند بوست)) الدانماركية اثني عشر رسما ً كاريكاتورياً يصورون به النبي محمد ، مثل رجل في عمامته قنبلة ، أو رجل يسوق مجموعة من النساء الملتحفات بالسواد. و خلال ثلاثة أشهر ، و بطريقة مدروسة بدقة ، تم اشعال نار النقمة و الغضب عبر العالم الإسلامي من قبل مجموعة صغيرة من المسلمين الذين يعيشون كلاجئين في الدانمارك ، و بالذات بقيادة إمامين إثنين كانا قد منحا حق اللجوء فيها و يتلقيان من المجتمع الدانماركي رواتب و مخصصات لهما و لعوائلهما تتيح لهم الحياة الحرة و الكريمة لممارسة شعائرهم الدينية التي لم يستطيعوا لها سبيلاً في أوطانهم الإسلامية. ففي نهاية عام 2005 ، و عملا ًبالآية القرآنية (( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان)) سافر هذا الإمامان من الدانمارك إلى مصر و معهم ملف طبع و وزع لبقاع العالم الإسلامي و من ضمنها اندونيسيا. الوثائق التي قدمها هذان الرجلان الحقودان تتضمن معلومات باطلة عن المعاملة السيئة التي يتلقاها المسلمون في الدانمارك ، و الكذبة الخبيثة التي تقول أن صحيفة جيلياد بوست هي صحيفة حكومية.

يتضمن الملف الذي قدمه هذا الإمامان الرسوم الإثني عشر من الصحيفة الدانماركية ، و قد أضافا إليها ثلاثة رسوم أخرى غير معروفة الأصل ، و لكن بدون شك ليس لها أية صلة بالدانمارك. هذه الرسوم الثلاث كانت أكثر الرسوم هجومية من الرسوم الإثنا عشر الأخرى ، أو بالأحرى كانت لتكون أكثر هجومية لو كان المقصود بها شخصية النبي محمد كما ادعى هؤلاء المهتاجون ، لكنها لم تكن كذلك بل تم تدليسها. إحدى هذه الرسوم لم تكن صور كاريكاتورية بل كانت صفحة مرسلة بالفاكس فيها صورة رجل ملتحي يلبس أنف خنزير مصنوع من البلاستك مربوط بمطاطة. بعد التحريات ، تبين أن تلك الصورة مأخوذة من الأسوشيتيد بريس و هي عبارة عن صورة لرجل فرنسي كان قد اشترك في مسابقة لتقليد صوت الخنازير في احدى مسابقات القرى في فرنسا ، و لا علاقة لها بالنبي محمد أو بالإسلام أو حتى بالدانمارك. لكن هؤلاء الخبثاء كانوا قد رتبوا كل شيء و لم يتوانوا عن الكذب و التزوير كوسيلة لتحقيق غايتهم في تهييج الرعاع ، و كانت النتجية معروفة مسبقاً.

هذاالتكثيف المتقن و الحثيث للتحريض و اشعال الفتنة و صناعة وهم الشعور بالحيف و الإهانة ادى إلى انفجار "إيماني" بعد حوالي خمسة أشهر من نشر الصحيفة لتلك الرسوم ، فبرزت ثقافة الشعوب الإسلامية إلى الساحة متمثلة بهيجان الغوغاء ، فأحرق المتظاهرون في باكستان و اندونيسيا الأعلام الدانماركية بصيحات هيستيرية طالبوا فيها الحكومة الدانماركية بالإعتذار (لماذا تعتذر الحكومة الدانماركية؟ فليست هي من رسم الرسوم الكاريكاتيرية ، و الحكومة لا تمارس سلطة الرقابة على الصحف و المجلات لشعب يتمتع بكامل حريته ، لكن هذه قضية يصعب استيعابها في العالم الإسلامي الذي ألف العيش في ظل الدكتاتوريات).

و كردة فعل على المظاهرات الباكستانية الأندونيسية، و تضامنا ًمع الصحيفة الدانماركية ، أعادت صحف نرويجية و سويدية و فرنسية نشر تلك الصور ، فسكبت الزيت على النار! و اهتاج العالم الإسلامي بطريقة هيستيرية ، فخربت سفارات و قنصليات و قوطعت البضائع الدانماركية و تعرض الدانماركيين خصوصا ًو الغربيين عموماً إلى تهديدات ، و أحرقت كنائس مسيحية في باكستان ليس لها أي علاقة بالدانمارك أو حتى أوروبا. و قتل تسعة أشخاص نتيجة لهجوم شنه متظاهرون ليبيون على القنصلية الإيطالية في بنغازي.

أحد الأئمة في باكستان – و على غرار فتوى الخميني ضد رشدي - وضع مكافأة بقيمة مليون دولار ثمناً لرأس "الرسام الدانماركي" على ما يبدو أنه لا يعرف أن هناك اثني عشر رساماً لهذه الصور. في نيجيريا ، أحرق المتظاهرون المسلمون عدة كنائس مسيحية و استعملوا المناجل للهجوم ، و قتل مسيحيين نيجيريين سود البشرة لا ذنب لهم في هذه الرسومات و لا ناقة و لا جمل ، قتلوهم في الشوارع ، حتى أن أحد المسيحيين تم وضعه في إطار سيارة و اغراقه بالبنزين و من ثم إضرام النيران فيه.

و تناقلت وسائل الإعلام صور لمتظاهرين في بريطانيا و هم يحملون لافتات كتب عليها "لنذبح الذين أهانوا الإسلام" و أخرى تقول "أوروبا: ستدفعين الثمن و ستهدمين قريباً" ، و كانت اللافتة الأكثر اثارة و بدون أية سخرية أو مبالغة تقول "اقطعوا رأس كل من يقول أن الإسلام دين عنف!".


مكتوب : أذبحوا كل من يقول ان الإسلام دين عنف!

London Muslim Protest 8



و في مطلع العام الحالي ، و عملاً بقوله ((و عباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا ، و إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما)) قام مسلحان بقتل اثنا عشر إنساناً بسبب رسوم كاريكاتيرية في مجلة باريسية مغمورة ، ليضيفوا ملفا ًآخر إلى الملفات التي تعرف العالم إلى طبيعة العقلية الإسلامية السياسية و قابليتها على الصبر و تحمل الأذى!

و في مطلع العام الحالي أيضاً ، لقي ثلاثة كتاب بنغلاديشيين مصرعهم تقطيعاً بالسواطير و في وضح النهار في شوارع دكا لأنهم كتبوا بعض المقالات التي شكلت تحدياً لسلطة الدين و اعتبر أصحابها مجدفون طالبوا باعادة النظر في التفسير الحرفي للشريعة وفق متطلبات الواقع الحالي.

لاحظ أخلاقيات التربية و الثقافة التي يسمونها إسلامية ، كل هذا العنف و الهيجان حصل على خارطة العالم الإسلامي من أجل رسومات كاريكاتيرية رأى الغوغاء فيها اهانة لرمز مقدس لا يعرفون عن حياته أو رسالته سوى ما تناقلته كتب السيرة التي لا يستطيع عاقل أن يقرأها إلا وتشمئز نفسه. هؤلاء الغوغاء لم يكونوا من سكنة المستنقعات و لا المناطق المتخلفة النائية ، و لم يكونوا من سكان الكهوف أو البراري، بل كانوا من جميع طبقات المجتمع ، من لاهور إلى لندن ، رفعوا نفس الشعارات و توعدوا نفس الوعيد ، و شتان ما بين لاهور و لندن ، و لكن الثقافة و التربية واحدة.

هذا الموقف المتشنج و هذه الدماء التي سالت من أجل الرسوم الكاريكاتورية بدت مقبولةً لدى الأغلبية التي رأت في هذه الرسومات إهانة للنبي و سخرية من الإسلام ، لكن عندما تقوم الدولة الإسلامية – داعش - بغزو أراضي الغير ، و استباحة أعراض آلاف النساء بالسبي و الإغتصاب ، و قطع رؤوس العزّل و حتى النساء منهم و عمال الإغاثة المدنيين و الصحفيين ، و التمثيل بالجثث ، و حرق الناس و هم أحياء ، و قتل النساء و الأطفال ، و ممارسة أبشع انواع العنف و السادية في العصر الحديث ، باسم نفس ذلك النبي و باسم نفس الشخصية المقدسة ، و تحت شعارات نفس الدين الذي أحس المتظاهرون بأنه أهين برسوم كاريكاتورية ، لم يتظاهر أحد ضد داعش .. و لم يتمزق علم أي دولة من الدول التي تغذي داعش ، ولم تتم مقاطعتها كالسعودية مثلا باعتبارها الأم الراعية للجرائم الدينية بنسختها الإسلامية ، بل اكتفى الجزء المتحضر من العالم الإسلامي بالإستنكار السلبي على طريقة أضعف الإيمان و رفع الصوت عالياً بأن هذا ليس من الإسلام في شيء ، و انتهى الأمر!

إذا قام أحد المتعصبين بالتهديد بحرق المصحف تقوم الدنيا و لا تقعد ، و تهاجم السفارات و القنصليات ، و يغتال الآمنون و العزل ، من أجل حرق مجموعة أوراق أسمها مصحف ، لكن تخفت الأصوات حينما تستباح و تغتال الإنسانية كلها باسم المصحف!



فرخندة ! بأي ذنبٍ قتلت؟


تنبيه! في ما يلي توثيق صوري مؤلم لما حدث لفرخندة الأفغانية قبل شهرين بتهمة حرق المصحف ، للتنويه!

في منتصف آذار الماضي ، و في قضية هزت أفغانستان فاقت التصور بما تفعله عقلية الغوغاء المشبعة بحب القرآن و النبي ! وقفت ((فرخندة – 27 عاماً)) تتجادل مع أحد بائعي الأحراز و العلائق التي تمنع كيد الحساد. كان هذا الرجل يبيع علائقه أمام ضريح "شاه دو شمشيرا" في أحد الأسواق الشعبية (تماماً كالتي نجدها عند كل ضريح مغدّس عندنا في العراق). كانت فرخندة قد درست "العلوم الشرعية" ، فتجادلت مع بائع العلائق بأن ما يبيعه أمام الضريح ليس شرعيا و معيبا. فغضب الرجل وقام و نادى في الجموع بأن هذه المرأة قد أحرقت المصحف ! و بدون وعي أو استفسار، اهتاج الناس و صاحوا الله اكبر، ثم قاموا بالهجوم على المرأة و سحلوها من أمام المرقد ، و بدؤوا يضربونها و يركلونها بأقدامهم على وجها و سائر جسدها و هي تستغيث بهم و تطلب الرحمة ، و لكن دون جدوى ، و زاد هياجهم في سبيل المصحف ، فتحولت الركلات إلى رجم بالحجارة و ضرب بالعصي ، ثم حملوها إلى سطح إحدى البنايات و قذفوها من فوقه تحت صيحات ألله أكبر، و لم يكتف الجمع المؤمن بذلك ، بل قاموا بدهسها تحت عجلات السيارة ، ثم أضرموا فيها النار حتى تفحمت! حدث هذا كله أمام 13 شرطياً أفغانيا وقفوا يتفرجون عليها بلا حراك.
المئات من "الرجال" اشتركوا في تعذيب و قتل و سحل و دهس و حرق إمرأة واحدة ، من أجل كذبة حرق المصحف ! و وقف الكثير من هؤلاء ينظرون اليها و يصورون الجريمة بهواتفهم "الذكية" . ألقي القبض على عدد منهم ، و تمت محاكمتهم من خلف الكواليس ، حكم على أربعة منهم بالإعدام ، و لكن قبل اسبوعين اسقطت التهمة عنهم ، و الغي الحكم ، لتذهب الجريمة بدون عقاب أو حساب!

مقاطع تصويرية للحادثة في يوتيوب
https://www.youtube.com/watch?v=AEdMhPi-Ui8


هؤلاء لم يكونوا عصابة أشرار تطارد الناس العزل لتسرق أو تقتل ، و لم يخططوا لقتل فرخندة مع سبق الإصرار و الترصد ، بل تصرفوا بعفوية و بفطرتهم التي تربوا عليها ، و بعقل جمعي واحد صنعته التربية الدينية التي تقول : لا كرامة لمن يهين القداسة !

أما أنا .. فأبصق في هذه القداسات التي تريدني أن أثأر لها بدماء الآخرين ، و أقول: لا يوجد مقدس ، لا دين ، و لا كتاب ، و لا نبي ، و لا رب ، يستحق أن أَقتلَ من أجله ، أو أُقتلُ لأجله !

ظافر موسى



#ظافر_موسى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر
- أغلق باب بعد تحويل القبلة.. هكذا تطورت أبواب المسجد النبوي م ...
- -كان سهران عندي-.. نجوى كرم تثير الجدل بـ-رؤيتها- المسيح 13 ...
- موعد وقيمة زكاة الفطر لعام 2024 وفقًا لتصريحات دار الإفتاء ا ...
- أسئلة عن الدين اليهودي ودعم إسرائيل في اختبار الجنسية الألما ...


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ظافر موسى - فرخندة ! باي ذنب قتلت؟