أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طوني سماحة - قاضٍ ومتهم














المزيد.....

قاضٍ ومتهم


طوني سماحة

الحوار المتمدن-العدد: 4858 - 2015 / 7 / 6 - 20:56
المحور: الادب والفن
    


عندما وقف آرثر بوث المتهم بقاضايا سرقة ونصب متعددة أمام القاضي مندي غليزر في قاعة المحكمة في مدينة ميامي الاميريكية، لم يكن يدري حجم المفاجأة التي سوف يتعرض لها.

بعدما أنهت القاضي النظر بالقضية، نظرت الى المتهم وسألته " سيد بوث، لدي سؤال، هل كنت في صغرك من رواد مدرسة أتلنتس المتوسطة؟"

لمع بريق في عيني المتهم رافقه بسمة على شفتيه وهو يتعرف فجأة الى زميلة الدراسة القديمة الجالسة حاليا على مقعد القضاء، قبل ان يخفي رأسه في يديه من هول المفاجأة و العار الذي شعر به، وأخذ من ثم يردد بصوت عال ومتهدج"يا إلهي، يا إلهي."

نظرت القاضي الى المتهم الذي استمر في تغطية وجهه بيديه وترداد "يا إلهي، يا إلهي"، وأكملت بصوت رصين فيما كانت ابتسامة خافتة تبدو على شفتيها "كان السيد بوث من أفضل الطلبة في المدرسة وكنت ألعب الفوتبول معه. سيد بوث، كنت دائما أتساءل عما آلت اليه امورك. أنا آسفة لما أنت فيه الآن، لكني أتمنى ان تجتاز المحنة التي انت بصددها بسلام وتخرج فيما بعد لكي تستمر في حياة أفضل."

غريبة هي الحياة، لا بل غريب هو الانسان. طفلان يلعبان معا. ينموان وتأخذهما الحياة كل في طريقه. يختار واحدهما المخدرات والسرقة فيما يذهب الآخر في طريق الدراسة والاجتهاد. وتمضي السنوات. واحدهما يؤذي المجتمع والناس وثانيهما يخدم المجتمع ويعمل على الحفاظ على القانون. واحدهما يبني والآخر يهدم. واحدهما يصلّح والآخر يخرّب. واحدهما يبني عائلة ويستقر والآخر ينتقل من وكر المخدرات الى شعاب السرقة وربما الى إنجاب أطفال يعجز عن الاهتمام بهم وبالتالي يرميهم عالة على المجتمع.

غريبة هي الحرية، بل غريب هو الانسان. تعطيه الحرية جناحين. فمنهم من يختار ان يطير كيما يحلق عاليا ويرى العالم من فوق ومنهم من يقتص جناحيه كيما يحيا أبد العمر تحت الاقدام وفي أنفقة من ظلام.

غريبة هي العدالة، لا بل غريب هو الانسان. جميعنا نطلب العدالة للجاني والمجني عليه، لكننا جميعا في مكان ما نكسر القوانين ونغطي اعمالنا البشعة كي لا نظهر بمظر الجناة وكي لا تقتص منا العدالة.

وأخيرا، إن كان لا بد لعدالة على الارض، ماذا عن أولئك الذين رحلوا عن هذه الحياة دون ان تستطيع عدالة الارض ان تقتص منهم؟ هل ثمة عدالة في السماء تضع الامور في الموازين أم أنه وعلى قول المثل اللبناني "اللي ضرب ضرب واللي هرب هرب".

سيّد بوث،
لا حاجة لك ان تخفي رأسك بين يديك. فجميعنا مثلك وان اختلفنا في الدرجات. جميعنا كذبنا في مكان ما واختلسنا في مكان ما وآذينا غيرنا في مكان ما. يبقى ان الحياة لا تتوقف عند فشل ما. أنا أيضا شأن السيدة غليزر أتمنى أن يكون الماضي مجرد سقطة وأن تحيا ما تبقى من العمر مواطنا شريفا.






#طوني_سماحة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يسوع المفكّر 8 - العدالة الاجتماعية
- أين أبي؟
- دفاعا عن الاسلاميين
- يسوع المفكّر 7- العدالة الاجتماعية
- يسوع المفكّر 6 - حوار فلسفي
- وداعا يا ورد
- يسوع المفكّر 5 - لقاء على حافة البئر
- يسوع المفكّر 4 - الانسان
- حبّة مانغو على رأس الرئيس
- يا أبتاه، أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون
- يسوع المفكّر 3- الانسان
- يسوع المفكّر 2- الكلمة
- يسوع المفكّر 1 مقدمة
- لماذا نحن متخلفون؟
- مات الصنم، يحيا الصنم
- من أحرق سليمان، صباح، وروعة؟
- رسالة موت موقعة بالدم إلى أمّة الصليب
- تأملات في الحرب والسلام
- صخرة الموت هي صخرة الحياة
- هنيئا لكِ يا بيلا (Bella)


المزيد.....




- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية
- 1.8 مليار دولار، قيمة صادرات الخدمات الفنية والهندسية الايرا ...
- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طوني سماحة - قاضٍ ومتهم