أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عزيز الحاج - أزمة الرفض (شبه المستحيل) وألغام القبول!















المزيد.....

أزمة الرفض (شبه المستحيل) وألغام القبول!


عزيز الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 1342 - 2005 / 10 / 9 - 10:16
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


تعترض الأمم المتحدة وواشنطن على تعديلات اللحظة الأخيرة على قواعد الاستفتاء حول الدستور العراقي. التعديلات تعني عمليا قطع الطريق على كل إمكانية رفض كما كانت تسمح بنود القانون الإداري. وكانت نصوص القانون تحرم كل تعديل على القانون وتفرض الالتزام به. ليس هذا القانون بالمثالي ولكنه جاء حصيلة اتفاق وتوازن القوى والتيارات وكقانون انتقالي لا غير، أي حتى لما بعد الانتخابات القادمة.
إن تلاعب الأحزاب الإسلامية الحاكمة بهذا القانون ليس جديدا، فهي قد خرجت على روحه وأهم مبادئه مما تجلي في مسودات الدستور الدائم وحتى في المسودة الراهنة. ونعلم أن هذه الأحزاب تراجعت في العام الماضي عن دعم القانون رغم التوقيع عليه، وشنت حملة إعلامية وشعبية صاخبة ضده، كما أرسلت المرجعية الشيعية العليا خطاب تحذير لمجلس الأمن من مجرد الإشارة للقانون في قراراته عن العراق. وكان ذلك هو التصعيد الخطير الأول لتدخل المرجعية في تفاصيل العملية السياسية وصولا لتبني قائمة انتخابية واحدة من بين أكثر من مائة قائمة. ولا نعتقد أن هذا الاقتحام لشؤون الدولة والسياسة سوف ينتهي بل نتوقع تصعيدا جديدا قبيل الانتخابات لغرض تمكين أطراف الائتلاف من الحصول على الأكثرية في البرلمان القادم كما الحال مع الجمعية الوطنية الحالية.
لقد قال مؤيدو المسودة من العلمانيين من ذوي التحفظات الكبيرة عليها إن عدم التصويت لها سوف يفجر أزمة سياسية كحل الجمعية الوطنية والحكومة وفرض انتخابات جديدة و ما يتخلل خلال ذلك من فراغ يبلبل الناس أكثر ويشجع الإرهاب. ربما كانت تلك التوقعات صحيحة وهو أيضا ما خشيته الإدارة الأمريكية. والآن وقد عدّلت الجمعية الوطنية قواعد الاستفتاء لوضع شروط مشددة على التصويت بالرفض، فنحن نقول إن الرفض ما كان سيخلق وضعا أسوأ من الوضع الحالي. اليوم لا استقرار نخاف عليه، ولا أمن، ولا حكومة حقيقية، ولا سيادة قانون بل سيادة الإرهابيين والمليشيات، ولا خدمات؛ واليوم وقد غمرت الهيمنة الإيرانية كل الجنوب خلافا لما يدعيه صولاغ والحكيم والجعفري؛ فما هو إذن حجم وخطورة الأزمة التي تنجم عن الرفض بالمقارنة مع حجم أخطار عناصر الأزمات الكامنة في الدستور. ففي بنود الدستور نصوص هامة تحتمل تفسيرات مختلفة هي بمثابة ألغام مستقبلية. والدستور يفتح أبواب قيام نظام إسلامي طائفي يزيد من الهيمنة الإيرانية ويضعف الوحدة الوطنية وقدرات مكافحة الإرهاب الصدامي ـ الزرقاوي الدموي والطائفي.
إن المتفائلين من العلمانيين كالحزب الشيوعي وكتلة الدكتور علاوي وغيرهم يبنون التفاؤل على إمكان تعديل الدستور بعد الانتخابات وفي البرلمان القادم. فلننظر مدى واقعية هذا التفكير.
تقول بنود المادة 123 ما يلي:

أولا ـ لرئيس الجمهورية ومجلس الوزراء مجتمعين أو لخُمس أعضاء مجلس النواب، اقتراح تعديل الدستور.
ثانيا ـ لا يجوز تعديل المبادئ الواردة في الباب الأول والحقوق والحريات الواردة في الباب الثاني من الدستور، إلا بعد دورتين انتخابيتين متعاقبتين، وبناء على موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب عليه، وموافقة الشعب عليه بالاستفتاء، ومصادقة رئيس الجمهورية خلال سبعة أيام."

والمقصود هنا ليس قسم الحريات والحقوق وحده، بل البنود الخاصة بجعل أحكام الشريعة مصدرا أساسيا للتشريع. وبعبارة فنحن يجب أن ننتظر ثماني سنوات بعد الانتخابات القادمة، والحصول على ثلثي أصوات البرلمان لتعديل ما نريده في المبادئ الأساسية. فهل ستضمن القوى العلمانية المتحفظة على بعض بنود الدستور أن تحصل على ثلثي الأصوات حتى ولو دخلت للانتخابات متحدة؟؟ ليس ذلك متوقعا وخصوصا مع ترجيح تدخل السيد السيستاني مجددا لصالح أكثرية لأطراف الائتلاف. ليس هذا وحسب؛ فالدستور ينص على تشكيل محكمة عليا لها حق النقض على تشريعات مجلس النواب أسوة بمجلس صيانة الدستور الإيرانية. يقول السيد إياد جمال الدين في تصريحاته الأخيرة لإيلاف:
"الفقرة التي تقول إنه لا يجب سن أي قانون يخالف ثوابت أحكام الإسلام سيوقعنا في أكثر من مطب وأكثر من مأزق. وهذه الفقرة هي مفتاح لولاية فقيه جديدة وسوف يأتي السؤال من سيميز هذا القانون الذي أقره البرلمان: هل هو مخالف للإسلام أم متفق مع تعاليمه. فلابد أن تكون هناك هيئة من الفقهاء تميز بين ما هو موافق للإسلام أو مخالف له. هذه الهيئة تكفلت ببيانها المادة 92 من الفصل الثالث من خلال تخويل المحكمة الاتحادية العليا، وهي تتكون من فقهاء قانونيين وفقهاء شريعة هم الذين سيقرون دستورية هذه القوانين التي سيقرها البرلمان، وهذه مستنسخة بالضبط عما هو موجود في إيران بما يعرف بمجلس صيانة الدستور، حيث هناك ستة من الفقهاء القانونيين وستة من فقهاء الشريعة لكي يميزوا."

من هنا يكون مشروعا السؤال من الموافقين المتحفظين والمتفائلين بإمكان التعديلات الهامة بعد الانتخابات، سواء ما يخص المصدر الأساسي للتشريع أو الأحوال الشخصية: على ماذا تبنون موقفكم؟ هل ستكون لديكم في البرلمان الثلثان؟ هل تضمنون موافقة المحكمة العليا التي ستتحكم فيها الأطراف الإسلامية كما هيمنت على لجنة كتابة الدستور،على التعديل المطلوب؟ بالعكس إن الاحتمال الأكبر كون هذا الأطراف سوف تسعى من خلال المحكمة والبرلمان لتشديد طابعه الإسلامي وقيوده على حقوق المرأة وعلى حريات الرأي والضمير والتعبير؟ ونسأل أيضا ما هي ضماناتكم لمجيء برلمان "متوازن" حقا كما تحلمون؟ كما نسأل: أية ضمانات حتى لتطبيق البنود الكثيرة الواردة عن الحريات والحقوق مع هيمنة المليشيات والسيطرة الجعفرية على الفضائية العراقية، ووسائل الضغط والإغراء الكثيرة لشراء الأصوات أو بلبلة وتضليل وتخويف الناس؟ ولا نتحدث أيضا عن الإرهابيين وعدم وجود الخدمات واستمرار الفساد والنهب واستمرار تدفق ملايين الدولارات يوميا من إيران. إن الدستور المؤقت نص على حل المليشيات المسلحة، فهل نفذوه؟ كلا. وبالمنسبة فقد نشرت الهيرالد تريبيون منذ أسابيع كاريكاتورا كبيرا عن الدستور نرى فيه الأطراف السياسية الكبرى في العراق وهي تحمل السلاح. في الوسط لافتة [ الدستور العراقي]. مراقب يقول للأمريكي: "اتفقوا جميعا بالإجماع على حمل السلاح واتفقوا بالإجماع على عدم نزعه!!"ونص قانون الإدارة أيضا على تنفيذ المادة 58 عن كركوك، فهل نفذوا؟ كلا. وأما أوضاع المرأة فإن كل البنود والكلام عن حقوقها تتلاشى أمام واقع الحال القائم حتى في بغداد.

تقول السيدة بان جميل، وهي مديرة فرع محلي في بغداد لمنظمة "اتحاد النساء الآشوريات": "النساء في الشارع لا يتحركن بحرية.. المشكلة أن المرأة تواجه فقدان الاحترام لمجرد كونها سافرة." وتقول سيدة أخرى في المقابلة مع الشرق الأوسط إن هناك في بغداد نفسها مناطق محرم دخولها على المرأة السافرة.

وردا على تصريح زلماي خليلزاد الذي تباهى بأن الدستور المقترح يحفظ ممارسة كافة الحقوق المدنية للنساء، ولا سيما تخصيص 25 بالمائة من مقاعد الجمعية الوطنية للنساء، تقول السيدة بان إن هذا تدبير شكلي فقط لكون الأحزاب التي عينت المرشحات الماضية يهيمن عليها الرجال، وهن مجرد أبواق. وهذا صحيح لأن الأكثرية الساحقة من النائبات يدعون لفرض أحكام الشريعة على المرأة والأحوال المدنية. فما فائدة هذا التمثيل النسائي حتى لو تضاعف، إن لم يزد من ذكورية الدستور والبرلمان والمجتمع!

إن الدساتير هامة جدا، ولكن أفضل دستور على الورق يكون عديم القيمة إن كان من ينفذونه غير مخلصين لأحكامه وغير ملتزمين. وهكذا كان مثلا حال صدام إذ كان ينتهك كل النصوص الجيدة في الدساتير المؤقتة ولاسيما تحريم التعذيب ومبدأ سيادة القانون. وهناك أمثلة عربية كثيرة شبيهة بذلك. تحدثنا عن ألغام الدستور من حيث مطاطية بنوده الهامة، واحتمالها لعدة تفسيرات، أي "حمّالة أوجه" متضاربة. فماذا سيعني ذلك غير اصطدام التفسيرات والصراعات الحادة حولها وغير أزمات متتالية؟ وهكذا يجئ رأيي في أن الموافقة على المسودة، وهي اليوم شبه مؤكدة، ستجلب من الأزمات أضعاف الأزمة السياسية الناجمة عن الرفض.

وتبقى الإشكالية مفتوحة للحوار.



#عزيز_الحاج (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بل المشكلة هي في الائتلاف، يا أعزائي!
- الحرب السورية الإيرانية على العراق
- الغرائب في تصرفات المسؤولين العراقيين!
- الأولى ضاعت والثانية في الطريق!
- 11 سبتمبر والأصولية الإسلامية
- الإرهاب ومجموعة الشم!!
- إشكاليات ومناقشات دستورية 2 من 2
- إشكاليات ومناقشات دستورية -1/2
- الأزمة الدستورية والخراب الشامل في العراق..
- بؤس السجال العراقي العراقي!
- أي دستور؟! ولأي عراق؟! وأخيرا تمخضت الجهود ليل نهار عن مشروع ...
- هل صحيح أن كارثة على وشك الوقوع؟؟!!
- بلد خطفه الإرهاب، وشعب ممزق، وحائر، ومسحوق..
- المرأة طريدتهم الأولى
- مناورات الساعات الأخيرة.. هل سيقف الزعماء وقفة التاريخ؟!
- عودة إلى -فارسية- الكورد الفيلية!
- نعم، أجلوا كتابة الدستور الدائم واسترشدوا بالدستور المؤقت
- إيران النووية على طريق صدام!
- التذكير مجددا بقانون الإدارة والخلافات الساخنة اليوم!!
- حدود التحالفات السياسية


المزيد.....




- برق قاتل.. عشرات الوفيات في باكستان بسبب العواصف ومشاهد مروع ...
- الوداع الأخير بين ناسا وإنجينويتي
- -طعام خارق- يسيطر على ارتفاع ضغط الدم
- عبد اللهيان: لن نتردد في جعل إسرائيل تندم إذا عاودت استخدام ...
- بروكسل تعتزم استثمار نحو 3 مليارات يورو من الفوائد على الأصو ...
- فيديو يظهر صعود دخان ورماد فوق جبل روانغ في إندونيسيا تزامنا ...
- اعتصام أمام مقر الأنروا في بيروت
- إصابة طفلتين طعنا قرب مدرستهما شرق فرنسا
- بِكر والديها وأول أحفاد العائلة.. الاحتلال يحرم الطفلة جوري ...
- ما النخالية المبرقشة؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - عزيز الحاج - أزمة الرفض (شبه المستحيل) وألغام القبول!