أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - تاريخ صلاحية صرخة يوسف إدريس مازال ساريا















المزيد.....

تاريخ صلاحية صرخة يوسف إدريس مازال ساريا


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1342 - 2005 / 10 / 9 - 10:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


من يلقى نظرة عابرة على العناوين النارية لبعض صحفنا، ويقرأ ما تحتها من مقالات مرصعة بألفاظ متمردة تصل أحياناً إلى حد السباب وأفكار غاضبة لاذعة كالسياط، يتصور للوهلة الأولى أننا نتمتع بحرية تعبير تنافس ركن الخطابة في حديقة "هايد بارك" بعاصمة بلاد الإنجليز.
ولاشك أن هذا الانطباع الأولى ليس نابعاً من فراغ .. لأن هناك بالفعل قدراً متاحاً من حرية التعبير لا يمكن إنكاره .. لكن الغوص تحت القشرة الخارجية للمشهد العام يجعلنا نتحفظ في الانسياق وراء هذا الانطباع الأول، إن لم يجعلنا نتذكر مقولة الأديب العبقري الخالد الدكتور يوسف إدريس التي أكد فيها منذ سنوات أن "الحرية المتاحة في العالم العربي كله لا تكفي كاتباً واحداً".
وهذا الاستنتاج الأخير ليس افتئاتا على الواقع أو إمعاناً مرضياً في التشبث بأهداب التشاؤم أو التخصص في رؤية النصف الفارغ من الكوب ورفض النظر إلى ما هو أبعد من هذا الفضاء.
هو بالأحرى نتيجة فحص متأنى لأحوالنا، قام به فريق من المثقفين والمبدعين احتضنهم "المؤتمر الدولي عن حرية التعبير" الذي استضافه منتدى الإصلاح العربي، المنبثق عن مكتبة الإسكندرية.
ثم قامت المكتبة والمنتدى بعقد ورشة عمل يومي 1-2 أكتوبر الجاري لمتابعة المؤتمر الدولي عن حرية التعبير، لبلورة الأولويات واقتراح الآليات اللازمة لتجسيد الرؤى التي طرحها المؤتمر، انطلاقاً من "وثيقة الإسكندرية" الشهيرة الصادرة عن مؤتمر قضايا الإصلاح العربي المنعقد في 12-14 مارس 2004.
وقد وجدت ورشة العمل – التي تشرف كاتب هذه السطور بالإسهام المتواضع في نشاطها – وجدت أنفسها أمام أربعة محاور:
1- حرية التفكير والإبداع.
2- حرية التعبير: الرأي العام ودور وسائل الاتصال .
3- العلاقة بين التشريعات والقوانين وحرية التعبير.
4- حرية التعبير ووسائل الاتصال الحديثة (الإنترنت – حقوق الملكية الفكرية – المكتبات).
ولدى التوقف أمام كل محور من هذه المحاور، والنظر بتمعن لما هو كائن تحت السطح وخلف الشعارات البراقة، وجدنا عجباً.
وهذه هي تفاصيل الصورة المتعلقة بالمحور الأول (آي حرية التفكير والإبداع) دون رتوش.
تحت هذا العنوان الرئيسي توجد عناوين فرية كثيرة. أولها "الرقابة" : حيث يكشف تحليل القيود المعرقلة لحرية الفكر والإبداع في السنوات الأخيرة، على امتداد الوطن العربي، عن تنامي القيود القانونية على الفكر والتعبير والإبداع,. وهى الأزمة التي تجسدها ممارسات الأجهزة الرقابية في مجالاتها المتعددة.
وهذه الأجهزة الرقابية كثيرة ومتعددة: رقابة خاصة بالمطبوعات ، وجهات للرقابة في التليفزيون، وثانية في الإذاعة. يضاف إليها جهاز الرقابة على المصنفات الفنية . ثم شرطة المصنفات الفنية التابعة لوزارة الداخلية. يضاف إليها أجهزة رقابية تابعة للمؤسسات الإسلامية الرسمية. والأغرب هو ذلك الدور الرقابي الذي تمارسه بعض لجان الترقيات في الجامعات، أو تمارسه بعض الجامعات على إنتاج أعضاء هيئة التدريس من العاملين فيها، أو على الكتب المقررة في المناهج الدراسية، أو الكتب والمقتنيات الموجودة في المكتبات الجامعية.
ويوجد بصفة عامة عدم فصل بين المنظور الأخلاقي والاجتماعي من ناحية، والمنظور السياسي أو الديني من ناحية أخرى في الدوائر التي تتعامل مع موضوعات الرقابة. كما أن هناك خلط واضح بين التطبيقات التي تمارسها بعض الأجهزة والتي تلجأ أحياناً إلى تغطية الحجر السياسي باسم الأخلاق، أو استبداله بالمنظور الأخلاقي والمنظور الاجتماعي وخاصة في الحالات التي تريد أن تتقنع فيها هذه الأجهزة باسم المصلحة العامة.
وفي معظم الأحوال ترتبط أجهزة الرقابة الرسمية بأجهزة الأمن .
لكن المؤسسات الدينية الرسمية أصرت أن تنافس أجهزة الأمن بهذا الصدد . وعلى سبيل المثال فإن الدور الذي يلعبه الأزهر في الرقابة على حرية الإبداع يثير تساؤلا كبيرا داخل الجماعة الثقافية المصرية. ويرى أغلب المبدعين أن بعض المؤسسات الرسمية تستخدم مؤسسة الأزهر في التدخل في شئون حرية الإبداع ووضعها في الإطار الذي يتناسب مع هوى بعض المسئولين من أجل الحد من حرية التعبير.
والجدير بالذكر أنه حتى عام 1994 لم يكن للأزهر دور واضح بشكل قانوني في الرقابة على المصنفات السمعية والسمعية البصرية حتى قام شيخ الأزهر في يناير 1994 بإرسال خطاب إلى الجمعية العمومية لقسم الفتوى والتشريع بمجلس الدولة يطلب إصدار فتوى قانونية حول تحديد اختصاصات كل من الأزهر ووزارة الثقافة بالنسبة للأعمال الفنية والمصنفات السمعية والبصرية التي تتناول قضايا إسلامية أو تتعارض مع الإسلام ومنعها من الطبع أو التسجيل أو النشر آو التوزيع والتداول. وفي 10 فبراير 1994 أصدرت الجمعية العمومية برئاسة المستشار طارق البشرى فتوى تؤكد أن الأزهر هو وحدة صاحب الرأي الملزم لوزارة الثقافة في تقدير الشأن الإسلامي للترخيص أو رفض الترخيص للمصنفات السمعية والبصرية. ولعل أكبر ما أثارته هذه الفتوى انها أكدت على منح صفة الضبط القضائي للعاملين في الأزهر في تطبيق هذه القانون وفرض عقاب جنائي على المخالفين له . وبموجب ذلك قامت لجنة البحوث والتأليف والترجمة والنشر بمجمع البحوث الإسلامية بمصادرة العديد من الأعمال الإبداعية في مجال التأليف والنشر بالإضافة إلى رفض التصريح لعدد كبير من المسلسلات الإذاعية والتليفزيونية.
كما قام مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف في حقبة الثمانينات والتسعينات بمصادرة عشرات الكتب ومنع تداولها في المكتبات.
وقد زاد الأمر التباسا وأثار دعاة الحريات العامة أنه في عام 2003 صدر قرار 4392 لسنة 2003 ليعطى الموظفين الحاليين في الإدارة العامة للبحوث والتأليف والترجمة صفة الضبطية القضائية ولعل وجود استصدار قرار من وزير العدل في منح الضبطية القضائية للعاملين بالمجمع يشيع قلقا لدى المثقفين حيث تحول المجمع إلى سلطة قضائية لها القدرة على ضبط ومصادرة أعمال الفكر مع أن هذه الصفة القضائية المقصود منها أصلا هو الحفاظ على المصحف والسنة النبوية وأن المجمع لم يوضح هذا الاختصاص إلا بعد فترة من هياج الرأي العام لدى المثقفين، كما أن القرار يتضمن خلطا بين السلطات بينما الدستور ينص على الفصل بينها.
وغنى عن البيان أن رفع رقابة الأزهر عن الإبداع مرتبط بعودة الأزهر لدوره الأهم وهو الدعوة والتجديد.
وليست الرقابة – سواء الأمنية أو الدينية – هي السيف الوحيد المسلط على رقبة الإبداع. فهناك سيف بتار آخر يتمثل في المصادرة.
أضف إلى ذلك سيفا باطشا ثالثا هو "الرقابة الأكاديمية" التي أطاحت باستقلال الجامعات وانتهكت حرية البحث العلمي وداست على الأعراف الأكاديمية بالحذاء، والأمثلة على ذلك كثيرة قبل ثورة يوليه 1952 ( فسخ عقد الجامعة المصرية مع جورج زيدان لتدريس التاريخ الإسلامي تحت ضغط مقالات صحيفة المؤيد التي اعترضت على قيام "مسيحى" بتدرس التاريخ الإسلامي .. كأحد أبرز النماذج على ذلك) وبعد الثورة ( بدءاً من التخلص من العناصر المقلقة باسم "تطهير الجامعة من الفساد" حيث تم فصل عدد من الأساتذة والمعيدين المعارضين لعسكرة المجتمع منهم الشيخ أمين الخولي ولويس عوض ومحمود أمين العالم .. ومروراً بواقعة نصر حامد أبو زيد المخجلة والتي تمثل فضيحة أكاديمية قبل أن تكون فضية سياسية وقانونية .. وأخيراً وليس آخرا سحب كتاب مكسيم رودنسون "محمد" من مكتبة الجامعة الأمريكية ووقف الأستاذ الذي كان يدرس المقرر مستخدما الكتاب .. ومع حدوث هذه الواقعة أصبح في حكم المقرر قانونا جواز الرقابة والمصادرة في الجامعات).
هذه بعض نماذج الواقع الأليم التي تبين أن قمع الحريات الفكرية والإبداعية مازال قائماً .. بل إنه مازال مهيمناً.
وفي مواجهة هذا المشهد المروع وجب التأكيد على أن الحرية الفكرية مطلقة وغير مشروطة وليس لها من سقف إلا سقف المسئولية الفردية حيال منظومة القيم المجتمعية، كما وجب التأكيد على ضرورة إلغاء كل أشكال الرقابة على الأعمال الفكرية والإبداعية، واعتبار آن الفيصل الوحيد في آي حكم معياري يجب أن يستند على أحكام المؤسسة القضائية طبقا لما ينص عليه الدستور، كما وجب التأكيد على انه بسبب وجود العديد من حالات المصادرة فانه يجب إنشاء مرصد يتولى استقراء حالات القمع الفكرى والاضطهاد الإبداعي، ويعمل على ربط الصلات بين كل الأطراف المعنية بالأمر كي يسهل انسياب المعلومة، ويتسنى التدخل ولفت الانتباه بما يشكل ضغطا معنوياً عند كل حالة من حالات اختراق الحق المقدس في الحرية الفكرية ، ويتأسس على أساسها ميثاق للتضامن والتكافل بين كل المثقفين لوقف هذه الممارسات.
وللحديث بقية عن المحاور الثلاثة الأخرى في مقال لاحق.



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دمج البنوك.. وتفكيك الأحزاب!
- هل المطالبة بتعديل المادة الثانية من الدستور .. حرام؟
- إطلاق سراح السياسة فى المؤسسة الجامعية .. متى؟
- مثقفون.. ملكيون اكثر من الملك فاروق -الثانى-
- كرامات الوزير المعجزة: 9 و10 يونيه في عز سبتمبر!
- لا مكان للمعارضة.. في الدولة الدينية
- !هيا بنا نلعب .. ونتعلم
- انتبهوا أيها السادة : النار مازالت تحت الرماد
- توابع هولوكوست بنى سويف
- بلاط صاحبة الجلالة فى انتظار الفارس الجديد
- ! البقية في حياتكم
- لغز وزير الثقافة وأنصاره
- لماذا حصل -الاستبداد- على تأشيرة -إقامة- في أرض الكنانة؟
- محرقة بنى سويف: الجريمة والعقاب
- الدين والسياسة: سؤال قديم وإجابات معاصرة
- من هنا نبدأ
- بعد انقشاع غبار الانتخابات : صورتنا بدون رتوش
- محور الشر.. كاترينا وبوش
- بناء الثقة .. اليوم وليس غداً
- -الجمهورية- تستعيد ذاكرتها.. ودورها التنويرى


المزيد.....




- بالأرقام.. حصة كل دولة بحزمة المساعدات الأمريكية لإسرائيل وأ ...
- مصر تستعيد رأس تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني
- شابة تصادف -وحيد قرن البحر- شديد الندرة في المالديف
- -عقبة أمام حل الدولتين-.. بيلوسي تدعو نتنياهو للاستقالة
- من يقف وراء الاحتجاجات المناهضة لإسرائيل في الجامعات الأمريك ...
- فلسطينيون يستهدفون قوات إسرائيلية في نابلس وقلقيلية ومستوطنو ...
- نتيجة صواريخ -حزب الله-.. انقطاع التيار الكهربائي عن مستوطنت ...
- ماهي منظومة -إس – 500- التي أعلن وزير الدفاع الروسي عن دخوله ...
- مستشار أمريكي سابق: المساعدة الجديدة من واشنطن ستطيل أمد إرا ...
- حزب الله: -استهدفنا مستوطنة -شوميرا- بعشرات صواريخ ‌‏الكاتيو ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - تاريخ صلاحية صرخة يوسف إدريس مازال ساريا