أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - دعوة للمراجعة















المزيد.....

دعوة للمراجعة


رياض حسن محرم

الحوار المتمدن-العدد: 4854 - 2015 / 7 / 2 - 08:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كما تعلمنا فإن الماركسية هى منهاج عمل وأنها كشجرة الحياة خضراء دائما تجدد نفسها من خلال مراجعتها باستمرار وإعادة صياغتها حسب التغيرات فى الواقع، ومما لاشك فيه أن الماركسية وضعت بصماتها على مجمل التطور الإنسانى والعالمى ودعمت تحرير الإنسان من القهر الطبقى والإثنى والقومى والجنسى وتحرير معظم الشعوب من الإستعمار التقليدى والإمبريالية العالمية، لكن تلك النظرية أصابها الجمود وتكلست بعض مفاصلها نتيجة لنكوص وتكاسل أصحابها الذين كانوا يرون نجاحاتها تتحق على أرض الواقع ممثلة فى إنتصار حركة التحرر الوطنى العالمى، كذلك وهم يرون أزمات الرأسمالية تتفاقم، لكن الجانب الآخر من الصورة التى تم إخفائها كانت فى أزمة النظام الإشتراكى العالمى وفشله فى حلبة السباق مع الرأسمالية على مستوى التقدم التقنى وتحقيق الرفاه الإجتماعى مما سرّع بانهيار الإتحاد السوفييتى وتحلل المنظومة الإشتراكية.
لقد كان أهم عملين أنجزهما ماركس وإنجلز ووضعا فيهما أهم إكتشافات الفكر الماركسى وسجلاه فى (الإيديولوجية الألمانية "1846") الذى إشتركا فى تأليفه وكتاب (رأس المال "1867") الذى وضعه ماركس منفردا وفيهما أعادا إكتشاف الديالكتيك ووضاعاه على قدميه وتحديد فائض القيمة الذى يكشف طبيعة الإستغلال الرأسمالى، وأشار إنجلز فى مؤلفه (أنتى دوهرنج "1877") أن الماركسية تحولت الى علم باكتشاف فائض القيمة والمفهوم المادى للتاريخ وتحديد العلاقة بين البناء التحتى والفوقى ذات التأثير المتبادل، وأنه يجب تطويرها مع كل إكتشاف علمى جديد، وقد أشار المفكر الفرنسى "ألتوسير" أن مساهمة ماركس الفكرية لا تقل عن مساهمات طاليس فى علم الرياضيات أو أعمال جالليو فى الفيزياء ويجب تحرير الماركسية من جمود وتبسيط المرحلة الستالينية التى أدت لحد كبير الى تنميطها وتسطيحها، وعلى الرغم من التطور المتعاقب للنظريات الفيزيائية والبيولوجية منذ إكتشافات داروين فى أصل الأنواع حتى إكتشاف الجينوم والشفرة الوراثية فإنه لم يواكبها تطور مماثل للنظرية الماركسية، لقد بنى إنجلز كتابه المتميز "أصل الدولة والعائلة والملكية الخاصة" على إكتشافات مورجان حول المجتمعات البدائية للهنود الحمر وأشار فيه الى تقسيم العمل بين المرأة والرجل فى المجتمعات الرعوية والمجتمعات المشاعية البدائية التى أكدت صحة المفهوم الماركسى وساهمت فى دراسة العلاقات المتشابكة بين الإقتصاد والدين والسياسة والعلاقات بين البنية التحتية والفوقية للمجتمع، كما تناول أرنست مندل فى مؤلفه " النظرية الإقتصادية الماركسية" أمثلة متعددة من الدراسات فى علوم التاريخ والإنثربيولوجى تعيد تأكيد صحة ما توصل اليه ماركس وإنجلز، وكان يمكن لماركسيّي الشرق العمل على موضوعات تركها ماركس مفتوحة كإشارته فى "نقد الإقتصاد السياسى" الى ما عرّفه ب"نمط الإنتاج الآسيوى" وهو نمط خاص تتميز به بعض المجتمعات كالصين ومصر والهند وهو يتعلق بملكية الدولة للأرض وطرائق الرى و يمنحون للفلاحين الأرض مقابل خراج يدفعونه للدولة وفى هذا ما يستثنى تلك المجتمعات من التطور التقليدى للتاريخ والإنتقال من العبودية الى الإقطاع، كما يجب الإشارة الى ملاحظة إنجلز أن الإقتصاد ليس العامل الوحيد الحاسم فى التغيير لكن الى جانبه لا يجب إغفال العوامل الدينية والقومية والسياسية، وعشرات الموضوعات الأخرى التى تمت الإشارة اليها مبكرا جدا، أيضا تجدر الإشارة الى أن ماركس وإنجلز كتبا مقدمة جديدة للبيان الشيوعى بعد 40 عاما من إصداره الأول بينّا فيها أن ذلك البيان قد شاخ فى بعض جوانبه ويحتاج الى إعادة مراجعة والى ضرورة عمل تحليل جديد يستوعب التغيرات التى حدثت فى الرأسمالية وتركيب الطبقة العاملة بفعل الثورة العلمية والتكنولوجية وقتها فما بالكم بكل تلك التغييرات التى حدثت حتى وقتنا الحاضر وتشيّع ثورة المعلومات على نطاق لم تشهده البشرية من قبل، وقد كانت الماركسية موضوعا أساسيا فى حوارات المفكرين الذين جاؤوا بعد ماركس كمدرسة فرانكفورت ( ماركوز – إيريك بروم – هابرماس) وكذلك إسهامات جرامشى الذى إهتم بالغا بدور الدين والدعوة الى "الحل الوسط التاريخى"، وتجدر الإشارة هنا الى تقدير ماركس وإنجلز لموقف رجل الدين " مانزر" فى حرب الفلاحين ودور لاهوت التحرير فى أمريكا اللاتينية.
منذ إنتهاء الحرب العالمية الثانية بدأت الأحزاب الشيوعية الأوروبية وعلى رأسها الحزب الشيوعى الإيطالى بقيادة تولياتى ثم الفرنسى فى التخلى الرسمى عن مسألة "ديكتاتورية البروليتاريا" والإندماج فى الجسم السياسى العام والتركيزعلى إمكانية الوصول للحكم عن طريق البرلمانات وحققت بعض هذه الأحزاب فعلا عن طريق الإنتخابات العامة وصناديق الإقتراع الحصول على الأكثرية مما إضطر أحزاب اليمين الى التحالف مع بعضها لتحقيق الأغلبية وتشكيل الحكومة بينما فشلت حركات العنف الثورى فى أوروبا كحركة "بادر ماينهوف" فى ألمانيا و "الألوية الحمراء" فى إيطاليا، وشهد العالم نموا ثوريا متصاعدا خاصة فى دول الجنوب فى مواجهة الإستعمار بواسطة حروب التحرير الشعبية وتكوين الجبهات الثورية بقيادة الشيوعيين وإجتذاب كثير من القادة الوطنيين الى صفوف الثورة، ولكن مع تحقيق معظم البلدان الإفريقية والآسيوية واللاتينية لإستقلالها وإندحار الإستعمار التقليدى ودخول العالم منذ سبعينات القرن الماضى فى مرحلة جديدة "العولمة" بصفتها مرحلة الرأسمالية الكونية ( أعلى مراحل الإمبريالية) وتميزها بغلبة رأس المال المالى على الإقتصاديات العالمية والنمو التكنولوجى المتسارع وخاصة فى مجال الإتصالات وحدوث وفرة مالية ضخمة فى الدول الإمبريالية وحاجتها الى توظيف تلك الرساميل فى مجتمعات ودول العالم الثالث عن طريق الشركات متعددة الجنسيات لنقل الصناعات الملوثة للبيئة خارج أراضيها والإستفادة من العمالة الرخيصة المدربة وفتح أسواق جديدة بينما تحتفظ دول المركز بالصناعات النوعية المتقدمة " الصناعات العسكرية، الإنتاج الآلى المتقدم، الصناعات الالكترونية، الإنتاج النووى، غزو الفضاء..."، يحدث ذلك بينما يزداد عمق الأزمة الرأسمالية وازدياد التناقض بين قوى الإنتاج الضخمة التى أطلقتها الثورة العلمية والإنترنت وعلاقات الإنتاج مع تراكم الثروات وتركزها فى أيدى شريحة صغيرة من الرأسماليين، حيث الطبقة العاملة هي آلة لإنتاج فائض القيمة والبرجوازية آلة لتحويل الفائض الى رأس مال، كما أن من نتائج العولمة تصفية مكتسبات العاملين والفئات الوسطى وزيادة البطالة وانخفاض الاجور وتدهور مستويات الخدمات الاجتماعية التى تقدمها الدولة واطلاق آليات السوق والخصخصة ، وابتعاد الحكومات عن التدخل في النشاط والاقتصاد وتفاقم التفاوت في توزيع الدخل والثروة بين المواطنين.
منذ إنهيار النظام الإشتراكى سادت موجة عامة حول ضرورة مراجعة النظرية للوقوف على مكمن الخطأ بعيدا عن التأويلات النمطية المعلبة من نوع "النظرية سليمة ولكن العيب فى التطبيق" وهى حجة البليد فى جميع النظريات من أقصى اليمين الى أقصى اليسار، وتوصل الكثير من الماركسيين الى أن المبادئ العامة للماركسية صحيحة فى مجملها ولكنها ناقصة لمواكبة التغيرات التى شملت العالم كما أنها ليست المصدر الوحيد ويمكن إستكمالها ببعض الإضافات الضرورية لتتمكن من مواجه تحولات وتداخلات العالم ومشكلاته من جديد، ومن أهم هذه المشكلات هو تحديد موقف واضح ومعلن من الديموقراطية بشكلها الليبرالى المعروف والموقف من البرلمان وتداول السلطة بين الأحزاب"، علينا أن نعترف أن الماركسية فى منظورها التقليدى تؤمن أساسا بالثورة الجماهيرية بقيادة حزب الطبقة العاملة لإستئصال النظام البرجوازى وتحقيق المجتمع الإشتراكى كمرحلة إنتقالية نحو إقامة مجتمع الرفاه " الشيوعي" ويتم ذلك من خلال "ديكتاتورية البروليتاريا" وتأميم وسائل الإنتاج الخاصة الصناعية والزراعية لإدارتها بشكل جماعى كل ذلك يتم بقيادة حزب واحد هو الحزب الشيوعى ولا مجال لأحزاب أخرى تمثل الطبقات المهزومة، ولكن هل يمكن الموافقة على شكل آخر للإنتقال للإشتراكية بوسائل أخرى ديموقراطية وذلك بإختبار شعبية حزب الطبقة العاملة وحلفائه الطبيعيين المشاركين معه فى جبهة شعبية للوصول للحكم عبر الصناديق كما حدث فى اليونان مثلا، وإذا كانت الإجابة بنعم فهل يسمح الحزب الشيوعى بعد وصوله للسلطة والبدء فى تحقيق برنامجه "ومنها التأميم" أن يسمح للإحتكام للجماهير مرة أخرى بعد دورة برلمانية من 4-5 سنوات للعودة الى صناديق الإقتراع، وفى حال فشله فى تحقيق الأغلبية المطلوبة هل يمكن أن يعود الى صفوف المعارضة ويسمح للبرجوازية بالحكم مرّة أخرى وهدم ما تم إنجازه من تغييرات إجتماعية وسياسية؟..سؤال يجب التفكير فيه بتمعن وجدّية .. فهل لدينا الخيال للقفز على الواقع ..وتقديم حلول جريئة؟





#رياض_حسن_محرم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين داعش والصهيونية .. مقاربات أيديولوجية وممارسات وحشية
- تلك الأعمال الدرامية عن يهود مصر
- اليمن والمنطقة وتداعيات ما بعد العاصفة
- داعش .. أعلى مراحل الإسلام السياسى
- جيش الفتح .. ذراع القاعدة فى سوريا
- تلك الضجة المفتعلة حول بئر زمزم
- أمريكا تلعب دور المحلل بين السعودية وإيران
- إخوان كاذبون...حقيقة ما جرى فى عرب شركس
- الفلاحون...والأزمات المتفاقمة
- تأجير مصانع الغزل والنسيج .. وجه آخر للخصخصة
- البيان التأسيسى لتحالف قوى اليسار بالأسكندرية
- الصراع السنى الشيعى وعودة الحروب الدينية
- دروس الماضى والتدخل فى اليمن
- بهدوء..حول اتفاق المبادئ لسد النهضة
- حول نتائج الإنتخابات الإسرائيلية وتبخر وهم حل الدولتين
- قوانين الإستثمار ..تكريس للتبعية وانحياز للرأسمال الدولى
- بين تسلف الإخوان و تأخون السلفيين
- الحبل السرى بين الإخوان وداعش
- موقعة الحرة ..دواعش بنى أمية
- داعش ...والجذور المؤسسة


المزيد.....




- مكالمة هاتفية حدثت خلال لقاء محمد بن سلمان والسيناتور غراهام ...
- السعودية توقف المالكي لتحرشه بمواطن في مكة وتشهّر باسمه كامل ...
- دراسة: كل ذكرى جديدة نكوّنها تسبب ضررا لخلايا أدمغتنا
- كلب آلي أمريكي مزود بقاذف لهب (فيديو)
- -شياطين الغبار- تثير الفزع في المدينة المنورة (فيديو)
- مصادر فرنسية تكشف عن صفقة أسلحة لتجهيز عدد من الكتائب في الج ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن آثار تورط فرنسي في معارك ماريوبو ...
- بولندا تنوي إعادة الأوكرانيين المتهربين من الخدمة العسكرية إ ...
- سوية الاستقبال في الولايات المتحدة لا تناسب أردوغان
- الغرب يثير هستيريا عسكرية ونووية


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض حسن محرم - دعوة للمراجعة