أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - هل ستكون اليونان بوابة للتغيير؟















المزيد.....

هل ستكون اليونان بوابة للتغيير؟


معتز حيسو

الحوار المتمدن-العدد: 4871 - 2015 / 7 / 19 - 13:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



رفض 61,3 في المئة من اليونانيين الشروط الأوربية لسداد الديون المترتبة على حكومة بلادهم. وهذا بالتأكيد سيترك تأثيراته في مستقبل اليونان، وعلى طبيعة علاقتها بمنطقة اليورو والاتحاد الأوروبي. لكن قبل بحث مآلات وتداعيات الأوضاع اليونانية، سنقف على جذور الأزمة اليونانية.
انطلقت شرارة الأزمة اليونانية مطلع التسعينيات من القرن الماضي. وظهرت تأثيراتها السلبية بوضوح في خلفية الأزمة المالية العالمية العام 2008. وقد عانت اليونان في السنوات الأخيرة من تفكك الإنتاج وتخلف البنية التحتية وانخفاض الصادرات. وقد استعاضت عن السلع المنتجة محلياً بالسلع المستوردة، والاستثمار في المشتقات المالية. وكان من نتيجة ذلك تراكم المديونية. وقد حاولت الحكومات السابقة عبثاً تغطية الأزمة عبر الاقتراض وإصدار سندات سيادية. هذه العوامل وغيرها بينت حجم العجز في الاقتصاد اليوناني، حتى قبل انكشاف العجز المالي. وبحلول تشرين الثاني 2009، بدأت الأرقام الحقيقية لمؤشرات الاقتصاد اليوناني بالظهور، كاشفةً أن نسبة عجز الموازنة إلى الناتج المحلي بلغت 12,9 في المئة ونسبة الدين العام إلى الناتج المحلي وصلت إلى 115 في المئة، في وقت حددت فيه «اتفاقية ماسترخت» شروط عضوية الاتحاد الأوروبي بعدم تجاوز عجز الموازنة إلى الناتج المحلي الإجمالي أكثر من 3 في المئة، وألاّ يتعدى حجم الدين نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي أكثر من 60 في المئة. بالنسبة للاقتصاد اليوناني، فإنه يقوم على ثلاث دعامات أساسية: قطاع الخدمات ويساهم بنحو 75 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويستوعب 68 في المئة من قوة العمل. وقطاع الصناعة ويساهم بنحو 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويستوعب نحو 20 في المئة من قوة العمل، وقطاع الزراعة يساهم بنحو 4 في المئة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، ويستوعب 12 في المئة من قوة العمل.
لقد أجمعت التقارير الصادرة العام 2009، أن الديون المتوجبة الدفع تبلغ حوالي 300 مليار يورو، وأنها عائدة إلى دائنين غير يونانيين، 95,5 في المئة منها يعود إلى دول ومصارف أوروبية وأجنبية. مع العلم أن 70 في المئة من الديون المستحقة تعود لألمانيا وفرنسا، فكان امتناع اليونان عن سداد ديونها يعني تضرّر البلدين. وكانت الحكومة آنذاك ملزمة بسداد ديونها إلى صندوق النقد الدولي خلال ثلاث سنوات من استحقاق السداد. فاعتمدت خطة لتخفيض نسبة العجز نهاية العام 2010 إلى 8,7 في المئة، وإلى دون 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العام 2014، اعتمدت فيها مجموعة واسعة من التدابير التقشفية التي تتماشى مع وصفات صندوق النقد الدولي كبيع الأملاك العقارية العامة، وخفض الإنفاق الحكومي بنحو 18 مليار دولار، وخفض رواتب المتقاعدين، وتجميد التوظيف والأجور، وإلغاء المكافآت والعلاوات الفصلية، زيادة الضريبة على القيمة المضافة وعلى مبيعات السلع الكمالية، وزيادة الرسوم على حوامل الطاقة، ومكافحة التهرب الضريبي، وخفض الإنفاق العسكري، وتقليص الإنفاق العام بنسبة 10 في المئة، من بينها تخفيض 100 مليون يورو من موازنة التعليم، وتقليص نفقات الاستشفاء، وزيادة سن التقاعد عامين بحيث يصبح 63 عاماً. وكان على الحكومة بالتوازي مع الإجراءات التقشفية تجنب زيادة حدة التوتر الاجتماعي التي كانت تنبئ بانفجار اجتماعي يمكن أن يفضي إلى تغيير آليات عمل النقابات والأحزاب الاشتراكية، وتحديداً بعدما لوّح حينها الحزب الشيوعي اليوناني بالاستيلاء على السلطة السياسية لتجاوز التناقضات السياسية والاقتصادية المتفاقمة.
تمثل الأزمة اليونانية اختباراً حقيقياً للاتحاد الأوروبي وسياساته المستقبلية. وأمامه مع دول اليورو خياران: الأول مساعدة اليونان على تجاوز أزمتها المالية، وذلك من خلال إعادة جدولة الديون، ومن خلال إعفاءها من القرض المترتب عليها أو بعض منه، ويمكن أن يساهم ذلك في الحفاظ على تماسك الاتحاد الاقتصادي والسياسي، ويمنع انتقال تداعيات الأزمة إلى باقي الدول الأوروبية، بحكم الترابط الاقتصادي. والثاني هو التمسك بتسديد اليونان لكامل ديونها وذلك من خلال إجبار الحكومة على تنفيذ حزمة من السياسات التقشفية. ومن الممكن أن يدفع هذا الخيار إلى تخلي اليونان أولاً، وبعض دول الاتحاد المأزومة ثانياً، عن اليورو وانفصالها عن الاتحاد.
وبرغم أن نتيجة الاستفتاء كانت مع رفض الشروط الأوروبية، إلا أن ذلك لا يعني حتى اللحظة امتناع الحكومة عن دفع الديون، أو خروجاً مباشراً لليونان من منطقة اليورو والاتحاد. لكن رئيس الوزراء تسيبراس يسعى لاستعمال الرفض الشعبي للضغط على الاتحاد وصندوق النقد والبنك الدوليين لتخفيض القيمة الإجمالية للديون وإعادة جدولتها. ويتوقع أن يتزامن ذلك مع حوارات بين قادة الاتحاد والحكومة الحالية للوصول إلى صيغ توافقية يتحدد على أساسها التزام اليونان بسداد ديونها. هذا في وقت لا يستبعد فيه أن يسعى ألكسيس تسيبراس للمطالبة بقرض جديد يساعد حكومته على سداد ديونها. لكن ذلك سوف يزيد من أزمة اليونان المالية والاقتصادية والاجتماعية.
ومع ذلك، فإن انتقال تداعيات الأزمة اليونانية إلى القارة الأوروبية ما زال أمراً ممكناً. فالضغط الشديد على الوضع المعيشي يمكن أن يفاقم حركة الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإلغاء سياسات التقشف. وسيترتب على ذلك في حال حصوله رفض سداد الديون، والخروج من منطقة اليورو والعودة إلى الدراخما، وهذا يهدد بأزمة على المستوى الأوروبي بدايتها مالية مصرفية، أما نهايتها فاجتماعية سياسية. وتتحدد تلك الاحتمالات في إطار شروط موضوعية. ويبدو أن شرائح واسعة من اليونانيين ذاهبة في هذا الاتجاه. أما احتمال فرض شروط صندوق النقد والبنك الدوليين، فيمكن أن يقود إلى نقل رئاسة الحكومة من تسيبراس إلى قيادات تتعهد بسداد الديون وفرض مزيد من الشروط التقشفية وبإعادة هيكلة الدولة وتقليص دورها الاجتماعي. وبالتأكيد سيقابل ذلك تحرك شعبي ضد الحكومة وسياسات الاتحاد. حينها يمكن أن تتحول اليونان إلى بوابة للتغيير. وسوف ينعكس ذلك على المجموعة الأوروبية من خلال تراجع حجم صادراتها المالية والسلعية، وسوف يحد من نهبها لفائض القيمة.
إن تخبط الدول الرأسمالية في إدارة أزماتها، لا ينفي وعي حكوماتها لخطورة تفاقم التوترات الاجتماعية. لكن ذلك لم يردع ميولها الاستقطابية التي كانت تساهم على الدوام في تعميق أزمة الرأسمالية البنيوية. وانطلاقا من ذلك، فإنه من الممكن أن تشكّل اليونان في محاولاتها لتجاوز الأزمة التي تعاني منها مدخلاً تلج منه باقي الدول الأوروبية التي تعاني أزمات متشابهة. ومن المرجح أن تكون البداية برفض شروط صندوق النقد والبنك الدوليين، سواء الذي يتعلق منها بشروط التقشف، أو بتقليص دور الدولة الاجتماعي وإعادة الهيكلة الاقتصادية. وهي جميعها شروط مذلة. وبحسب اعتقادنا، فإن تجاوز الأزمة الراهنة يرتبط بالدرجة الأولى بموازين القوى الاجتماعية، وبقدرة اليونانيين وقيادتهم اليسارية والنقابية على الدفاع عن مصالح المتضررين في النظام الرأسمالي. وتحقيق ذلك يرتبط بشكل مباشر بمشروع سياسي يساري ديموقراطي اجتماعي.



#معتز_حيسو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تجليات الإمبريالية الراهنة
- السباق إلى الهاوية
- حروب على الحضارة والتاريخ
- من تجليات الأزمة السورية
- المشهد السوري في سياق التحولات العالمية
- مقدمات أولية إلى نهضة
- في سوريا: دافعوا الضرائب هم الأفقر
- الترابط بين اليمن وسائر الإقليم
- تحولات عربية: اليمن ليس وحيداً
- خرائط تُرسم بدماء السوريين
- أربع سنوات من الصراع السوري: الحداثة التخلف
- سوريا: في النموذج الطائفي؟!
- في أسباب وتجليات انخفاض سعر النفط
- المرأة السورية... سنديانة في لهيب الصراع
- آفاق المشروع الطائفي في سوريا
- الهدم الديموقراطي: قراءة في المشهد السوري
- الأسرة السورية بين تآكل قيمة الدخل وارتفاع قيمة الاستهلاك
- السياسة بين العصبية والعقائد الأيديولوجية
- في مأزق الحوار السوري
- ماذا يحمل أطفال سوريا إلى المستقبل؟


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - معتز حيسو - هل ستكون اليونان بوابة للتغيير؟