أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسر يونس - كانوا يرونهم دواعش















المزيد.....

كانوا يرونهم دواعش


ياسر يونس
(Yasser Younes)


الحوار المتمدن-العدد: 4866 - 2015 / 7 / 14 - 19:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كانوا يرونهم دواعش

إن القاسم المشترك الواضح بين الدواعش والذي لا يحتاج إلى تدليل هو أنهم يؤمنون بالإسلام ديناً، وغالبيتهم العظمى تأتي من البلدان الإسلامية. وحتى من ينضمون إليهم من الدول الغربية يكونون قد اعتنقوا الإسلام أولاً. وبصرف النظر عن أن هناك دولاً وأجهزة استخبارات تستخدمهم في تحقيق أهدافها وهي التي تزودهم بكل هذا السلاح الذي لديهم وهي التي تتيح لهم بيع بترول العراق وتصديره بأبخس الأثمان، ولو شاءت لمنعت عنهم المال والسلاح، فإن الدواعش كانوا يعيشون بيننا قبلوا أن يصبحوا دواعش، وتربوا على الأفكار المتشددة التي غضت الدول العربية في العصر الحديث الطرف عن انتشارها أكثر من ثمانين عاماً، بل وتركت الجماعات الظلامية تربي النشء على العنف وكراهية الآخر.

والآخر هذا قد يكون الأخ أو الأب الذي لا يعتنق هذه الأفكار أو لا يعتنقها بالدرجة الكافية. إن الجماعات الإسلامية التي لا تظهر حقيقة عنفها بالعمل الفوري العنيف هي التي تجهز المخزون الاستراتيجي للدواعش مثلما جهزته من قبل للقاعدة ومن قبلها لجماعة التكفير والهجرة وغيرها. وهي نفسها تتحول إلى جماعات منضوية تحت لواء مولودتها الأحدث داعش حين لا تتمكن من تحقيق أهدافها في البلدان التي تستهدفها، فالمنبع واحد أياً كان الشكل والشعار.

ولكن هل داعش جديدة علينا؟ هل تلك الأفكار العنيفة الظلامية المتخلفة لم تنتج فعلاً مشابهاً في الماضي كي نصاب بالدهشة من الفعل الذي تنتجه في الحاضر؟

للإجابة على هذا السؤال يجب أن نستحضر الصورة الذهنية التي تولدها كلمة داعش في أذهاننا، وهي صورة تعبر عن ذروة العنف والقتل والذبح والدماء والخيانة والجنون الإجرامي أو الإجرام المجنون والاغتصاب وبيع النساء سبايا، والهيئة الغريبة من الشعر الطويل الأشعث الأغبر واللحية غير المهذبة ذات المظهر الغريب في أكثر الأحيان. هذه بالطبع أمثلة فقط للصورة الذهنية التي تخطر على بالنا لدى سماع او قراءة كلمة داعش.

ولو عدنا إلى الوراء 14 قرناً أثناء زحف المسلمين إلى مكة فيما يُعرف في التاريخ الإسلامي باسم حديث الحديبية نجد في السيرة الحلبية وسيرة بن هشام، وغيرهما من كتب التاريخ الإسلامي المعتبرة، أن عروة بن مسعود رسول أبي سفيان الذي أرسله للتفاوض مع النبي محمد قال:

"يا محمد أجمعت أوشاب الناس ثم جئت بهم إلى بيضتك لتفضها بهم إنها قريش قد خرجت معها العوذ المطافيل قد لبسوا جلود النمور يعاهدون الله لا تدخلها عليها عنوة أبداً وأيم الله لكأني بهؤلاء قد انكشفوا عنك غداً قال: وأبو بكر الصديق خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد فقال: امصص بظر اللات أنحن نتكشف عنه؟ قال: من هذا يا محمد؟ قال: هذا ابن أبي قحافة قال: أما والله لولا يد كانت لك عندي لكافأتك بها ولكن هذه بها"

وتعريف كلمة أوشاب الناس في معجم لسان العرب هو:

"الأَوْشابُ: الأَخْلاطُ من الناس والأَوْباشُ، واحدُهم وِشْبٌ. يقال: بها أَوباشٌ من الناس، وأَوْشابٌ من الناس، وهم الضُّروبُ الـمُتَفَرِّقون. وفي حديث الـحُديبية: قال له عُرْوةُ بن مسعود الثَّقَفيُّ: وإِني لأَرى أَشْواباً من الناس لخَلِـيقٌ أَن يَفِرُّوا ويَدَعُوك؛ الأَشْوابُ والأَوْباشُ والأَوْشابُ: الأَخْلاطُ من الناس، والرَّعاعُ."

فما الذي دعا عروة بن مسعود إلى أن يستعمل هذا الوصف؟

جاء أيضاً في نفس المراجع أن عروة رغم ما قاله للنبي نصح قومه بعد عودته عن المسلمين قائلاً إنه " تركهم يغتسلون على وضوئه وما تنخم نخامة فوقعت في يد رجل إلا دلك بها وجهه وجلده، ولا يحدون النظر إليه تعظيمًا له - أي لا ينظر إليه فيملأ عينيه منه ولكن كان يصوب وجهه إلى الأرض- ولا يرفعون أصواتهم عنده."

لقد أدرك عروة بعد أن رأى جيش المسلمين وطاعتهم لرسولهم على هذا النحو المذكور أعلاه أنهم مستعدون لفعل أي شيئاً تلبية لأوامر رسولهم حتى ولو قتلوا جميعاً دون ذلك. فخشي عروة على مكة التي ذُكرت في القرآن باسم البلد الأمين ("وهذا البلد الأمين"، الآية 3 من سورة التين) لأن أهلها الآمنين لا قبل لهم بصد من يراهم أوشاباً. إن الأمن الذي وُصفت به مكة آنذاك يدل على تحضر سكانها في تلك الحقبة فاستتباب الأمن مرتبط بالارتقاء في سلم الحضارة، خصوصاً في عصر كذلك العصر. لقد كانت مكة قبل الإسلام آمنة تستقبل التجار والحجيج أياً كانت ملتهم وأياً كان إلههم في احتفالية الحج، مما يدل على التسامح الدين الذي سادها حتى ولو كان الهدف منه تجارياً فقد كان هذا التسامح حقيقة واقعة. ومن يتصفح كتب التاريخ العربي يكاد يجزم بأن أهل مكة قبل الإسلام لم يكونوا يحاربون إلا من يحاربهم.

إن عروة بوصفه لهم بالأوشاب أي كما ذكرت "الأخلاط من الناس والأوباش" كأنه يصف دواعش اليوم.

وللتوضيح فإن البشرية كانت قد ارتقت بأفعالها في الحروب نسبياً قبل الإسلام بوقت طويل، وصدرت قوانين حمورابي التي شكلت نقلة كبيرة في تاريخ التقدم الإنساني، كما ان الجيوش الفرعونية كانت تتبع قواعد أخلاقية في معاملة الأسرى أيضاً. وكان يجب أن يحافظ المسلمون الأوائل على هذه الخطوة التي قطعتها البشرية إلى الأمام في هذا المضمار، ولكن مادام قد حدث ما حدث أو هكذا نُقل إلينا ما حدث في روايات وأخبار بين طيات أمهات الكتب المعتبرة، لم يعد أمام المسلمين في رأيي، إن أرادوا القضاء على داعش بالفعل إلا أن يأخذوا من هذه الكتب ما يستقيم مع ما وصلت إليه البشرية الآن من رقي وتقدم في التعامل مع الآخر حتى أثناء الحرب، لأن القضاء على داعش لن يكون بالعمل العسكري فقط فهو قد يقضي عليها بصورة مؤقتة زمنياً أو محدودة مكانياً، ولكنها سرعان ما ستعود أقوى مما هي عليه، وربما تحت اسم آخر، إن لم يتم التصدي للفكر الذي هيأ لها البيئة الخصبة لتجنيد أتباعها من الأوشاب على حد تعبير عروة بن مسعود.

ولو ربطنا ما ذكرناه آنفاً بما حدث أثناء حرب أبي بكر على قبيلة كندة المسلمة لرأينا أن المشهد الداعشي في التاريخ الإسلامي استمر طويلاً. فزياد بن لبيد عامل الخليفة أبي بكر على حضرموت شن حرباً على قبيلة كندة المسلمة لخلاف في الزكاة على ناقة وسمها بميسم الخلافة وأراد صاحبها استبدالها. وكانت تلك حرباً خاضها مسلمون ضد مسلمين فسبوا نساءهم ونهبوا أموالهم وعاثوا في ديارهم فساداً، بل لم يسلم الأطفال من السبي أيضاً حسبما ورد في كتاب الردة للواقدي ( " واحتوى المسلمون على النساء والأولاد " ). (راجع مقالة سابقة لي عن هذه الواقعة من الرابط التالي: http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=87742)

وإذا تقدمنا قليلاً في التاريخ الإسلامي وجدنا وقعة الحرة وهي أيضا ًمشهد داعشي بامتياز حيث أباح مسلم بن عقبة قائد الجيش الذي أرسله الخليفة الأموي يزيد بن معاوية المدينة ثلاثة ايام لجنده، وروي عن المدائني ما يلي:

"وأباح مسلم بن عقبة المدينة ثلاثا ، يقتلون الناس ، ويأخذون الأموال . فأرسلت سعدى بنت عوف المرية إلى مسلم بن عقبة تقول : أنا بنت عمك ، فمر أصحابك أن لا يتعرضوا لإبل لنا بمكان كذا وكذا . فقال لأصحابه لا تبدءوا إلا بإبلها . وجاءت امرأة فقالت : أنا مولاتك ، وابني في الأسارى . فقال : عجلوه لها . فضربت عنقه ، وقال : أعطوها رأسه ، أما ترضين أن لا تقتلي حتى تتكلمي في ابنك ؟ ووقعوا على النساء حتى قيل : إنه حبلت ألف امرأة في تلك الأيام من غير زوج ."


ولو تقدمنا أكثر فأكثر في كتل التاريخ الإسلامي، علماً بأن الأمثلة لا تُعد ولا تحصى، نجد ما فعله جيش الخلافة العثمانية في مصر في أول يوم دخلها. يقول بن إياس " فالعثمانية طفشت فى العوام والغلمان والزعر ولعبوا فيهم بالسيف وراح الصالح بالطالح، وربما عوقب من لا جنى، فصارت جثثهم مرمية على الطرقات من باب زويلة.. ولولا لطف الله لكان لعب السيف فى أهل مصر قاطبة".

إنها أفعال تشبه ما ننفر منه اليوم ونحن نشاهد الفيديوهات المنشورة على موقع يوتيوب تعرض جرائم داعش في العراق وسوريا، ولو كان موقع يوتيوب موجوداً آنذاك لعرض لنا جرائم مماثلة وقد تكون أكثر بشاعة بكثير. والملاحظ أنهم لا يعطون اعتبارا حتى لامرأة تتوسل كي لا يقتلوا ابنها، بل هم يجدون في ذلك متعة لهم. فأنا أرى ساديتهم تنضح بها سطور المرويات المحفوظة بين طيات الكتب.


فما أشبه الليلة بالبارحة وما أشبه داعش بمن سبقها منذ قرون. وما أشبه الفقه الذي هيأ لها ومكنها بالفقه المنشور اليوم في كتابات السلفيين ومن لف لفهم.













#ياسر_يونس (هاشتاغ)       Yasser_Younes#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انتحارية هنا استشهادية هناك
- متلازمة دولة الخلافة
- عبد الله بن سبأ والطابور الخامس
- الوليد بن يزيد ولفحة -ربيع عربي- في العصر الأموي
- إسلام البحيري في عش الدبابير
- قصيدة الإرهابي الدجال
- التعددية اللغوية والتواصل بين العرب
- قصيدة سقطت كل أقنعتك آخر قصيدة في المخلوع الإخواني محمد مرسي
- من يمسك البقرة من قرنيها
- في جوف حمار
- الوصايا العشر كي تصبح كاتباً إسلامياً
- مفسر القرآن صاحب الكتب الماجنة
- قصيدة إلى الدكتور سيد القمني
- الحقائق الغائبة في قضية الدكتور سيد القمني
- قصيدة خرطوم الفيل من ديوان لاتُعارض الصادر عن مركز الحضارة ا ...
- قصيدة لا تُعارض من ديوان لا تُعارض الصادر عن مركز الحضارة ال ...
- الكل يصفق للسلطان
- السقوط 2003
- من المتناقضات في التارخ الإسلامي-9
- من المتناقضات في التاريخ الإسلامي-8


المزيد.....




- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ياسر يونس - كانوا يرونهم دواعش