أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - داعش وواشنطن وليل الرمادي الطويل !!















المزيد.....

داعش وواشنطن وليل الرمادي الطويل !!


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 4850 - 2015 / 6 / 27 - 14:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


داعش وواشنطن وليل الرمادي الطويل !!
عبد الحسين شعبان
باحث ومفكر عربي

تعدّ محافظ الأنبار ومركزها مدينة الرمادي أكبر محافظات العراق مساحة، حيث تبلغ 138.500 كم2، ويقطنها نحو مليوني نسمة، وهي تقع غرب العراق، وترتبط بحدود طويلة مع سورية والأردن والمملكة العربية السعودية، وتلاصق محافظة صلاح الدين ومركزها تكريت، وتتجاور محافظة الأنبار مع محافظة كربلاء (منطقة النخيب). مثلما هي قريبة من بغداد العاصمة، حيث يبعد مركز المحافظة (الرمادي) 100 كم عن بغداد، في حين تبعد الفلوجة عنها بنحو 50 كم.
في 15 أيار (مايو) 2015 وقع مركز المحافظة (الرمادي) بالكامل بيد تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" الذي قام بإعدام المئات من الأهالي، بعد أن اضطرّت قوات الجيش العراقي إلى الانسحاب، مثلما تركت قوات الشرطة المحلية وقوة مكافحة الإرهاب مواقعهما، يضاف إلى ذلك إن طيران قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، لم يقدّم الدعم المطلوب بحيث يرجّح جهة القوات العراقية على جهة داعش، وظلّ أهالي الرمادي طيلة نحو عام يدافعون عن مركز المحافظة ضد داعش وهجماتها وانتحارييها، مثلما يستنجدون بتسليحهم والعشائر العربية، ليتمكّنوا من الاستمرار في المواجهة، لكن المعركة في نهاية المطاف حُسمت لغير صالحهم بسبب اختلال موازين القوى.
وقامت داعش بعد استيلائها على الرمادي بتدمير مباني الحكومة الأساسية، الأمر الذي اضطرّ فيه السكان المدنيون، ولاسيّما النساء والشيوخ والأطفال إلى هجرة جماعية هرباً من انتقامها، ويقدّر عدد الذين تركوا منازلهم نحو 200 ألف شخص بحثاً عن الأمان حسب تقدير المفوضية العليا لحقوق الإنسان، ويعاني النازحون من ظروف قاسية بسبب الإجراءات الأمنية المشدّدة التي أدت إلى اكتظاظهم عند مشارف العاصمة بغداد، وذلك بسبب مطالبتهم بإيجاد كفيل شخصي لهم، بزعم الخوف من تسلّل بعض العناصر الإرهابية من تنظيم داعش أو غيره.
لقد سبّب وقوع مركز محافظة الأنبار بيد داعش صدمة جديدة، بخصوص قدرة الجيش العراقي وفاعليته، ناهيك عن تماسكه وعقيدته العسكرية، وهو أمر طالما شكّك به الأمريكان، الذين ظلّوا يؤكدون أنه بحاجة إلى تأهيل وتدريب طويلين. من جهة أخرى، فإن الصدمة شملت أوساطاً عراقية وعربية غير قليلة، بسبب لا أبالية الولايات المتحدة ، لدرجة أن هناك من اتّهم الإدارة الأمريكية إلى ترك الأنبار تقع بيد داعش وتركيزها على مصفاة بيجي، ومثل هذا الرأي لم يكن حكراً عن بعض العراقيين والعرب، بل هو ما قال به جون ماكين رئيس لجنة القوات المسلحة في الكونغرس الأمريكي.
وأظهرت الاستراتيجية العسكرية الأمريكية التي تقود التحالف الدولي، عدم جدواها بل عجزها حتى الآن من القضاء على داعش، حيث تنامى التنظيم واحتلّ المزيد من الأراضي ، لم يكن يسيطر عليها عند احتلاله "المفاجئ" للموصل في يونيو(حزيران) 2014. وقبل السؤال عن ما الذي يمكن فعله للقضاء على داعش، لا بدّ من صيغة أخرى للسؤال، ما السبيل للقضاء على التطرف والتعصب وأسبابهما الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية وسياسات الاستتباع وعدم عدالة النظام الدولي وغير ذلك؟.
لعلّ داعش واحد من مظاهر التطرّف الأكثر تعقيداً وهمجية، وإذا كانت هزيمته عسكرياً ضرورة ملحّة، لكنه لا يمكن القضاء على هذا المرض المستعصي، دون استئصال الفكر المتطرف ، كي لا يفقس بيضه ويأخذ أسماء وأشكال مختلفة من القاعدة إلى داعش وجبهة النصرة وغيرها. ولعب دوراً أساسياً في صعود داعش وأخواتها، خصوصاً في ظل شحّ الحريات وضعف الدولة الوطنية، وتغوّل السلطة عليها، وصراعات ما قبل الدولة ، الطائفية والمذهبية والإثنية.
لقد فشلت الولايات المتحدة طيلة ربع القرن الماضي من تقدير القوة الحقيقية لقوى التكفير الإسلاموية، وكانت ردود الأفعال ضد سياستها سبباً في انتشار الجماعات المتطرفة، ابتداءً من شمال أفريقيا في العام 1998 ومروراً باحتلال أفغانستان العام 2001 والعراق العام 2003، ثم قصف قوات حلف الناتو والتحالف الدولي لليبيا وبعدها التدخل في سوريا، لاسيّما عندما تم تعويم المشكلة السورية، وصولاً إلى نيجيريا، وأخيراً فشل سياسة واشنطن في منع حملات التجنيد لصالح داعش، سواءً في الولايات المتحدة أو في أوروبا، وهو ما ذهب إليه بول بيرمان أحد منظّري السياسة الخارجية الأمريكية .
وإذا كان الهدف هو تدمير التنظيم، فإن سياسة "الاحتواء" أو مقاومة إغراء التدخل العسكري، فإنها لا تعني سوى تحجيم التنظيم أو تقليص نفوذه وليس القضاء عليه، وبين هذا وذاك إختلاف كبير بين الغايات وبين الوسائل ، وبين الحسابات القصيرة المدى وبين الاستراتيجية البعيدة الأمد.
إذا كان نحو عام قد مرّ على سقوط الموصل، ولم تتمكّن الولايات المتحدة التي تدعم القوات العراقية والبيشمركة الكردية من استعادتها، فهل ستتمكن من استعادة الأنبار بسرعة؟ الشكوك وعلامات الاستفهام لها ما يبررها، حيث تتربّع داعش وتحاول تثبيت أقدامها في خطوات ستراتيجية جديدة لا تقوم على الهجوم فحسب، بل تسعى بعد هجومها لاحتلال المدن والبقاء فيها والعمل على إدارتها، ضمن خطط شاملة تربوية ودينية واقتصادية واجتماعية وعسكرية وأمنية وقانونية وثقافية، وذلك في إطار تنظير سياسي جديد مفاده إقامة دولة الخلافة الإسلامية، الأمر الذي يستلزم لمجابهة الإرهاب والتصدّي لداعش، أساليب جديدة.
المعركة لاستعادة الأنبار قد تطول وقد تبدأ متقطعة لعدد من الأسباب، أولها أن الجيش العراقي لا يزال ضعيفاً ومُنهكاً، بل مثقلاً بما حصل في الموصل ومؤخراً في الأنبار، وهو يفتقد إلى عقيدة عسكرية موحّدة وأن تأسيسه كان أقرب إلى اتحاد ميليشيات، حيث لا يتمتّع بالمهنية المطلوبة والحرفية المفترضة والولاء الوطني، بل إن ولاء بعض منتسبيه وقادته، لأمراء الطوائف أو لزعماء بعض الجماعة السياسية، المذهبية والإثنية.
وثانيها أن الخلافات السياسية لا تزال تعصف بين "الأعدقاء " (الأصدقاء –الأعداء) المشاركين بالعملية السياسية، وهي خلافات إقصائية وتهميشية، وكل طرف يريد الحصول على امتيازات على حساب الآخر، ناهيك عن تلكؤ الجهود للتوصل إلى مصالحة وطنية حقيقية.
وثالثها غياب إرادة سياسية موحّدة تستطيع مواجهة التحدّيات الخطيرة لتنظيم إرهابي مثل داعش، ولا يمكن والحالة هذه مواجهة داعش بأجندات خاصة وفي إطار ستراتيجيات وتكتيكات غير متفق عليها.
ورابعها أن الخلاف يمتد إلى أن بعض القوى تراهن على واشنطن (الأكراد، السنّية السياسية، اتحاد القوى الوطنية)، في حين إن أخرى تشكّك بنواياها وتعتبر قصفها الجوي غير مُجدٍ، بل أحياناً فيه تواطؤ مع داعش، ويذهب هذا الفريق أكثر من ذلك حين يقول أنه سيقاتل الأمريكان فيما إذا أرسلوا قوات برّية ( مثلما هي الشيعية السياسية، ممثلة بمقتدى الصدر ومنظمة بدر وكتائب حزب الله وعصائب أهل الحق وغيرهم من جماعة الحشد الشعبي). وتراهن هذه القوى على إيران وتعتبرها المنقذ أو الظهير للتصدي لقوات داعش في حين تعتبرها قوى أخرى، ولاسيّما العشائر السنّية وكتلة اتحاد القوى الوطنية ضالعة بمسألة الهيمنة على العراق، مستغلة وجود داعش، بل إن خطرها لا يقلّ عن خطر داعش.
وخامسها أن البعض يراهن على الحشد الشعبي الذي يتألف غالبيته الساحقة من الشيعة السياسية، في حين هناك من يرفض دخوله إلى مناطق غرب وشمال العراق العربية السنّية، خصوصاً بعد الانتهاكات التي اتهم بها في تكريت، كما أن البيشمركة الكردية تعارض وجوده في المناطق التي تسيطر عليها.
وسادسها هناك من يدعو لتأسيس الحرس الوطني ليكون رافداً للجيش العراقي، خصوصاً من أهالي المحافظات ليتمكّن من إدارتها، لكن هناك من يرفض ذلك، حتى أن النقاش في البرلمان لم يتمخّض عن الوصول إلى اتفاق، لاسيّما بانعدام الثقة والحرب الباردة الدائرة بين " الحلفاء" الذين يشكّك أحدهم بالآخر.
وسابعها هناك من يطلب تسليح العشائر السنّية والبيشمركة الكردية بمعزل عن الحكومة الاتحادية، وهو ما رفضه مجلس الشيوخ الأمريكي أواسط يونيو(حزيران) الجاري وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية عند تأييدها لقراره، في حين إن القوى المتنفذة في البنتاغون تريد المضي في هذه الخطوة التي تم الترويج لها بصورة دعائية وصاخبة، وربما لأهداف بعيدة المدى.
وثامنها- ازدواجية سياسة واشنطن وانتقائيتها، فهي كانت قد غضّت النظر على وجود تنظيم داعش واحتلاله ما يزيد على ثلث الأراضي السورية، في حين تحركت وإن ببطء لقصف بعض مواقعها بعد احتلالها محافظة الموصل في العراق وتمدّدها نحو محافظتي صلاح الدين والأنبار وأجزاء من محافظتي ديالى وكركوك.
ولا يمكن هزيمة تنظيم داعش عسكرياً، فضلاً عن القضاء عليه سياسياً في العراق، إذا كان له عمقاً ستراتيجياً في سوريا، فالأمر يحتاج إلى ستراتيجية موحّدة ، في العراق وسوريا، وتعاون دولي وإقليمي فعّال ضده، لأنه يمثل الخطر الحقيقي الأكثر دموية، ليس على سوريا والعراق ودول المنطقة فحسب، بل إن خطره أصبح عالمياً، وحركته عابرة للحدود والبلدان والقارات، بما فيها على الغرب ذاته.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- متى يُهزم داعش وكيف؟
- قالوا.. نظام إقليمي عربي
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى-ح 15
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى-ح 14
- هلوسات ما بعد الموت الأول
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى -ح 13
- متلازمة الدّين والإنسان
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 12
- تحدّيات التنوير منظوراً إليها أكاديمياً!
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 11
- عن القوة الناعمة
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 10
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 9
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 8
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 7
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 6
- العقد الثاني لليسار في أمريكا اللاتينية
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 5
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 4
- المثقف وفقه الأزمة – ما بعد الشيوعية الأولى /ح 3


المزيد.....




- نيابة مصر تكشف تفاصيل -صادمة-عن قضية -طفل شبرا-: -نقل عملية ...
- شاهد: القبض على أهم شبكة تزوير عملات معدنية في إسبانيا
- دول -بريكس- تبحث الوضع في غزة وضرورة وقف إطلاق النار
- نيويورك تايمز: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخاص ...
- اليونان: لن نسلم -باتريوت- و-إس 300- لأوكرانيا
- رئيس أركان الجيش الجزائري: القوة العسكرية ستبقى الخيار الرئي ...
- الجيش الإسرائيلي: حدث صعب في الشمال.. وحزب الله يعلن إيقاع ق ...
- شاهد.. باريس تفقد أحد رموزها الأسطورية إثر حادث ليلي
- ماكرون يحذر.. أوروبا قد تموت ويجب ألا تكون تابعة لواشنطن
- وزن كل منها 340 طنا.. -روساتوم- ترسل 3 مولدات بخار لمحطة -أك ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - داعش وواشنطن وليل الرمادي الطويل !!