سعد الشلاه
الحوار المتمدن-العدد: 4851 - 2015 / 6 / 28 - 09:14
المحور:
الادب والفن
هو صديقي الذي لم ألتقِ بهِ يوما
هو الذي أرسلَ بريداً عاجلاً للموتى ذاتَ نهار
لكنّ الساعي وللأسفِ البليغ لم يستطعْ الوصولَ
في تمامِ الموعدِ أو في ساعةِ الاحتضار
لكنّهُ وصلَ على الرغمِ من اختلافِ الموروثات
نعم هو صديقي لذا حاولتُ أنْ أراهُ عن كثب
فثمّةَ (ظلُّ شيءٍ ما) يحولُ بيني وبينه
بحثتُ عنهُ في تجاعيدِ الغربةِ وأحضانِ الكتب
فأخبرني حكيمٌ من بغداد لكنهُ بلا مدنَ تأويه
عن متحفٍ (لبقايا العائلةِ) في (آخر المدن المقدسة)
فكم أفرحَني ذاك الصاعدُ من الجنوبِ إلى الجنوب حاملاً تراثَهُ وأحلامَهُ القصار
ورأيتُهُ للمرةِ الأولى
وهو ينتقلُ بخفّةٍ صادمة بين أروقةِ الفنونِ وسطورِ الأقلام
أعزلَ تماماً لكنّهُ مدجّجٌ بالجمال
كعارفٍ شدَّ مِزْودتَهُ الانتظار
يحملَهُ قلمُهُ السبّاحُ الماهرُ
من بحرٍ إلى آخر (بلا لغزٍ إلى لغز*)
رأيتُهُ يسعى ويتجوّلُ في قارعةِ الشعرِ وحيداً
وئيداً يمشي (كمشْيةِ الأرضِ)* ذاتِ الصدع
إذْ يهمسُ في حروفِها الوَقار
يتألّهُ في معبدِهِ المقدّسِ الأولِ والأخير
ولا يبارحُ عتبةَ الجسدِ الغريب
(لا ليلٌ ولا شمسٌ)* ينفلتانِ من كفّيهِ الواثقتين
يمسِكُهما بلطفٍ ويدعُهما يتعمّدانِ
بقطراتِ الندى الزاخرةِ في راحتيهِ
لأنهما عَشِقاهُ إلى حدِّ الفناءِ
كعشقِ حنّةِ البصرة
لجدرانِ الأولياءِ ومواسمِ الأعراس
رأيتُهُ وهو يقيسُ العالمَ بحروفِهِ المتألهات
إذْ لا شرقَ ولا شمالَ إلا من (شين) كمال
ولأنّهُ ابنُ الجنوبِ
فلا جنوبَ إلا بفناءٍ فوصال
ولا غربَ يكفي لبيانِ أساه في غربةٍ كانتْ الملاذَ والاضطرار
رأيتُهُ يتّكِئُ على كرسيِّ الرحيلِ بكلِّ قواه منذ البرعمِ الأوّلِ من (وردةِ البحر)
وقلمُهُ يرسمُ أوّلَ العبارةِ فيلفتُ نحوها الانتباه
كان يرمي الأسئلةَ من رأسِهِ والأجوبة نحو منفاه
منفاه الذي زادَهُ عزلةً وصبراً وفقرا
كأنّهُ رائدُ فضاءٍ في مجرةٍ أخرى
أو صوفيٌّ ينتظرُ النشور
(إي وربّي)* كصوفيٍّ ينتظرُ النشور
ليرى القومَ سُكارى وما هم بسكارى
لكنّ النشوةَ أمرٌ عظيم..
#سعد_الشلاه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟