أغار عليك

مراد سليمان علو
شاعر وكاتب
(Murad Hakrash)

الحوار المتمدن-العدد: 4861 - 2015 / 7 / 9 - 00:43
المحور: الادب والفن
    

اغار عليك
(هؤلاء يثرثرون بصخب حواليك، ويكذبون عليك، وأنا وحدي أهمس لك عمّا كان وسيكون. ـ مراد سليمان علو ـ)
المصفقون لأنوثتك يفيضون بالهراء، ويقيئونه عليك عند قيامك، وجلوسك. عندما تبتسمين، أو تضحكين، وعندما تتكلمين. يقولون أمثالا، وينطقون بالحكمة، ويروون لك الروايات والقصص، وأنا وحدي أنظم في قامتك الشعر.
يصفقون لك بشدة، وعيونهم مسمّرة على رقبتك البلّورية، وأنا وحدي أخاف على البلّور من الكسر. يلتهمون شاماتك، وأنا الوحيد الذي يقوم بعدّ الشامات خوف ضياعها بعد انتهاء الحفلة.
يكذبون عليك يا سيدتي وأنت تصدّقيهم، وأنا الوحيد الصادق معك وتكذّبيني ـ حتّى إني أشكّ في قدرتك على العيش دون كذب.
انظري إليهم كيف يقدّسون جسدك ولا يبالون بشِعرك.
انظري إلي ستجدين قصائدي مصلوبة على كذبهم. ستجدين قصائدي مخنوقة في دخان كذبهم. ستجدين قصائدي غارقة في حوض غرورك.
تحبين من غدر بك، وكذب عليك، وتكرهين من كان وفيا لك وبني القصائد في ظلال رموشك.
لو كنت أعرف، لكذبت عليك أيضا من شدّة حبي لك؛ لتصدقي أكاذيبي. كنت سأختلق أجمل الأكاذيب لتحبيني، ولكني ويا ويلي لا أجيد الكذب فاكذبي أنت عليّ وسأصّدقك.
ليتنا ننتمي إلى مدينة تلبس الأقنعة، وإلى زمان كل أيامه هو الأول من أبريل ليكون كلامي لك كذبا، ولأكون في كل مرّة مقنّعا وكنت ستصدقينني دائما.
متى ستتحدين كذبهم، ومتى ستحاولين التسلق لتصلي إلي؟
متى ستكفّين عن السباحة مع التيار، ومتى ستسبحين ضدّ التيار؟
لقد فقدت الحبّ فلا تخسري الحرب. كوني في صفي لنحارب معا لننتصر، ونحوز على الحبّ ثانية. لعق الذكريات لن يجدي نفعا، فمن الأفضل أن ننشئ ذكريات لمستقبلنا القادم من هذه الأيام، والليالي التي تهرب منّا.
ليت حبك كذبة أيتها التفاحة التي تحاول أن تتحدى الجاذبية ولا تسقط.
ليت حبك مرآة خضراء أرى فيها نهايتي كيفما كانت.
ليت حبك لغة غريبة اجرب معها قصائد جديدة لأصنع منها قلائد للقمر.
ليت حبّك يشبه حبي. ليتك تشبهيني.
ولكن الحبّ دائما هو موعد من أجل عاشقين ليتبادلا القلوب والأرواح، ودائما تتخّلفين في مواعيدك معي، فكلما اقتربت تبتعدين وكلما ابتعدت تنسين، وترجعين للكذب.
حبك طريق ذو اتجاه واحد إلى مقبرة (كرى كور *).
أعتدت أن تلعبي جميع الأدوار ماعدا دور العاشقة الحبيبة، واعتدت أن ألعب دورا وحيدا هو دور العاشق الحبيب، وهنا ابتدأ الاختلاف، ونما وكبر.
لم تعتاد على إرتعاشات العشق، ولم تطير يوما من الفرح، ولم تعانق النجوم بنظراتك، ولم تنضم يوما إلى لهفتي، ودائما كنت تكذبين.
يا حبيبة الكذبة الأولى إنك تطلبين مني الكثير. تطلبين أن أتذّكر وجوه المنتحرات في (سيباى). تطلبين وصف اجساد حبيباتي السابقات في قصائدي الممحية. تطلبين ملامح اللواتي لم التق بهن بعد، فلماذا أذن يا سيدتي لا تجربين الشعر مثلي لتتأكدي كم هو كاذب، بل أكذب من القرود الذين يتقافزون حواليك ليل نهار.
هل تعلمين يا حبيبة الكذب كم مرّة ولدت لأصل إليك.
هل تعلمين كم مرّة روحي تناسخت لتقترب من روحك.
أولد كلما يكذب أحد من هؤلاء القردة عليك. أولد لأضعه في فقاعة كذبه وأفجرها في وجهه.
أولد من جديد كلما أكتب فيك قصيدة؛ لأحكي لك ما يجري في وادي الكذب الذي تعيشين فيه.
في كل مرّة أولد فيها تنكريني فيعذبك إله الحبّ إلى أن أولد من جديد.
كان كل مرّة يصرخ فينا الحبّ، ويقول أنا حقيقي، ولم تصدقيه يوما إلى أن هجرت إلى الكذب، فاكتشفت قوة وصدق قصائدي.
لا تزال احزاني طرية، ولا أزال خجلا من قولي للحقيقة، ولا أزال أحاول أن اداري دموعي.
إني أشتعل بك، وأصدّق كلّ أكاذيبك، فمتى ستشتعلين بي، ولن تكّذبي قولي الحقيقة؟
لا تزالين تخشين الحبّ؛ لهذا لا تغادرين بكارتك ولهذا تستقبلينهم جميعا في أحلامك، ويكبر معك كبتك، ومن خجل كبتك تصدقين أكاذيبهم.
مللت قولي القصائد. أريد أن اعانقك.
مللت قولي الصدق أريد أن اكذب.
أريد أن أحبك أكثر. هل هنالك حبّ أكثر؟
لا أريد أن اموت قبلك، ولا أريد أن اعيش بعدك. بعد كل هذا الحبّ والكذب، فقد تناولنا معا الكثير من الخبز والشعر والقصص.
لا شيء أنا بدونك. لا شيء أنت بدون كذبهم.
أني اغار عليك منهم، ومن كذبهم.
أنت عائق دبق أمام الصدق والحبّ والشعر، أنت طريق الجنون والأبجدية الكاذبة.
وقد يحدث أن يزلزل الشوق كياني، ولكني يا حبيبتي الكاذبة لست وفيا لمن غدر بي، ولا أجيد الغفران، ولا أنسى أبدا.








ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*كرى كور: اسم مقبرة في قرية الأسكينية الواقعة في حوض جبل شنكال.

#مراد_سليمان_علو (هاشتاغ)       Murad_Hakrash#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات