أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - امال قرامي - التعاطى الإعلامى «الذكورى» مع الإرهاب














المزيد.....

التعاطى الإعلامى «الذكورى» مع الإرهاب


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 4852 - 2015 / 6 / 30 - 14:44
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    




انشغل التونسيون طيلة أسبوع بحملات «تأديب المفطرين» التى شنها عدد من الأمنيين فى مدن مختلفة مارسوا فيها الرقابة وتفنن بعضهم فى التنكيل بالمفطرين. ولعل الدهشة والاستغراب وغيرها من المشاعر التى عبر عنها عدد من التونسيين مفهومة باعتبار أن الذين انتخبوا النداء كانوا يعتقدون أنه الحزب الوحيد الذى سيحمى نمط عيشهم المخصوص، وسينسيهم العنف المادى والرمزى الذى مورس فى حق من فرط فى هويته العربية الإسلامية. واحتد الجدل القانونى بشأن هذه الممارسات التى تتعارض مع الدستور فى تنصيصه الصريح على حرية الضمير ومع الفصل الـ6 الضامن للحريات، من جهة، والتى لا تعكس توقعات أغلب التونسيين، من جهة أخرى. بيد أن هذا الجدل سرعان ما توقف ببروز الاعتداء الإرهابى الجديد فى فندق سياحى بمدينة سوسة، والذى أودى بحياة 40 سائحا.

وكعادتها اهتمت مختلف وسائل الإعلام بتغطية الحدث الإرهابى واستأثرت برامج «التحليل السياسى للحدث» بنصيب الأسد فى الفضائيات العمومية والخاصة. وحضر السياسيون وقياديو الأحزاب ومارس بعضهم هوايتهم المفضلة: التراشق بالتهم، والسباب والشتم فى حين بحث البعض الآخر عن المبررات والحجج التى تبين أسباب التباطؤ فى اتخاذ التدابير، ووضع الاستراتيجية الملائمة لمكافحة الإرهاب أو إصدار قانون خاص بالإرهاب. وكان لزاما على كل المشاركين فى هذه البرامج أن يبدوا مشاعر الحزن، والألم، والأسى والخوف، والحيرة فتلك حمولة نفسية لابد أن تبرز على الركح الاجتماعى.

***

يُبين التعاطى مع هذا الحدث الإرهابى النوعى عن مجموعة من الاستنتاجات:
ــ إن إصرار أغلب الإعلاميين على استضافة السياسيين لتحليل ما حدث بات تقليدا معروفا معبرا عن تصور يرى أن الإثارة المطلوبة لا يمكن أن توفرها إلا الطبقة السياسية. فالسياسيون ينتقدون بعضهم ويسبون ويشتمون ويفضحون ما يجرى فى الغرف المغلقة ومن ثمة يوفرون مادة تشد المشاهدين أو هكذا يتصور، وفات الإعلاميين أن التونسى مل هذه الحوارات الباهتة والمفرغة من المحتوى المفيد.

ــ إن ميل أغلب الإعلاميين إلى اجترار نفس الأسئلة القديمة التى تطرح فى مثل هذه المناسبات يعبر عن كسل وركون إلى المعالجة السطحية والاقتصار على رؤية الأحداث من زاوية «سياسية» فحسب، وهو أمر يمكن أن يفسر بضعف التأطير فى مجال أساليب تغطية الأحداث الإرهابية، وضعف الثقافة العامة التى تمكن الإعلامي/ة من معالجة قضايا الإرهاب من مختلف الزوايا الاجتماعية والنفسية والدينية والاجتماعية وغيرها. وبناء على ذلك يتحاشى الإعلامى دعوة ممثلى هذه الاختصاصات لأنه سيجد نفسه غير قادر على محاورتها.

ــ يبدو الإرهاب فى نظر الإعلاميين على اختلاف انتماءاتهم الجيلية، والأيديولوجية موضوعا «ذكوريا» بامتياز ولذلك فإنه يقترن فى أذهانهم بالمجال السياسى وعلى هذا الأساس يُدعى الرجال لمناقشة هذا الموضوع وفى الآن نفسه لعرض مجالات «تميزهم» فى الفصاحة والحكمة والقدرة على تبكيت الخصوم، والتأثير فى الجموع وغيرها من المهارات التى يتصور أن السياسيين يمتلكونها دون سواهم. وليس يخفى أن هذه الممارسات الإقصائية تنم عن متخيل اجتماعى يقرن المرأة بالفضاء الداخلى، والسكون، والسلم، والخصوبة، والحياة.. ويصل الرجل بالفضاء الخارجى، والحركة والعنف، والحرب، والموت.

ــ إن تمكين الإعلاميين السياسيين والخبراء العسكريين دون سواهم من معالجة قضايا الإرهاب يخدم عن قصد أو عن غير قصد منطق حفظ الحدود الجندرية، وبناء الجدران العازلة بين الرجال والنساء ومن ثمة يعزز بُنيان المجتمع الأبوى، ويحمى الرأسمال الثقافى الذكورى، ومعنى هذا أن المجتمع الإعلامى الذكورى يقاوم ويحمى نفسه من محاولات الاختراق الأنثوى.

ــ إن التغطية الإعلامية لا تقصى النساء فحسب بل إنها تتجاهل فئة الشباب بالرغم من أن منفذى العمليات الإرهابية طلبة من الجامعة أو شبان عاطلون عن العمل، وهو أمر قد يفسر باستمرار التصورات القديمة التى تعلى من شأن الصوت الواحد (الزعيم، الرئيس، المسئول...) وتهاب تعدد الأصوات. وليس يخفى أن الركون إلى الإقصاء حجة على الفرز بين الناس وعلى تراتبية هرمية تجعل مواطنية فئات لا ترقى إلى درجة المواطنية الكاملة.


إن التكلس وغياب الرؤية والمحافظة على أدوات التحليل والفهم القديمة أدواء لا تساعدنا على رؤية الأشياء بوضوح ولا تمكننا من وضع السياسات.. والظاهر أن الإرهابيين أكثر قدرة على تطوير مهاراتهم وأكثر حرصا على تعصير أدوات عملهم من فئات أخرى لازالت تتلمس طريقها.
أستاذة بالجامعة التونسية



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عين تشهد وعين تنكر
- تصريحات المرزوقى فى قطر مثيرة للجدل
- داعشيات
- حرب المواقع بين «رجال الدين»
- كسر أقفال المعرفة الدينية
- فى تمثّل دور رئيس الدولة
- تونس على محكّ الاختبار
- هل يمكن تشريك حزب النهضة فى الحكم؟
- هل «تمكن» حكومة «الصيد» النساء؟
- ماذا بعد الانتخابات الرئاسية؟
- السياسى العارض
- ماذا وراء استقالة حمادى الجبالى من حزب النهضة؟
- شعب النهضة
- التوافق المزعوم
- من «سردية التميّز إلى سردية وهم التغيير»
- الكلّ يغنّى على ليلاه
- هل خرجت تونس من النفق؟
- ملاحظات على هامش الانتخابات التونسية
- حالات الإحباط.. قبيل الانتخابات
- موجة خلع الحجاب .... على هامش الانتخابات


المزيد.....




- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر
- جمعية مغربية تصدر بيانا غاضبا عن -جريمة شنيعة ارتكبت بحق حما ...
- حماس: الجانب الأمريكي منحاز لإسرائيل وغير جاد في الضغط على ن ...
- بوليانسكي: الولايات المتحدة بدت مثيرة للشفقة خلال تبريرها اس ...
- تونس.. رفض الإفراج عن قيادية بـ-الحزب الدستوري الحر- (صورة) ...
- روسيا ضمن المراكز الثلاثة الأولى عالميا في احتياطي الليثيوم ...
- كاسبرسكي تطور برنامج -المناعة السبرانية-
- بايدن: دافعنا عن إسرائيل وأحبطنا الهجوم الإيراني


المزيد.....

- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي
- عالم داعش خفايا واسرار / ياسر جاسم قاسم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - امال قرامي - التعاطى الإعلامى «الذكورى» مع الإرهاب