أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أروى المهنا - إنتحار المثقفين العرب















المزيد.....

إنتحار المثقفين العرب


أروى المهنا

الحوار المتمدن-العدد: 4857 - 2015 / 7 / 5 - 01:34
المحور: الادب والفن
    


كنت قد وعدت نفسي بالإنتهاء من كتابة هذا المقال بعد قراءة الكتاب بعدة أيام ، لكن زخم كل ماقرأت مال بي بعيداً ربّما لأبعد مما كنت أتصور ، إنتحار المثقفين العرب كتاب صعب ليس بلغته ولابكل هذا الكم الهائل الذي جمعه الكاتب ضمن 295 صفحة بل صعب بحقيقته حقيقة هذا الإنتحار هذه الهاوية التي يسقط بها المثقف عمداً وعن سبق إصرار وترصّد ، وهذه ليست الظاهرة الوحيدة التي يلقي بها أحدهم الضوء على هذا الموت المتعمّد فعلتها أيضا الكاتبة اللبنانية جمانة حداد في كتابها " سيجيء الموت وستكون له عيناك " الصادر عن الدار العربية للعلوم ناشرون والتي ذكرت من خلاله أسماء كثيرة كتبت الشّعر ووقعت في مصيدة الإنتحار . أيُعقل أن الثقافة يُمكن لها أن تكون لعنة على المثقّف أكثر من أن تكون وثاق نجاة لحياة أفضل مماهو عليه ! أيعقل أن الغرق أكثر في النتاج الأدبي والفكري واللغوي يمكن له أن يكون وباء أكثر من أي شيء آخر يستطيع أن يستوعب المثقف وفكره ! هل حقيقة هي أن المثقف لايمكن له أن يعود للوراء ولابخطوة واحدة لأن يعيش كغيره ممن هم في سباق مع الحياة داخل مجتمعه ! هل أن المثقف يصل لمرحلة فيها لايستطيع دمه أن يكون ضمن هذا المزيج الثقيل في محيطه !
أسئلة كثيرة كانت سبب في تأخير مقالتي هذه ، آن الأوان لأن ألقي الضوء ببساطة شديدة عن" إنتحار المثقفين العرب " والذي هو نتاج الدكتور والمفكر / محمد جابر الأنصاري

الأديبة أروى صالح، الشاعر عبدالرحيم أبو ذكرى ، خليل حاوي وغيرهم من أدباء خارج الجغرافيا العربية من الروائي الياباني يوكويو ميشيما إلى الشاعر السوفيتي ماياكوفسكي ، يافيم لاديجنسكي وغيرهم من أسماء كبيرة قرر صاحبوها أن يضعوا لحياتهم حد الخلاص . على الأقل هو خلاص بنظرهم وكما يقول الكاتب محمد الأنصاري في كتابه ( ظاهرة الإنتحار تعبير عن نزيف وتشقق داخلي يُباعد بين خلايا النفس الجماعية للأمة ، فتصبح كل خلية بمعزل عن الأخرى ، وينتابها الشعور بأنها قد تمّ التخلي عنها ، قد تمّ هجرها ، قد حوصرت وتقطعت شرايين اتصالها بالخلايا الشقيقة في النسيج الداخلي المحيط بها ، عندها تبدأ رحلة الإنتحار كما تتساقط الأوراق الصفراء من الشجرة الأم وما الإنتحار في نهاية الأمر ؟ هو ذروة الحرب الأهلية داخل النفس الإنسانية والتعبير النهائي عن تدمير جزء من الذات الواحدة للجزء الآخر منها ) إذاً هي معاناة حقيقية لها أسبابها الواقعية التي لايمكن المرواغة معها وكأن المثقف هنا يترك لنا تراكمات أدبية كبيرة قبل أن يُقدم على مثل هكذا فعل ليقول لنا بما معناه " مكة أدرى بشعابها " . لم ينسى الأنصاري أن يتطرق لمسؤولية المثقف والعاتق الكبير على كاهله أكثر حتى من مهام "السياسي " مع التحفظ على هذا المسمى الأخير بالطّبع إذ يقول ( إن مسؤولية الأديب الأخلاقية والمعنوية أكبر بما لايقاس من مسؤولية السياسي ، فالناس يغفرون للسياسي أحيانا تراجعاته ويتفهمون انحناءه للظروف الوقتية من أجل تغيير الأمر الواقع مستقبلاً ، أما الأديب فإنه قبل كل شيء " موقف " موقف أخلاقي وضميري وفكري وتاريخي ، والمواقف ليست مناسبات ظرفية عابرة وليست وظائف رسمية يؤديها الأديب بحكم إداراته لهذه المؤسسة أو عضويته في ذلك المجلس ثم يغيرها عندما تتغير الظروف والحسابات ) نعي كما يعي الأنصاري بما أشار إليه ثقل مايحمله المثقف على عاتقه هو ليس إذاً مواطن عادي يشغله قوت يومه أو ملياردير جل همه كيف له أن يفتتح مشروع جديد ليشتهر به إسمه أكثر ، المسألة لايمكن لأحد آخر أن يفهمها سوى المثقف والمجتمع بطبيعته يطمع بالمثقف وبآراءه وبفكره وكأنه يرمي كل همومه الأخلاقية على المثقف بقصد أو بغير قصد هكذا يمكن لنا أن نقرأ الواقع كما هو عليه . من أكثر الأدباء الذين أخذوا حيّز من وقتي في البحث عن مسيرة حياتهم هو الأديب خليل حاوي صاحب قصيدة عابرون الجسر والتي غنّاها مارسيل خليفة بأداء خاص ومُدهش كعادته . خليل حاوي هذا الشاعر الرّمزي الذي علّم نفسه بنفسه من العربية للغة الإنجليزية للفرنسية كي يلتحق مرة أخرى بالمدرسة بعد إنقطاعه عنها لإعالة عائلته ومرض والده ثم إلتحق بالجامعة في بيروت وبعدها ذهب ليكمل الدكتوراة في بريطانيا حاصلاً من هناك على مايؤهله ليعمل أستاذ في نفس الجامعة التي تخرج منها في بيروت خليل حاوي الذي كان صديقاً خاصاً للأنصاري يعنون لقائه بخليل ب " لقاء البراءة " إذ يقول ( التقيت بالدكتور الحاوي مرات عديدة . كان احساس هذا الرجل في عمق الثكل الذي كانت تعانيه هذه الأمة في السنوات العجاف . بل كانت بؤرة مكثفة وشديدة الحساسية لذلك الثكل الفاجع ، وفجأة التقيت به ذات يوم من أيام حرب أكتوبر . لم أبصر وجهاً عربياً في مثل براءة وجه حاوي وفرحه وبشره وانفتاحه العفوي من جديد على المستقبل وعلى امكانية " الإنبعاث " الذي غناه كثيراً وطويلاً منذ مطلع شبابه وكأنه في ذلك اليوم قد اغتسل بكل الدفق في النيل وبردى والرافدين ) رغم كل هذه الحياة التي تسكن خليل حاوي آنذاك إلاّ أن هموم التاريخ العربي والخيبات التي تنكأ جرح الضمير أكثر كانت سبب كبير في ضعف الحاوي وإقدامه على فعل الإنتحار لأكثر من مرة كما كانت النظريات تتحدث في حياة حاوي وتاريخه إلى أن أقدم على الإنتحار في بيته بتاريخ يونيو 1982 في شارع الحمراء في بيروت على إثر الهجوم الإسرائيلي على لبنان . ماكان يؤرق حاوي أيضا هو خروج بيروت عن منحى الأصالة شيئاً فشيئاً كما يرى إبن الجبل ، لم يحب إكتساح فكرة التجارة في الشعر والقيم والمبادئ على حسب رأيه فكان يشعر بأنه بدأ يفقد بيروت الأصالة .
أليس هو القائل كما اقتبس له الأنصاري :
" بي حنينٌ لنبع الأرض
للعصفور عند الصبح ، للنبع المغني
لشبابً وصبايا
من كنوز الشمس ، من ثلج الجبال
لصغارً ينثرون المرج
من زهو خطاهم والظلال
أنتم .. أنتن في عمري
مصابيحٌ ، مروج ٌ ، وكفاه
أتحدى محنة الصلب
أعاني الموت في حبّ الحياة "

يتطرق الكاتب أيضا في كتابه إلى نظريتان في الخلق الفني- جناحان للفن العظيم لايحلق بدونهما في البناء المادي والأدب الظاهري - أسبقية النثر على الشعر ودعوة لتأسيس نثر عربي جديد لم ينسى أيضا أن يأخذنا لأبو حيان التوحيدي وظاهرة انتحارية من تراثنا القديم تطرق أيضا إلى اكتشاف أرض الميعاد وانتحار الفنان اليهودي والذي سأقوم بذكر قصته كاملة في الجزء الثاني من هذا المقال ونظرية التطبيع ولم أنسى الباب الرابع الذي عُنون بمعالجات ثقافية عربية وعالمية والذي يذكر من خلالها 6 نقاط سأتحدث عنها بإسهاب لاحقاً منها قصة علاقة مرواغة بين أديب إنجليزي ومدينة فرنسية .. يُتبع



#أروى_المهنا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرية الفوضى وعلم اللامتوقع
- بيروت المدينة المستمرّة
- تلابيب خُطاي
- سيرة ذ ا ت ي ة
- ماذا يعني أن أكتب ؟
- الخلايا الجذعية stem cells
- محاكاة إلى صديقة


المزيد.....




- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...
- NEW تردد قناة بطوط للأطفال 2024 العارضة لأحدث أفلام ديزنى ال ...
- فيلم -حرب أهلية- يواصل تصدّر شباك التذاكر الأميركي ويحقق 11 ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أروى المهنا - إنتحار المثقفين العرب