أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رشيد المغربي - تنورتا إنزكان والنهي عن المنكر















المزيد.....

تنورتا إنزكان والنهي عن المنكر


رشيد المغربي

الحوار المتمدن-العدد: 4859 - 2015 / 7 / 7 - 03:20
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في إطار الأحداث المتتالية في المغرب والمتعلقة بالحريات الفردية مثل اللباس، ومثل الميول الجنسية، خصوصا بعد اعتقال فتاتي إنزكان لأنهما لبستا تنورتين وأغضبتا المارة بسبب لباسهما المخل بالحياء العام!! وحادثة الاعتداء على الشاب المثلي في فاس (1) فإني أرى من الواجب أن نناقش جميعا مسألة الحريات الفردية ومسألة قمعها باسم الدين، ومدى تأثير بعض النصوص الدينية على تشكيل مجتمعاتنا وعقلها الجمعي، لأن أي نقاش إن تجنب الخوض في النصوص الدينية وعلاقتها بالمجتمع سيكون نقاشا بدون نتيجة، يشبه من يصب الماء على الرمل، لأن الحقوق والحريات لن تأخذ بمعزل عن النصوص الدينية، فقد يشرع القانون شيئا ثم يلقي الشيخ خطبة على مستمعيه مركزا على نص ديني لينسف جهود كل الحقوقيين ويصير النص القانوني مجرد حبر على ورق، خصوصا وأن نسبة الأمية لازالت في أقصى معدلاتها في بلداننا العربية، وأتحدث هنا عن أمية الحرف وأمية المعرفة.
من بين النصوص التي لا بد أن يناقشها المجتمع هو ذلك النص المشهور الذي درسناه في المدارس وسمعناه في الخطب وفي الدروس ورددته الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية حتى صار الكبير والصغير يحفظه، هذا النص هو عبارة عن حديث صحيح رواه مسلم والترمذي وأحمد وأبو داود يحكي أن محمدا قال " «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِه فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ. فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ. وَذلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ» هذا الحديث يبدأ بقوله "من رأى" وبالتالي يعطي لكل مسلم الحق في تغييرما يراه منكرا بدءا باليد وصولا إلى القلب مع تضعيف التغيير القلبي وتفضيل تغيير اليد كأقوى أدوات التغيير وأفضلها على الإطلاق.
هذا الحديث هو الذي يضع الأسس للفوضى المجتمعية بحيث يصير من حق كل إنسان أن يتدخل في طريقة لباسك وفي أكلك وفي حريتك الشخصية، يصير له الحق أن يعتدي على فتاة لأن لباسها في نظره منكر يجب تغييره، ويصير له الحق في الاعتداء على شاب بسبب أنه "مثلي" في ميوله الجنسية، لأن طريقة مشيه أو لباسه مثلا لم يعجبه ورأى أنها منكر يجب تغييره. ويعطي لنفسه الحق في الاعتداء على شخص يأكل أثناء شهر رمضان بحجة تغيير المنكر باليد، وهنا أفتح قوسا لأعلق على ما قاله وزير العدل المغربي الذي يفتخر بهذه الفوضى ويعتبرها دليل تدين المجتمع المغربي لا دليلا على تأخرنا في الوصول للقيم الحضارية التي تحترم حرية الأشخاص حيث قال " إذا كان من يدافع عن الإفطار قادرا على مواجهة المجتمع واختبار صلابة أفكاره، فليذهب إلى شارع محمد الخامس ويفطر، وحينها سترون ما سوف يقع" (2) وكأن القانون عليه أن يخضع لهمجية بعض الأشخاص، لو طبقنا نفس المبدأ لقلنا للوزير لو ذهبت فتاة إلى بعض الكاريانات تلبس تنورة لتم الاعتداء عليها فهل هذا يجعل عملهم صحيحا ومعيارا علينا الخضوع له وتكريسه عوض محاربته وتغييره؟
نعود إلى الحديث الذي تعلمناه ونحن صغار ولازالت المؤسسات الدينية والتعليمية تعلمه لأولادنا في المدارس وفي مقررات الدولة كما في المساجد والدروس الدينية، نشجع الأطفال على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بدءا من اليد مرورا باللسان وآخر المطاف هو القلب. مع العلم أن كل هذه المصطلحات مطاطة لم يحدد الحديث معناها، ماهو المنكر أصلا؟ هل له تعريف محدد؟ وفي أي مجال؟ إذن الأمر تقديري، كل شخص له الحق أن يحدد ما هو المنكر ويغيره، والسؤال الثاني: ما معنى أن تغيره باليد؟ هل الضرب مثلا تغيير باليد؟ لم يحدد الحديث معنى التغيير باليد وترك للشخص تقدير الطريقة التي ينفذ بها هذا التغيير بالقوة الجسدية. ثم ما معنى "إن لم يستطع"؟ هل عدم الاستطاعة هنا هو عدم امتلاك القوة الجسدية أم هو شيء آخر؟ لا نعلم من الحديث أي شيء عن هذا الأمر، كل ما نعرفه هو أن الشخص هو الذي سيقدر عدم الاستطاعة بناء على فهمه، قد يستطيع التغيير بيده إذا امتلك سكينا أو خنجرا أو مسدسا، وقد لا يستطيع التغيير إن كان لا يمتلك سلاحا ويواجه عشرة أشخاص مثلا، وما معنى التغيير باللسان؟ هل هو مجرد النصيحة أم التعنيف اللفظي؟ أم التهديد؟ كل هذه الأمور لا يحدد الحديث معناها ومع ذلك يدرس الحديث للتلاميذ والطلبة ويشجعهم الوعاظ والشيوخ والفضائيات والكتب الإسلامية على هذا الأمر ثم بعد ذلك يتساءلون اليوم لماذا يقوم الشباب بالعنف في التعرض للأشخاص وفي ضرب "أصحاب المنكر" وفي الإرهاب في الشواطئ. ألا يستطيع أحد مثلا أن يفهم من الحديث أن قتل الأجانب في الشواطئ جزء من تغيير المنكر باليد؟ ألا يعتبر العري في بلد إسلامي منكرا؟ ألا يعتبر وجود أجنبي يشرب الخمر في بلد إسلامي منكرا؟
تعيش البلدان الإسلامية حالة "شيزوفرينيا" خطيرة تؤدي ثمنها اليوم على كل الأصعدة، فهي من جانب تعلم أبناءها أن تغيير المنكر باليد شيء محمود بل هو أمر من الرسول تجب طاعته ومن جانب آخر تبيح "ما يعتبر منكرا في الشرع الإسلامي نفسه" ولا ترى نفسها متناقضة، ثم تتساءل لماذا يقوم الشباب بالإرهاب والعنف. ألا يقوم المغرب وهو بلد إسلامي ببيع الخمور وإنتاجها وتصديرها ؟ (3) ألا يقوم المغرب مثلا بالتغاضي عن زراعة الحشيش في منطقة الريف حتى صار من أوائل المصدرين له في العالم ؟ (4) ألا يقع هذا على مرأى ومسمع من إمارة المؤمنين؟ كيف نوفق إذن بين كون المغرب بلدا إسلاميا وبين هذه المتناقضات الموجودة فيه؟ كيف يصدر بلد إسلامي الحشيش والخمر ويعتبرها من المنكرات ومع ذلك يبيحها في البارات ويرخص لها "بحجة أنها رخص لبيع الخمور للأجانب" ثم يعلم في مكان آخر لأبنائه أن الخمر حرام وأن الله لعن عشرة بسببها " لعن الله الخمر، ولعنَ شاربَها ، وسَاقِيَها، وعاصرَها، ومعتصرَها، وبائعَها، ومبتاعَها، وحاملَها، والمحمولةَ إليه، وآكلَ ثمنها" (مسند أحمد)؟ هل المغاربة أغبياء حتى تستحمرهم الحكومة بهذا التلاعب؟ إن هذه الازدواجية هي التي ولدت أمة بكاملها تعيش حالة من الصراع والنفاق، من جانب نتغنى بالفضيلة وأننا خير أمة أخرجت للناس نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، ومن جانب آخر تعشش كل المنكرات في بلداننا ومع ذلك نتظاهر بأنها غير موجودة بل ونعلن من قام بفضحها. على كل عاقل أن يسائل نفسه هل الحل هو في الكذب على أنفسنا وفي التظاهر بشيء غير واقعنا أم في التعامل مع الظواهر الموجودة عندنا بواقعية بعيدة عن النفاق الديني والتدين المظهري؟ هل حان الوقت لنضع قوانين تضبط الحريات الفردية ولا تمنح الأشخاص حق التدخل بدعوى تغيير المنكر باليد أو باللسان أم سنستمر في هذا الانفصام المرضي؟ هل سنستمر في تعليم أطفالنا نصوصا دينية تعطيهم حق تغيير المنكر باليد وباللسان وفي نفس الوقت ننادي بأننا دولة الحق والقانون ونستغرب من اتجاه الشباب لاحقا لمنظمات إرهابية تطبق النصوص التي تعلموها وتربوا عليها على أرض الواقع؟

المراجع:
1. الفيديو الذي يوثق لحادثة الإعتداء حقق مشاهدة عالية موجود على اليوتوب على هذا الرابط: https://www.youtube.com/watch?t=15&v=kbVHYtOmZEY

2. راجع مقال "اليوم 24" بتاريخ 30 يونيو 2015 تحت عنوان "الرميد:من يرغب في اختبار حقيقة المجتمع فليفطر في شارع محمد الخامس" الرابط: http://www.alyaoum24.com/325804.html

3. المغرب هو الأول بين البلدان العربية في إنتاج الخمر، انظر تقرير الحرة بتاريخ 6 أكتوبر 2013 تحت عنوان في ظل حكم الإسلاميين.. المغرب الأول عربيا في إنتاج الخمور، الرابط: http://www.alhurra.com/content/morocco-wine-islamic-government-/234035.html

4. انظر المقال المنشور على هسبريس بتاريخ 9 يونيو 2015 تحت عنوان " المرصد الأوروبي للمخدرات: المغرب أوّل مصدر للحشيش" الرابط: http://www.hespress.com/orbites/266296.html



#رشيد_المغربي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا مسلمين: هل الحرق عقوبة أقرها الإسلام أم حرمها؟
- يا مسلمين: هل الاستهزاء بالعقائد حلال عليكم وحرام على غيركم؟
- العبودية الجنسية في الإسلام: حور العين نموذجا
- زعزعة عقيدة مسلم والأمن الروحي للمغاربة
- قرائة في مقال -ماذا تبقى من قياديي حركة 20 فبراير؟- لجريدة ا ...
- المسيحيون المغاربة وشهر رمضان
- هل يجوز الاستهزاء بالأديان؟


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رشيد المغربي - تنورتا إنزكان والنهي عن المنكر