أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - محاولة الاستئناس في تونس بحزب -سيريزا-














المزيد.....

محاولة الاستئناس في تونس بحزب -سيريزا-


هيثم بن محمد شطورو

الحوار المتمدن-العدد: 4851 - 2015 / 6 / 28 - 08:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يبدو ان ما تـقـدمه التجربة اليونانية اليوم هو ليس بما يراد تحجيمه في كونه متغير سياسي مفاجئ و بالتالي طارئ، و انما هو من الممكن جدا ان يكون فاتحة من قـلب اوربا النابض نحو خلق عالم جديد ينقـلب على الكهنوت الراسمالي. فالحبكة الاساسية تـتمثل في صعود التيار اليساري المتمثل في حزب "سيريزا" عن طريق الآلية الديمقراطية الى السلطة بالاغلبية التي تحقـق له الحكم. و من المعلوم ان امريكا اللاتينية كانت السباقة في ذلك، و لكن الاشعاع العالمي للتجربة يكون اقوى حين يكون في اوربا. اليسار الثوري ينصهر في اللعبة الديمقراطية و يكتسح مؤسسات السلطة ليقلب اتجاه الحكم نحو جوهر الديمقراطية بما هي حكومة شعبية تحقق حكم الشعب للشعب، و ليس الديمقراطية الراسمالية التي تحقـق حكم البورجوازية المافيوية للشعب.
هذا ما تـفـضل الاستاذ مرتضى العبيدي بتبيانه من خلال محاضرته التي نظمتها التـنـسيقية النسائية للجبهة الشعبية بصفاقس مساء السبت في 27 جوان 2015. و هذه السنة لها وقع انقلابي على مستوى العالم مثلما ذكر الاستاذ المحاضر. فـصعود "سيريزا" لدفة الحكم في اليونان اعطى ثـقة المجتمع المدني في المدن الاوربية و غيرها في الشعب و في امكانية صعود القوى اليسارية الى الحكم عن طريق الآليات الديمقراطية.
فالانتخابات البلدية في اسبانيا حقـقت انتصارات كبرى للقوى اليسارية، كما ان الانتخابات التشريعية الاخيرة في تركيا اسفرت عن انتصار لحزب شعوب المواطنين في ان يحرز نسبة تـفوق 13 في المئة، و هو امر غير مسبوق في تركيا، اضافة الى الاوضاع في ايطاليا و البرتغال المرشحة بدورها لفوز الاحزاب اليسارية المتكتلة.
و تجدر الاشارة الى ان هذه الاحزاب اليسارية في اصولها قد انشقت عن الاحزاب الشيوعية التي عرفت جمودا ايديولوجيا و حركيا، و الغريب في امر اليونان ان حزب سيريزا دعا الحزب الشيوعي الى التحالف الا ان هذا الاخير رفض ذلك برغم الاشتراك في طرح عدة قضايا، و لكن يبدو ان المسافة الفاصلة بين حالة الجمود و حالة الحركة هي التي منعت مثل هذا التحالف. فالاحزاب اليسارية الجديدة تشتغل على النظري من خلال الحوار و العمل في اطار الاختلاف، و من خلال النظر الى الواقع و الانصهار فيه و تحريكه من داخله. فحزب سيريزا اليوناني قام بما اسماه الاستاذ المحاضر بعملية انغراس في الاحياء الشعبية، و قام باعمال التضامن الاجتماعي و التماهي مع المطالب و اللغة الشعبية، و هو امر كانت تحتكره الكنيسة و الحزب اليميني الفاشي المسمى بـ"الفجر الذهبي". و في هذا دلالة على الحركية و التفاعل اللغوي و النضالي مع الشعب.
اضافة الى ذلك فالشعب اليوناني شعب يخلق اساليب احتجاجه المختلفة. فقد ظهرت حملة عدم دفع فواتير الكهرباء و الماء و انصهر فيها حزب سيريزا بل انه تـزعمها. و قام الشعب بالتضامن في عدم الخروج من البيوت التي طالبت البنوك بافتكاكها لعدم القدرة على سداد القروض و كان امر الحزب ان أطر هذه العملية و شجعها. و ذكر الاستاذ المحاضر ان الحزب دفع باحد شيوخه الذي ناضل ضد النازية و المعروف بصاحب العلم الذي اسقط العلم النازي من الاكروبول و رفع العلم اليوناني، برفع قضية ضد المانيا لمطالبتها بدفع التعويضات عن الخسائر المادية الكبرى التي الحقها الاحتلال النازي باليونان في الحرب العالمية الثانية.
و من المؤكد ان الاستاذ المحاضر حاول ان يخلق الرابط بين حزب "سيريزا" و بين "الجبهة الشعبية" في تونس، حين تطرق بسرعة الى بعض المتـشابهات و الاختلافات كذلك، الا انه وجه خطابه نحو الاستـئناس بتجربة سيريزا فيما ذكره مع التلميح الى اختلاف وضع الجبهة و اختلاف تونس. الا ان المقارنة تصب في اتجاه افضلية وضع الجبهة من حيث انها تاسست على ارضية واضحة كجبهة سياسية، اما سيريزا فقد تاسس كمنتدى حواري بين المنشقين عن الحزب الشيوعي و غيرهم من المثـقـفين. فسيريزا الى حد اليوم منقسم بين من يطالب بالخروج من الاتحاد الاوربي و عدم دفع الديون و بين من يطالبون بالتمسك بالاتحاد الاوربي و ايجاد طريقة لاعادة جدولة الديون و هو الشق الذي يمثل الاغلبية و لكنها اغلبية طفيفة في حدود الواحد و الخمسون في المئة. كما تعرض الاستاذ مرتضى الى تبيان الاختلافات الكبرى داخل سيريزا الا انهم مجمعون على التمسك بالحزب الذي يوصف بكونه حزب الاختلاف داخل الوحدة. و هذا ما يجب على القوى اليسارية ان تحذو حذوه لان من طبيعة الاحزاب اليسارية هي الاختلافات الفكرية لانها مكونة من نخب مثـقـفة تـشتغل على الافكار و البرامج، و لكن ما يجعلها قادرة على ان تكون كيانا سياسيا قويا لا يكون الا عن طريق الوحدة بالاختلافات الموجودة. و هذا ما يشكل تناقضا جوهريا مع اليسار القديم الذي يفرض الخطية و الالتزام. و بالتالي فان مشكلة اليسار في ذاته قبل ان تكون في خارجه و لا يمكن له ان يتجاوز ازمته و بالتالي ان يكون فاعلا في الاطار الديمقراطي الا بالعمل و هو محمل بتعدديته و اختلافاته التي قد تصل الى حد التـناقض..
و بعد انتهاء المحاضرة التي اجمع الجميع حول فائدتها الكبرى و اضافتها القيمة، خرج الجميع و هم يذكرون كلمة شهيد الجبهة الشعبية و زعيمها و شهيد القوى الثورية العربية و الانسانية المناضل الصلب "شكري بالعيد"، حين كان يردد دوما ان مشكلة اليسار انه كان يبحث عما يجعله مختلفا بعضه عن بعض و اليوم يجب التفكير فيما يجمع البعض بالبعض في اطار التعـددية و الاختلاف. و من هنا فاليسار الجبهوي هو ليس مجرد فاعل ثوري في الحياة الديمقراطية بل ان جيناته و آلياته الداخلية هي ديمقراطية و بالتالي فالثـقة في كونه عنوان للديمقراطية و ضامنا لها ستـقـشع الفكرة السائدة في شموليته و دكتاتوريته..



#هيثم_بن_محمد_شطورو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللوحة الغريبة
- هل القرآن دستور الدم المراق؟
- قصتي مع الفتاة الروسية
- النجاح الأوتوماتيكي لفشل الحكومة التونسية
- من الاستكلاب البشري إلى التأله الإنساني
- ثورة محجبة
- ضرورة الانفتاح الوطني في تونس
- شهادة حية لحرب 1967
- -وينو البترول- في تونس
- السيجارة
- سخرية جادة
- العراق بين العمامتين
- المأزق التونسي الحالي
- بهجة الحياة
- فاجعة العري و لذته
- بين الأصنمة و الحرية
- مأزق اليسار
- المشهد السياسي الغائم في تونس
- المتسربل بالموضوعية
- المثقف البائس


المزيد.....




- شاهد..قرية تبتلعها الرمال بعد أن -تخلى- عنها سكانها في سلطنة ...
- الأمن الروسي يعتقل 143 متورطا في تصنيع الأسلحة والاتجار بها ...
- وزارة الخارجية الروسية تصر على تحميل أوكرانيا مسؤولية هجوم م ...
- الحرب على غزة| وضع صحي كارثي في غزة وأيرلندا تنظم إلى دعوى ا ...
- ضغوط برلمانية على الحكومة البريطانية لحظر بيع الأسلحة لإسرائ ...
- استمرار الغارات على غزة وتبادل للقصف على الحدود بين لبنان وإ ...
- تسونامي سياسي يجتاح السنغال!!
- سيمونيان لمراسل غربي: ببساطة.. نحن لسنا أنتم ولا نكن لكم قدر ...
- قائد الجيش اللبناني يعزّي السفير الروسي بضحايا هجوم -كروكوس- ...
- مصر تعلن موعد تشغيل المفاعلات النووية


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هيثم بن محمد شطورو - محاولة الاستئناس في تونس بحزب -سيريزا-