أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - القدس كما هي في المشهد اليومي/ 6














المزيد.....

القدس كما هي في المشهد اليومي/ 6


محمود شقير

الحوار المتمدن-العدد: 4860 - 2015 / 7 / 8 - 12:25
المحور: الادب والفن
    


السبت 23 / 3 / 2002
أعيش على تخوم القدس، وأشعر بأننا ما زلنا بحاجة إلى تحديث عاداتنا اليومية. عاداتنا الراهنة هي نتاج مجتمع بدويّ لا يقيم للوقت وزناً. والبيئة الضيّقة بمفاهيمها ومواضعاتها تفرض منطقها عليّ، وتجعل أفقي محدوداً بحدود همومها ومشكلاتها. كم أغبط الذين يحيون في المدن الكبيرة. يعيش المرء في مدينة كبيرة مع أسرته الصغيرة، ويعفي نفسه من كثير من العادات التي تتطلّب وقتاً وجهداً ومالاً.
المفارقة هي أنّ القدس مدينة كبيرة بالنظر إلى مكانتها وأهمّيّتها، لكنّ العادات السائدة فيها الآن هي عادات المدن الصغيرة الشبيهة بالقرى.

الأحد 31 / 3 / 2002
كنت على وشك أن أغادر البيت لزيارة الوالدة في مستشفى المقاصد، لكنّني علمت أنّ الحواجز الإسرائيلية متنشرة بكثرة حول القدس، والجنود يعيدون الناس من حيث أتوا ولا يسمحون لهم بدخول المدينة. بقيت في البيت.
مساء أمس، ذهبت مع الأسرة لحضور حفل زفاف ابن أختي. حفل صامت لا غناء فيه ولا رقص بسبب الأوضاع المأساويّة في البلاد. بالقرب من حيّ الصلعة، كان هنالك حاجز إسرائيلي. طلب الجنود من كلّ رجل أن يرفع ملابسه عن بطنه وصدره وظهره، للتأكّد من عدم وجود أحزمة ناسفة. قلت للجندي: أنا رجل كبير في السن، فلم يأبه بملاحظتي، فاضطررت إلى الكشف عن بطني، وأنا مستاء من هذه الإهانة.
وحينما تحرّك موكب العرس نحو القاعة في بلدة العيزريّة، كان علينا أن نصطدم بحواجز عدّة. قمت بدورة التفافية واسعة حول القدس، ثم وجدت حاجز رأس العامود وقد اكتظّ بالسيارات التي تنتظر المرور، فلم أواصل الانتظار. عدت إلى البيت دون أن أحضر العرس.

الجمعة 27 / 6 / 2003
عدت مساء إلى البيت بعد قيامي بواجب اجتماعيّ عائليّ وكنت مرهقاً. أعتقد أنّ ثمة ضرورة لتفكيك الأسرة الممتدّة بأسلوب حضاري. إنها في وضعها الراهن عبء ثقيل على كواهل أبنائها. ثمة التباسات وتناقضات كثيرة داخل كلّ أسرة ممتدّة، ومع ذلك تعيش التناقضات تحت السطح، وأحياناً تنفجر في شكل شجارات دامية، أو مخاصمات لا تنتهي. لدينا مجتمع مأزوم، والاحتلال مسؤول إلى حدّ كبير عن ذلك.
يحدث هذا في القدس وعلى تخومها.

الثلاثاء 29/ 7 / 2003
ذهبت برفقة عدد من أبناء العائلة للتعزية بوفاة شاب قتل في شجار. غداً سأذهب إلى أبو ديس القريبة من القدس، لحضور خطبة إحدى بنات العائلة، وبعد ذلك سأذهب إلى عرسها المقرّر إجراؤه في قاعة بفندق في مدينة البيرة.
تحتشد في رأسي ملامح تجربة جديدة لكتابة مجموعة من القصص القصيرة جداً مستوحاة من رحلتي الأخيرة إلى الأندلس، ومما في حياتنا هنا في القدس من التباسات ومفارقات.

الأحد 21 / 9 / 2003
مات الوالد صباح هذا اليوم. أخذناه إلى المقبرة الواقعة جنوبي القدس، وكان الوقت عصراً والطقس حارّاً. دفنّاه في قبر مجاور لقبر أمّه بناء على وصيّته. بكت الوالدة بمرارة لأنّ الوالد مات. ظلّت حياتها معه رائقة في أغلب الأحيان. طبعاً، لم يكن الأمر يخلو من منغّصات. شهدت في طفولتي بعض مشاجراتهما التي كانت تندلع لسبب أو لآخر. كان الوالد حينما يختلف مع الوالدة يُسمعها كلاماً قاسياً، تبكي ثم لا تلبث أن تصالحه، ويعود الانسجام بينهما إلى سابق عهده.
وحينما تقدّما في العمر، أصبحت لها سطوة واضحة عليه. يكفي أن يظهر العبوس على وجهها، وتأخذ في التذمّر من شيء ما، حتى تنتقل العدوى إليه، فيغضب لغضبها وتتوتّر أعصابه، وينفّذ ما تقترحه عليه. لكنّها كانت مخلصة له، ولم تبخل عليه بالعناية اللازمة، خصوصاً حينما أصابه وهن الشيخوخة في السنتين الأخيرتين.



#محمود_شقير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القدس كما هي في المشهد اليومي/ 5
- القدس كما هي في المشهد اليومي/ 4
- القدس كما هي في المشهد اليومي/ 3
- القدس كما هي في المشهد اليومي/ 2
- القدس كما هي في المشهد اليومي/ 2
- القدس كما هي في المشهد اليومي/1
- القدس في السير والشهادات واليوميات
- القدس والنص السردي الغائب
- الفنان عادل الترتير/ البدايات كانت في القدس
- فنان مقدسي اسمه فرنسوا أبو سالم
- القدس والثقافة والتراتب الاجتماعي المقلوب
- القدس وتبدلات شارع صلاح الدين
- ثقافة معزولة في مدينة محاصرة
- تبدلات شارع الزهراء
- العمران وضواحي القدس الآن
- القدس الشرقية تذوي والغربية تزدهر
- مقاهي القدس التي تتناقص باستمرار
- ترييف القدس المعزولة عن ريفها
- شبابيك القدس3 / قالت لنا القدس
- شبابيك القدس2 / قالت لنا القدس


المزيد.....




- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود شقير - القدس كما هي في المشهد اليومي/ 6