أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله الداخل - مشروع إنشاء الوهم - قصة قصيرة














المزيد.....

مشروع إنشاء الوهم - قصة قصيرة


عبدالله الداخل

الحوار المتمدن-العدد: 4871 - 2015 / 7 / 19 - 14:44
المحور: الادب والفن
    


في لقاءٍ لعوائل صديقة، في المساء، قـُلـْتُ كمن يحمل نبأ ًمُهمّاً جداً:
- "أتعرفون؟"
أصغى الحاضرون بانتباه. فأضفتُ جادّاً:
- "أتعرفون أننا .. أننا أشباح؟"
جمد البعضُ.
لكنَّ سيدة ً، وهي مدرسة رياضيات، قالت على الفور ساخرةً:
-" وَن اوفْ يورْ جوكس: واحدة من نكاتك!"
كم تمنيتُ، في تلك اللحظة فقط، لو أنها لم تكن على ذلك الجانب من الفطنة، لأنني كنتُ سأستمر في مشروعي في شرح أننا سنكون أشباحاً بعد أن تتوقف عظامُنا وجماجمُنا عن مقاومة البُعد الرابع أو على الأقل بعد أن تغادر سوادَ أعلام القراصنة.

كنتُ أتحدثُ واقفاً وكان أبي، الذي مات بعد ولادتي ببضعة أشهر، جالساً خلفي.

في الصباح بعد أن أقلعتُ عن مشروعي، كانت "الحرارة" دون الصفر في الخارج والجو صحواً وليس من ريحٍ.
أدرْتُ محرك السيارة ومروحة التدفئة على عجل، ثم عدتُ الى البيت بسرعة قبل أن يجمد رأسي.
رائحة البنزين ليست كالسابق، وتساءلتُ: هل غيروا نوع العطر المضاف اليه؟ عندما عدتُ الى غرفتي في الطابق الأعلى مكثتُ أنظر الى السيارة من النافذة. كانت سحابةٌ بيضاءُ هائلةٌ تحوّم خلفَها وحولَها.
كنتُ أفكر: حبلتْ مريمُ دون حيمن؛ تحولت عصا موسى الى أفعى؛ حلـّق محمـدٌ على بغل ذي جناحين الى أقاصي الكوزموس وعاد الى الحجاز في نفس الليلة، أسرع من الضوء ببلايـين المرات؛ "إنتبه" يسوع من الموت وطار مثل كريستوفر ريف، المسيحي كولومبس قتل نصف مليون من أجل الذهب الذي وعد الملكةَ به؛ كان في أميركا الشمالية مائة مليون من الهنود "الحمر" قبل وصول المؤمنين "البيض" ببنادقهم وخيولهم. شجرة سَدَر في محلة الشوّاكة ببغداد تبكي دماً، وذلك الشعب "العظيم" تحوّل الى طابورٍ طويل من اللطّامين، و.. وأنا هنا! اُزْمِعُ خوضَ معركتي!

كانت خارطة العراق في رأسي: يشمخُ أنفـُه الطويل في جبال ايران، وقد ولـّى الغرْبَ ظهرَه؛ شركات النفط دخلته، دوريّاً، من دُبْرِه، من "مرحضة" الكويت؛ إيران: بعيرٌ يبتعد، والفتاة "أم الكَذلة"، سوريا الجميلة، يغتصبها الآن رجالُ الدين الملثمون القادمون من الخارج بعد أن طعنوها بكل مكان من جسمها. مشروع جانبي: الأنبياء إباحيون، العنوان: إباحيةُ الانبياء! valid- تعلموا عدم مصافحة المرأة من اليهود. لا يستنجسون من اغتصابها أو قتلها. عاد سعرُ النفط الى الارتفاع ثانية ثم انخفض؛ الأنترنت منتفخة بالوهم العربي والإِعجاز، وبالأَعجاز! نسكن في طريق مسدود، دَدْ- انـْـد، "نهاية ميّتة"! dead end. ليس من بيتٍ آخر في هذا الطريق العام.

وقفَ عصفورٌ ملونٌ على الميزاب تحت نافذتي، ولمـّا رآني، طار. عصافيرُ قريتي أشباحٌ لها لون التراب.

سُحب السموم التي خرجت من عجيزة السيارة خلال أربع دقائق تفوق حجمَها أربعين ضعفاً. لم تتلاشَ هذه المرة. الريح ساكنة.
أتيتُ بخارطة العالم الملونة الكبيرة. وضعتـُها أمامي، على منضدة الطعام. نظرتُ إليها: متى بدأتُ أخوض معاركي؟ أين تختبي قريتي الأولى؟
ثم قررتُ إنهاءَ معركتي الأخيرة: سحبتُ كرسياً وجلستُ. ثم رفعتُ قدميَّ. وضعتُ اليسرى على اليمنى فوق الخارطة.كانت حافة المنضدة تؤلم ساقي، ومضيتُ أنظر في النافذة الكبيرة التي كانت تُطِلّ ُعليَّ. كان الله هناك، ثم اختفى.
هكذا، بيأسٍ غريبٍ، صمّمتُ على كسب المعركة.



#عبدالله_الداخل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القرية 82 – إلى أكرم النشمي
- في اللغة - 6 – تساؤلات -نمطية-
- حقائب عبدالله الداخل 2
- مزامير عبدالله الداخل
- في الشعر 2 - قرن الكركدن
- الخطى - 8
- حقائب عبدالله الداخل – 1
- في الشعر -1
- دعوني بأوْج حزني وشيخوختي أسكرْ
- مداعبات مهموم – مسيرة باريس
- الخدع -1
- الدين والجنون - ملاحظات -2
- الدين والجنون - 15
- الدين والجنون 13 – ملاحظات -1
- وصية قصيرة
- حلمٌ يحمل تفسيرَه - 1
- الدين والجنون 14 – الوضوح 2
- الدين والجنون 12 – التجنين 4
- الدين والجنون –11 التجنين -3
- حمزة سلمان*


المزيد.....




- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله الداخل - مشروع إنشاء الوهم - قصة قصيرة