أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الحروب - كيف سيُكتب تاريخنا؟















المزيد.....

كيف سيُكتب تاريخنا؟


خالد الحروب

الحوار المتمدن-العدد: 4851 - 2015 / 6 / 28 - 16:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كيف سُتكتب في المُستقبل حقبة التاريخ المعاصر التي نحياها الآن، واي الروايات ستكون هي السائدة؟ إذا كنا نحن الناس الذين نعيش هذه الحقبة ونتابعها يومياً، وننعم بوسائل اعلام وتغطيات لم تكن موجودة سابقاً، نقرأ الشيء ونقيضه، ونرى "حقائق" ثم نقرأ "تفسيرات" لا علاقة ببعضها البعض، وكأن "الحقائق" تحدث في كوكب آخر. لنتخيل مثلا ان طالبا يدرس التاريخ في الجامعة سنة 2200 يريد ان ينجز بحثا عن التحولات الاقليمية في المنطقة العربية بين سنوات 2010 و2020، فماذا سيجد على رفوف المكتبة (... الالكترونية غالبا!). سوف يجد كتب "تاريخ" متنوعة المنطلقات يركز كل منها على جانب او جوانب مُختارة من الاحداث التي وقعت في تلك الفترة، ويخلص كل منها الى خلاصات مختلفة. سيجد كتاب المؤرخ الشهير "سين" وفيه سيقرأ ان حقبة 2010 _2020 شهدت قيام حرب كونية على مجموعة الدول والحركات التي كانت تقود "المقاومة"، وان تلك الحرب تم التمهيد لها بما سُمي حينها "الربيع العربي"، والذي كان الهدف منه، كما تم "إنكشاف" ذلك لاحقاً، اسقاط نظام المقاومة في سورية، ومحاصرة نظام المقاومة في إيران. سوف يحشد المؤرخ فلان شواهد و"حقائق" عديدة، اهمها انبعات "الحركات التكفيرية" التي استهدفت الشيعة وارادت اثارة حرب طائفية اقليمية، كما ويسلط الضوء على تفسيرات مُنتقاة تؤيد وتدعم وجهة نظره. وبالتأكيد سوف يكون من ضمن تلك الشواهد، مثلا، اقتباسات كثيرة لمسؤولين اسرائيليين تشير إلى خطر إيران عليها وبكونها تمثل تهديدا وجودياً، بما يُثبت ان اطروحة الحرب الكونية التي يتبناها كتاب المؤرخ فلان كانت فعلا بهدف القضاء على "محور المقاومة" وحماية اسرائيل.
في نفس رفوف المكتبة الالكترونية سوف يتناول طالبنا كتاباً آخر للمؤرخ "صاد"، وفيه سوف يقرأ "تأريخا" وتوصيفا مناقضا تماماً لما قرأه في الكتاب الاول. هنا سوف يقرأ بأن العقد المرير والدامي من السنين الذي يدرسه تميز بأنه عقد تمدد النفوذ الإيراني في المنطقة، وسيطرته المباشرة او غير المباشرة على اكثر من بلد عربي. سوف يقرأ طالبنا "ادلة وشواهد" على ذلك النفوذ منها اخضاع العراق وسوريا ولبنان تحت السيطرة الايرانية، ثم تمدد ايران نحو الجزيرة العربية واليمن، اضافة لإنتشار نفوذها خارج المنطقة (اي في افغانستان وباكستان وافريقيا). وفي نفس الكتاب سوف يقرأ الطالب فصلا عن "طائفية ايران" وإثارتها للنزاعات الدينية والطائفية، وفصلا كاملا مُخصصا للتفسير الديني الشيعي لهذا التمدد وعلاقته بقدوم المهدي المنتظر، وبأن انتشار النفوذ وبروز القوة الإيرانية هي تمهيد لذلك القدوم. وفي هذا الفصل سوف يندهش الطالب من قراءة بعض المقولات المنسوبة إلى قياديين ايرانيين تقول بأن الاجهزة الاستخباراتية للولايات المتحدة، الشيطان الاكبر، والغرب عموماً، تتربص في المهدي المنتظر وعندها خطط محكمة لإعتقاله وخطفه فور ظهوره لقطع الطريق على الانتصار الكوني لإيران. في هذا الكتاب في نفس الوقت هناك فصول اخرى في الكتاب "تثبت" علاقة تواطوء مريبة بين ايران من جهة وامريكا واسرائيل من جهة ثالثة تقوم على تقاسم وظيفي واقعي على الارض، مقابل عداء لفظي واعلامي. ويستدل المؤرخ "صاد" على ذلك بعدم حدوث اي صدام عسكري او معركة مهما كانت صغيرة بين ايران واسرائيل.
ثم ينتقل طالبنا إلى كتاب لمؤرخ آخر هو المؤرخ "عين"، المعروف بتوجهاته الليبرالية والديموقراطية، وفي هذا الكتاب هناك مقاربة تاريخية اخرى. يقول المؤرخ "عين" ان تلك السنوات شهدت تحرك عدد من الشعوب العربية ضد الاستبداد والدكتاتورية وبحثا عن الحرية والمشاركة السياسية، وان ما حدث من حروب اهلية وتدخلات خارجية دامية كان هدفه القضاء المُبكر على حركة الدمقرطة التي بدأت بشائرها "بما سُمي آنذاك الربيع العربي". يسرد المؤرخ "عين" احداث وتفصيلات كثيرة تبدأ من تراخي الدعم العالمي والغربي تحديدا لحركات الديموقراطية العربية، إلى تجذر "الدولة العميقة" في المنطقة العربية، وصولاً إلى دور الحركات الاسلاموية وتطرفها في إجهاض التحول الديموقراطي واختطاف الربيع العربي وإرجاع الامور الى المربع الاول.
يحتار طالبنا المسكين فينتقل الى كتاب المؤرخ "كاف"، المعروف بميوله الاسلامية. وهنا يقرأ مقاربة وتاريخا مختلفا تماماً. فالمؤرخ "كاف" يرى ان حقبة سنوات 2010_2020 كانت اللحظة التاريخية التي استيقظت فيها الشعوب المسلمة في المنطقة وقررت بالصوت الملآن ان "الاسلام هو الحل"، بدليل ان كل الانتخابات التي حصلت في البلدان التي حدث فيها "ما سُمي آنذاك بالربيع العربي" قد فازت بها الحركات الاسلامية. وان العالم ما ان رأى ذلك حتى اصابه الرعب من نهوض المارد الاسلامي، فعمل مباشرة على الحشد والجمع والقيام بحرب كونية مباشرة وغير مباشرة على الحركات الاسلامية (السنية تحديداً، بحسب المؤرخ "كاف")، لتدمير "المشروع الحضاري" الذي جاءت التيارات الاسلامية. وفي هذا الكتاب يقرأ طالبنا فصولاً تشير إلى التآمر الذي قامت به "إيران الصفوية" ضد الربيع العربي والحركات القائدة فيه.
يتناول طالبا المحتار كتابا لمؤرخ آخر هو المؤرخ "ميم" فيقرأ تاريخا مختلفا تماما عن نفس الحقبة. يقرأ ان كل "ما سُمي آنذاك بالربيع العربي" لم يكن إلا مخططا امريكيا غربيا لتجديد السيطرة على المنطقة. وقد عملت الولايات المتحدة على تدريب مجموعات من شباب "الانترنت" واستضافتهم في ولاياتها ودربتهم على القيام بثورات عن طريق "الفيس بوك" و"تويتر" (وهي آليات التواصل الاجتماعي الاعلامي في ذلك الزمن، والتي توقف الناس عن استخدامها منذ اكثر من قرن ونصف!). وكان هدف الولايات المتحدة والغرب هو تنصيب حكومات شبابية جديدة في المنطقة لكن موالية لها، وخاضعة بالتمام. وفي هذا الكتاب هناك فصول تورد "ادلة مدهشة" على الدورات التدريبية وبالاسماء لمن تزعموا الانتفاضات الشعبية وكانوا قد تدربوا في الغرب.
هناك كتب اخرى كثيرة تؤرخ لنفس المرحلة، لكن طالبنا العزيز طاله اليأس من ان يفهم شيئا من هذه الكتب الأنتقائية والتي كل منها يرى بعين واحدة. ذلك كله للقول بأن كتابة التاريخ وحتى الراهن والمعاصر هو اصعب انواع الكتابة. انها كتابة تعتمد على ميول المؤرخ اولاً، وعلى انتقائه للاحداث ثانيا، وتفسيره لها ثالثا، ومقدار الاهمية التي يمنحها لهذا الحدث او ذاك، او لهذا الفرد او ذاك. وذلك كله للقول ايضا ان التأريخ الموضوعي الكامل اقرب الى الوهم والاستحالة.



#خالد_الحروب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خضوع الفقيه للسلطان ... وتسييس الدين!
- المنطقة بين «الداعشيات» السنّية والشيعية ... أو العلمانية
- «الطلياني»: صفحة تونسية من الهم العربي
- درس الفلسفة.. قبل كل الدروس!
- قضية الأرمن.. ومواقف العرب
- قرن على الهولوكوست الأرمني: حان وقت اعتذار تركيا
- ماركسية عدن وأصولية صنعاء!
- ثقافة الدم «الداعشية»
- «حي الأمريكان»: الحياة ضد الأصوليات
- «الدولة الإسلامية» أم حتمية الحداثة؟
- إيران وأميركا.. «انتظار» الصفقة!
- الهوية الوطنية الفلسطينية
- دعوة شجاعة ل «حماس» لمراجعة سياساتها وميثاقها
- مأزق «حماس».. وضرورة المراجعة
- تغيير قواعد اللعبة.. والملعب!
- أميركا والعالم.. في خدمة إيران وإسرائيل!
- الإعلام الديني والفتوى واحتلال «الحيز العام»
- رسالة إلى «حسن نصرالله»
- بين دفء «قانا الجليل».. ووحشية -داعش-
- حرب غزة وتصريحات «ليفني»


المزيد.....




- شاهد ما كشفه فيديو جديد التقط قبل كارثة جسر بالتيمور بلحظات ...
- هل يلزم مجلس الأمن الدولي إسرائيل وفق الفصل السابع؟
- إعلام إسرائيلي: منفذ إطلاق النار في غور الأردن هو ضابط أمن ف ...
- مصرع 45 شخصا جراء سقوط حافلة من فوق جسر في جنوب إفريقيا
- الرئيس الفلسطيني يصادق على الحكومة الجديدة برئاسة محمد مصطفى ...
- فيديو: إصابة ثلاثة إسرائيليين إثر فتح فلسطيني النار على سيار ...
- شاهد: لحظة تحطم مقاتلة روسية في البحر قبالة شبه جزيرة القرم ...
- نساء عربيات دوّت أصواتهن سعياً لتحرير بلادهن
- مسلسل -الحشاشين-: ثالوث السياسة والدين والفن!
- حريق بالقرب من نصب لنكولن التذكاري وسط واشنطن


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الحروب - كيف سيُكتب تاريخنا؟