أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد كمال - ماضي التضامن و حاضر التشرذم















المزيد.....

ماضي التضامن و حاضر التشرذم


محمد كمال

الحوار المتمدن-العدد: 4853 - 2015 / 7 / 1 - 15:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ماضي التضامن و حاضر التشرذم
حنين الى ماضي التكاتف والتآلف والتضامن بين جميع أبناء الوطن الواحد، لا عرقية ولا طائفية ولا قبلية، شعب واحد، وطن واحد، هدف واحد، صوت واحد؛ الجار للجار إلى أبعد من سابع جار؛ هكذا كان الحال، وأصبح الآن، بعد نصف قرن، شبه محال. هذه هي الروح المجنحة التي كانت ترفرف على سماء الوطن؛ فصار الحال أن تكسرت الأجنحة وتبخرت الروح والتهب الحنين؛ هذا هو لسان حالنا اليوم بعد مسافة من زمن التاريخ ومسارٍ من تاريخ الزمن، كانت بصيرتنا حينها ترى النور على مرمى القدرة والقدر، فأُغْلِقَتِ الأبواب وحِيْلَ بين الوطن والنور؛ الوطن والنور على طرفي ابواب مغلقة، كلاهما ينتظر فتح الأبواب؛ فصار العبئُ قدراً والقدر عبئاً على فتح تلك الأبواب.
هذا هو قدر الوطن الآن، والعهدة على قدرة الوطن لتحمل الاعباء المصيرية الجسام؛ إن قَدَرَنا يَحُثُّ قُدْرَتَنا على فتح الأبواب بين الوطن والنور. كانت الشعوب حينها، ومنها الشعوب العربية، ترزح تحت سطوة مصالح الدول الأوروبية بمنظوماتها الاستعمارية المتسلحة بادوات وأساليب إخضاع الشعوب وتسخيرها لمصالحها، وتجيير تلك الشعوب في عملية تسليم مواردها الطبيعية - اي موارد الشعوب نفسها - الى مخازن ومصانع الدول الأوروبية؛ وكانت الشعوب موارد بشرية تحفر مواردها الطبيعية وتدفعها قهراً الى أعدائها؛ فكان عهداً استعمارياً بنمط حديث واكثر جدوى وفاعلية قياساً بإمبراطوريات العهود التاريخية السابقة.
وقبل هذا الاستعمار الاوروبي، كانت الشعوب العربية ترزح تحت وطأة الامبراطورية العثمانية التي اغتصبت الخلافة الاسلامية وحَرَّفَتْ المعالم والتعاليم السمحة لمبادئ الدين وشوهت اللغة العربية وخلقت فصلاً عنصرياً لصالح العنصر التركي على حساب كرامة العنصر العربي، وخلقت بموازاة ذلك تفرقة مذهبية وخاضت حروباً مذهبية مع الدولة الصفوية، فكان الشرخ الأعمق في جسم الشعوب العربية، وكان الفرز الأضَرُّ في كيان الدين الواحد. وكان من دواعي هذه العثمانية البغيضة أن رفع العرب، من المحيط الى الخليج وبمبادرة من أهل الشام، شعار «الدين لله والوطن للجميع»، فكان الشعارُ أذاناً منادياً لنبذ الدولة الطائفية والعمل على بناء الدولة المدنية. وبتمازج العثمانية الهرمة المتهاوية والأوروبية الفتية المتصاعدة عاشت الشعوب العربية تحت سطوتهما، الى ان استفرد الاستعمار الاوروبي بالسطوة والسلطة على كامل الجغرافيا العربية وأزاحت العثمانية عن طريقها، وكان ذلك مع نهاية الحرب العالمية الاولى. تحت وطأة هذا التعارك الاوروبي - العثماني كانت الشعوب العربية في معظم معظمها طبقة اجتماعية شبه واحدة متناغمة متكاتفة، فكان عهد التكاتف والتعاضد والتآلف الذي يلتهب اليوم الحنين الى محاسنه، وكان ذاك العهد وليد الساعة الاستعمارية والتي اقتضت اللحمة بين الشعب الواحد في سلسلة متواصلة من الانتفاضات ضد الاستعمار واعوانه من الخونة، وهم القلة الانتهازية المتمصلحة على حساب أغلبية الشعب.
بعد الحرب العالمية الاولى والثانية تواصلت انتفاضات شعوب العالم ومنها العربية ضد الاستعمار الاوروبي، وقد ساهمت في هذه الانتفاضات حركات قومية وطنية تخندقت في جبهة اليسار الوطني التقدمي المناضل ضد جبهة اليمين الاستعماري المهيمن على مقدرات الشعوب، وكان هذا امرا طبيعيا، لان الاستعمار بقوته الاقتصادية الرأسمالية كانت رائدة جبهة اليمين؛ وتزامن هذا النضال ضد اليمين الاستعماري مع الصراع بين المنظومة الاشتراكية والمنظومة الرأسمالية؛ وهذا الصراع بين الغرب والشرق تنامى الى ما هو أدنى من حرب مباشرة طاحنة الى مناوشات وحروب إقليمية بالوكالة فكانت ولادة الحرب الباردة، ولادة جديدة لنمط حضاري!!! جديد من الصراعات والحروب في التاريخ البشري لم يسبق لها مثيل؛ ففي هذه الحرب الباردة كان النضال العالمي يتمتع بالدعم المادي والمعنوي من قبل الشرق اي المنظومة الاشتراكية في حربها الباردة ضد الغرب الاستعماري الراسمالي، فكان الاصطفاف الطبيعي ضد العدو المشترك؛ النضال ضد الاستعمار والصراع ضد الرأسمالية كانا وجهين لعملة واحدة، عملة التحالف الشرقي النضالي والاشتراكي ضد التحالف الغربي الاستعماري الراسمالي؛ وحينها كانت القوى الاسلامية وعلى رأسها جماعة الاخوان المسلمين والأنظمة الرجعية حليفة وتابعة للاستعمار، وكانت تلك الأنظمة تتسلح بالدِّين ضد شعوبها، اي انها كانت توظف الدين في خدمة الاستعمار.
هذا التداخل بين اليسار الاشتراكي والنضال دفع بالنضال الى مواقع اليسار بكل ما يحمله اليسار من أفكار تقدمية وعصرية وإنسانية؛ فالفضل لهذا النمط المتحرر والتقدمي في حياة الخمسينيات يعود الى معارك النضال ضد الاستعمار والتحالف الطبيعي بين النضال ضد الاستعمار والصراع بين المنظومة الاشتراكية والمنظومة الرأسمالية؛ وكان هذا استمراراً لعهد اللحمة الشعبية -الوطنية. كان هذا زمن النضال ضد الاستعمار، الزمن الذي كان الاسلام السياسي متحالفاً مع الاستعمار ضد الشعوب؛ كان هذا زمن التحالف بين الشعوب المناضلة والمنظومة الاشتراكية؛ وكان لهذا التحالف الطبيعي مخارجه ومنتوجه التحرري.
بعد ان تحقق الاستقلال واندحر الاستعمار ، بفضل نضال الشعوب ودعم المنظومة الاشتراكية لهذا النضال، صعد على سدة الحكم سدنة الأمن والعسكر الذي كتم الحريات واضطهد الشعب وخلق زمرة حاكمة تحكم بالنار والحديد؛ فصارت السجون بيوت المناضلين والمدافعين عن حرية الرأي وحقوق الانسان؛ ومن اجل استمرار هذا الحكم الشمولي الاستبدادي في حربه ضد الفكر التقدمي كان لابد له من حليف، فكان حكم العسكر يفتح الأبواب والفرص للرجعية السياسية بأدواتها الدينية للنفوذ في المجتمع دون ان يتحالف معها بشكل علني او رسمي. فصار العسكر المتربع على عرش الحكم والرجعية المتربعة على عرش الدين حلفاء المصلحة دون رباط حلف يجمعهما، وقد مر هذا التحالف غير المعلن ببعض المواجهات ولكن هذه المواجهات لم تصل الى مستوى اضطهاد العسكر الحاكم ضد القوى التقدمية، قوى حرية الرأي وحقوق الانسان وحق الشعوب في ثرواتها.
كان عهد التحول من النضال ضد الاستعمار الى النضال من أجل بناء دولة القانون على قاعدة راسخة من مبادئ الديمقراطية والسلام الوطني. اليوم حكم العسكر المستبد، بمختلف ألوانه واشكاله، فتح السجون للمناضلين وفتح ساحات النشاط للإسلام السياسي الذي كشر عن انيابه الإرهابي؛ هذا الاسلام السياسي الذي لا يمت الى الاسلام بصلة سوى توظيفه في معركة المصلحة للسيادة على الأمة باسم الدين، وبذريعة إحياء الخلافة الاسلامية، بينما فكرهم ونهجهم ومشروعهم، الفعلي، لا يَمُّتُ الى أصل الخلافة وروحها السمحة الراقية بأية صلة، اللهم إلّا اقتباس العناوين الدينية لغرض في نفس يعقوب لاستثارة المشاعر من منابع العاطفة ودفع الأبرياء الى أتون التطاحن الطائفي. إن المصالح الانانية لحكم العسكر أعمت عيونهم، فكانت حساباتهم السياسية خاطئة جلبت الأزمات لهم ولشعوبهم. وصار ما صار اليه نتاج هذا النشاط المصلحي باسم الاسلام، فصار المجتمع تغطيه قشور المصالح الانتهازية بادوات الاسلام السياسي، والاسلام بريء من هذا الاسلام السياسي... وهذه المصلحية المتدثرة بعباءة الدين خلقت أدوات عملها من طائفية وعرقية وقبلية، كل ذلك ليستقيم لها الامر و تُباحُ لها ساحة الوطن لنشاطها المصلحي. كنّا متضامنين في عهد الاستعمار وحكم الغير على الذات، فصرنا متشرذمين في عهد الاستقلال وحكم الذات على الذات؛ والأبواب مازالت مغلقة بين اوطان عربية عديدة وبصيص النور. مازال القَدَرُ يَحُثُّ القُدْرَةَ على النهوض.



#محمد_كمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاعلام و الاٍرهاب
- الطائفية و الوعي الوطني
- دم المرأة بين عارها و شرف الرجل
- المنظومات الفكرية والالتزام العاطفي بها
- التصورات حول الأوضاع العربية
- طنين الإرهاب في فرنسا
- ماضي التضامن وحاضر التشرذم
- الجنوب اليمني وعودة الوعي
- الذكر والأنثى والتفاضل بينهما
- وعود برلمانية في أكفان زاهية
- آفاق تكنولوجيا المعلومات
- الانتخابات بين المترشح و الناخب
- الانتخابات بين المشاركة والمقاطعة
- الخطاب الطائفي المعارض
- توظيف الطائفة في الطائفية
- التمازج بين العقيدة والتاريخ
- التناظر بين البيولوجيا و الدولة
- لاستبداد سَيِّدٌ في نفوسنا
- من الأسرة إلى الدولة
- الاستبداد يُوَلِّدُ الإرهاب


المزيد.....




- مادة غذائية -لذيذة- يمكن أن تساعد على درء خطر الموت المبكر
- شركة EHang تطلق مبيعات التاكسي الطائر (فيديو)
- تقارير: الأميرة كيت تظهر للعلن -سعيدة وبصحة جيدة-
- عالم روسي: الحضارة البشرية على وشك الاختفاء
- محلل يوضح أسباب فشل استخبارات الجيش الأوكراني في العمليات ال ...
- البروفيسور جدانوف يكشف اللعبة السرية الأميركية في الشرق الأو ...
- ملاذ آمن  لقادة حماس
- محور موسكو- طهران- بكين يصبح واقعيًا في البحر
- تونس تغلق معبر رأس جدير الحدودي مع ليبيا لأسباب أمنية
- ?? مباشر: تحذير أممي من وضع غذائي -كارثي- لنصف سكان غزة ومن ...


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد كمال - ماضي التضامن و حاضر التشرذم