أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حميد طولست - مقابرهم ومقابرنا ؟؟ -المقابر المَشَاهد-cimetières paysage نموذجا ..














المزيد.....

مقابرهم ومقابرنا ؟؟ -المقابر المَشَاهد-cimetières paysage نموذجا ..


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 4852 - 2015 / 6 / 30 - 12:56
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


مقابرهم ومقابرنا ؟؟
"المقابر المَشَاهد"cimetières paysage نموذجا ..
لا أدري كم مرّة زرت فيها فرنسا ، لكني متأكد أنه في كل مرة أزورها فيها ، اكتشف أشياء جديدة ، وتتاح لي فرص التمتع بمشاهدات جديدة ، في كل مدنها وقراها المنظّمة بشكل لافت ، وحدائقها العامّة والخاصة الغناء المزروعة بأغرب النباتات والورود ، وشّوارعها الواسعة المرصوفة والنظيفة ، المزينة بالنافورات والبحيرات الصغيرة والكبيرة ، الطبيعية والاصطناعية ، والمظللة بكل أنواع أشجار الزّينة المنمقة المشذبة ... ولا عجب في ذلك ، لأنها بلاد ، متقدّمة علميا ، صناعيّا ، وزراعيّا ، وعمرانيّا ، وحضاريّا وعسكريّا...الخ ، وشعبها متشبع بالوطنية والتفاني في حماية مجاله البيئي والحفاظ على سلامة مقوماته ، التي هي أساس إلزامي لاستمرار حياة بشرية آمنة من مخاطر التلوث ..
ربما يستغرب القارئ الكريم من تذكيره بمعلومات يعتبرها عادية ، وهو على معرف تامة بها ، لوقوفه بنفسه عليها في سفرياته لمواطنها حقيقة أو افتراضيا ، عبر وسائل التواصل الإلكترونية التي حولت العالم إلى قرية صغيرة ، كما يقال ، وليطمئن قلب قارئي المحترم ، ويهدأ باله ، فإني أأكد له أني ما ذكرت ذلك لجهله بها ، وإنما لأعرض ما وقفت عليه من مشاهد جديدة ، واستكشفته من ظواهر ومبادرات مبتكرة جديدة على دروب سفري في بلاد الله الواسعة والتي كان آخرها ، وليس أخيرها ، هذه المرة مشهد "المقابر "cimetières" في بلاد الله المتقدمة ، نعم "المقابر" -أي المدافن التي لا تقل أهمية في استقطاب السائحين ، من كنائس باريس ومتاحفها وقصورها وحصونها وحدائقها وأبراجها- التي أتيحت لي فرصة زيارة بعضها والوقوف بيسر وسهولة ، على مدى اهتمام الإنسان الغربي عامة والفرنسي على وجه الخصوص بمقابره ، وتعامله معها على أنها ليست مجالا "ميتا" لمجرد أنها تأوي "الموتى"، بل جزءا "حيا" لا يتجزأ من المشهد العام ، والذي يكتسي عنده -سواء في البوادي أو المدن - أهمية إنسانية وحضارية كبرى ، يتخذها مؤشرا على مدى تحضره وتجذر قيمه الإنسانية للكون والحياة والإنسان ، ويبوئها مكانة مركزية في تدبير لمجاله العام ، وحفاظه على بيئته وحماية طّبيعته وعمرانه ، ضمن إستراتيجية محكمة ومتكاملة لإعداد التراب وتأثيث المجال ، تحترم كرامة الإنسان الذي انتقل إلى رحمة الله والإنسان الحي أيضا ، تلك الإستراتيجية التي أصبح يطلق عليها اسم "المقابر المَشَاهد"cimetières paysage . المفهوم المخالف كليا لعلاقة الإنسان العربي عامة ، والمغربي خاصة ، بمقابره وكيفية تعامله معها، وتعامل أصحاب القرار مع تدبير شأنها العمراني الذي هو جزء لا يتجزأ من المجال العام ، كما أسلفت ، والذي يشكل جزءا من التدبير اليومي للقطاع الترابي ، والذي جعل مقابرنا –مع الأسف الشديد- تعيش أوضاعا كارتية ، وتعاني الكثير من الإهمال على جميع المستويات، ، حيث أنها لا تتوفر في غالبيتها على سجلات للدفن ، ولا على نظام للحراسة ، وتفتقد ، في مجملها ، لأبسط شروط النظافة والصيانة ، ما حولها إلى مجال لرمي القمامة ونمو الأعشاب العشوائية ، وجعل منها مرتعا مفتوحا للمتسكعين والمتسولين والمتشردين والسكارى، والباحثين عن "المتعة الجنسية"، وكل الرذائل والممارسات الهمجية واللإنسانية المخالفة لمبادئ وقيم الإسلام السمحة" المشوشة بحق على مقاصد المقابر المتمثلة في الترحم على الموتى في أجواء مفعمة بالخشوع والصفاء الروحي، ومجال للتأمل والاستلهام يرتاده المبدعون وهواة الخلوات التأملية...
إن فكرة المقابر "المشاهدة "cimetières paysage ، التي يعمل بها في فرنسا ، لفكرة مفتاحية ومفصلية ينبغي تمثلها من أجل إنقاذ وإعادة الاعتبار لمقابرنا وبعث روح جديدة ، وفق رؤية متكاملة تأخذ بعين الاعتبار الجانب الوظيفي للمقابر من الزاوية الدينية والروحية وأيضا بعدها الجمالي المحترم للأموات والأحياء والذي وجب أن تتبوأه داخل المشهد العام الحضري والقروي ، وفق رؤية نسقية مندمجة ، بعيدة عما يشوه روحانية المقابر ويشوه جماليتها ، ويدنسها بآفات الخرافة والسحر والجنس وباقي المويقات التي ترتكب فيها في بلاد المسلمين ..
حميد طولست [email protected]



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ظاهرة التطوع لنشر حب المطالعة وثقافتها..
- شياطين الإنس أشد ضررا من مردة الجن ..
- على هامش تكريم مولاي مسعود
- رحيل نقابي متميز ..
- الجنين إلى الطفولة !!
- الاعتذار للأقوياء الذين يتحملون مسؤولياتهم ...
- استديو -باب جنان السبيل طالع وهابط- بفاس الجديد ..
- مراسلة عاجلة تكريم المقاوم مولاي مسعود اكوزال
- قصص سائقي الطاكسي بباريس 2 ..
- مسلكيات مجتمعية مناقضة للفطرة السليمة والذوق الرفيع ..
- قصص سائقي الطاكسي بباريس ..
- إلغاء منصب الوزير من الحكومات .
- صبيحة يوم جميل في إحدى ضواحي باريس .
- الاسقالة (2)
- الاسقالة (1)
- ما أبشع طعم الديمقراطية في البلاد العربية ، 4
- فاتح ماي وذكرى مقتل إبراهيم بوعرام !!
- خطاب سياسي لا يحمل برنامجا ثوريا للتغيير !!
- وزراء لا عهد لهم بالمناصب، فكيف يسيرون ؟
- ما أبشع طعم الديمقراطية 2


المزيد.....




- ماذا كشف أسلوب تعامل السلطات الأمريكية مع الاحتجاجات الطلابي ...
- لماذا يتخذ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إجراءات ضد تيك ...
- الاستخبارات الأمريكية: سكان إفريقيا وأمريكا الجنوبية يدعمون ...
- الكرملين يعلق على تزويد واشنطن كييف سرا بصواريخ -ATACMS-
- أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية ب ...
- سفن من الفلبين والولايات المتحدة وفرنسا تدخل بحر الصين الجنو ...
- رسالة تدمي القلب من أب سعودي لمدرسة نجله الراحل تثير تفاعلا ...
- ماكرون يدعو للدفاع عن الأفكار الأوروبية -من لشبونة إلى أوديس ...
- الجامعة العربية تشارك لأول مرة في اجتماع المسؤولين الأمنيين ...
- نيبينزيا: نشعر بخيبة أمل لأن واشنطن لم تجد في نفسها القوة لإ ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حميد طولست - مقابرهم ومقابرنا ؟؟ -المقابر المَشَاهد-cimetières paysage نموذجا ..