أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد طه حسين - حديث عن فينومينولوجيا الذات















المزيد.....

حديث عن فينومينولوجيا الذات


محمد طه حسين
أكاديمي وكاتب

(Mohammad Taha Hussein)


الحوار المتمدن-العدد: 4855 - 2015 / 7 / 3 - 21:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حديث عن فينومينولوجيا الذات
محمد طه حسين*
المنهج الذي اتبعه في كتاب لي لم ينشر بعد و هو بعنوان (الذات الكوردية- دراسات سايكوفلسفية للذات ) اقرب الى الفينومينولوجيا منه الى التحليل النفسي او الاستقصاء السلوكي و المعرفي، كون الظواهر التي تراءت لي و تترائى باستمرار من حولي لا تخرج عن كونها احداث قد حدثت و تحدث اما بالشكل السلوكي الفردي أو الجماعي أو ظهرت جدليا وفق الحراك المجتمعي المتأثر بالتفاعل فيما بين الفضاءات السياسية و الثقافية و الاقتصادية و.....الخ.
يقول سارتر في كتابه (الوجود و العدم) : المظهر لا يحجب الماهية ،بل يكشفها. بمعنى ان الماهية مرتبطة عضوية بالمظهر المتجسد في الحركة و السلوك و تجليات الجسد ، فالوجود بالمعنى السارتري يختزل في تجليات الذات التي بدورها تدلنا نحو كينونة الذات المتكونة أصلا من تأريخ متسلسل زمنيا كطبقات الارض.
قد نقترب اكثر اذ امعننا النظر في الذات و تجلياتها و تخيلنا بأن الشيئين الذين يتكاملان في الماهية و هما( الذات و الوجود الفيزيكي للفرد) قد لا يعطياننا المعنى المقصود للانسان الفرد الا اذا تعانقا في طقوس بيوانسانية عالية الدقة حيث الجسد يدلنا الى ماهية الذات و كذلك الذات تسبر بنا الى ماهية الحركة التي يبعثها الوجود الفيزيكي لنا بأشكال متنوعة.
يقول هيغل في كتابه (فينومينولوجيا الروح) : ان الانسان يرسم باستمرار صورته في حياته و انه ليس الا هذه الصورة و الحياة التي يعيشها. – الانسان يرسم صورته- أشبه بكوجيتو هيغلي دقيق دقة المنطق ، حيث ان الصورة بالمعنى التشكيلي للمفهوم تتكون من مجموعة فيغرات (figure ) تربطهم ببعضهم علاقات هارمونية تتكامل من خلال العلاقات هذه شكل ذو خلفية تتجلى منها صورة عقلية تبعث عن معاني كثيرة و حسب ظهورها للأفراد الذين يختلفون فيما بينهم في تناولها الفيزيكي من خلال العين و من ثم اعطائهم لها المعاني وفق الزوايا التي يرون بها اجزاء و مكونات الصورة. بمعنى ان الافراد يختلفون في التناول البصري و الحسي للصور و بهذا يختلفون جدليا في ادراكهم لها. خلاصة القول استنتاجا للكوجيتو الهيغلي الذي سبق و ان اشرنا اليه ان الأشياء قد تظهر للأفراد بمعاني مختلفة و انها تظهر كما تترائى لكل واحد منهم.
الحياة وفق المنظور الهيغلي هي مجموعة صور كونتها الذات لنفسها سواء أكان الذات فاعلا او سلبيا مفعولا بها، الذات النشطة الفاعلة التي يؤكد عليها هيغل تصور حياتها من منطلقات عقلانية و عملية و فردانية الى حد ما، حيث لا يملي عليها خارجها اجندتها في الحياة و انما ترسم بسلوكاتها و مواقفها و تجليات عقلها التي تظهر في الوجود الفينومينولوجي لها فضاءها النفسي و الاجتماعي و بهذا تكون ذاتا فاعلا تبني كينونتها و تملكها.
ماركس ايضا في وصفه للفرد الحر يقول : ان ماهية الفرد تتجلى من خلال ما يعمله و يفعله، اي ان الفرد الذي يجهد نفسه بالعمل هو من يشغل بالحركة و النشاط و تبتعد اكثر فاكثر من خلال العمل من الاغتراب و الاستلاب.
يقول هيراكليتس في كتاب (جدل الحب و الحرب) : في الأعتام اذا يبدأ التفكير، في الأعتام ليست الأشياء واضحة لا يدرك الناس طريقهم الحقيقي و لا يعرفون وسائلهم في المعرفة تماما و لا يعرفون تماما كيف يسيطرون على مصائرهم، انهم يظنون ان الحواس شهود سليمة للمعرفة . و يؤكد هيراكليتس ايضا ان الحواس شهود سليمة شريطة ان تكون النفوس مستيقظة.
غالبية الوجوديين و من قبلهم ذوي العقائد المادية التي تكفل لهم بنى تحتية للمعرفة، ركزوا على التفكير كوظيفة عقلية للكائن العاقل و ربطوا الوظيفة تلك بفاعلية الفرد و ذاته النشطة، كديكارت و سبينوزا و هيغل و هوسرل و هايدكر وآخرين .هوسرل كمفكر منشغل بالمنهج الفينومينولوجي اخذ من التفكير عنصرا هاما لظاهرة الوجود الحقيقي حيث اشار اليه سارتر في كتاب له بعنوان( تعالي الأنا موجود) بأن هوسرل أخذ النصف الأول من الكوجيتو الديكارتي _ أنا افكر_ و ترك الشق الثاني _أنا موجود_ ، بمعنى ان هوسرل اهتم غاية الاهتمام بالتفكير كعملية عقلية تستثني الكائن البشري من الموجودات الأخرى و تعطيه وثيقة مرور صوب ظاهرة الوجود، بمعنى اوضح عندما يركز هوسرل على الفكر يرى امامه كائنا نشطا يقظا يعمل و يتحرك حيث تنعكس على منظومة سلوكه آثار التفكير و النشاط العقلي الذي يؤديه.
نرجع الى هيراكليتس و نحلل العتمة التي كانت تؤكد عليها قبل تفتيق شيئ اسمه الفكر، العتمة عند هيراكليتس هي (العدم) بالمعنى الوجودي الحديث حيث لا نرى داخلها أية ظاهرة تدل على حركة أو نشاط تجتمع داخل اطار كي تظهر منه صورة للعيان قد تدلك بدورها الى نوع من الوجود الفاعل و النشط. في العتمة لا توجد سكون مطلق بل بامكان الفكر ان يسبرها من خلال آلياته و يقوم بعملية تنقيبية عقلية لايجاد علاقات جديدة بين اجزاء الصور المخزونة و المدركات التي تستجد من اثر التنقيب روحا جديدا تظهر امامنا كوجود تجسد فكرة او فكرة تجسد مادة ما.
الظهور من العتمة الى النور اصبحت شعارا للمعرفة الانسانية كون التحري داخل غياهب الظلام العدمي لن تفيدنا فيه فقط الحواس و التقاطاتها الرادارية بقدر ما تجهد و تتقوى لدى الفرد المفكر قدرة استقصائية تحليلية تحركه صوب الأعماق و تخرج من اثرها ناتجا عقليا يتظاهر امامنا بأشكال و حركات و أنواع متعددة كل فرد يحللها كما تترائى له من حيث الظهور المكاني و كذلك الزماني حسب الفهم الهايدغري للظاهرة.
الوجود ههنا و الآن كما يقف عنده هايدغر لا يخرج عن كل ما سبق من الافكار التي طرحناها لتقوية مكانة الظاهرة الفكرية التي يتميز بها الموجود البشري، انك موجود الآن من حيث البعد الزمني و هو البعد الأساسي لتكوين أية ظاهرة وجودية في الكون و موجود من حيث البعد المكاني كونك تتحرك داخل مكان محدد و غير محدد و تنقل اطلالاتك من مكان الى مكان و في جدل دايناميكي تتحول من برهة زمنية الى اخرى.
الوقع الزمكاني على الظاهرة ليس بسيطا و هينا نغض الطرف عنه كما غضناه في العهود القديمة، الأثر الزمني على الظاهرة تقاس بحركية الشيئ الموجود و مدى تفاعلها مع وحداتها و الانتقال الحذر من مشهد الى آخر ، هذه هي الاستجابة النشطة للزمن و التي لا تدعك ان تتكرر ما قمت به بالضبط من افعال و عادات.
اما أثر المكان على الوجود بالفعل هو الحتمي حيث الموجود حينما يشعر بأنه موجود عقلي و مفكر يصبح مندمجا بشكل كيميائي مع المكان و لا يمكنه التخلي عنه الا اذا فقد ذاتها و انفصل عنها.
فالظاهرة وفق هذا المنظور مرتبطة تمام الارتباط ببعدي الزمان و المكان حيث يجب ان يكون الشيئ موجودا داخل البعدين معا كي يكتمل وجوده بالفعل ، و هذا هو الوجود الحقيقي الاصيل غير الزائف، الظواهر الاجتماعية و النفسية و السياسية و الاقتصادية و حتى العسكرية و الثقافية قد لا تخرج من المعايير الظاهراتية تلك، و لكننا نرى في الواقع و خاصة واقعنا الشرقي بأننا قليلا ما كنا موجودين في الزمن المعاش و العابر و تعلقنا بالمكان مرضيا لا كما يطلبها منا المعادلة الصراعية في التعامل مع المكان، بل علاقتنا مع المكان هي استنجادية و ذلك فقط لغرض المسايرة و العودة الاسطورية الى رحم الام الاولية تأنيبا للضمير الذي انجرح بفعل خطايا الاجداد.
.......................
• كاتب و اكاديمي – اربيل -العراق



#محمد_طه_حسين (هاشتاغ)       Mohammad_Taha_Hussein#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذاتنا المغتربة من منطلقات فكر اريك فروم
- الهروب من العقل .... الأدمان بالجهل!!!
- الذات السياسية و العودة الاسطورية
- أردوغان..... التقمص الفاشل لشخصية السلطان
- الهشاشة الوجودية... قراءة لخلفيات الآيدز النفسي و السوسيوثقا ...
- اللازمان و اللامكان الداعشي
- ما زلنا في حدود الذات.... ثالوث الذات ..القارئة و الكاتبة و ...
- ذات تتقنع........ذات تحن الى طفولتها!!
- مالك الدم الحزين!!
- الاصل الميتافيزيكي و السيبرنيتيكي للذات
- الذات المثقفة و الذات الاكاديمية
- اننا محكومون بأن نتلقى أكثر مما يعطي!
- أنانا لا يساوي ذاتنا
- ذاتنا و القلق الاخلاقي
- نحن كائنات المآزق
- مجتمع من الجماجم...مقبرة للتماثيل....حديث عن الديموقراطية و ...
- اطلاق التسميات في العراق ...هلاوس ام جهل معرفي؟.
- لماذا فشلت الديموقراطية كسابقتها الشيوعية في الشرق؟!!
- قلق الجغرافية....جغرافية القلق


المزيد.....




- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد طه حسين - حديث عن فينومينولوجيا الذات