أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود السلمان - منطق القرآن (1)















المزيد.....

منطق القرآن (1)


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 4867 - 2015 / 7 / 15 - 12:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



مقدمة
هذه الدراسة تبحث في منطق القرآن على ضوء العلم الحديث ، وعلى ما يوافق العقل ، ويرضي علم الفلسفة ؛ وهو دراسة في عمق القرآن وتجلي معانيه ، وتوضيح مفهوم ومعنى كثير من الآيات . وهذه الدراسة قد تغضب ثلة من الناس وترضي آخرين ؛ والذي ارجوه من القارئ الكريم ان يقرئ بموضوعية ، وبعيدا عن التعصب ، وان يرد علي برفق جميل ، لا بغير ذلك ، لأن غير ذلك ليس من العلم . والله الموفق للصواب
الباب الاول – اشكالات وحلول
المبحث الاول
النفس : الخلق والتسوية
تقول الآية : {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} الشمس /7. والآية تريد أن تقول : إن الله خلق النفس ، اي ابدع في خلقها ، وحينما فرغ من ذلك قام فألهم هذه النفس ، الفجور ثم التقوى ، والفجور : كل عمل تأباه الانفس ، وترفضه الفطرة السليمة ؛ واما التقوى : فهي الشيء الحسن الجميل الذي تطمئن اليه النفوس ، وتقبله الفطرة السليمة .
والسؤال : لماذا الآية قدمت الفجور على التقوى ؟ ويفترض ان تقدم التقوى على الفجور . ولماذا الله لم يكتف بالتقوى فحسب ؟ اليس الفجور هو من الشيطان ؟ واذا ذلك كان كذلك لماذا يحاسب الله النفس التي فعلت الفجور ، والفجور كان من الهام الله ؟ .
فلو كان الحاكم قد اعطى سيفا أو اي آلة قاتلة لأحد الاشخاص الذين يختارهم ، ثم يقول له : اقتل اي شخصا تختاره ؟! . وحينما يفعل ذلك يحاسبه ويقع فيه اشد العقوبة . هل ان هذا الحاكم سوي ، ويمتلك عقلا راجحا ؟ . وإن الذي يقتل حكمه في القرآن القتل ، اي القصاص { ولكم في القصاص حياة } البقرة / 179.

* معنى الالهام
قال الجرجاني في تعريفاته:
والإلهام : ما يلقى في الروع بطريق الفيض . وقيل الإلهام ما وقع في القلب من علم وهو يدعو إلى العمل من غير استدلال بآية ولا نظر في حجة ، وهو ليس بحجة عند العلماء إلا عند الصوفيين ، والفرق بينه وبين الإعلام ، أن الإلهام أخص من الإعلام لأنه قد يكون بطريق الكسب وقد يكون بطريق التنبيه . (راجع ، الجرجاني ، التعريفات) .

*كلام المتصوفة في النفس

ومن كلام المتصوفة عن النفس قولهم : ((من استولت عليه النفس صار أسيراً في حكم الشهوات ، محصوراً في سجن الهوى )).
اقول وكيف يستطيع الانسان مقاومة النفس وهواها وقد الهمها الله الفجور قبل التقوى ؟!.
وقالوا: ((إن العبد ما دام في الترقيِّ فصاحب تلوين يصحُّ في نعته الزيادة في الأحوال ، والنقصانُ منها ، فإذا وصل إلى الحق بانخناس أحكام البشرية مكنَّه الحق سبحانه ، بأن لا يرده إلى معلولات النفس ، فهو متمكن في حاله ، على حسب محله واستحقاقه)). (القشيري ، الرسالة القشيرية ).
وهذا الكلام الذي يخص النفس هو ليس بصحيح ، وهو تلاعب باللفظ لا اكثر ولا اقل . والنفس اذا كان الفجور مسيطر عليها ، وجاء عن طريق الالهام . فكيف يتسمى للإنسان ان يكبح جماحها ؛ واذا كان لم يستطع ، وهو الحق ، فكيف تُحاسب هذه النفس على امر فوق طاقتها ، ومفروض عليها ؟ .

*ماهية النفس
يقول القشيري في رسالته : نفس الشيء في اللغة: وجودُه . وعند القوم : ليس المراد من اطلاق لفظ النفس الوجودَ ، ولا القالب الموضوع . إنما أرادوا بالنفس : ما كان معلولاً من أوصاف العبد مذموماً من أخلاقه وأفعاله. ثم إن المعلولات من أوصاف العبد على ضربين:
أحدهما: ما يكون كسباً له ؛ كمعاصيه ومخالفته.
والثاني: أخلاقه الدنيئة ، فهي في أنفسها مذمومة ، فإذا عالجها العبد ونازلها ، تنتفي عنه بالمجاهدة تلك الأخلاق على مستمر المادة.
والقسم الأوَّل من أحكام النفس: ما نهي عنه نهي تحريم ، و نهي تنزيه. وأما القسم الثاني ، من قسمي النفس: فسفساف الأخلاق ، والدنيء منها.. ثم تفصيلها: فالكبر، والغضب ، والحقد ، والحسد ، وسوء الخلق ، وقلَّة الاحتمال ، وغير ذلك من الأخلاق المذمومة. وأشد أحكام النفس وأصعبها: توهمها أن شيئاً منها حسن ، أو أن لها استحقاق قدر، ولهذا عُدَّ ذلك من الشرك الخفيِّ. ومعالجة الأخلاق في ترك النفس، وكسرها ، أتم من مقاساة الجوع والعطش والسهر، وغير ذلك من المجاهدات التي تتضمن سقوط القوة ، وإن كان ذلك أيضاً من جملة ترك النفس ، ويحتمل أن تكون النفس : لطيفة مودعة في هذا القالب ، هي محل الأخلاق المعلومة .

*قول الفلاسفة في النفس

ينقل الشهرستاني في الملل والنحل قول الفلاسفة: " أن للنفس جرمين: جرم من النار والهواء ، وجرم من الماء والأرض ، فالنفس متحدة بالجرم الذي من النار والهواء ، والجرم الذي من النار والهواء متحد بالجرم الذي من الماء والأرض، والنفس تظهر أفاعيلها في ذلك الجرم ، وذلك الجرم ليس له طول ولا عرض ، ولا قدر مكاني . وباصطلاحنا سميناه جسما ، وأفاعيل النفس فيه نيرة بهية. ومن الجسم إلى الجرم ينحدر النور، والحسن ، والبهاء ولما ظهرت أفاعيل النفس عندنا بمتوسطين ، كانت أظلم ، ولم يكن لها نور شديد.
وذكروا أن النفس إذا كانت طاهرة زكية استخصت الأجزاء النارية والهوائية ، وهي جسمها ، واستصحبت في ذلك العالم جسما روحانيا ، نورانيا ، علويا، طاهرا ، مهذبا من كل ثقل وكدر. وأما الجرم الذي من الماء والأرض فيدثر ويفنى ، لأنه غير مشاكل للجسم السماوي ، لأن ذلك الجسم خفيف، لطيف، لا وزن له ، ولا يلمس ، وإنما يدرك من البصر فقط، كما تدرك الأشياء الروحانية من العقل، فألطف ما يدرك الحس البصري من الجواهر هي النفسانية ، وألطف ما يدرك من إبداع الباري تعالى الآثار التي عند العقل.
وذكروا أن النفس ما هي مستطيعة ، ما خلاها الباري تعالى أن تفعل ، وإذا ربطها فليست بمستطيعة ، كالحيوان الذي إذا خلاه مدبره أعني الإنسان كان مستطيعا في كل ما دعي إليه ، وتحرك إليه ، وإذا ربطه لم يقدر حينئذ أن يكون مستطيعا.
وذكروا أن دنس النفس وأوساخ الجسد إنما تكون لازمة للإنسان من جهة الأجزاء. وأما التطهير والتهذيب فمن جهة الكل ، لأنه إذا انفصلت النفس الكلية إلى النفس الجزئية والعقل الجزئي من العقل الكلي غلظت ، وصارت من حيز الجرم ، لأنها كلما سفلت اتحدت بالجرم ، والجرم من حيز الماء والأرض ، وهما ثقيلان يذهبان سفلا. وكلما اتصلت النفس الجزئية بالنفس الكلية ، والعقل الجزئي بالعقل الكلي ذهبت علوا ، لأنها تتحد بالجسم ، والجسم من حيز النار والهواء ، وكلاهما لطيفان ، يذهبان علوا.
وهذان الجرمان مركبان ، وكل واحد منهما من جوهرين. واجتماع هذين الجرمين يوجب الاتحاد شيئا واحدا عند الحس البصري ، فأما عند الحواس الباطنة، وعند العقل فليست شيئا واحدا، فالجسم في هذا العالم مستبطن في الجرم ، لأنه أشد روحانية ، ولأن هذا العالم ليس مشاكلا له ، ولا مجانسا له، والجرم مشاكل ومجانس لهذا العالم ، فصار الجرم أظهر من الجسم لمجانسة هذا العالم وتركيبه ، وصار الجسم مستبطنا في الجرم ، لأن هذا العالم غير مشاكل له ، وغير مجانس له. فإما في ذلك العالم فالجسم ظاهر على الجرم ، لأن ذلك العالم عالم الجسم ، لأنه مجانس ، ومشاكل له ، ويكون لطيف الجرم الذي هو من لطيف الماء والأرض المشاكل لجوهر النار والهواء مستبطنا في الجسم ، كما كان الجسم مستبطنا في هذا العالم في الجرم. فإذا كان هذا فيما ذكروا هكذا كان ذلك الجسم باقيا دائما ، لا يجوز عليه الدثور، ولا الفناء ، ولذته دائمة ، لا تملها النفوس ولا العقول ، ولا ينفد ذلك السرور والحبور.
ونقلوا عن أفلاطون أستاذهم: لما كان الواحد لا بدء له ، صار نهاية كل متناه ، وإنما صار الواحد لا نهاية له ، لأنه لا بدء له ، لا أنه لا بدء له لأنه لا نهاية له. (راجع ، الملل والنحل ، ج2 ص 111- 113، منشورات المكتبة التوفيقية بمصر) .
وقال الشهرستاني : إنك لن تجد الناس إلا أحد رجلين : إما مؤخرا في نفسه قدمه حظه ، أو مقدما في نفسه آخره دهره ، فارض بما أنت فيه اختيارا ، وإلا رضيت اضطرارا. (المصدر نفسه) .

*رأي ارسطو في النفس

وينقل الشهرستاني رأي ارسطو في النفس . قال: " النفس الإنسانية ليست بحسم ولا قوة في جسم. وله في إثباتها مآخذ: منها الاستدلال على وجودها بالحركات الاختيارية. ومنها الاستدلال عليها بالتصورات العلمية.
أما الأول فقال: لا نشك أن الحيوان يتحرك إلى جهات مختلفة حركة اختيارية، إذ لو كانت حركاته طبيعية أو قسرية, لتحرك إلى جهة واحدة لا تختلف ألبتة. فلما تحركت إلى جهات متضادة علم أن حركاته اختيارية. والإنسان مع أنه مختار في حركاته كالحيوان، إلا أنه يتحرك لمصالح عقلية يراها في عاقبة كل أمر، فلا تصدر عنه حركاته إلا إلى غرض وكمال. وهو في معرفته في عاقبة كل حال. والحيوان ليست حركاته بطبعه على هذا النهج، فيجب أن يتميز الإنسان بنفس خاص. كما تميز الحيوان عن سائر الموجودات بنفس خاص.
وأما الثاني: وهو المعول عليه , قال: إنا لا نشك أن نعقل ونتصور أمرا معقولا صرفا، مثل المتصور من الإنسان أنه إنسان كلي يعم جميع أشخاص النوع. ومحل هذا المعقول جوهر ليس بجسم ولا قوة في جسم أو صورة لجسم، فإنه إن كان جسما فإما أن يكون محل الصورة المعقولة منه طرفا منه لا ينقسم ، أو جملته المنقسمة. وبطل أن يكون طرفا منه غير منقسم ، فإنه لو كان كذلك لكان المحل كالنقطة التي لا تميز لها في الوضع عن الخط، فإن الطرف نهاية الخط: والنهاية لا يكون لها نهاية أخرى ، وإلا تسلسل القول فيه ، فتكون النقط متشافعة ولكل نهاية ، وذلك محال. وإن كل محل المعقول من الجسم شيئا ينقسم. فيجب أن ينقسم المعقول بانقسام محله ، ومن المعقولات ما لا ينقسم ألبتة ، فإن ما ينقسم يجب أن يكون شيئا كالشكل والمقدار . والإنسانية الكلية المتصورة في الذهن ليست كشكل قابل للقطع ، ولا كمقدار قابل للفصل. فتبين أن النفس ليست بجسم ، ولا قوة في جسم ، ولا صورة في جسم ". (المصدر نفسه) .



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- منطق القرآن (2)
- منطق القرآن (3)
- من خرافات واساطير التاريخ (3)
- من خرافات واساطير التاريخ (2)
- من خرافات واساطير التاريخ
- ابن باجة الفيلسوف المفترى عليه
- انصر اخاك ظالما او مظلوما شعار جاهلي
- داعش ... والحشد الشعبي
- ما هو علم النجوم ؟
- الفلسفية الفارابية (2)
- اكتب يا حسين
- الفلسفية الفارابية (1)
- طه حسين .. ووعاظ السلاطين
- الصوم شعيرة جاهلية
- الارستقراطية في الاسلام
- اطالة اللحية – الذقن شعار بدوي
- في إبطال الفلسفة وفساد منتحلها
- العراق في ظل حكم الشيعة
- ختان النساء عادة جاهلية
- الذبح في الدين والشريعة


المزيد.....




- وفاة قيادي بارز في الحركة الإسلامية بالمغرب.. من هو؟!
- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود السلمان - منطق القرآن (1)