أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - القدس كما هي في المشهد اليومي 7














المزيد.....

القدس كما هي في المشهد اليومي 7


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 4861 - 2015 / 7 / 9 - 12:14
المحور: الادب والفن
    


الاثنين 7 / 8 / 2006
ذهبت إلى رام الله. رام الله تّتسم بحيوية لم تعد متوافرة في القدس. هنا مؤسّسات ومكتبات ومثقّفون وكتّاب. في القدس حالة من الموات بسبب الحصار المفروض عليها. زرت محمود درويش في مكتبه. وكان هناك، حسن خضر وغسّان زقطان وسيّدة إسرائيلية اسمها يائيل، تتحدّث العربية ولها علاقة بالترجمة لمحمود، ولها دار نشر في إسرائيل اسمها: أندلس.
تبادلنا التحيّات، وشعرت بالحرج حينما سألت محمود عن صحّته. لم أكن أقصد البحث عن جواب دقيق حول ذلك. توقّف محمود عند السؤال وحاول أن يقدّم جواباً. ثم سألني عن صحّتي، وكتب لي اسم دواء مناسب لتمييع الدم. شكرته على ذلك.
رحنا نتحدّث عما يجري راهناً، وبالذات عن الحرب المجنونة في لبنان. تحدّث محمود عن بعض ذكرياته في صحيفة الاتحاد، التي نالها صاروخ بالخطأ من صواريخ حزب الله. علّق حسن بأسلوبه الساخر على بعض الوقائع المرافقة لهذه الحرب. تحدّث غسان عن أيامنا الممتعة في الورشة الأدبيّة التي انعقدت في هونغ كونغ وبكين.
كنت أصغي وأبتسم وأعلّق بسرعة على بعض القضايا المثارة. السيّدة الإسرائيلية كانت تتابع كلامنا باهتمام وتبتسم. كانت ضدّ هذه الحرب.
عدت إلى القدس بعد يوم طويل في رام الله.

الأربعاء 13 / 9 / 2006
أمضيت هذا اليوم أنا وزوج أختي في مركز المدينة. ابتدأنا مشوارنا بزيارة لمقرّ صحيفة القدس. في وقت سابق، أبلغت رئيس التحرير بأنني سأتوقّف عن الكتابة للصحيفة. كتبت خلال الأشهر الستّة الماضية سبعاً وعشرين مقالة. بواقع مقالة واحدة في الأسبوع. الكتابة المنتظمة في الصحف ترهقني وتحدّ من كتابتي للقصة القصيرة، وهو أمر لا أحبّذه. كانت آخر مقالة نشرتها لي الصحيفة عن الراحل الكبير نجيب محفوظ.
حملت معي نسخاً من كتابي قبل الأخير لكي أهديها لرئيس التحرير د. مروان أبو الزلف، وللمدير المالي والإداري هاني العبّاسي، وللمحرّر محمّد أبو لبدة. لم نجد أحداً منهم في مقرّ الصحيفة. أبقيت النسخ عند السكرتيرة، وخرجنا.
أمضينا يوماً عادياً في المدينة لا يتميّز بأيّ شيء سوى أنّه يوم في القدس.

الثلاثاء 26 / 12 / 2006
قبيل المساء، وقفت على سطح بيتنا ونظرت نحو البلدة القديمة التي تبعد عن بيتي مسافة خمسة كيلومترات. رأيت جانباً من سور المدينة وقبّة الصخرة وأبنية أخرى ملمومة على بعضها بعضاً. شعرت بالأسى وأنا أنظر نحوها، فهي عرضة لمكائد مستمرّة.
غادرت السطح حينما بدأ انهمار المطر. أمضيت بضع دقائق عند النافذة وأنا أتأمّل المشهد الممتدّ أمامي والمطر يواصل انهماره، وأنا أتساءل: ما معنى كلّ هذا؟ وإلى أين؟


الخميس 18 / 1 / 2007
ثمة عزاء في البلدة القديمة. الرجل المتوفّى ناهز المائة عام، وأنا لا أعرفه. أعرف بعض أفراد أسرته الذين جاءوا إلى بيتنا، للتعزية بوفاة أبي قبل أربع سنوات.
الطقس معتدل، لا مطر ولا رياح. للطقس المعتدل أهميّته لديّ، لأنني لا أحبّ البرودة التي تنخر العظام. أجتاز المخفر الإسرائيلي الجاثم على قمّة الجبل. على يسار المخفر مستوطنة قديمة وعلى يمينه مستوطنة جديدة، والمخفر يحتجز عدداً من العمال المتسلّلين إلى القدس من خلف الجدار. يحرسهم جنديّ عند رصيف الشارع وهم متلاصقون بالقرب من بعضهم بعضاً في مذلّة وإعياء.
أدخل شارع الخليل الذي يربط القدس بالجنوب. ثمة حركة سير نشطة في الشارع. وثمة أعداد قليلة من الإسرائيليات والإسرائيليين يتمشّون على الرصيف. وأنا أفكّر في مصير المدينة بعد أن كثر فيها البناء الاستيطاني، وأفكّر في ما أنجزته هذا اليوم من كتابة، فأبدو مشتّت المشاعر بعض الشيء. أقود سيارتي في زحمة السير، وسور المدينة رابض في موقعه، وأنا أجتازه إلى ساحة تتوقّف فيها السيارات.
أدخل البلدة القديمة دون أن أفكّر في الموت، موتي أنا. الموت هو آخر شيء يمكن أن أفكّر فيه الآن، والرجل الذي مات شبع من الحياة، أو هكذا نصف من مات بعد بلوغه أرذل العمر. لو أن الميّت طفل اغتاله الرصاص، أو صبيّة قتلها الجنود لاستبدّ بي الحزن.
أدخل البلدة القديمة من جهة باب الساهرة. ليس ثمة اكتظاظ هنا في مثل هذه الساعة قبيل المساء. هنا نساء عائدات من رحلة التسوّق أو من مشوار التمشّي في شارع صلاح الدين، وهنا رجال من مختلف الأعمار في ذهاب وإياب. أتفرّس في وجوه الناس. ألحظ بؤساً على بعض الوجوه، أو هذا ما أعتقده. وأسمع ضحكات ونداءات وسخريات، فثمة من لا يطيق البقاء صامتاً متجهّماً رغم كلّ ما يحيط به من شقاء.
أدخل بيت العزاء، ولا أمكث فيه سوى بضع دقائق تكفي لتسجيل حضوري، وللتأكيد على أنني قمت بواجب اجتماعي، لا يصحّ التخلّي عنه. وأشعر بأنّ البلدة القديمة تميل إلى نوع من الهدوء الملتبس في هذه الساعة قبيل المساء.
والنساء يعدن الآن إلى بيوتهن، والرجال يعودون إلى بيوتهم. أتأمّل العائدين والعائدات. ثمة من يعود على مهل، وثمة من يعود بخطوات متعجّلة، كما لو أنه متلهّف على الوصول إلى البيت، أو كما لو أنه يمتلئ بحكاية لن يستريح إلا بعد أن يرويها لذويه.
أغادر البلدة القديمة إلى شارع صلاح الدين، أشتري كتباً من المكتبة (ليس ثمة كتب كثيرة هنا لأسباب عدّة)، أدخل كافتيريا يرتادها في العادة جيل الشباب والشابّات (وأنا أكابر، وأدخل الكافتيريا كما لو أنّني ما زلت شاباًً). أشرب كأساً من عصير البرتقال، وأتصفّح الكتب التي اشتريتها، ثم أمضي إلى شارع الزهراء. أشتري سمكاً وأعود إلى البيت بعد المساء.



#محمود_شقير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القدس كما هي في المشهد اليومي/ 6
- القدس كما هي في المشهد اليومي/ 5
- القدس كما هي في المشهد اليومي/ 4
- القدس كما هي في المشهد اليومي/ 3
- القدس كما هي في المشهد اليومي/ 2
- القدس كما هي في المشهد اليومي/ 2
- القدس كما هي في المشهد اليومي/1
- القدس في السير والشهادات واليوميات
- القدس والنص السردي الغائب
- الفنان عادل الترتير/ البدايات كانت في القدس
- فنان مقدسي اسمه فرنسوا أبو سالم
- القدس والثقافة والتراتب الاجتماعي المقلوب
- القدس وتبدلات شارع صلاح الدين
- ثقافة معزولة في مدينة محاصرة
- تبدلات شارع الزهراء
- العمران وضواحي القدس الآن
- القدس الشرقية تذوي والغربية تزدهر
- مقاهي القدس التي تتناقص باستمرار
- ترييف القدس المعزولة عن ريفها
- شبابيك القدس3 / قالت لنا القدس


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - القدس كما هي في المشهد اليومي 7