أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن اسماعيل - تعالوا نقرأ .. السينما النازية















المزيد.....

تعالوا نقرأ .. السينما النازية


حسن اسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 4878 - 2015 / 7 / 26 - 10:01
المحور: الادب والفن
    



اعتمدت الديماغوجيا النازية ـ بقيادة غوبلز بشكل واضح على السينما في ترويج دعاواها السياسية والأيدلوجية، بينما تكاد المكتبة السينمائية العربية تخلو من اي دراسة نقدية جادة لظاهرة السينما النازية.
وهنا نشكر الدكتورة جوليانا داود يوسف على ترجمة هذه الدراسة الرائدة والتي هي في الاصل جزء من الكتاب الموسوعي (رؤى الامس) للنقاد السينمائي الانكليزي جيفري ريتشاردز.
(الاديولوجيا النازية) عنوان الفصل الأول ويبحث كيف حقق النازيون بعد سنوات قليلة من تعيين هتلر رئيساً للوزراء العام 1933 وبزعامته برامجهم السياسية المتلخصة باعادة بناء الدولة الالمانية وفق المنظور (القومي الاشتراكي). وفي ضوء ذلك تم الغاء جميع الاحزاب والمنظمات السياسية، والاتحادات والنقابات العمالية والمهنية، وتم تعليق الحقوق الدستورية الخاصة بالحرية الفردية، واتخاذ العديد من الاجراءات الهادفة الى تطهير السلطة القضائية والادارة المدنية من العناصر المعارضة.
برزت في هذا الاوان المنظمات النازية لاسيما منظمة الشبيبة الهتلرية، فاضطلعت باعادة تربية الجيل الجديد من الشباب والجنود وصغار الضباط وتلقينهم مبادئ الحزب النازي، كما قامت جبهة العمل ومنظمة عصبة المزارعين باعداد العمال والمزارعين على وفق المبادئ النازية.
وتم انشاء جهاز قمعي معقد وذي كفاءة عالية، وغير خاضع لاية ضوابط اخلاقية او قضائية تحكمه لضمان امن النظام النازي وتنفيذ كافة اوامره الصارمة.. انه جهاز الغستابو أي البوليس السري، الذي كان يقوده هملر الرهيب.
جاء صعود النازية في المانيا كتحصيل حاصل لما كانت تعيشه دولة مهزومة في الحرب العالمية الاولى، فقدت جزءاً كبيراً من اراضيها. واقترن ذلك بحالة الكساد الاقتصادي التي اصابت العالم منذ العام 1929، حتى ارتفع عدد العاطلين عن العمل في المانيا العام 1930 الى ثلاثة ملايين، وفي العام 1933 الى ستة ملايين. وقد حملت البرجوازية الالمانية (المهزومة) معاهدة فرساي والانفتاح السياسي لجمهورية الفايمار (بقايا المانيا ) مسؤولية اتساع حركة الطبقة العاملة الالمانية كخطوة اولى صوب الثورة الحمراء خاصة مع تصاعد نشاط عصبة سبارتاكوس الشيوعية ونشوء سوفيتات ميونخ وبرلين.
اثمرت سياسة اثارة المخاوف هذه الى كسب المزيد من الجمهور كما وظف النازيون حادثة حريق الريخشتاغ الذي اتهم الشيوعيين بتدبيره ـ وهو بفعل فاعل نازي ـ وارتفع عدد ممثلي الحزب النازي في البرلمان في العام 1932 الى 230 عضواً.
لم يأت هتلر ورهطه باي جديد على الصعيد الفكري انما قاموا باعادة تكييف بعض المفاهيم والاعراف القائمة اصلاً في بنية الحياة اليومية الفكرية لاكثر من قرن مضى. وقد كانت (الحركة الشعبية) محصلة للحركة الرومانسية في القرن التاسع عشر وتنظر الى الشعب والى الوحدة العرقية كقيمة مثالية واساسية. وتتطلع الى حقبة القرون الوسطى بعيون مثالية فمجدت الحياة الاجتماعية الريفية وشجبت التقدم والعصرانية. واعتبرت الانسان اليهودي الذي يرمز الى رأس المال والصناعة والمدنية نقيضاً لاي فرد من ابناء الشعب ولهذا فهو غريب عن المثل العليا الالمانية. وهكذا كانت معاداة اليهود تشكل جزءاً كبيراً في حركة التطور الايدلوجي الاساسي في بداية القرن 19.
في هذا السياق اضحت الحركة الشعبية تدريجياً مدرسة فكرية اسياسية وهنا برزت دعوة تعظيم الماضي الجرماني وقد اشاع الشعبيون فكرة ان يلتزم الالمان المعاصرون بذات المزايا والمناقب التي ادت بالقبائل الجرمانية القديمة الى الانتصار على الامبراطورية الرومانية وضمن نفس التوجه دعى الفيلسوف شبنغلر الى نبذ فوضى الحياة الديمقراطية حباً بنقاء الماضي البطولي.
استفادت النازية من النظرية الشعبية في بلورة مفهومها حول القائد البطولي ـ الفوهرر ـ اي الشخصية الساحرة للجماهير والقائدة لها، والتي تجسّد مصير الشعب والوطن. كما استفادوا من مصادر اخرى كالديانة المسيحية حيث فكرة (المسيح المخلص)، ومن القرون الوسطى وما كان رائجاً حول (الملوك السحرة) صناع المعجزات، ومن فلسفة نيتشه خطفوا (السوبرمان). وهكذا تحول مبدأ الفوهرر الى نقيض صارخ للديمقراطية وتكرّست عبادة القائد اذ كان هتلر بالنسبة لشعبه شخصية روحية ونموذجية فهو لايتعاطى الكحول ونباتي وغير متزوج!
تمجيد الحرب، الارض، العرق والفوهرر، موضوعات اربع طالبت النازية الادباء والفنانيين الالتزام بها وجراء القيود التي وضعتها السياسة النازية هبط مستوى الاعمال الادبية والفنية الى الحضيض، فضلاً عن الهجرة الجماعية للادباء الالمان. ثم جاءت قرارات الغاء النقد الادبي ثم النقد السينمائي والحظر التام على الموسيقى الحديثة كالجاز واقتصار الحفلات الموسيقية على تقديم موسيقى فاجنر وبروكنر. وهوجمت مدارس الفن التشكيلي كالتعبيرية والسريالية والتكعيبية، بوصفها بغيضة من الناحية الجمالية ومدمرة من الناحية السياسية.
واقدم غوبلز في العام 1942 على تأميم الصناعة السينمائية الممتنعة عن تحقيق رغباته.
* * *
(التوثيق والخرافة ) عنوان الفصل الثاني من الكتاب ويتناول تجربة المخرجة السينمائية ليني ريفنشتاهل، الاستثناء المبدع في السينما النازية الفاقدة للموهبة والمقدرة الفنية، فقد اخرجت ريفنشتاهل الفيلمين التسجيليين (انتصار الارادة) و(الاولمبياد) والذين يعدان المصدران الاساسييان للمشاهد في فهم الفكر النازي في تجلياته السينمائية، درست ليني ريفنشتاهل الرسم والرقص في بداية شبابها. وفي منتصف العشرينييات عملت راقصة وطافت عواصم وسط اوربا. ونوهت مرة بقولها (كان للرسم والرقص دونما شك دور بارز في تكوين الصور واعدادها سينمائياً).
ونجد ان افلامها امتازت بحسية الايقاع وبنزوع نحو تناسق المرئيات وجودة كبيرة في مجال الرؤية البصرية.
لفتت ليني ريفنشتاهل انتباه هتلر الذي كان يواضب على مشاهدة الافلام وحازت على اعجابه وقام بتكليفها شخصياً باخراج فلم رفيع المستوى عن الاجتماع السنوي للحزب النازي. وكان فلم (انتصار الايمان) في 1933 الذي لم يكتمل بسبب تنحية العديد من الشخصيات النازية البارزة ممن حضروا الاجتماع السنوي.
وكانت المحاولة الثانية وظهر فلم (انتصار الارادة) الذي يشعر المتلقي تجاهه انه تحت تاثير ايحاء من التنويم المغناطسي والانجذاب الكامل لروعة المشاهد السينمائية والموسيقى الهادرة والمتالقة.
وقد مسّ هذا الفلم معين العواطف الانسانية واوقظ حتى المشاعر الوطنية المهلهلة ـ كما كان يروم هتلر ـ .
اما فلم الاولمبياد فانه يبدأ بمشهد يعيدنا الى خرافات الماضي حول الجمال الجسماني وبُعد تتابع مشاهد تحتوي لقطة بطيئة لسديم مدوّم ثم منظر مقفر واحجار تتساقط وتختفي ثم تعاود الظهور.. ولقطات لمونتاج سريع عن تفاصيل لمعابد اغريقية متهدمة فلقطة اخرى عن تماثيل رياضيين اغريق تتحول بالتدريج الى اجسام بشرية عارية تتحرك تلك الاجسام، تتلوى وتنحني وتقذف الرمح والقرص.
اخيراً يظهر عداء يحمل الشعلة الاولمبية يجري بين الاعمدة الاغريقية الرخامية ثم تكون الشعلة باتجاه الشمال اي تنتقل من اليونان الى المانيا.
اجمالاً , استدعت السينما النازية التاريخ ورموزه واعادت كتابته بما يحقق اهدافها، فقامت باخراج افلام عن فريدريك الكبير ـ القرن الثامن عشر ـ وبسمارك ـ القرن التاسع عشر ـ بما يوحي بان الفوهرر يشكل امتداداً لهذين القائدين العظيمين. كما قامت بالسطو على ابداع الشاعر الرقيق شيللر عاشق الحرية، والنابذ للروح العسكرية، واخرجت مسرحيته الشهيرة (اللصوص) باسلوب ينجسم مع الايدلوجيا النازية من خلال التركيز على تعصب البطل للنزعة الجرمانية.
وقد امر هوبلز بحذف مقطع الحوار الاخير في الفلم حيث يردد شيللر كلمة (الحرية) اثناء الهروب من السجن.
ركزت التعبئة النازية على عدويين رئيسيين اليهود اولاً، ثم بريطانيا، وفي العام 1940 قدمت ثلاثة افلام دعاوية مناوئة لليهود هي (عائلة روتشيلد) و(سويس اليهودي) و(اليهودي الازلي) في محاولة تستهدف تهيئة الجماهير الالمانية لشن الحملة النازية لابادة اليهود. وقد امر غوبلز بتصوير وعرض تلك الافلام الثلاثة على الجماهير كاستجابة لـ (الحلول النهائية للمشكلة اليهودية!) التي نفذت فيما بعد. ولايمكن الاستخفاف بتاثير تلك الافلام فقد ورد خبر عن حادثة وقعت في (فيننا) راح ضحيتها يهودي عجوز مات ركلاً بالاقدام في احد الشوارع من قبل مجموعة شبان اعضاء في منظمة الشبيبة الهتلرية حال خروجهم من مشاهدة فلم (سويس اليهودي). كما اكد هملر بان مشاهدة ذلك الفلم فرضته وبشكل قسري على كافة افراد القوات المسلحة وقوات الشرطة واعضاء منظمة S.S وغالباً ما كانت تلك الافلام تعرض في اوربا الشرقية بهدف التنويه عن الحملة القادمة ضد اليهود.
رغم قلة افلامها اذ لم تتجاوز 96 فلماً خلال عشر سنوات، كان تاثير السينما النازية هائلاً لاسيما على فئة الشباب حيث كان الملايين يشاهدون تلك الافلام ويخضعون لايحاءاتها وبالتالي يقنعون برسالتها العميقة.



#حسن_اسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق ... وانعدام الأمن المائي
- كلام في المسكوت عليه محنة العراقيين ب (يسار الوسط )
- علي الوردي والتفكير الشعري
- في العراق - طبقة وسطى- تجهل مهماتها التاريخية !
- كاظم الحصيني ... وداعاً ايها المعلم !
- فاطمة المحسن : درس مظفر النواب
- قراءة في افكار نيولبرالي عراقي - الأستاذ حسن اسماعيل - العرا ...
- في مفهوم العلم الخلدوني


المزيد.....




- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسن اسماعيل - تعالوا نقرأ .. السينما النازية